Skip to main content

الشعوب الأصلية

مشاركة الشعوب الأصلية في الأمم المتّحدة حاسمة للنهوض بحقوقها

24 أيلول/سبتمبر 2024

صورة امرأة من الخلف بشعرها الملفوف بشرائط ملوّنة
© UN Photo/Manuel Elías

قطع النهوض بحقوق الشعوب الأصلية شوطًا طويلاً، لا سيما في ما يتعلق بالاعتراف بحق الشعوب الأصلية في تقرير مصيرها. إلاّ أنّ الخبراء يشيرون إلى أنّ الحواجز التي تحول دون المساواة الحقيقية في المشاركة لا تزال قائمة.

فقد أعلن الصحفي والمربي الحائز على جوائز عدّة والناشط المعروف دوليًا في مجال حقوق الشعوب الأصلية كينيث أتسينهاينتون دير قائلًا: "علينا أن نبقى يقظين، وأن يكون لنا صوت على أعلى المستويات في الأمم المتحدة بغية التأكد من حماية حقوقنا، وكي تتمكن الشعوب الأصلية من الاستمرار لفترة طويلة في المستقبل."

ودير من عشيرة الدب من شعب كانينكيهاكا أو الموهوك في إقليم كاهناواكي. وشعب الموهوك من بين الشعوب الستة في كونفدرالية الإيروكوا أو الهودينوسوني، واسمه بالهودينوسوني هو أتسينهاينتون، وهو يعني "لا تزال النار مشتعلة".

وسيشارك دير وغيره من المدافعين عن الشعوب الأصلية في الحوار التفاعلي مع آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية والمقرر الخاص المعني بحقوق الشعوب الأصلية خلال الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.

ومن بين التحديات الأساسية التي تعيق ضمان المشاركة الكاملة للشعوب الأصلية في الأمم المتحدة، تحديد مَن يُسمح له بالمشاركة. فقواعد الأمم المتحدة الحالية تنصّ على أن الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية ذات المركز الاستشاري هي التي يمكنها التفاعل مع الأمم المتحدة. وتشمل التفاعلات طرح الأسئلة، وحضور الجلسات، وحتى عقد فعاليات جانبية.

وقد أوضح دير قائلًا: "من الصعب جدًا على الشعوب الأصلية التفاعل في هكذا سياق لأننا لسنا منظمات غير حكومية."

A white haired man sitting down smiles to the camera

كينيث أتسينهاينتون دير في الأمم المتحدة في نيويورك في العام 2014. © كينيث دير.

ما من تعريف موثوق به فريد للشعوب الأصلية بموجب القانون الدولي. فقد سكن الكثير من الشعوب الأصلية عددًا من الأراضي المختلفة قبل وصول الآخرين إليها، وهي غالبًا ما تزال تحتفظ بخصائص ثقافية وسياسية مميزة، بما في ذلك الهياكل السياسية والقانونية المستقلة.

وأصدرت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان مؤخرًا  تقريرًا تقييميًا بشأن مشاركة الشعوب الأصلية في الأمم المتحدة، جمع الإجراءات القائمة بشأن مشاركتها، مسلطًا الضوء على الثغرات السائدة والممارسات الجيدة.

وقد أكّد رئيس قسم الشعوب الأصلية والأقليات في مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان هيرنان فاليس قائلًا: "يوصي التقرير بأن ينشئ مجلس حقوق الإنسان وهيئات الأمم المتحدة الأخرى هياكل تدعم مشاركة الشعوب الأصلية من دون اشتراط تحصيل صفة ’المركز الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي‘.

وأشار فاليس إلى أن أصوات الشعوب الأصلية حاسمة لتعزيز حقوق الإنسان الخاصة بها ومشاركتها في صنع القرار الدولي.

فقال: "إن إشراك الشعوب الأصلية يمكّنها من الدفاع عن حقوقها والتأثير على السياسات التي تؤثر عليها ودعم مساءلة الدول عن تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان."

من المهم أن تحترم الدول والحكومات والشركات القانون الدولي لحقوق الإنسان والحقيقة البسيطة المتمثلة في أنه قائم وأنّنا نتمتّع بالحقوق.

المدافع عن حقوق الشعوب الأصلية كينيث أتسينهاينتون دير

لقد تم اتخاذ بعض الخطوات من أجل ضمان مشاركة الشعوب الأصلية في الأمم المتّحدة، فلأول مرة في تاريخ مجلس حقوق الإنسان، ستتمكن الشعوب الأصلية من الحضور من دون الحاجة إلى أن تكون منظمة غير حكومية.

التحوّل إلى شعوب

أوضح دير أنّ الشعوب الأصلية تساءلت في سبعينات القرن الماضي عن مكان حقوقها في الإطار الدولي الناشئ حديثًا لحقوق الإنسان. وشملت مخاوفها حماية لغاتها وأراضيها، وحقّها في تقرير المصير.

فقال: "إذا نظرنا إلى كيفية صياغة الصكوك بشأن حقوق الإنسان وتصميمها وتنفيذها، نرى أنّها لم تلحظ الشعوب الأصلية."

وتابع قائلًا: "على سبيل المثال، تنص المادة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنّه "لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي." إلاّ أنّ السكان الأصليين لم يكونوا من "الشعوب".

وأضاف دير قائلًا: "تم إبلاغنا بشكل أساسي [في الأمم المتحدة] أنّ القانون الدولي لا ينطبق علينا، فذُهِلنا لسماع ذلك. [أخبرونا] بأننا سكان ومجتمعات محلية وقبائل وأن الأمم المتحدة لم تعترف بنا "كشعوب" تتمتّع بالحق في تقرير المصير."

أمّا دالي سامبو دورو، وهي باحثة بارزة من إنوبياك من ألاسكا ومستشارة خاصة في مجال الشعوب الأصلية في القطب الشمالي في جامعة ألاسكا في أنكوريج، فأوضحت من جهتها قائلة: "لم يأخذ واضعو الإطار الأصلي لحقوق الإنسان في الاعتبار الوضع المتميز للشعوب الأصلية وحقوقها ودورها وسياقنا الثقافي المتميز."

ودورو عضو في آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية والرئيسة السابقة لمنتدى الأمم المتحدة الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية. وقد ساهمت أيضًا في صياغة إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية.

وترى دورو أن ما يكمن وراء هذا الإطار الأصلي لحقوق الإنسان هو الأيديولوجية الأوروبية الغربية التي صبغت العالم بمفاهيم التفوق الثقافي والعرقي والملوثة بالاستعمار المصاحب لها.

وشرحت قائلة: "تغذّي حقوق الإنسان جوانب الحياة كافة. جميعنا من البشر. وفي حالة الشعوب الأصلية، ترتبط حقوق الإنسان بعلاقاتنا الجماعية، بما في ذلك حقّنا في تقرير مصيرنا وحقوقنا في الأراضي والأقاليم والموارد."

A woman speaking at a podium with a microphone

دالي سامبو دورو تلقي كلمتها بعد انتخابها رئيسة لمجلس الإنويت القطبي، 2018. © بيل هيس

في العام 2007، تم استيعاب السياق الثقافي المتميز للشعوب الأصلية بشكل كامل مع اعتماد إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية. وأكد الإعلان على حق الشعوب الأصلية في تقرير المصير بما يتفق مع القانون الدولي والإطار الدولي لحقوق الإنسان.

ساهم كل نضال وكل انتصار وكل خطوة إيجابية قامت بها الشعوب الأصلية في تخفيف الأعباء عن كاهل الأجيال المقبلة.

دالي سامبو دورو، عضو في آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية

تعتبر دورو أنّ تحديًا حاسمًا لا يزال قائمًا بعد أن أصبح إطار حقوق الإنسان وأدواتها في مكانها الصحيح.

وقد شرحت قائلة: "كيف نمارس هذه الحقوق الأساسية البالغة الأهمية؟ تحتاج الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وجميع الدول الأخرى، حتى شعوبنا، إلى فهم معنى ممارسة الحق في تقرير المصير والتمتع به داخل مجتمعاتنا المحلية وخارجها."

بالإضافة إلى ذلك، لم تقم جميع الدول الأعضاء بتنفيذ الإعلان. ووفقًا لدير، فإن بعض الأسباب تشمل الرغبة في الاحتفاظ بالسيطرة على الأراضي، والوصول غير المحدود إلى الموارد الطبيعية، والعنصرية التي لا تزال قائمة تجاه الشعوب الأصلية كإرث من الاستعمار.

وقد قدم التقرير التقييمي عددًا من التوصيات إلى الدول الأعضاء لتعزيز مشاركة الشعوب الأصلية، منها على سبيل المثال لا الحصر إنشاء آلية اعتماد تعزّز مشاركة الشعوب الأصلية في الأمم المتحدة، وزيادة تمويل مشاركتها هذه، ومنع الترهيب والأعمال الانتقامية، وتسهيل عمليات منح التأشيرات لتعزيز المشاركة.

وختمت دورو قائلة: "إن التغلب على التحديات يعني تهيئة الحيّز الفكري والسياسي للشعوب الأصلية من أجل المشاركة والتفكير في كيفية استيعاب كلّ الأنظمة القائمة حقوقنا وحقوق الإنسان الجماعية الخاصة بنا."

الصفحة متوفرة باللغة: