Skip to main content

اتخاذ خطوات عملية لإنهاء العنصرية في العالم

انعقاد الدورة الـ2 للمنتدى الدائم المعني بالمنحدرين من أصل أفريقي في مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك، 2023. © المفوضية السامية لحقوق الإنسان

من بين المواضيع التي تناولها منتدى الأمم المتحدة الدائم المعني بالمنحدرين من أصل أفريقي، العدالة التعويضية العالمية والتعاون في ما بين الدول الأفريقية والكرامة والعدالة والسلام والهجرة والعنصرية النُظُمية والهيكلية والوصول إلى الصحة والأزمات المشتركة بين الأجيال.

فوفقًا للعضو في المنتدى الدائم والمواطنة من جزر البهاما غاينيل كاري، فإنّ المنتدى يشكّل مساحة تصوّرها وطالب بها وأنشأها منحدرون من أصل أفريقي من أجل المنحدرين من أصل أفريقي.

وقد أوضحت قائلة: "يسمح المنتدى للمنحدرين من أصل أفريقي بالتحاور وبإدراك مكانهم وفهم التحديات وتقدير ما يجب القيام به وفي أي مجال والتركيز على ذلك. أعتقد أن المنتدى نفسه يشكّل في الحقيقة فرصة لنا كي نفكّر في كيفية الاستجابة للواقع بشكل عملي."

أمّا القس موريللو، وهو أيضًا عضو في المنتدى ومواطن كولومبي، فيعتبر أن الأثر الرمزي للمنتدى أتى ملحوظًا بشكل بارز.

فقال: "لأول مرة بعد ديربان، دخل المنحدرون من أصل أفريقي إلى مقرّ الأمم المتحدة وعبّروا عن رأيهم جهارًا. وقد وجدت الوفود الشتات الأفريقي في أفضل حالاته ما أثار إعجابها الشديد، وقد شارك ممثّلون من أكثر من 155 دولة في المنتدى. أصبحنا اليوم أكثر وضوحًا، بعدما كنّا في الظل من السابق."

عندما اتخذت الجمعية العامة قرارها 75/314 في العام 2021، أصبح المنتدى الدائم حقيقة واقعة. والمنتدى الدائم هو آلية استشارية للمنحدرين من أصل أفريقي، ومنصة لتعزيز سلامتهم وجودة حياتهم وسبل عيشهم، وهيئة استشارية لمجلس حقوق الإنسان، بما يتماشى مع برنامج الأنشطة لتنفيذ العقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي وبالتنسيق الوثيق مع الآليات القائمة.

وفي تموز/ يوليو الماضي، أصدر المنتدى الدائم جملة توصيات من بينها دعوة الدول الأعضاء إلى إعلان عقد دولي ثان للمنحدرين من أصل أفريقي. ويركّز العقد الدولي الجديد على العدالة التعويضية والاعتراف والإنصاف والتصدي للعنصرية النُظُمية والتمييز العنصري الهيكلي على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والعالمية. وقد تم تسليط الضوء على هذا الاستنتاج لأنّ كلاًّ من البحث والتعليم وإذكاء الوعي العام بتاريخ الاستعمار وموروثاته واسترقاق الأفريقيين والمنحدرين من أصل أفريقي، هو المفتاح لتعزيز التكافؤ العرقي.

ومن بين التوصيات الأخرى الأساسية إنشاء محكمة دولية متخصصة داخل الأمم المتحدة لمعالجة قضية التعويض عن العبودية والفصل العنصري والإبادة الجماعية والاستعمار.

The members of the Permanent Forum on People of African Descent during the 2nd session at the UN in New York, 2023. © OHCHR

أعضاء المنتدى الدائم المعني بالمنحدرين من أصل أفريقي خلال الدورة الـ2 في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، 2023 © المفوضية السامية لحقوق الإنسان

تشكيل إعلان

تتمثل إحدى مهام المنتدى في صياغة إعلان للأمم المتحدة بشأن تعزيز حقوق الإنسان للمنحدرين من أصل أفريقي وحمايتها واحترامها احترامًا كاملاً، والمساهمة في هذه العملية. ويغطّي الإعلان سلسلة واسعة من المواضيع التي تؤثر على حقوق السكان المنحدرين من أصل أفريقي، وبعضها من الأحدث، مثل الآثار التخريبية للذكاء الاصطناعي.

وتعتبر كاري أنّ الإعلان يشكّل فرصة لدفع الدول إلى اتخاذ إجراءات عملية بغية التصدّي للعنصرية والتمييز العنصري.

وقد أوضحت قائلة: "يشكّل الإعلان فرصة للتشجيع على اعتماد بعض الإجراءات العملية التي نعتبرها ضرورية على المستويَيْن القطري والعالمي، من أجل الاستجابة بشكل فعال للتمييز العنصري والسعي إلى إنهاء العنصرية."

معالجة الامتياز

أقرّ المنتدى الدائم أيضًا بأن السكان المنحدرين من أصل أفريقي يواجهون أشكالًا متعددة من التمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو الطبقة الاجتماعية أو الأصل القومي أو الإثني وما إلى ذلك، لذا لا بدّ لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري أن تعالج مسألة الامتياز حتى ضمن إطار التنوع القائم بين السكان المنحدرين من أصل أفريقي، بحسب ما أشارت إليه كاري.

فقالت: "أنا امرأة سوداء من منطقة البحر الكاريبي وأتمتّع بمستوى معين من التعليم يفصلني عن النساء الأخريات اللواتي قد لا يتمتّعن بهذا المستوى من التحصيل العلمي."

يتعين علينا أن نحدّد تلك المجالات التي تنطوي على أشكال متعددة من التمييز، حيث نحتاج إلى النظر في أوجه التقاطع التي يتسرّب الناس من خلالها.

جاينيل كاري، أستاذة وعضو في المنتدى الدائم

شرح موريللو أنّ سلسلة الاعتداءات العنصرية الأخيرة التي استهدفت لاعب كرة القدم فينيسيوس خوسيه بايكساو دي أوليفيرا جونيور، المعروف باسم فيني جونيور، من نادي ريال مدريد لكرة القدم خلال إحدى المباريات، تشكّل مثالًا واضحًا على كيفية انعكاس القضايا النُظُمية للتمييز العنصري في قضية فردية. فخلال مباراة كرة قدم نُظّمَت مؤخّرًا، استهدفت الإهانات العنصرية فيني جونيور، ما أثار غضب الجمهور والنادي والفيفا، وسلّط الضوء على قضايا العنصرية والتمييز العنصري التي تواجه لاعبي كرة القدم من أصل أفريقي، لا سيما في أوروبا. وأكّد موريللو أنّ الاعتداءات العنصرية بيّنت جليًا استمرار مشكلة العنصرية النُظَمية الأوسع نطاقًا.

فقال: "مما لا شكّ فيه أنّ مظاهر العنصرية التي قد أتعرض لها أنا أو أي شخص من أصل أفريقي تأتي نتيجة انتمائنا إلى مجموعة وقعت تاريخيًا وهيكليًا ضحية التمييز العنصري بسبب إجراءات تهدف إلى التأثير على الجماعة ككل وإجراءات أخرى تستهدف فردًا معينًا."

وأشارت كاري إلى بروز تناقض بين اعتماد قوانين مناهضة التمييز وواقع تنفيذها.

فقالت: "لقد اعتمد العديد من البلدان قوانين مثالية، لكنّها تصطدم عمليًا عند تنفيذها بسلسلة من التحديات وبجبهة معارضة تتأتى من عقلية الأفراد في البلاد ومن العنصرية النُظُمية والهيكلية التي لا تزال قائمة."

وأضافت كاري أن التثقيف والمعلومات حول تغيير السياسات، لا سيما تلك الموجهة إلى الأشخاص الذين سيستفيدون منها، أمران أساسيان. وقد أطلقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان حملة "اكتشفوا عبّروا بادروا!"، التي تقتصر على القيام بذلك حصرًا عن طريق توفير أدوات تشجّع على اتخاذ إجراءات عملية من أجل إنهاء العنصرية والتمييز العنصري.

موريللو مقتنع بأن هناك العديد من الممارسات الناجحة التي يمكن للبلدان أن تتعلم منها، مثل استخدام السكان المنحدرين من أصل أفريقي كمتغير عند جمع المعلومات الإحصائية، وتقديم أدلة على العنصرية المؤسسية.

فقال: "إنّ إدماج المنحدرين من أصل أفريقي كمتغير في أدوات جمع المعلومات الإحصائية سلّط الضوء جهارًا على العنصرية والتمييز العنصري فأصبحا أكثر وضوحًا بعد."

يُقدَّم تقرير المنتدى الدائم بشأن دورتيه الأخيرتين قبل الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان والدورة الـ78 للجمعية العامة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

الصفحة متوفرة باللغة: