Skip to main content

"المدافعون عن حقوق الإنسان" عبارة تستخدم لوصف أولئك الذين يعملون، منفردين أو بالإشتراك مع آخرين، من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بطريقة سلمية. ويتم التعرف على المدافعين عن حقوق الإنسان في المقام الأول من خلال ما يفعلونه، وأفضل تفسير لهذه العبارة هو في وصف الأعمال التي يؤدونها (الفرع أ أدناه) وبعض السياقات التي يعملون ضمنها (الفرع ب أدناه). [1] ولا تشكل الأمثلة التي سيقت حول أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان قائمة شاملة.

أ. ماذا يفعل المدافعون عن حقوق الإنسان؟

1. ضمان تمتع الجميع بكافة حقوق الإنسان

المدافع عن حقوق الإنسان هو من يعمل من أجل أي حق من حقوق الإنسان (أو مجموعة حقوق) بالنيابة عن أفراد أو مجموعات من الأفراد. ويسعى المدافعون عن حقوق الإنسان إلى تعزيز وحماية الحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن تعزيز وحماية وإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويتناول المدافعون عن حقوق الإنسان أي شواغل تتصل بحقوق الإنسان، والتي يمكن أن تكون متفاوتة بحيث تشمل، على سبيل المثال، حالات الإعدام خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والتوقيف والاحتجاز التعسفي، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والتمييز، والمسائل المتعلقة بالتوظيف، والإخلاء القسري للمساكن، والحصول على الرعاية الصحية، والنفايات السامة وتأثيرها على البيئة. وينشط المدافعون في دعم مجالات متنوعة من حقوق الإنسان تشمل الحق في الحياة، والحق في الحصول على الغذاء والماء، والتمتع بأعلى مستوى من الرعاية الصحية يمكن بلوغه، والحق في السكن اللائق، وحق الفرد في أن يكون له اسم وجنسية، والحق في التعليم، وحرية التنقل وعدم التعرض للتمييز. وهم يتناولون في بعض الأحيان الحقوق المتعلقة بمجموعات من الناس مثل حقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق الشعوب الأصلية، وحقوق اللاجئين والمشردين داخلياً، وحقوق المثليات والمثليين ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفة الجنسين، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وحقوق الأقليات القومية واللغوية.

2. كفالة حقوق الإنسان في كل مكان

ينشط المدافعون عن حقوق الإنسان في كل أرجاء العالم: في الدول التي قسمتها النزاعات الداخلية المسلحة والدول المستقرة على حد سواء؛ وفي الدول غير الديمقراطية وتلك التي لديها ممارسة ديمقراطية راسخة؛ وفي الدول النامية اقتصادياً وتلك المصنفة كدول متقدمة. كما يسعون إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مجموعة متنوعة من التحديات، بما فيها فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والتنمية، والهجرة، وسياسات التكييف الهيكلي، والتحول السياسي.

3. العمل على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية

تعمل أكثرية المدافعين عن حقوق الإنسان على المستويين المحلي والوطني، لدعم احترام حقوق الإنسان ضمن مجتمعاتهم المحلية وبلدانهم. ونظراؤهم الرئيسيون، في مثل هذه الحالات، هم السلطات المحلية التي تقع على عاتقها كفالة احترام حقوق الإنسان ضمن إقليم محدد أو البلد ككل. لكن بعض المدافعين يعملون على المستويين الإقليمي أو الدولي. وقد يُعنون، على سبيل المثال، برصد حالة تتعلق بحقوق الإنسان على الصعيد الإقليمي والعالمي، ويقدمون المعلومات إلى آليات حقوق الإنسان الإقليمية أو الدولية، بما في ذلك مقررون خاصون آخرون تابعون لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيئات المعاهدات. [2] ولقد أصبح عمل المدافعين عن حقوق الإنسان متنوعاً بشكل متزايد، مع تركيزه على قضايا حقوق الإنسان على المستويين المحلي والوطني، ولكن مع الاتصال بالآليات الإقليمية والدولية التي يمكنها دعمهم لتحسين حالة حقوق الإنسان في بلدانهم.

4. جمع ونشر المعلومات بشأن الانتهاكات

يقوم المدافعون عن حقوق الإنسان بالتحري وجمع المعلومات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والتبليغ عنها. ويمكنهم أن يستخدموا، على سبيل المثال، استراتيجيات ممارسة الضغط لتوجيه نظر الجمهور والمسؤولين الرئيسيين في مجالي السياسة والقضاء إلى تقاريرهم، وضمان أن تكون التحقيقات التي يقومون بها موضع اهتمام وكفالة معالجة انتهاكات حقوق الإنسان. ويتم مثل هذا العمل في الغالب من خلال منظمات حقوق الإنسان التي تصدر تقارير دورية بشأن النتائج التي تتوصل إليها. مع ذلك، يمكن أن يقوم أحد الأفراد أيضاً بالتركيز على حادثة معينة من حوادث انتهاك حقوق الإنسان ثم يجمع المعلومات ويبلغ عنها.

5. دعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان

يمكن وصف جزء كبير من أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان بأنه عمل يدعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. فالتحقيق في الانتهاكات الجارية والتبليغ عنها يمكن أن يساعدا على وضع حد لها، ومنع تكرار وقوعها وإعانة الضحايا على اللجوء إلى المحاكم. ويقدم بعض المدافعين عن حقوق الإنسان المشورة القانونية المتخصصة إلى الضحايا ويمثلونهم في العمليات القضائية، بينما يتولى آخرون إسداء المشورة للضحايا ودعم إعادة تأهيلهم.

6. الإجراءات المتخذة لضمان المساءلة ووضع حد للإفلات من العقاب

يعمل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل ضمان المساءلة إزاء احترام المعايير القانونية لحقوق الإنسان. وقد يشمل ذلك، بمعناه الأوسع، ممارسة الضغط على السلطات ودعوة الدولة إلى بذل المزيد من الجهود للوفاء بما قبلته من التزامات دولية في مجال حقوق الإنسان وذلك بتصديقها على المعاهدات الدولية.

وفي بعض الحالات الأكثر تحديداً، يمكن أن يقود التركيز على المساءلة المدافعين عن حقوق الإنسان إلى الإدلاء بشهاداتهم بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت، وذلك إما في منبر عام (صحيفة على سبيل المثال) أو أمام محكمة أو هيئة قضائية. وبهذه الطريقة، يساهم المدافعون، نيابةً عن الضحايا في حالات محددة تنطوي على انتهاك حقوق الإنسان، في ضمان تحقيق العدالة ووضع حد لأنماط الإفلات من العقاب، مما يحول دون وقوع هذه الانتهاكات مستقبلاً. وثمة عدد كبير من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يركزون حصراً على وضع حد للإفلات من العقاب، وكثيراً ما يعمل هؤلاء من خلال منظمات أنشئت لهذا الغرض. كما قد تعمل نفس مجموعات المدافعين عن حقوق الإنسان على تعزيز قدرة الدولة على ملاحقة مرتكبي الانتهاكات وذلك بوسائل منها مثلاً، توفير التدريب في مجال حقوق الإنسان للمدعين العامين والقضاة ورجال الشرطة.

7. دعم الحكم الرشيد وسياسات الحكومة

يركز بعض المدافعين عن حقوق الإنسان على تشجيع الحكومة ككل على الوفاء بالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان وذلك بوسائل منها مثلاً، نشر المعلومات حول سجل الحكومة المتعلق بتنفيذ معايير حقوق الإنسان ورصد التقدم المحرز. ويركز البعض الآخر من المدافعين عن حقوق الإنسان على الحكم الرشيد والدعوة إلى التحول الديمقراطي والقضاء على الفساد وسوء استخدام السلطة، وتدريب السكان على كيفية التصويت وتنبيههم إلى أهمية مشاركتهم في الانتخابات.

8. المساهمة في تنفيذ معاهدات حقوق الإنسان

يساهم المدافعون عن حقوق الإنسان مساهمة كبيرة، خصوصاً من خلال منظماتهم، في التنفيذ الفعلي للمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وهناك العديد من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية الدولية التي تساعد في إنشاء مشاريع لتوفير المسكن والرعاية الصحية والمشاريع المولدة للدخل المستدام لصالح الجماعات الفقيرة والمهمشة. كما توفر هذه المنظمات التدريب على المهارات الأساسية والمعدات مثل أجهزة الحاسوب من أجل تحسين إمكانية حصول هذه الجماعات على المعلومات.

وتستحق هذه المجموعة اهتماماً خاصاً حيث لا يُشار إلى أعضائها دائماً كمدافعين عن حقوق الإنسان وقد لا يستخدمون هم أنفسهم عبارة "حقوق الإنسان" لوصف عملهم، بل يركزون على عبارات تدل على مجال نشاطهم مثل "الصحة" أو "السكن" أو "التنمية". وفي الواقع، توصف العديد من الأنشطة الداعمة لحقوق الإنسان عموماً كأعمال للتنمية. ويقع ضمن هذه الفئات العديد من المنظمات غير الحكومية وهيئات الأمم المتحدة. فعملها، كما هو الحال بالنسبة إلى عمل المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان، يؤدي دوراً محورياً في مجال احترام معايير حقوق الإنسان واحترامها وإعمالها، وهذه المجموعات تحتاج وتستحق الحماية التي يوفرها لأنشطتها الإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

9. التثقيف والتدريب في مجال حقوق الإنسان

يشكل التثقيف في مجال حقوق الإنسان عملاً رئيسياً إضافياً يضطلع به المدافعون عن حقوق الإنسان. وفي بعض الحالات، تتخذ أنشطة التثقيف شكل التدريب على تطبيق معايير حقوق الإنسان في سياق عمل مهني، مثل عمل القضاة أو المحامين أو رجال الشرطة أو الجنود أو المسؤولين عن رصد حقوق الإنسان. وفي حالات أخرى، قد يكون التثقيف على نطاق أوسع ويشمل تدريس حقوق الإنسان في المدارس والجامعات أو نشر المعلومات بشأن معايير حقوق الإنسان للجمهور عموماً أو المجموعات السكانية الضعيفة.

وباختصار، فإن جمع ونشر المعلومات والدعوة إلى احترام حقوق الإنسان وتعبئة الرأي العام هي في الغالب الأدوات الأكثر شيوعاً التي يستخدمها المدافعون عن حقوق الإنسان في عملهم. إلا أنهم يقومون أيضاً، كما أوضح في هذا الفرع، بتوفير المعلومات لتمكين أو تدريب الآخرين. وهم يساهمون بفعالية في توفير الوسائل المادية الضرورية لجعل حقوق الإنسان حقيقة واقعة، بتوفير المأوى والغذاء وتعزيز التنمية وما إلى ذلك. ويعملون على تحقيق التحول الديمقراطي بغية زيادة مشاركة الناس في عملية اتخاذ القرارات التي تشكل حياتهم وتعزيز الحكم الرشيد. كما يساهمون في تحسين الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والتقليل من التوترات الاجتماعية والسياسية، وبناء السلام على المستويين المحلي والدولي، وإذكاء الوعي الوطني والدولي بحقوق الإنسان.

ب. من الذي يمكن أن يصبح مدافعاً عن حقوق الإنسان؟

ليس ثمة تعريف محدد لمن هو المدافع عن حقوق الإنسان أو من الذي يمكنه أن يصبح من المدافعين عن حقوق الإنسان. فالإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان (المرفق الأول) يشير إلى "أفراد ومجموعات وجمعيات ... تساهم في ... التخلص بفعالية من جميع أشكال انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية للشعوب والأفراد" (الفقرة الرابعة من الديباجة).

ووفقاً لهذا التصنيف الموسع، يمكن لأي شخص أو مجموعة من الأشخاص يعملون من أجل تعزيز حقوق الإنسان أن يكونوا من المدافعين عن حقوق الإنسان، ابتداءً من المنظمات الحكومية الدولية الموجودة في أكبر المدن العالمية إلى الأفراد العاملين في إطار مجتمعاتهم المحلية. وقد يكون المدافعون عن حقوق الإنسان ذكوراً أو إناثاً، من مختلف الأعمار، ومن أي مكان في العالم وبكل أنواع الخلفيات المهنية وغيرها. ومن المهم على وجه الخصوص ملاحظة أن المدافعين عن حقوق الإنسان لا يعملون في إطار المنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية الدولية فحسب، بل يمكن أن يكونوا في بعض الحالات موظفين حكوميين أو موظفين في الخدمة المدنية أو من العاملين في القطاع الخاص.

1. الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال الأنشطة المهنية - المدفوعة الأجر أو الطوعية

المدافعون عن حقوق الإنسان الأكثر ضوحاً هم أولئك الذين يشمل عملهم اليومي بالتحديد تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، مثل من يقومون برصد حقوق الإنسان في إطار عملهم مع المنظمات الوطنية لحقوق الإنسان، أو أمناء المظالم المتعلقة بحقوق الإنسان أو المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان.

ومع ذلك، فإن الشيىء الأهم لوصف شخص ما بأنه مدافع عن حقوق الإنسان ليس لقبه أو المنظمة التي يعمل لديها، وإنما هو طبيعة العمل الذي يضطلع به في مجال حقوق الإنسان. ولكي يصبح الشخص من المدافعين عن حقوق الإنسان ليس من الضروري أن يُعرف بأنه "ناشط في مجال حقوق الإنسان" أو أن يعمل مع منظمة يشمل اسمها عبارة "حقوق الإنسان". فالكثير من موظفي الأمم المتحدة يعملون كمدافعين عن حقوق الإنسان بالرغم من أن عملهم اليومي يوصف بأوصاف مختلفة، كالقول إنهم يعملون في مجال "التنمية" مثلاً. وكما يمكن بطبيعة الحال وصف الموظفين الوطنيين والدوليين التابعين لمنظمات غير حكومية في مختلف أنحاء العالم والذين يُعنون بمعالجة الشواغل الإنسانية بأنهم مدافعون عن حقوق الإنسان. كما أن العاملين في مجال تثقيف المجتمعات المحلية فيما يتصل بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والناشطين في مجال حقوق الشعوب الأصلية، والناشطين في مجال البيئة والمتطوعين العاملين في مجال التنمي يلعبون دوراً حاسماً كمدافعين عن حقوق الإنسان.

ويعمل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بصفة مهنية ويتقاضون أجراً مقابل عملهم. إلا أن هنالك أشخاصاً آخرين يدافعون عن حقوق الإنسان بصفة مهنية طوعية وبلا مقابل. وبطبيعة الحال، فإن عمل هؤلاء المتطوعين لا يقدر بثمن نظراً لمحدودية التمويل المتاح لمنظمات حقوق الإنسان.

وهنالك العديد من الأنشطة المهنية التي لا تشمل دائماً أعمالاً تتعلق بحقوق الإنسان لكنها قد ترتبط بها من وقت لآخر. وعلى سبيل المثال، فإن المحامين الذين يُعنون بقضايا القانون التجاري قد لا يتعاملون في الغالب مع شواغل حقوق الإنسان ولا يمكن وصفهم تلقائياً بالمدافعين عن حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن هؤلاء المحامين قد يعملون في بعض الحالات كمدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك بتولي الدفاع في قضايا يساهمون من خلالها في تعزيز أو حماية حقوق الإنسان. وبالمثل، يضطلع قادة النقابات العمالية بأعمال متعددة، الكثير منها لا صلة له بحقوق الإنسان، لكن يمكن وصفهم بالمدافعين عن حقوق الإنسان عندما يعملون تحديداً على تعزيز أو حماية حقوق الإنسان المتعلقة بالعمال. وبنفس الطريقة، يضطلع الصحفيون بمهمة واسعة النطاق تتمثل في جمع المعلومات ونشرها لكي تكون في متناول الجمهور العام من خلال المطبوعات أو برامج الإذاعة أو التلفزة. لكنهم لا يعتبرون، حسب دورهم العام، من المدافعين عن حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن العديد من الصحفيين يعملون بالفعل كمدافعين عن حقوق الإنسان، كما يحدث مثلاً عند إعدادهم تقارير بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والإدلاء بشهاداتهم حول وقائع شهدوها. ويقوم المعلمون الذين يدرّسون تلاميذهم المبادىء الأساسية لحقوق الإنسان بدور مماثل. وذلك هو الحال أيضاً بالنسبة إلى الأطباء وغيرهم من المختصين في الحقل الطبي الذين يتولون معالجة وإعادة تأهيل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، حيث يمكن اعتبارهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في سياق مثل هذا العمل؛ لا سيما وأن للأطباء التزامات خاصة بموجب القسم الطبي.

أما أولئك الذين يساهمون في تحقيق العدل، أي القضاة ورجال الشرطة والمحامون وبعض الجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى، فغالباً ما يلعبون دوراً خاصاً وقد يتعرضون لضغوط كبيرة من أجل اتخاذ قرارات لصالح الدولة أو أصحاب مصالح متنفذين آخرين، مثل زعماء عصابات الجريمة المنظمة. ويمكن اعتبار هذه الجهات الفاعلة في العمليات القضائية من المدافعين عن حقوق الإنسان عندما تبذل مجهوداً خاصاً لضمان وصول الضحايا إلى عدالة منصفة ونزيهة، وبالتالي ضمان حقوق الإنسان الخاصة بهم.

ويمكن أن تنطبق عبارة "مجهود خاص" على مهن وأشكال توظيف أخرى ليست لها علاقة واضحة بحقوق الإنسان. فالأشخاص الذين يتولون هذه الوظائف قد يختارون في بعض الأحيان تأدية أعمالهم بطريقة تقدم دعماً محدداً إلى حقوق الإنسان. وعلى سبيل المثال، يختار بعض المهندسين المعماريين تصميم مشاريع البناء بطريقة تأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان ذات الصلة، مثل حق من سيعملون في المشروع في المسكن اللائق (المؤقت) أو حق الأطفال في استشارتهم بشأن التصميم إذا كان للمبنى صلة خاصة بهم.

2. الدفاع عن حقوق الإنسان في سياق غير مهني

يعمل كثير من الناس كمدافعين عن حقوق الإنسان خارج أي سياق مهني أو وظيفي. ومن ذلك مثلاً أن الطالب الذي ينظم زملاءه في حملة لإنهاء التعذيب في السجون يمكن أن يعتبر مدافعاً عن حقوق الإنسان. كما أن قيام شخص ما يسكن في منطقة ريفية بتنسيق مظاهرة يشارك فيها أفراد هذا المجتمع ضد التدهور البيئي الذي تتعرض له مزارعهم بسبب مخلفات المصانع يمكن أن يوصف أيضاً بأنه مدافع عن حقوق الإنسان. وكذلك السياسي الذي يتخذ موقفاً ضد تفشي الفساد داخل الحكومة يعتبر مدافعاً عن حقوق الإنسان بالنظر إلى عمله من أجل تعزيز وحماية الحكم الرشيد وبعض الحقوق التي يهددها هذا الفساد. كما أن الشهود الذين يدلون بشهاداتهم أمام المحاكم لمقاضاة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، والذين يمدون الهيئات الدولية لحقوق الإنسان أو المحاكم والهيئات القضائية المحلية بالمعلومات لمساعدتها على التعامل مع الانتهاكات يعتبرون من المدافعين عن حقوق الإنسان في سياق هذه الأعمال.

ويناضل الناس في كافة أرجاء العالم وفقاً لظروفهم وبأساليبهم الخاصة من أجل إعمال حقوق الإنسان. وأسماء بعض المدافعين عن حقوق الإنسان معروفة على نطاق دولي، غير أن الغالبية تبقى غير معروفة. وبإمكان أي شخص، سواء أكان موظفاً حكومياً محلياً أو رجل شرطة يتمسك بالقانون أو فناناً يستخدم موقعه لتسليط الضوء على المظالم، أن يلعب دوراً في النهوض بحقوق الإنسان. وتتمثل المسألة الرئيسية في النظر إلى كيفية عمل هؤلاء في سبيل دعم حقوق الإنسان، وفي بعض الحالات محاولة معرفة ما إذا كان هؤلاء يبذلون "جهداً خاصاً".

ومن الواضح أنه من المستحيل تصنيف العدد الهائل من السياقات المختلفة التي ينشط فيها المدافعون عن حقوق الإنسان. لكن من السمات المشتركة بين معظمهم ما يتمثل في الالتزام بمساعدة الآخرين، والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والإيمان بالمساواة وعدم التمييز، وقوة عزيمتهم، وتحليهم في العديد من الحالات بقدر كبير من الشجاعة.

ج. هل يوجد معيار أدنى يتعين على المدافعين عن حقوق الإنسان استيفاؤه؟

لا يُطلب من الشخص أن يكون حاصلاً على "مؤهلات" لكي يصبح من المدافعين عن حقوق الإنسان، فالإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان يبين بوضوح، كما ذُكر آنفاً، أن بمقدورنا جميعاً أن نصبح مدافعين عن حقوق الإنسان إن شئنا وأن نعمل بطريقة سلمية. غير أن "المعيار" الذي يتعين على المدافع عن حقوق الإنسان استيفاؤه يعتبر مسألة معقدة، ويشير الإعلان صراحة إلى أن على المدافعين مسؤوليات مثلما لهم حقوق.

التسليم بعالمية حقوق الإنسان

يجب على المدافعين عن حقوق الإنسان التسليم بعالمية حقوق الإنسان كما ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. [3] فلا يمكن للشخص أن ينكر بعض حقوق الإنسان ثم يدعي صفة المدافع عن حقوق الإنسان لأنه يدافع عن حقوق أخرى. وعلى سبيل المثال، ليس من المقبول الدفاع عن حقوق الإنسان للرجال وإنكار أن للمرأة حقوقاً متساوية.

من المصيب ومن المخطىء، هل لذلك أهمية؟

تبرز مسألة أخرى تتعلق بمدى صحة الحجج المقدمة. فليس من الضروري أن تكون هذه الحجج صائبة لكي يعتبر الشخص مدافعاً حقيقياً عن حقوق الإنسان. والمحك الحاسم هو ما إذا كان الشخص يدافع أم لا عن حق من حقوق الإنسان. وعلى سبيل المثال، قد تقوم مجموعة من المدافعين بمؤازرة حق جماعة ريفية في ملكية الأرض التي عاشت فيها وفلحتها منذ أجيال عديدة. وقد تنظم هذه المجموعة احتجاجات ضد المؤسسات الاقتصادية الخاصة التي تدعي ملكية كل أراضي المنطقة. لكن أفراد المجموعة قد يكونون على خطأ أو صواب بشأن تحديد هوية مالك الأرض. ومع ذلك، فإن صحة أو خطأ دعواهم من الناحية القانونية هي مسألة لا صلة لها بما إذا كانوا مدافعين حقيقيين عن حقوق الإنسان أم لا. والشيىء الأساسي هو إذا ما كانت شواغلهم تندرج في إطار حقوق الإنسان.

وتعتبر هذه المسألة في غاية الأهمية لأن الدولة وحتى الجمهور في العديد من البلدان كثيراً ما يعتبران أن المدافعين عن حقوق الإنسان على خطأ لأنهم يساندون طرفاً واحداً من أطراف الخلاف. ومن ثم يوصف هؤلاء بأنهم ليسوا مدافعين "حقيقيين" عن حقوق الإنسان. وبالمثل، فإن المدافعين الذين يتصدون للدفاع عن حقوق السجناء السياسيين أو أفراد جماعات المعارضة غالباً ما تعتبرهم سلطات الدولة من أنصار هذه الأحزاب أو الجماعات، وذلك لا لشيىء إلا بسبب دفاعهم عن حقوق الأشخاص المعنيين.

وهذا ليس صحيحاً. إذ يجب تعريف المدافعين عن حقوق الإنسان وقبولهم وفقاً للحقوق التي يدافعون عنها ووفقاً لحقهم هم أنفسهم في القيام بهذا العمل.

العمل السلمي

وأخيراً، يجب أن تكون الإجراءات التي يتخذها المدافعون عن حقوق الإنسان ذات طابع سلمي من أجل الامتثال للإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان.


[1]عبارة "مدافع عن حقوق الإنسان" أصبحت تستخدم استخداماً متزايداً منذ اعتماد الإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان في العام 1998. وحتى ذلك الوقت، كانت هناك عبارات أكثر شيوعاً مثل "ناشط" أو "مختص" أو "عامل" أو "مراقب" في مجال حقوق الإنسان. ويعتبر تعبير "المدافع عن حقوق الإنسان" التعبير الأنسب والأفيد.

[2] للحصول على المزيد من المعلومات بشأن الآليات الدولية لحقوق الإنسان، الرجاء مراجعة صحائف الوقائع رقم 10 (التنقيح 1) ورقم 15 ورقم 16 (التنقيح 1) ورقم 17 ورقم 27.

[3]اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 217 أ (ثالثاً) المؤرخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1948. الرجاء مراجعة صحيفة الوقائع رقم 2، الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، (التنقيح 1)

 

الصفحة متوفرة باللغة: