Skip to main content

بيانات صحفية المفوضية السامية لحقوق الإنسان

مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت تزور كابول بأفغانستان

11 آذار/مارس 2022

المفوضة السامية ميشيل باشيليت في مطار كابول، 10.03.2022 © المفوضية السامية لحقوق الإنسان

تمكنتُ أمس من القيام بزيارة قصيرة إلى كابول، في وقت يعاني فيه الأفغان أزمات مروّعة ومتقاطعة، ويجاهدون في ظل عدم يقين وريبة، عدم يقين بشأن مستقبل بلادهم ولكن أيضًا بشأن المكان الذي ستأتي منه وجبتهم التالية. فالاحتياجات الإنسانية الأساسية مثل الغذاء والصحة غير متوفّرة إطلاقًا، كما أنّه لم يتمّ الوفاء بحقوق الإنسان الأساسية مثل التعليم والحق في العمل والحق في المشاركة في عمليات صنع القرار.

خلال زيارتي القصيرة هذه، عقدت اجتماعات مع ممثلي سلطات الأمر الواقع وتمكنت من مقابلة ممثلي المجتمع المدني، بما في ذلك بعض المعلمات والطبيبات والصحفيات والموظفات الحكوميات والعاملات في المنظمات غير الحكومية المميّزات والرائعات. لقد نَقَلَتْ هؤلاء النساء بكلّ بسالة الأوضاع الحرجة والملحّة على أرض الواقع. وطالَبْنَ بالإدلاء بِدَلْوِهنّ إلى جانب سلطات الأمر الواقع، بصفتهنّ شريكات يمكنهنّ المساهمة في رسم الطريق نحو الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية والإنسانية وأزمة حقوق الإنسان المستفحلة في أفغانستان. وعندما سألتهنّ عن الرسائل التي يرغبن في أن أنقلها إلى سلطات الأمر الواقع، لم يردن الاعتماد على صوتي ولكن على صوتهن، فقلن: "نريد أن نتحدّث إلى طالبان بأنفسنا. فنحن نعرف ما يحتاج إليه شعبنا، ليس في المدن فحسب ولكن أيضًا في الأرياف، ولدينا معلومات موثوقة وحلول نطرحها بأنفسنا على طالبان."

وأعربت النساء عن أملهن فقلن: "مع خروجنا من رماد الحرب، سننجح يومًا في الحفاظ على العدالة الاجتماعية في أفغانستان." وتعهّدن بمواصلة النضال ضد الظلم لكنهنّ شددن على أنهن بحاجة لاستعادة حقوقهنّ، حقهنّ في حرية التعبير والتجمع السلمي، وتحررهنّ من الخوف على أنفسهن وأسرهن من الانتقام، وحقهنّ في العمل وفي المشاركة. وطالّبْنَ "بفصل السياسة عن الصحة"، وبتدريب العاملات في مجال الرعاية الصحية واستخدامهنّ، والاستثمار في البنية التحتية للرعاية الصحية. كما طالبن سلطات الأمر الواقع بضمان حماية الناشطات والصحفيات من العنف والأعمال الانتقامية، وبإعادة إنشاء آليات لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له، وبمواصلة دعم ومناصرة بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، وتحديدًا خدمة حقوق الإنسان التابعة لها.

أؤيّد مطالبهنّ بأقوى العبارات، أؤيّدها تأييدًا واضحًا لا لبس فيه.

لم أتمكّن من قضاء إلاّ يوم واحد فقط في كابول، لكنّ خدمة حقوق الإنسان التابعة لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان متواجدة في البلاد منذ 20 عامًا وهي تقوم حاليًا بعمل أساسي في مجال حقوق الإنسان وترافق الشعب في تجاوز العديد من الأزمات والاضطرابات.

فعلى مر السنين، قمنا بالعمل الشاق المتمثل في إحصاء الخسائر في صفوف المدنيين، التي تسبّب بها النزاع المسلح، وفي رصد أثره على النساء والرجال والفتيات والفتيان والإبلاغ عنه. كما انخرطنا في حوار مع مختلف الأطراف، بما فيها طالبان، بشأن حماية المدنيين والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

لقد عملنا مع السلطات الحكومية المعنية، واللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان والمجتمع المدني بهدف مكافحة العنف ضد المرأة، وقدمنا المشورة بشأن القوانين، وزرنا مرافق الاحتجاز وتحدثنا مع المحتجزين. لقد وثقنا انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجماعات المسلحة التابعة وغير التابعة للدول، وأعددنا التقارير بشأنها ودعونا إلى مكافحتها. لقد دافعنا عن حقوق جميع الأفغان، بغض النظر عن خلفياتهم أو معتقداتهم.

وسلّطنا الضوء على حالات التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك تلك التي استهدفت طالبان وغيرهم من المعتقلين المناهضين للحكومة الذين قابلناهم في مرافق الاحتجاز على مر السنين، في جميع أنحاء البلاد، وأصرَرْنا دائمًا على أن استخدام التعذيب ضد أي شخص، في أي ظرف من الظروف، هو محظور تمامًا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو من الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى نتائج عكسية.

كما أصغينا إلى الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، من رجال ونساء، وتعاوننا معهم للدفاع عن مختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، بما في ذلك من خلال إصلاح القانون وبناء المؤسسات والتدريب في مجال حقوق الإنسان.

ممّا لا شكّ فيه أنّ بعض التغييرات الجذرية البارزة حصلت بعد استيلاء طالبان على السلطة في 15 آب/ أغسطس 2021. ومع تراجع الأعمال العدائية منذ ذلك التاريخ، انخفض عدد الإصابات المرتبطة بالنزاع بشكل كبير. لكننا نخشى أن الأزمات الإنسانية والاقتصادية قد تودي بحياة عدد أكبر بكثير بعد من الناس. فشخص واحد من بين كل ثلاثة أشخاص في أفغانستان، يواجه اليوم مستويات خطيرة من الطوارئ الغذائية ومن الأزمات التي تهدّد أمنه الغذائي، كما أنّ إمكانية الحصول على السيولة والأموال النقدية محدودة، ومستويات البطالة والنزوح مرتفعة للغاية. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال حتّى اليوم وللأسف مخاطر كبيرة تهدّد بوقوع هجمات قد يشنّها تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خرسان وغيره من الجهات الأخرى.

أنا واثقة أنّه يمكننا أن نتفّق جميعنا على أنّه من غير المقبول ومن غير المعقول أن يضطر الشعب الأفغاني على التعايش مع احتمالات القصف أو المجاعة، أو كليهما.

فروايات الأمهات عن بيع الأطفال لإطعام بقية الأسرة مفجعة. وهذا الأمر مروّع للغاية سيّما وأنّني لمستُ في تفاعلاتي القصيرة مع المجتمع المدني، القدرات والخبرات والنباهة التي يتم تبديدها فيما تغرق البلاد في مستويات أعمق من اليأس. ولا بدّ من إحراز تقدم سريع على عدد من الجبهات الأساسية.

خلال اجتماعاتي مع سلطات الأمر الواقع، بما في ذلك مع نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الفعليَّيْن، شددت على أهمية شمل الجميع من دون أيّ استثناء للخروج من هذه الأزمة.

أدرك تمامًا أهمية العفو العام الممنوح لمسؤولي الحكومة السابقة وأفراد قوات الأمن لمشاركتهم في النزاع. وقد شكّل خطوة مهمة نحو المصالحة بعد سنوات عديدة من الحرب. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن عمليات التفتيش من منزل إلى آخر مستمرة وقد وثقنا علنًا عمليات قتل خارج نطاق القضاء استهدّفَت مسؤولين سابقين.

وتستمر الاعتداءات على هؤلاء المسؤولين السابقين، بمن فيهم القضاة والمدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون. وفي حين أنّه تم إطلاق سراح المحتجات وأفراد عائلاتهن الذين تم اعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي في كانون الثانيّ/ يناير، إلا أن معاملتهم تعني أنه لن يتم تنظيم مظاهرات عامة من أجل حقوق المرأة في أفغانستان بعد اليوم. لقد تمكّنا في الأسابيع الأخيرة، من إثارة قضايا الانتهاكات الفردية لحقوق الإنسان مع سلطات الأمر الواقع، وقد حثَثْتُها على ضمان عدم التسامح إطلاقًا مع هذه الانتهاكات، وإطلاق تحقيق فيها على الفور ومحاسبة المسؤولين عنها بشكل سليم. يجب إطلاق سراح جميع المعتقلين لممارستهم حقوق الإنسان على الفور.

بإمكان الناشطين في المجتمع المدني وقادته، وموظفي الحكومة السابقين، بما في ذلك القضاة والمدعون العامون والصحفيون، أن يؤدّوا دورًا حاسمًا في بناء أفغانستان جديدة، وفي تحقيق العدالة لانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان، ولكن شرط إن تمكنوا من مواصلة عملهم بدون خوف من الاعتقال والمضايقات والتهديدات والعنف.

يصبح كل مجتمع أكثر استدامة وسلامًا إن تم احترام حقوق الإنسان وتمثيل جميع أفراد الأمة، بما في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، ولا سيّما من واجه تاريخيًا التمييز والتهميش والعنف. ومن الضروري بالنسبة إليها أن يتم احتضانها كجزء من الحل بدلاً من قمعها باعتبارها جزءًا من المشكلة.

في هذا الوقت الذي يسوده سلام نسبي في البلاد، من الضروري للغاية إقامة تحالفات شاملة. فالشمولية هي شرط مسبق هام للمصالحة ومنع النزاع في المستقبل. ولا تشكّل خطوة في الاتّجاه الصحيح فحسب بل هي في الواقع الخطوة الذكية التي يجب اتّخاذها. وقد يؤدّي الفشل في القيام بذلك إلى عدم استقرار في أفغانستان وخارج حدودها. فالأكثر ضعفًا بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على المشاركة في المناقشات والقرارات الرامية إلى معالجة المخاطر والتخفيف من حدّتها.

أحثّ سلطات الأمر الواقع على توفير أقصى حيّز ممكن لحرية التعبير والتجمع السلمي، واحترام دور وسائل الإعلام المستقلة، والامتناع عن استخدام أي عنف أو فرض عقوبات على من قد ينتقدها. فالناس بحاجة إلى قنوات للتعبير عن إحباطهم وإلى المساهمة أيضًا في صنع الحلول المطلوبة.

لقد شجّعت سلطات الأمر الواقع على إعادة إنشاء آلية مستقلة لحقوق الإنسان، وفق ما كانت عليه في السابق اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، كي تتمكّن من تلقي شكاوى الرأي العام ولفت الانتباه إلى المشاكل.

ومع إعادة فتح المدارس في 22 آذار/ مارس، أتطلع إلى رؤية الالتزامات التي تم التعهد بها في ما يتعلّق بوصول جميع الفتيات والفتيان إلى التعليم. فالنساء والفتيات يحتجن إلى الوصول إلى التعليم الابتدائي والثانوي والعالي. وتسمح مثل هذه الخطوات البالغة الأهمية بقطع شوط طويل نحو تأمين مستقبل البلاد.

ومن الضروري للغاية أيضًا أن نعالج سرعًا ما تمّ وصفه عن وجه حقّ، بالآثار الكارثية للعقوبات الاقتصادية وتجميد الأصول. وأحثّ المجتمع الدولي على تجاوز الخطوات التي تم اتخاذها في الواقع وتخفيف العقوبات ورفع تجميد الأصول بهدف تحريك الاقتصاد ودعم التنمية وتخفيف المعاناة الإنسانية التي لا داعي لها. فملايين الأفغان سيعيشون معاناة لا داعٍ لها في حال لم يتم توفير المزيد من الأموال فورًا. كما يحتاج صانعو القرار الوطنيون والدوليون إلى دعم بناء الخدمات الاجتماعية الأساسية على مستوى المجتمع المحلي من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية وإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بطريقة مستدامة.

عندما يحين موعد تجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان الأسبوع المقبل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك، من الضروري أن نضمن الحفاظ على وجود قوي لحقوق الإنسان حتى نتمكن من مواصلة مرافقة شعب أفغانستان، وتقديم المشورة بشأن كيفية تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان في العديد من المجالات، بما في ذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق المرأة ونظام العدالة، ومن تعزيز نماذج الانتعاش الناجحة وإعادة بناء المؤسسات. ومن الضروري لنا، بكل موضوعية، أن نستمر في لفت انتباه سلطات الأمر الواقع إلى المخاوف الجسيمة المتعلقة بحقوق الإنسان، وأن نواصل رصد حقوق الإنسان على أرض الواقع وإعداد التقارير بشأنها. وأدعو الدول إلى دعم استمرارية عمل بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان ومدّها بولاية قوية في مجال حقوق الإنسان.

إن روح الأفغان وإصرارهم ورغبتهم التي لا تنضب في حماية حقوق الإنسان، وفي أن يرث أطفالهم أرضًا يعمّها السلام وتحترم القانون، ساطعة كالشمس. يرسم الأفغان مستقبلهم، وعلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي دعم كلّ الجهود المبذولة لتعزيز كامل حقوق الإنسان لجميع أفراد الشعب الأفغاني.

انتهى

آخر تقرير بشأن أفغانستان قدّمته مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان إلى مجلس حقوق الإنسان

تقرير أمين عام الأمم المتّحدة

للحصول على المزيد من المعلومات

للحصول على المزيد من المعلومات وطلبات وسائل الإعلام، الرجاء الاتّصال بــ:
رافينا شامداساني - + 41 22 917 9169
ravina.shamdasani@un.org 

ليز ثروسل - + 41 22 917 9296
elizabeth.throssell@un.org

تابعونا وشاركوا أخبارنا على
تويتر @UNHumanRights
وفايسبوك unitednationshumanrights
وانستغرام @unitednationshumanrights

الصفحة متوفرة باللغة: