خبيرة أممية تحذّر من التردّي الخطير لحرية الإعلام
08 تموز/يوليو 2022
إنّ الصحفيين يُقتَلون وهم يعدّون تقاريرهم الإخبارية. والصحافيات يتعرّضن للاعتداءات على الإنترنت، بما في ذلك التهديد بالقتل والاغتصاب. والمراقبة الإلكترونية تستهدف ترهيب الصحافة الاستقصائية وإسكاتها.
فقد حذّرت خبيرة من الأمم المتحدة من أن هذا هو الواقع الخطير يهدّد العديد من الصحفيين حول العالم، في ظلّ تردّي حرية الإعلام وسلامة الصحفيين في العصر الرقمي، ما يؤثّر بشكل خطير على حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية.
وقالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في الحرية الرأي والتعبير إيرين خان: "بات تردي حرية الإعلام وتزايد الأخطار التي تهدد سلامة الصحفيين اتجاهًا عالميًا يتجلى بأوضح صورة في الديمقراطيات المتقهقرة والدول المستبدة العتية. وعواقب ذلك على حقوق الإنسان والديمقراطية والمشاركة العامة والتنمية تبعث على القلق."
وفي تقرير قدّمته إلى مجلس حقوق الإنسان، أكّدت خان أنّ التكنولوجيا الرقمية مدّت الصحفيين وحرية الإعلام بالكثير من الفرص الاستثنائية، بما في ذلك إعداد تقارير استقصائية رائدة، وظهور نماذج جديد للتعاون عبر الحدود، والتحقق من صحة المعلومات بالتعاون مع الجماهير، والوصول إلى كنوز من البيانات والمصادر المتنوعة.
لكنّ خان أشارت إلى أنّ العصر الرقمي يطرح الكثير من التحديات والتهديدات. وفي هذا الصدد، ذكرت عددًا من الأمثلة منها الاعتداءات على الصحفيين على الإنترنت وخارجها وقتلهم حتّى مع إفلات تام من العقاب، وتجريم الصحفيين ومضايقتهم، وتآكل الاستقلال والحرية وتعددية الأصوات والآراء، إن في وسائل الإعلام الحكومية أم الخاصة، بما في ذلك في الشركات الرقمية.
وتابعت أنّ "إسكات الصحفيين بقتلهم هو أبشع أشكال الرقابة،" كما حثت مجلس حقوق الإنسان على النظر في اتخاذ تدابير للتصدي للإفلات من العقاب، بما في ذلك إنشاء فرقة عمل دولية معنية بمنع الاعتداءات على الصحفيين والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها.
واستشهدت بقاعدة بيانات جمعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أفادت بمقتل 455 صحفيًا بين العامَيْن 2016 و2021 أثناء تأدية وظيفتهم. وفي أكثر من ثماني حالات من أصل عشر، لم يُحاكم الجناة.
الاعتداءات على الصحافيات على الإنترنت
يلفت التقرير الانتباه بشكل خاص إلى الاعتداءات على الصحفيات على الإنترنت، التي غالبًا ما تكون غاشمة ومنسقة وخبيثة وتتّسم بتحيّزها الجنسي الكبير، وكثيرًا ما تستهدف النساء المنتميات إلى أقليات دينية وإثنية أو الأشخاص ذوي الهوية الجنسانية غير المطابقة.
وقد أوضح التقرير ما يلي: "إنّ مثل هذا العنف يلحق ضررًا نفسيًا حقيقيًا للغاية، ويشل الصحافة المعنية بالمصلحة العامة، ويقضي على الحياة المهنية للنساء، ويحرم المجتمع من أصوات ووجهات نظر مهمّة."
“
تفي وسائل الإعلام الحرة والمستقلة والمتنوعة بحقّ المجتمع في المعرفة، فضلاً عن حقّ الصحفيين في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها.
“
إيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير
وأضاف التقرير أنّ بعض الدول قد أحيى بشراسة جديدة الممارسة القديمة المتمثّلة في إساءة استخدام القوانين - من قوانين التشهير إلى قوانين مكافحة الإرهاب - لمعاقبة الصحفيين وقمع حرية الإعلام.
واستشهدت خان بقضية الحائزة على جائزة نوبل الفلبينية ماريا ريسا، التي واجهت حملة من الدعاوى القانونية في الفلبين بسبب التقارير التي أعدّتها وانتقدت فيها الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي.
تآكل الاستقلال والتعدّدية
سلّطت خان الضوء أيضًا على تآكل الاستقلال والتعددية والجدوى الاقتصادية في العصر الرقمي.
ففي عدد من البلدان، بما في ذلك في أوروبا الوسطى والشرقية، ثمة اتجاه متزايد نحو سيطرة الدولة على الإعلام العمومي لمصلحة وسائل الإعلام الخاصة التي تخدم المصالح السياسية والاقتصادية لمن هم في السلطة.
وأكّدت خان أن قدرة وسائل الإعلام على البقاء مسألةٌ تتعلق بحقوق الإنسان، وليست مجرد مسألة اقتصادية. وقد أدّى انهيار نموذج أعمال وسائل الأنباء القائم على الإعلانات في العصر الرقمي إلى خفض عدد الموظفين وإغلاق وسائل أنباء في بلدان كثيرة. وفي حين يدبر قنوات الأخبار الوطنية والدولية ومنتجو الأخبار المتخصصة أمورهم من خلال الاشتراكات والمواقع الشبكية القائمة على الاشتراك وتبرعات القراء والإعانات المالية، فإن الكثيرين غيرهم معرضون للانقراض الإعلامي.
وحذّر التقرير من أنّه "في عالم يتزايد فيه تقديم المعلومات المضللة في هيئة أخبار، ويهاجم فيه القادة السلطويون والشعبويون الصحفيين ووسائل الإعلام لزرع الشكوك في عقول عامة الناس، باتت الصحافة المستقلة الرامية إلى خدمة المصلحة العامة صحافةً في منهى الأهمية. ويشكّل غيابها أو تراجعها في العديد من البلدان اعتداءً جسيمًا على حرية الإعلام."