خبيرة الأمم المتحدة المعنيّة بمكافحة الإرهاب: على صلاحيات السلطات المعنيّة بحالات الطوارئ أن تبقى محدودة ومتناسبة
13 آذار/مارس 2018
في تقريرها الأخير، تتناول المقرّرة الخاصة المعنيّة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسيّة في سياق مكافحة الإرهاب، فيونولا ني ألوين، التحديات التّي تطال حقوق الإنسان أثناء حالات الطوارئ في سياق مكافحة الإرهاب.
"باتت حالات الطوارئ اليوم تُعدّ مرادفًا لانتهاكات مستمرّة واسعة النطاق تطال مختلف حقوق الإنسان"... بهذه الكلمات، استهلّت المقرّرة الخاصة المعنيّة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسيّة في سياق مكافحة الإرهاب، فيونولا ني ألوين، حديثها أثناء تقديم تقريرها الأوّل لمجلس حقوق الإنسان، المنعقد في جنيف.
ثمّ أضافت قائلةً: "تمّ توثيق هذه الأنماط بشكلٍ تجريبيّ لعدّة عقود، ممّا ساهم في التأكيد على أهميّة الإشراف المستمر على السلطات المعنيّة بحالات الطوارئ وإجراء استعراض فعّال من شأنه أن يضمن عدم استخدام الدول حالات الطوارئ بشكلٍ مخادع من أجل انتهاك الحقوق الأساسيّة، التّي تنطوي على سبيل المثال على الإجراءات القانونيّة الواجبة، وحريات التجمّع والتعبير، والحياة الأسريّة، والخصوصيّة، هذا وبالإضافة إلى الحقوق غير القابلة للتقييد، بما في ذلك الحقّ في مناهضة التعذيب والحرمان التعسفيّ من الحياة".
وفي هذا الصدد، تناول تقرير ني ألوين التحديات التّي تواجه حقوق الإنسان أثناء حالات الطوارئ في سياق مكافحة الإرهاب، كما سلّط الضوء على ممارسات الطوارئ الجديدة التّي تمّ اعتمادها في أعقاب أحداث 11 أيلول/سبتمبر وأثّرت سلبًا على حقوق الإنسان.
وفي الإطار نفسه، أشارت إلى أنّ الهجوم على برجَيْ مركز التجارة العالمي قد أثار في الولايات المتحدة ما عُرِف حينذاك بأنه "حرب عالميّة على الإرهاب"، وشكّل أساسًا للممارسات التّي أعاقت التميّيز بين زمن الحرب والسلام.
وأشارت أيضًا إلى مساهمة قانون حقوق الإنسان في تمكين الدول من الحدّ من الحقوق غير القابلة للتقييد في ظلّ ظروف استثنائيّة، وإلى أهمية أن تكون الصلاحيّات الممنوحة خلال حالات الطوارئ محدودةً، وذلك من أجل توفير أساس إيجابيّ للعودة، ضمن إطار زمنّي معقول، إلى حماية حقوق الإنسان حمايةً كاملةً.
تمّ تابعت قائلةً: "لا يشكّل هذا الإذن تفويضًا مطلقًا لفرض قيود دائمة، ولا حتّى أساسًا لانتهاك الحقوق لمجرد تعزيز السلطة، والقضاء على المعارضة الشرعيّة وتهدئة المعارضين السياسيين. وبالتالي، لا بدّ على أيّ من القيود المفروضة من أن يشكّل وسيلة لإعادة النظام القانوني إلى وظيفته الأساسيّة وهي حماية الحقوق والحريات".
وأشارت أيضًا إلى أنّ التشريعات المحليّة المعتمدة عقب أحداث 11 أيلول/سبتمبر، سمحت بانتشار حالات طوارئ، وذلك وفقًا لما اقتضته القوانين المحليّة المعمول بها التّي تستخدم تعريفات واسعة النطاق لتحديد الإرهاب.
وأوضحت ني ألوين قائلةً: "يتمّ استخدام هكذا تشريعات لاستهداف مجموعة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمدوّنين، والناشطين السياسيّين من مختلف الخلفيّات، بالإضافة إلى الذين لا يتفقون بكلّ بساطةٍ مع الحكومة القائمة. وبالتالي، تشكّل عمليات نشر قوانين مكافحة الإرهاب هذه انتهاكًا للقانون، وذلك بصورةٍ تتعارض مع الالتزامات التّي تعهّدت بها الدول عن طيب خاطر عند التوقيع والمصادقة على المعاهدات المعنيّة باحترام حقوق الإنسان وصونها".
وكذلك، سلّطت الضوء على حقيقة أنّ الدول تتمتّع بأنظمة قانونيّة فعّالة بما فيه الكفاية كي تتصدّى للعنف ولا تلجأ إلى فرض حالات طوارئ للحدّ من الإرهاب. فبالنسبة لها، تتّجه الدول نحو تقديم ردود قانونيّة واضحة المعالم نافيةً للحقوق نفيًا قاطعًا".
وذكّرت أيضًا الدول بأهمية الإشراف على تدابير مكافحة الإرهاب من أجل حماية حقوق الإنسان، وبإمكانية أن تساهم عمليّات التدقيق الدوليّ في تعزيز جهود الرقابة الوطنيّة المبذولة. كما أنها قدّمت التوصيات الضروريّة التي تسمح للدول بأن تبقى ملتزمةً بالوفاء بالتزاماتها الدوليّة المعنيّة بمجال حقوق الإنسان.
وتتمثّل إحدى التوصيات المرفوعة في هذا الشأن في أهميّة أن تقوم الدول باستعراض دوريّ مستقلّة وفعّال لتشريعاتها المعنيّة بمكافحة الإرهاب، وذلك لتقيّم ما إذا كان تأثيرها على حقوق الإنسان ضروريًا ومتناسبًا.
وكذلك، يتعيّن على الدول أن تنظر في كيفيّة تأثير تدابير الطوارئ بشكلٍ غير متناسب، على الأقليّات العرقيّة والدينيّة، والفئات الضعيفة، فضلًا عن الطرق الأخرى القائمة على التمييز بين الجنسين التّي تؤثّر على النساء. وبالتالي، ولا بدّ من جمع بيانات مستقلّة من أجل النجاح في تقييم ذلك.
13 آذار/مارس 2018