مسجونون ومحجزون وغير آمنين: حقوق الإنسان للمهاجرين في بلغاريا تخضع للتدقيق
24 آب/أغسطس 2016
عندما بدأ سقوط القنابل فوق مدينته المجاورة للموصل في العراق، أدرك سليمان* أنه يتعين عليه هو وأسرته الفرار. وينتمي سليمان وأسرته إلى الطائفة اليزيدية، وهي طائفة تضطهدها الجماعة الإرهابية، المسماة الدولة الإسلامية، التي انتقلت إلى المنطقة.
وحاولت أسرة سليمان الفرار إلى ألمانيا مرتين، حيث باعت الأسرة في المرة الأولى كل ما كانت تملكه واقترضت نقوداً. وفي المحاولة الأولى، توجهت إلى بلغاريا وضُبطت أثناء عبورها إلى داخل البلد، ويشكل هذا العبور جريمة جنائية. وأُعيدت الأسرة إلى العراق.
وفي المرة الثانية، توجهت أسرة سليمان عبر بلغاريا إلى الحدود مع صربيا. ولكن الأسرة اعتُقلت أثناء تحركها للعبور إلى داخل صربيا. وتم الفصل بين أفراد الأسرة، ولم يكن لسليمان أي اتصال خلال شهرين مع زوجته وطفليه. وأُخذ سليمان أولاً إلى مركز احتجاز للمهاجرين في سفيلنغراد، في شرق بلغاريا، ثم إلى سجن.
وسليمان، وهو يروي قصته، جالس في غرفة احتياطية للزوار في سجن صوفيا المركزي. وهذا في تموز/يوليه 2016، وقد أمضى هنا عشرة شهور. وهو، باعتباره شخصاً عبر الحدود بطريقة غير نظامية أكثر من مرة، يقضي مدة عقوبة جنائية مقدارها 13 شهراً بموجب حكم محكمة، مُحتجزاً في مكان واحد مع مهربي المخدرات ومرتكبي جرائم الشروع في القتل. وقال المزارع اليزيدي إن كل هذا يقلقه ويحيره.
"من المزعج لي أن أُفصل عن أسرتي هكذا،" قال سليمان. "وعندما ينتهي هذا، ماذا أفعل؟ لا توجد وثائق معي، إنها مع زوجتي. إذا حاولت التنقل، قد أُضبط مرة أخرى وأُعاد إلى السجن. ماذا يمكنني أن أفعل؟" ونظر حوله وهو يتنهد. "أُريد فقط أن أعود إلى طفليي."
وتمكنت زوجة سليمان وطفلاه من الوصول إلى ألمانيا.
وقد أثار مصير ومستقبل سليمان وآخرين مثله قلق مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ووفقاً للإحصاءات المقدمة من الحكومة البلغارية، فإن 123 شخصاً كانوا يقضون مدد عقوبة في السجن، بموجب أحكام صادرة بخصوص "عبور الحدود بطريقة غير قانونية"، في عام 2015، ومعظم الأحكام مدتها حوالي سنة.
وأعرب مسؤولون في الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، في زيارة قاموا بها مؤخراً إلى بلغاريا، عن القلق إزاء التجريم المستمر للمهاجرين على محاولتهم دخول ومغادرة البلد بطريقة غير نظامية. وقد دفع هذا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى وصف الحالة بأنها "حالة تناقضية مثيرة للاستياء".
"هؤلاء الأشخاص موجودون في السجن الآن وليست لديهم أي فكرة عن ما سيحدث لهم بعد ذلك،" قال كلود كاهن، مستشار لدى الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان شارك في البعثة. "قابلنا أشخاصاً عانوا من صدمات نفسية مريعة في بلدانهم الأصلية، وقدموا تضحيات هائلة لمحاولة التوصل إلى حياة أفضل – أو أي حياة – لأنفسهم ولأطفالهم، ويجدون أنفسهم الآن خلف القضبان في حالة عدم يقين شديد – وذعر وغضب شديدين في كثير من الأحيان – فيما يتعلق بما قد يحدث بعد ذلك. وهم لا يتلقون أي دعم لتحديد وإيجاد مسارات للدخول إلى المجتمع بكرامة. وهذه مشكلة خطيرة من وجهات نظر كثيرة – من بينها في المقام الأول التزامنا بضمان الكرامة الإنسانية."
وكانت هذه هي المرة الثانية التي قامت فيها المفوضية ببعثة إلى بلغاريا لبحث حالة حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين. وهي جزء من سلسلة من الزيارات إلى البلدان الواقعة على امتداد طريق البلقان البري للمهاجرين واللاجئين الذين يتنقلون عبر أوروبا. والزيارة إلى بلغاريا كانت فرصة لمعرفة ما إذا كانت التوصيات التي قُدمت في أعقاب الزيارة الأولى، في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، قد نُفذت.
ولاحظ الفريق أنه أُحرز بعض التقدم، بما في ذلك تقليص طول فترات احتجاز بعض فئات المهاجرين واللاجئين، وأن النظام الحديث للبلد بخصوص الوصاية على الأطفال تم توسيع نطاقه مؤخراً ليتضمن الأطفال المهاجرين.
ولكن البلد لا يزال يركز على التعامل مع المهاجرين واللاجئين من خلال المنظور الأمني، قالت ديما ياريد، موظفة في الأمم المتحدة معنية بحقوق الإنسان. "النهج الأمني – وهو نهج ينزع إلى الردع والاحتجاز والسجن كخطوة أولى – يتناقض بشكل مباشر مع نهج حقوق الإنسان".
وقد ساد عدم اليقين في المقابلات التي أُجريت مع المهاجرين واللاجئين في مراكز الاحتجاز والسجون. وتساءل كثيرون عن ما سيحدث لهم عندما يتمون قضاء مدد السجن المحكوم عليهم بها أو يُفرج عنهم من الاحتجاز.
وفاطمة، وهي امرأة إيرانية عمرها 32 سنة، كانت واحدة من أولئك. وقد غادرت هي وأسرتها إيران بعد التعرض للمضايقة بسبب التحول إلى المسيحية. وتمكنت الأسرة من الوصول إلى حدود بلغاريا/صربيا قبل أن احتجزتها الشرطة. وكانت فاطمة موجودة هي وأسرتها في مركز الاحتجاز في ليوبيمتس لمدة 17 يوماً عندما قابلها فريق مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
ومثل آخرين كثيرين، أُدينت فاطمة بجريمة "عبور الحدود بطريقة غير قانونية". ومثل آخرين كثيرين، كانت في حالة عدم يقين شديد بخصوص مستقبلها ومستقبل أسرتها.
وفي توفير قدر من اليقين ومسار قانوني إلى الشرعية، يمكن أن تساعد بلغاريا على الإقرار بشيء يضيع في المناقشات المتعلقة بالهجرة واللاجئين في أوروبا، قال كاهن ؛ وهو الإنسانية المشتركة.
"هؤلاء أشخاص. لهم حقوق. وهم بحاجة إلى ضمان كرامتهم،" قال كاهن. "هذا هو السبب في أننا ندعو إلى إدماج حقوق الإنسان في هذه السياسات."
24 آب/أغسطس 2016