Skip to main content

يُعتبر السكن أساس الاستقرار والأمن للفرد والأسرة. وبما أنّ المنزل هو محور حياتنا الاجتماعية والعاطفية ولربّما الاقتصادية أحيانًا، يجب أن يشكّل ملاذًا لنا ومكانًا نعيش فيه بسلام وأمان وكرامة.

السكن حق وليس بسلعة

يُنظَر إلى السكن بشكل متزايد على أنّه سلعة، ولكنّه في الواقع وقبل كلّ شيء حق من حقوق الإنسان. وبموجب القانون الدولي، إنّ الحصول على سكن لائق يعني ضمان الحيازة*، بمنأىً عن الخوف من الإخلاء* أو الحرمان من المنزل أو الأرض. كما يُقصد بذلك العيش في مكان يتوافق مع ثقافة الفرد، ويُمَكّنه من الوصول إلى ما هو ملائم من خدمات ومدارس وفرص عمل.

غالبًا ما تترافق انتهاكات الحق في السكن مع الإفلات من العقاب*. ومن أسباب ذلك أن السكن قلما يُعتَبَر، على المستوى المحلي، حقًّا من حقوق الإنسان. ويكمن العامل الأساسي لضمان السكن اللائق في إعمال هذا الحق من خلال سياسات وبرامج حكومية ملائمة، بما في ذلك استراتيجيات الإسكان الوطنية*.

عمليات الإخلاء والتشرد

يهدّد كلّ من التغير المناخي* والكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة* التمتع بالحق في السكن اللائق، كما يؤدي إلى تشريد الملايين سنويًا. ومن شأن تطوير البنى التحتية وتشييد السدود الكهرمائية وتنظيم المناسبات الكبرى*، بما في ذلك الألعاب الأولمبية أو بطولات كأس العالم لكرة القدم، أن يساهموا في إعمال الحق في السكن اللائق لا تقويضه.

شهدت أسواق السكن والعقارات في جميع أنحاء العالم تغييرات بفعل تقلبات أسواق رأس المال العالمية والإفراط في التمويل. وقد تتبلور هذه الظاهرة المعروفة بأمولة السكن عندما يُعتَبَر السكن سلعةً، أي آلية لتكديس الثروات والاستثمار بدلاً من أن يشكّل منفعة اجتماعية.

المساواة وعدم التمييز

في مقابل تراكم العائدات من الأسواق العقارية، أمسى السكن في مدننا باهظ الثمن لا يمكن الجميع تحمّل كلفته. وفي العديد من البلدان، تواجه النساء*، والأقليّات الدينية والإثنية، والشعوب الأصلية*، والأشخاص ذوو الإعاقة*، والمهاجرون واللاجئون التمييز بسبب السكن أو يعيشون في ظروف مزرية جدًا. ويَحرم الفصل المكاني العديد من المقيمين من الوصول العادل إلى الخدمات العامة والتعليم والنقل والفرص الأخرى. وغالبًا ما تكون الإدارات المحلية* في طليعة النضال من أجل السكن ويمكن أن تؤدي دورًا أساسيًا في حماية الحق في السكن اللائق وإعماله.

التشرد والمستوطنات العشوائية

يعيش أكثر من 1.8 مليار شخص في مستوطنات عشوائية* أو مساكن غير لائقة، ولا يتمتّعون إلاّ بإمكانية وصول محدودة إلى الخدمات الأساسية مثل المياه وخدمات الصرف الصحي والكهرباء، وغالبًا ما يواجهون تهديدًا بالإخلاء القسري. والتشرد* هو من أخطر انتهاكات الحق في السكن اللائق، وقد شهد تزايدًا ملحوظًا في العديد من البلدان المتقدمة اقتصاديًا.

إعادة البناء بشكل أفضل

أكدت جائحة كوفيد-19* ضرورة أن يتمتع كل إنسان بمسكن أو مأوى آمن. وتؤدي الأزمة الاقتصادية التي ولّدتها الجائحة إلى تخلّف الكثير من الأشخاص عن دفع إيجار مسكنهم أو تسديد أقساط رهنهم. فعلى الإدارات الوطنية والإقليمية والمحلية أن تمنع وقوع موجة كارثية جديدة من عمليات الإخلاء وأن تتصدى بشكل عاجل لأنماط الاستبعاد الاجتماعي التمييزيّة عند إعمال الحق في السكن اللائق. ولا يمكننا أن نكفل شمل الجميع من دون أيّ استثناء إلا بتعاوننا معًا.

الحق في السكن اللائق في قانون حقوق الإنسان

لقد تمَّ الاعتراف بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب في المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 والمادة 11.1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966. ومنذ ذلك الحين، اعترفت معاهدات دولية أخرى في مجال حقوق الإنسان أو أشارت إلى الحق في السكن اللائق أو بعض عناصره، مثل حماية منزل الفرد وخصوصيته.

وينطبق احترام الحق في السكن اللائق على الدول، لأنها صدَّقت جميعها على واحدة على الأقل من المعاهدات الدولية التي تشير إلى الحق في السكن اللائق والتزمت بحماية الحق في السكن اللائق من خلال إعلانات أو خطط عمل أو وثائق ختامية لمؤتمرات دولية. وتتوفر معاهدات وإعلانات دولية مختلفة تشير إلى الحق في السكن اللائق على هذا الرابط*.

أكدت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهتها، أن الحق في السكن اللائق لا ينبغي أن يفسر تفسيرًا ضيقًا، بل ينبغي النظر إليه على أنه الحق في العيش في مكان معيّن بأمان وسلام وكرامة. ويرد توضيح لخصائص الحق في السكن اللائق أساسًا في تعليقَي اللجنة العامين رقم 4 (1991) بشأن الحق في السكن اللائق ورقم 7 (1997) بشأن عمليات الإخلاء القسري.

يشمل الحق في السكن اللائق عددًا من الحريات. منها:

- حماية الفرد من عمليات الإخلاء القسري* ومن تدمير وهدم مسكنه تعسفًا؛
- حق الفرد في عدم التعرض للتدخل التعسفي في مسكنه وحياته الخاصة وشؤون أسرته؛
- حق الفرد في اختيار محل إقامته وفي تحديد مكان عيشه وفي حرية التنقل.

ويتضمن الحق في السكن اللائق عددًا من الاستحقاقات. منها:

- ضمان الحيازة
- رد السكن والأراضي والممتلكات؛
- الحصول على السكن اللائق على قدم المساواة ومن دون تمييز؛
- المشاركة في صنع القرارات المتصلة بالسكن على الصعيدين الوطني والمجتمعي.

العناصر الأساسية للحق في السكن اللائق

يجب أن يوفر السكن اللائق أكثر من مجرد أربعة جدران وسقف. ويجب أن تستوفي أشكال معينة من المآوي عددًا من الشروط قبل أن تُعتَبَر من "المساكن اللائقة." وتُعتبر هذه العناصر أساسية شأنها شأن توفير السكن وتيسير الحصول عليه. ولكي يكون السكن لائقًا، يجب أن يستوفي، في حده الأدنى، المعايير التالية:

- ضمان الحيازة: لا يكون السكن لائقًا إذا كان القاطنون فيه لا يتمتّعون بدرجة من ضمان الحيازة توفّر لهم الحماية القانونية من عمليات الإخلاء القسري والمضايقات وغيرها من التهديدات.
- توفّر الخدمات والتجهيزات والمرافق والبنية التحتية: لا يكون السكن لائقًا إذا كان القاطنون فيه يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة، أو الصرف الصحي الملائم، أو الطاقة للطهي، أو التدفئة، أو الإنارة، أو وسائل تخزين الأغذية، أو التخلص من النفايات.
- القدرة على تحمل الكلفة: لا يكون السكن لائقًا إذا كانت كلفته تحرم القاطنين فيه من حقوق الإنسان الأخرى أو تقوّضها.
- الصلاحية للسكن: لا يكون السكن لائقًا إذا لم يضمن السلامة الجسدية أو يوفر مساحة كافية، وحماية من البرد والرطوبة والحر والمطر والريح وغيرها مما يهدد الصحة، ومن المخاطر الهيكلية.
- تلبية الاحتياجات: لا يكون السكن لائقًا إذا لم يأخذ في الحسبان الاحتياجات المحدّدة للفئات المحرومة والمهمشة.
- الموقع: لا يكون السكن لائقًا إذا كان معزولاً عن فرص العمل، وخدمات الرعاية الصحية، والمدارس، ومراكز رعاية الأطفال، وغيرها من المرافق الاجتماعية، أو إذا كان في مناطق ملوثة أو خطيرة.
- الملاءمة من الناحية الثقافية: لا يكون السكن لائقًا إذا لم يحترم التعبير عن الهوية الثقافية ويأخذه في الحسبان.

المنشورات

صحيفة الوقائع بشأن الحق في السكن اللائق
تؤمن صحيفة الوقائع هذه المتوفرة بجميع لغات الأمم المتحدة الست مقدمة أكثر تفصيلاً عن الحق في السكن في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

PDF: العربية | 中文 | English | Français | Русский | Español

الصفحة متوفرة باللغة: