نشطاء شباب يشاركون رؤيتهم لحقوق الإنسان
19 شباط/فبراير 2024
لدى أنجلينا وآنا كاثرينا ودوريس وفران رؤية مشتركة لمستقبلهم ومستقبل حقوق الإنسان.
فبالنسبة إلى آنا كاثرينا، وهي مدافعة عن الحقوق من فنزويلا تبلغ من العمر 17 عامًا، ممّا لا شكّ فيه أنّ حقوق الإنسان متأصّلة في كلّ إنسان.
وقد أوضحت قائلة: "ليست حقوق الإنسان بشيء نكتسبه أو نربحه، بل نُولد معه ويجب أن يتمتّع به الجميع. وعلى الرغم من أن اعتمادنا وثائق مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أن كل إنسان يمكنه الحصول على تلك الحقوق، إلا أن الواقع مختلف تمامًا في بعض الأحيان."
وأوضحت آنا كاثرينا أن مشاركتها نابعة من وقوعها ضحية التنمر في صغرها بسبب وضع عائلتها الاجتماعي والاقتصادي، فهم يعيشون في منطقة فقيرة في المدينة. ومنذ عامين، بدأت نشاطها ضد التنمر بهدف مساعدة الأطفال الآخرين الذين يتعرضون لعنف مماثل.
وقد أكّدت قائلة: "للأطفال القدرة على التحدث عما يؤثر عليهم ويتحدى حياتهم اليومية. وليس من المهم أن يدافع عنا أشخاص يعملون في مجال حقوق الإنسان وحقوق الطفل فحسب بل من المهم أيضًا أن يُتاح لنا المجال للتحدث عما تعرّضنا له."
تحدّثَت آنا كاثرينا على هامش الحدث الرفيع المستوى الذي نُظِّم ضمن إطار مبادرة حقوق الإنسان 75 وأقيم في كانون الأوّل/ ديسمبر 2023 في جنيف، احتفالًا بالذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد اجتمعت هي وثلاثة ناشطين شباب آخرين أتوا من أربعة أقطار العالم مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على مدار العام 2023 عبر الفريق الاستشاري للأطفال التابع للمنظمة غير الحكومية شبكة حقوق الطفل، بهدف الترويج لمبادرة حقوق الإنسان 75، وبناء قدرات الأطفال الآخرين الذين يرغبون مثلهم في المشاركة مع قادة العالم ومفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في تعزيز حقوق الإنسان التي يتمتّعون بها.
وأصول دوريس، البالغة من العمر 15 عامًا من زامبيا، المتواضعة هي ما حملها على تركيز اهتمامها على الاقتصاد والتعليم وحقوق الإنسان. فهي كانت تعيش في "مجمع أكواخ" في منطقة كابوي، شمال العاصمة لوساكا، عندما تفشت جائحة كوفيد-19، وأدركت أنه ما مِن خيار آخر أمامها سوى إسماع صوتها لإحداث تغيير في مجتمعها المحلي.
وأوضحت دوريس أنّ مشاركتها في حدث حقوق الإنسان 75 في جنيف سمحت لها بالتواصل مباشرةً مع صناع القرار العالميين، أي "الأشخاص الذين يمكنهم مساعدتنا حقًا."
وأضافت قائلة: "لدى الأطفال قصص يروونها، لكنّهم لا يملكون منصات يمكنهم من خلالها مشاركة هذه القصص. عندما بدأتُ أنشطتي الدعوية قبل أربع سنوات، لم ألمس أيّ تغيير يُذكَر. كنت أعود من المدرسة متعبة وأتحدث إلى القادة المحليين بشأن حاجة الناس إلى الطعام. اعتادوا أن يوافقوا على مقابلتي ولكنهم لم يحرّكوا ساكنًا لمعالجة الوضع القائم."
أما أنجلينا، هذه الصبية البالغة من العمر 16 عامًا من مولدوفا، فقالت من جهتها: "حقوق الطفل هي من حقوق الإنسان لكن لا تعتنق جميع المؤسسات هذه الحقيقة. فهي عادة ما تتحدّث عن حقوق الطفل، لكنّها لا تعتمد أيّ إجراءات في هذا الصدد."
وتابعت قائلة: "لقد صُمِّمَت المشاركة في منتدى مبادرة حقوق الإنسان 75 لشمل المجتمع المدني والمؤسسات والحكومات وممثلي الدول، وأَخْذ أصواتنا بعين الاعتبار في القضايا العالمية والسماح لنا بالمشاركة في عمليات صنع القرار المتعلق بحقوقنا والقضايا العالمية."
بدأَت أنجلينا رحلتها في الدفاع عن حقوق الإنسان وهي لا تزال في الـ14 من عمرها، مدفوعةً بتجاربها مع الظلم وانتهاكات حقوق الإنسان. وقد أصبحت اليوم عضوًا بارزًا في حلقة المراهقين التابعة للأمم المتحدة في مولدوفا، كما أنها سفيرة برنامج الاتحاد الأوروبي "امنعوا الكراهية وأحبّوا بعضكم بعضًا". وتؤمن أنجلينا بأن الأطفال يؤدّون دورًا حاسمًا في تشكيل مستقبلهم، وقد أطلقت عمليات رائدة مناسبة للأطفال وأشركت المزيد من الشباب في عمليات صنع القرار السياسي وفي مجال حقوق الإنسان.
وقد شرحت قائلة: "حقوق الطفل في مأزق خطير في جميع أنحاء العالم. ففي فلسطين وإسرائيل وأوكرانيا، يعاني الأطفال أكثر من غيرهم. ولا يمكننا الاكتفاء بنشر رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي، بل نحن بحاجة إلى اتّخاذ إجراءات حقيقية وإشراك الأطفال الذين مروا بالتجارب نفسها."
فران شاب من أوباتيا بكرواتيا، يبلغ من العمر 15 عامًا. ويصف فران أوباتيا بأنها "مدينة مناسبة للأطفال"، حيث تؤخذ آراء الشباب بعين الاعتبار، وذلك من خلال مجلس مدينة للأطفال الذي أنشئ منذ 21 عامًا. بالإضافة إلى عمله مع الفريق الاستشاري للأطفال، هو عضو في المنتدى الوطني للأطفال الأوروبيين في كرواتيا وحركة أطفال البحر الأبيض المتوسط. وينصب تركيزه بشكل أساسي على تعزيز حقوق الطفل، بما في ذلك الحق في المشاركة على المستويات المحلية والوطنية والدولية.
وقد أوضح قائلًا: "لقد تغير العالم كثيرًا في السنوات القليلة الماضية. وتحوّل إلى مكان جديد بالنسبة إلينا جميعنا. قد يكون بعض البالغين قد نسوا ما كانت عليه طفولتهم، لكن إذا ما أصغوا إلى أطفال اليوم سيتذكرون تلك الأماكن الجميلة التي تطبع الطفولة. ومن المهمّ أن يشارك الأطفال في هذا الحدث لأننا نستطيع التعبير عن آرائنا حول ما نفكر فيه بشأن عالم اليوم والعالم الذي نصبو إليه."
على مدار العام 2023، عمل المستشارون الأطفال مع شبكة حقوق الطفل ومفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان على تطوير مواد مناسبة للأطفال تروّج لمبادرة حقوق الإنسان 75 وعلى بناء قدرات الأطفال في جميع أنحاء العالم للمشاركة في هذه المبادرة. ومن بين الموارد التي طورها المستشارون الأطفال وشبكة حقوق الطفل ورقة معلومات عن مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ونسخة مناسبة للأطفال عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وقد أشارت منسقة وحدة حقوق الطفل والشباب في مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان إيما غويراس-ديلغادو قائلة: "أتاح لنا هذا المشروع بالتعاون مع شبكة حقوق الطفل ومستشاريها الأطفال أن نوصل أصوات الأطفال من جميع أنحاء العالم إلى صميم مبادرة حقوق الإنسان 75. وتمكّنا من الإصغاء مباشرة إلى صوت الأطفال بشأن ما هو مطلوب لتحقيق مستقبل أكثر عدلاً للجميع وترسيخ حقوق الإنسان في صميمه."
كما شارك المستشارون الأطفال وشبكة حقوق الطفل ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تصميم دراسة استقصائية عالمية للأطفال، لخَّص نتائجها التقرير بشأن رؤية الأطفال لحقوق الإنسان الذي قُدِّم خلال الحدث الرفيع المستوى ضمن إطار مبادرة حقوق الإنسان 75. وفي التقرير، طلب المستشارون الأطفال من المفوضية السامية لحقوق الإنسان تعزيز تعاونها مع الأطفال كأصحاب مصلحة ومساهمين متساوين مع جميع الأطراف الأخرى، على المستويات الدولية والوطنية والمحلية، وتوسيع نطاق أنشطة الأمم المتّحدة التوعوية على المستوى الجغرافي بغية ضمان المشاركة العادلة لجميع الأطفال في عملها، وتزويد الأطفال بالتدريب والمعلومات والدعم المالي والتقني في مجال حقوق الإنسان عبر الإنترنت وفي الحياة الواقعية بلغات وأشكال يسهل الوصول إليها، وتعزيز المعرفة والتوعية بحقوق الإنسان للأطفال والبالغين على مستوى المجتمع المحلي.
وأفاد المدير التنفيذي لشبكة حقوق الطفل أليكس كونتي قائلًا: "لقد كانت مبادرة حقوق الإنسان 75 والتعاون بين مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان وفريقنا الاستشاري للأطفال مثالاً رائعًا على مشاركة الأطفال الهادفة وعلى تعميم حقوق الطفل داخل منظومة الأمم المتحدة. وقد تمكن مستشارونا الأطفال من العمل على مختلف جوانب المبادرة، انطلاقًا من إعداد وثائق مناسبة للأطفال وصولًا إلى المشاركة في مناقشات مجموعات التركيز مع مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان من خلال المساعدة في تفسير البيانات التي تم جمعها من الأطفال لإعداد التقرير بشأن رؤية الأطفال لحقوق الإنسان."
وختم قائلًا: "نرحب بحرارة بالجهود التي تبذلها مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان الرامية إلى ضمان إدماج الأطفال في عملها ومنحهم فرص المشاركة في جميع مراحل مبادرة حقوق الإنسان 75."