Skip to main content

عقوبة الإعدام

المفوض السامي: لضرورة إلغاء عقوبة الإعدام في القرن الـ21

03 نيسان/أبريل 2023

طلاب فلبينيون يضيئون الشموع ويحملون اللافتات احتجاجًا على عقوبة الإعدام في مانيلا بالفلبين. © الوكالة الأوروبية للصور الصحفية/ مارك آر كريستينو

أعلن مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قائلاً: "تُعارض الأمم المتّحدة منذ سنوات طويلة استخدام عقوبة الإعدام في جميع الظروف. وأشاركها موقفها هذا بقناعة راسخة. ففي نهاية المطاف، هو متجذّر في وعد ميثاق الأمم المتحدة بتطبيق أعلى معايير الحماية لجميع البشر."

شارك مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في حلقة نقاش بشأن مسألة عقوبة الإعدام، خلال الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف بسويسرا.

وأكّد تورك أنّ الأدلة تشير بشكل قاطع إلى أن عقوبة الإعدام بالكاد تؤثر أو لا تؤثّر أبدًا على ردع الجريمة أو الحدّ منها. وأضاف أنّ عددًا من الدراسات كشف في الواقع أن معدلات القتل لم تشهد أي تغيير لا بل انخفضت في بعض الحالات، في الدول التي ألغت عقوبة الإعدام.

كما أنّ عقوبة الإعدام تنطوي على التمييز ضدّ الأقليات العرقية والإثنية واللغوية والدينية، وضدّ مجتمع الميم، وفق ما أكّده تورك.

فقال: "قد تتحوّل عقوبة الإعدام في البلدان التي لا تزال تطبّقها، أو حتّى تهدّد بتطبيقها، إلى استغلالها لأغراض غير لائقة، مثل بث الخوف وقمع المعارضة وقمع الممارسة المشروعة للحريات."

باختصار، إنّ عقوبة الإعدام في تجربتنا المشتركة هي من مخلفات الماضي، ويجب التخلص منها في القرن الـ21.

فولكر تورك، مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان

أمّا المنطقة الأفريقية فتبذل كلّ جهد ممكن من أجل التخلص من هذه المخلّفات، بحسب ما أشار إليه رئيس الفريق العامل المعني بعقوبة الإعدام والقتل خارج نطاق القضاء والقتل التعسفي والاختفاء القسري في أفريقيا، التابع للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. وفي تطور بارز، ألغت جمهورية أفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية وزامبيا مؤخرًا عقوبة الإعدام لجميع الجرائم.

ووفقًا لسو، هناك اتجاه لإلغاء عقوبة الإعدام في القارة، حيث اختارت 26 دولة إلغاء عقوبة الإعدام نهائيًا.

فقال: "تحث اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، عبر فريقها العامل المعني بعقوبة الإعدام، الدول المتبقية على حصر عقوبة الإعدام بالجرائم الأكثر خطورة والنظر في موازاة ذلك، في إمكانية وقف العمل بعقوبة الإعدام إلى حين إلغائها نهائيًا."

كما تسعى دول أخرى على غرار ماليزيا إلى إلغاء عقوبة الإعدام الإلزامي. وقد أشارت وزيرة القانون والإصلاح المؤسسي في ماليزيا أزالينا عثمان سعيد، إلى أنّ هذه المهمّة صعبة، لأن معظم الماليزيين يؤيدون عقوبة الإعدام باعتبارها رادع للجرائم. وتُعاقب ماليزيا إحدى عشر جريمة حاليًا بالإعدام إلزامي، منها القتل والإرهاب وشن الحرب على البلاد.

وأكّدت سعيد أنّ ماليزيا تعتبر حاليًا أن إلغاء عقوبة الإعدام الإلزامي يشكل توازنًا بين الصواب والخطأ.

أمّا العضو في اللجنة المعنية بحقوق الإنسان خوسيه مانويل سانتوس باييس، فقد أشار إلى أنّه يجب ألا تُستَخدم عقوبة الإعدام، إذا كان لا بد من استخدامها، إلاّ لمعاقبة الجرائم الأكثر خطورة. كما يجب استبعاد الجرائم غير الخطيرة التي لا تنطوي على القتل العمد، مثل جرائم الفساد والمخدرات.

فقال: "يتعين على الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية استعراض قوانينها الجنائية، وإلغاء أحكام الإعدام الصادرة عن الجرائم التي لا توصف بأنها أخطر الجرائم، واتباع الإجراءات القانونية اللازمة من أجل إعادة محاكمة المدانين بارتكاب مثل هذه الجرائم."

وتساءل البعض عما إذا كان ينبغي استخدام عقوبة الإعدام حتّى في الجرائم الأكثر خطورة. فقد نشأت ماي ساتو، وهي أستاذة مساعدة في كلية الحقوق بجامعة موناش، ومديرة Eleos Justice، ونائبة مدير Crime Info، في بلد يستخدم عقوبة الإعدام لمعاقبة جرائم خطيرة مثل القتل، ويعتبرها وسيلة مهمة تعتمدها أسر الضحايا لالتماس العدالة. وفيما كانت تنمو وتكبر، لم تشكّك يومًا بعقوبة الإعدام أو بضرورة استخدامها.

وأوضحت قائلة: "بعد أن أمضيت العقدين الماضيين في بلدان لا تستخدم عقوبة الإعدام، تغيرت نظرتي إلى ماهية العدالة، وكذلك فهمي للوظائف الاجتماعية والسياسية التي تخدمها عقوبة الإعدام".

أصبحت أدرك اليوم، أنا وأكثر من نصف دول العالم، أن عقوبة الإعدام غير ضرورية لمعاقبة أيّ من الجرائم، بما في ذلك القتل العمد.

ماي ساتو، أستاذة مشاركة في كلية الحقوق بجامعة موناش، أستراليا

أمّا المديرة التنفيذية لمشروع العدالة في باكستان سارة بلال، فشدّدت على أهمية تعاون الدول بهدف إلغاء عقوبة الإعدام.

وقالت: "منذ العام 2020، برز انخفاض بنسبة 15 في المائة في عدد الباكستانيين المسجونين في الخارج، نتيجة التقاضي الاستراتيجي واتفاقيات نقل السجناء وتعزيز الجهود الدبلوماسية بغية توفير الإغاثة للباكستانيين في الخارج. وتشكّل هذه النتائج شهادة صارخة على ما يمكن تحقيقه من خلال الانخراط الدولي والمحلي الاستراتيجي، الذي يشجع الدول الأعضاء على الامتثال لمعايير الجرائم الأكثر خطورة. كما تسلّط هذه النتائج الضوء جهارًا على أهمية الخطوات التدريجية التي تتخذها الدول في هذه المسيرة نحو الامتثال الكامل للمعايير المُعتَمَدة وإلغاء عقوبة الإعدام نهائيًا."

وفي باكستان حركة نحو إلغاء عقوبة الإعدام بما في ذلك التصويت التاريخي للجمعية العامة، عندما صوتت 125 دولة لصالح قرار يدعو إلى وقف استخدام عقوبة الإعدام على المستوى العالمي بهدف إلغائها في نهاية المطاف.

وأفاد تورك أنّ الكثير من البلدان يتّخذ الخطوات اللازمة في الاتجاه الصحيح، وكرّر أن السبيل إلى الدفاع عن الكرامة الإنسانية لن يبلغ خواتمه إلى حين إلغاء دول العالم كافة عقوبة الإعدام.

فقال: "إذا حافظنا على هذا الزخم للقضاء على هذه العقوبة اللاإنسانية بشكل نهائي، يمكننا إعادة الكرامة إلى نسيج مجتمعاتنا."

الصفحة متوفرة باللغة: