لضرورة الإصغاء إلى المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية وحمايتهم
09 آذار/مارس 2022
يواجه المدافعون عن حقوق الإنسان البيئية مخاطر جمّة، وخطر الموت أحيانًا، بسبب عملهم الدؤوب في مجال حماية البيئة.
ففي العام 2020، وثقت المنظمة غير الربحية "الشاهد العالمي" (غلوبال ويتنس) وقوع أربعة عمليات قتل أسبوعيًا استهدفت مدافعين عن حقوق الإنسان البيئية، فأمسى ذاك العام بالتالي أكثر الأعوام دموية بالنسبة إلى حماة الكوكب الشجعان هؤلاء، سجّلتها المنظّمة يومًا. وهناك على الأرجح العديد من الوفيات التي لم يتم توثيقها.
وأعلنت مفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، ضمن إطار حدث افتراضي رفيع المستوى بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية قائلة: "يواجه المدافعون عن حقوق الإنسان البيئية يوميًا الاعتداءات والتهديدات والمضايقات بسبب تصدّيهم للأزمة الثلاثية الأبعاد التي تضرب كوكبنا، والمتمثلة في تغير المناخ والتلوث وتدمير الطبيعة."
وقد نظّمت الحدث الافتراضي السويد بالتعاون مع مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ضمن إطار الدورة 49 لمجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف بسويسرا.
الحماية والمساءلة
ومن بين المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية الأكثر تعرضًا لسوء المعاملة والأعمال الانتقامية، النساء والشعوب الأصلية والمزارعون، الذين يكافحون إزالة الغابات واستخراج الموارد وفقدان التراث الثقافي والهوية. وأشارت باشيليت إلى أنّ الناس يتعرضون أيضًا للتهديد والقتل بسبب معارضتهم الأعمال التجارية الزراعية الكبرى ومشاريع التنمية، بما في ذلك تلك التي تهدف إلى إنتاج طاقة نظيفة، على غرار السدود الضخمة.
فقالت: "إن الدول ملزمة باحترام وحماية وإعمال حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية والمجتمعات المحلية التي يمثلونها. وعليها منع الاعتداءات وضمان المساءلة عنها."
وذكرت باشيليت أيضًا الوضع الحالي في أوكرانيا حيث أعرب المدافعون عن حقوق الإنسان عن خوفهم من الأعمال الانتقامية في سياق الأعمال العسكرية الجارية.
فقالت: "تترافق حماية البيئة مع حماية حقوق من يدافع عنها. ويجب الإصغاء إلى أصوات المدافعين وحمايتها. ويجب ألا نتسامح على الإطلاق مع عمليات القتل أو التهديد والاعتداء التي تستهدفهم."
وشدّدت وزيرة التعاون الإنمائي الدولي في السويد ماتيلدا إرنكرانس من جهتها، على أن الانتقال العالمي إلى الطاقة المتجددة والاقتصاد المستدام لن يحقّق النجاح إلا إذا أتى عادلاً وشمل الجميع من دون أي استثناء، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان البيئية.
فقالت: "أولئك الذين يحمون أرضنا في خطر."
وفي حين أنّ أدوات المساعدة لحماية المدافعين متوفرة، بما فيها قرار مجلس حقوق الإنسان 40/11، المعنون "الإقرار بإسهام الدافعين عن حقوق الإنسان البيئية في التمتع بحقوق الإنسان وحماية البيئة والتنمية المستدامة"، أكّدت إرنكرانس أنّه من الضروري للغاية أن تلتزم الدول التزامًا أكثر حزمًا بمساءلة الشركات وأصحاب المصلحة الآخرين.
معركة شخصية
تدرك المديرة العالمية للمنظمة الدولية لحقوق الشعوب الأصلية جوان كارلينج تمامًا مخاطر هذا العمل، فقد قُتل العديد من زملائها بسبب دفاعهم عن البيئة. وتسعى المنظمة غير الربحية هذه إلى حماية الشعوب الأصلية ومنع العنف المُمارَس ضدّها ومنع تجريمها.
وأخبرت قائلة: "سألني أحد أبناء زملائي الصغار، 'هل ارتكب والدي أيّ خطأ؟ لماذا قتلوه؟' أتمنى أن يشرح له أحدهم لماذا فِعْلُ الصواب والدفاع عن الأرض هو بمثابة حكم بالإعدام."
مارست كارلينج الضغوط لاتخاذ إجراءات فورية على المستويين المحلي والوطني، تهدف إلى توفير الحماية الكافية للمدافعين عن حقوق الإنسان، لا سيما النساء منهم، من جميع أشكال العنف وضمان الوصول إلى العدالة لجميع أعضاء الحركات الاجتماعية.
وأكّد وزير خارجية كوستاريكا رودولفو سولانو كويروس من جهته، أنّ جميع أصحاب المصلحة مسؤولون، بصفتهم مواطنين عالميين، عن مكافحة تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث وعن حماية الأشخاص الذين يبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على البيئة.
فقال: "بصفتنا دولة في أميركا اللاتينية، نحن ملتزمون بصون حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان وحمايتها. فالكثير من الناس يمنحون المصالح الاقتصادية الأولوية على حساب الصالح العام. لدينا حق أساسي في العيش والتمتّع بصحة جيدة."
تغيّر المناخ وحقوق الإنسان
أشارت نائبة مدير السياسات والبرمجة في وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، إلى أن التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قد كرر التحذير من أن البيئة المتغيرة تهدد كل جانب من جوانب حقوق الإنسان من خلال تشريد الناس من منازلهم وإجبارهم على الهجرة وتهديد أمنهم الغذائي.
فقالت: "نعتبر أن المدافعين عن حقوق الإنسان يعملون على حماية مجتمعاتهم المحلية والأنظمة البيئية التي توفر خدمات حيوية لنا جميعنا."
وأنابيلا ليموس هي مديرة "جوستيسيا أمبيانتال"، وهي منظمة غير ربحية في موزمبيق تعمل مباشرة مع الأشخاص الذين تأثروا بالاستيلاء على الأراضي وبالسدود وغيرها من القضايا التي تؤثر سلبًا على البيئة.
وقد أوضحت قائلة: "يجب أن تخضع شركات الأعمال للمساءلة وأن تقدم التعويض للضحايا. وعمل المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمعات الأصلية أساسي لحماية التراث الثقافي والهوية".
وأخيرًا، سلّطت باشيليت الضوء على بعض التقدم الذي أحرزته مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، في منطقة المحيط الهادئ مثلاً، حيث درّبت أكثر من 200 من المدافعين عن حقوق الإنسان على التنمية المستدامة والأعمال التجارية وحقوق الإنسان في سياق تغير المناخ، وفي جنوب شرق آسيا أيضًا، حيث تقوم المفوضية برصد المضايقات والاعتقالات وعمليات والقتل والاختفاء التي يتعرّض لها المدافعون عن حقوق الإنسان البيئية.
فقالت: "فلنتّحد ونتعاون على اتخاذ إجراءات فورية، ولنحوّل عالمنا إلى مكان أكثر أمانًا للمدافعين عن حقوق الإنسان البيئية."