مارلين أورشيلير: العمل في مجال حقوق الإنسان في زمن وباء كوفيد-19
04 أيّار/مايو 2020
تمَّ الإبلاغ عن أكثر من 6,200 إصابة بوباء كوفيد-19 في غرب أفريقيا وقد تعاونت منظومة الأمم المتحدة في المنطقة لدعم الاستجابات التي اعتمدتها الحكومات للتصدي للوباء.
أبلغت كل الدول عن حالات إصابات بوباء كوفيد-19، وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، قامت عدة جهات بالإبلاغ عن تفاقم الزيادة في الإصابات، كما في الحالات المجتمعية. ومع الأخذ بالاعتبار أن وباء كوفيد-19 يشكل تحدياً للأنظمة الصحية المنيعة لدى الدول المرتفعة الدخل، تمَّ التطرق إلى مخاوف جدية في غرب أفريقيا حيث يجب على معظم الأنظمة الصحية والسياسية والاقتصادية للدول أن تتعامل أيضاً مع نقاط الضعف الكامنة للتصدي للوباء بفعالية.
وترأس مارلين أورشيلير فريق الاستجابة لحالات الطوارىء في المكتب الإقليمي لغرب أفريقيا التابع لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والمتمركز في داكار، السنغال. وقد تمَّ تعيينها أخيراً المنسقة المعنية بالقضايا المتعلقة بوباء كوفيد-19 في المنطقة.
س: كيف أثَّر وباء كوفيد-19 على عملكم؟
لقد غيَّر وباء كوفيد-19 طريقة عملنا كلياً. أولاً، في ما يتعلق بعدم الذهاب إلى المكتب، والعمل من المنزل، وضرورة التعامل مع التعلم عن بعد بالنسبة إلى الأطفال في المنزل، وموازنة أولويات العمل للزوجين. وبوصفنا مكتباً إقليمياً، نحن مسؤولون عن 16 دولة في المنطقة. وفي العادة، نستثمر نصف الوقت في السفر عبر المنطقة من أجل تعزيز اتصالاتنا مع الشركاء والسلطات الحكومية، وننظم حلقات العمل والنشاطات بشكل مشترك. وتراجع كل ذلك فجأة، من يوم لآخر، فحسب. ولم يتوقع أحد منا حدوث الأمر فعلياً وأعتقد أننا أُخذنا على حين غرَّة، لذلك كان لا بدَّ من أن نعيد توزيع أنفسنا.
تمَّ تكليفي بسرعة بمهمات مرتبطة مباشرة باستجابة المكتب الإقليمي لوباء كوفيد-19. ويشمل ذلك المشاركة في تنسيق الجهود ضمن منصة إقليمية للأمم المتحدة والمجتمع المدني ترأسها منظمة الصحة العالمية وتشترك في قيادتها وحدة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية. وتشكل تلك المنصة حيزاً لتبادل المعلومات، ومن خلال تركيبتها القائمة على ست دعائم، تقدم الدعم والتوجيه بشأن مختلف نواحي الاستجابة للوباء. وفي إحدى الدعائم، نحاول معاً أن نتصور تقييماً للقضايا ذات الأولوية للدول في المنطقة، أي القضايا التي ينبغي منحها الأولوية، وأن نطبق المعايير الموضوعية في هذا الخصوص.
وكل العمل الذي استثمرناه في تطوير خطط عملنا على مدى عدة شهور تمَّ إلغاؤه وبدأنا نوعاً ما من الصفر. فكان علينا أن نعيد النظر في خطط عملنا الموضوعة للمشاريع وعملنا المنتظم بما أن الأولويات واحتمالات التنفيذ قد تغيَّرت. وقمنا بإعادة تخصيص الموارد لتنفيذ الأهداف المكيَّفة. ويمكننا إعادة تعديل بعض النشاطات، لكن علينا أن نقيّم استعداد شركائنا واحتمالات التعاون بشكل افتراضي. كما ينبغي أن نتساءل، هل سنحصل على النتائج ذاتها؟ فنحن، عندما ننظم حلقات دراسة لمدة ثلاثة إلى أربعة أيام، غالباً ما يشير الناس إلى أهمية إقامة الشبكات خلال فترات الاستراحة. ولا يحدث ذلك بالقدر نفسه في اجتماع افتراضي.
وبسبب الوباء، نحن ننتقل إلى مجال جديد يتطلب المزيد من التعاون مع الجهات الفاعلة الإنسانية التي قد لم تكن لدينا اتصالات معها عن كثب في الماضي. وتيقَّنا أنه من الأسهل علينا أن نتعاون في مجالات حيث هناك اتصالات محددة مسبقاً وشراكات للبناء عليها.
س: ما الذي كان يفعله المكتب الإقليمي لحماية حقوق الناس خلال هذا الوباء؟
يكمن دور مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في حماية حقوق الجميع، وفي سياق الوباء، يتم التركيز خصوصاً على فئات الناس الذين قد يتضرر حقهم في الصحة. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعيشون مع إعاقة، كيف سنضمن أنهم يحصلون على الرعاية الصحية والفحص المنتظم اللازم في حالات الحجر الصحي؟ مع ذلك، يتجاوز نطاق عملنا الحق في الصحة بكثير. على سبيل المثال، ينبغي أن نأخذ بالاعتبار كيف نضمن أن العنف الجنسي والجنساني مسألة تتم مراعاتها، بما أنها باتت، للأسف، أكثر انتشاراً في حالات الحجر الصحي. إنهما مجرد مثلين، لكن علينا تحديد من هي الفئات الأكثر ضعفاً ومحاولة مؤازرتها، وأن نكون صوتها ونرفع الصوت من أجلها لضمان أن يتم شمل الجميع من دون أي استثناء. وأعتقد أن هذا هو الدور الذي يجب على المكتب أن يلعبه.
ثمة عامل آخر أعتقد أنه ينبغي علينا أخذه جداً بالاعتبار وهو الوقاية، والنظر إلى أبعد ما هو في المدى القريب والوقوف على أهبة الاستعداد. فنحن في منطقة فيها أزمات إنسانية ونزاع في العديد من الدول؛ وتوجد أزمة هجرة، ومشردون داخلياً، وتطرف عنيف... ويساهم كل ذلك في إثارة دواعي قلق مختلفة كلياً في سياق وباء ما. وسيكون من الصعب تقييم حجم التباطؤ الاقتصادي المقبل وإلى أي درجة سيضرُّ بعض فئات الناس بشكل غير متناسب. فالاقتصاد غير الرسمي يشكل جزءاً كبيراً من الاقتصادات في غرب أفريقيا. وقد أضرَّ الحظر الصحي الشامل وحظر التجول والأزمات الاقتصادية العامة بالقوة العاملة في الاقتصاد الرسمي بشكل غير متناسب، بما أنه لا يوجد ضمان اجتماعي مثل إعانات البطالة المخصصة لها. وينبغي أن نجد سبيلاً بتكييف تدابير الاستجابة بطريقة ما تضمن، مجدداً، أنه يتم شمل الأكثر ضعفاً من دون أي استثناء، أولئك الذين يتم إبعادهم دائماً؛ وأن التنمية والضمان والصحة لا يستفيد منهم حصراً الاشخاص الذين هم في حالة أفضل أصلاً.
وقد أعدَّ برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تقارير تنبؤية أخيراً بشأن انعدام الأمن الغذائي في الشهور الثلاثة أو الستة المقبلة في المنطقة؛ وتعتبر الأرقام التي طرحها كل منهما مثيرة جداً للقلق. وتجعل القيود المفروضة على السفر إمكانية وصول منظمات المساعدة الإنسانية إلى السلع والأشخاص مسألة صعبة جداً.
س: هل تفاقمت حالات في مجال حقوق الإنسان كان يرصدها مكتبكم بانتظام، وهل هناك حالات جديدة تأخذونها بالاعتبار حالياً بسبب الوباء؟
ثمة مجال ننظر فيه هو مسألة الاحتجاز. ففي المنطقة، توجد أماكن للاحتجاز، تحديداً سجون، تشكو من الاكتظاظ إلى حدﱟ كبير، وتمَّ تحديد الفيروس في وقت مبكر كأحد المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص المحتجزون في ظل حالات غير صحية مماثلة. ودعمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان العمليات الرامية إلى الحصول على عفو رئاسي أو إطلاق سراح العديد من المحتجزين، وهذا الأمر، برأيي، تدبير إيجابي جداً اتخذته العديد من الحكومات. وكنا نأمل لو أنه تمَّ معالجة مسألة اكتظاظ السجون على الأقل، لكن في تلك الحالة، ساعد وباء كوفيد-19 على تبيان أن الاكتظاظ قد يصبح مسؤولية على عاتق الحكومات، لأنها إذا لم تطلق سراح هؤلاء الأشخاص الآن، فقد يتعرضون لأزمة أخطر بكثير.
وفي الوقت الحاضر، تضرَّرت حقوق كل شخص تقريباً بطريقة ما بفعل وباء كوفيد-19، وثمة الكثير من القضايا التي يمكن أن نعمل عليها وينبغي علينا ذلك. هناك جهات تناشدنا جداً للتدخل، لكن علينا أن نختار التعاون بشكل استراتيجي في مجالات حيث لدينا اتصالات محددة مسبقاً، وشراكات جيدة بالفعل، وحيث نعلم أنه يمكننا المساهمة في أمر سيتم بدون ذلك تجاهله.
4 أيّار/مايو 2020