Skip to main content

الاعتداءات على حلفاء الأمم المتحدة من المجتمع المدني تدق ناقوس الخطر

22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018

تشعر الجهات الفاعلة من المجتمع المدني والمدافعون عن حقوق الإنسان ومسؤولو الأمم المتحدة المعنيون بحقوق الإنسان بالرعب جراء ازدياد الاعتداءات على الأشخاص الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة وعلى المدافعين عن حقوق الإنسان عموماً

وفي اجتماع جرى عقده أخيراً في المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، تحدَّث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أندرو غيلمور، المكلَّف بمهمة توجيه الانتباه إلى مسألة الأعمال الانتقامية ضد الأفراد ومنظمات المجتمع المدني لتعاونهم مع الأمم المتحدة، عن أن الأدلة الظرفية أشارت إلى حصول تدهور في الوضع.

ولاحظ غيلمور أن تقرير الأمين العام حول الموضوع لهذا العام، والذي قدَّمه إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف في أيلول/سبتمبر، قد أشار إلى 38 دولة أفادت التقارير فيها عن وقوع حالات من الأعمال الانتقامية نتيجة التعاون مع الأمم المتحدة. وفي حين بلغ عدد الدول 32 دولة في العام الماضي، كان المتوسط السنوي 15 دولة في الفترات السابقة.

وقال غيلمور "هذا غيض من فيض. فهناك العديد من الحالات الأخرى التي لم يتم إخبارنا بها أو لا نستطيع نشرها بسبب عدم موافقة الضحايا أو لأننا نخاف على أمنهم"، مؤكداً أيضاً أن عدد الحالات التي جرى إبلاغ الأمم المتحدة عنها يجب قراءتها بحذر. أضاف "للمفارقة، غالباً ما تصلنا تقارير الأعمال الانتقامية بمعدل أكبر من دول تعتبر نسبياً أكثر انفتاحاً بدلاً من دول لديها بيئة تقيِّد المجتمع المدني على نحو أوسع".

وبالرغم من أن معظم حالات الأعمال الانتقامية يرتكبها موظفون حكوميون، إلا أن الأمين العام أكد على ضرورة الانتباه إلى الأعمال التي تقترفها جهات فاعلة غير تابعة للدولة. ومن بين المخاوف ازدياد الهجمات عبر الإنترنت والتخويف وحملات التشهير ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.

اتجاهات مثيرة للقلق

أشار غيلمور إلى ثلاثة اتجاهات مثيرة للقلق، وهي: الميل المتزايد لتوصيف المدافعين عن حقوق الإنسان "كإرهابيين" أو "مجرمين" في محاولة لتشويه سمعتهم؛ تطبيق إجراءات قانونية وإدارية للانتقام منهم؛ وتجاوز إجراءات الاعتماد والأمن في الأمم المتحدة بهدف عرقلة المجتمع المدني.

ووجَّه العديد من المتحدثين في الاجتماع انتقادات للجنة الأمم المتحدة المعنية بالمنظمات غير الحكومية، وهي لجنة فرعية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة المؤلف من الدول. وتضطلع لجنة المنظمات غير الحكومية، كما هو معلوم، بمسؤولية اعتماد المنظمات غير الحكومية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وهو شرط للمشاركة في بعض اجتماعات الأمم المتحدة.

من جهتها، أكدت المنظمة غير الحكومية، منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، أن لجنة المنظمات غير الحكومية تحوَّلت على يد بعض الدول إلى أداة لإحباط أو معاقبة المنظمات غير الحكومية. وقالت إليونور أوبنشوو من المنظمة "إن ما يحصل في الأمم المتحدة [لجنة المنظمات غير الحكومية] ليس عرضياً بل يعكس ما يحدث ميدانياً في بعض الدول"، مشيرة إلى رفض اعتماد المنظمات غير الحكومية من دون إجراء تحقيق؛ إذ يكفي تقديم اعتراض من دولة عضو واحدة من دون وجود أي دليل في معظم الحالات.

وأشار العديد من المتحدثين إلى الحالة "النموذجية" لمنظمة International Dalit Solidarity Network، التي مضى على إرجاء طلب اعتمادها من قبل لجنة المنظمات غير الحكومية عشر سنوات إلى الآن. وتدافع المنظمة عن عدم التمييز بحق طبقة الداليت. وعلى مدى عشر سنوات، تلقى طلبها 83 سؤالاً، كلها من الهند، وتكرَّر السؤال في بعض الحالات مرات عدة، وذلك نتيجة تأجيل طلبها باستمرار ليُعاد النظر فيه في السنة التالية.

كما أشارت منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان إلى حالة مؤسسة الكرامة. فلجنة المنظمات غير الحكومية كانت قد أصدرت توصية لصالح المؤسسة المتمركزة في سويسرا، والتي تدافع عن حماية حقوق الإنسان في المنطقة العربية، كي تتمتع بمركز استشاري خاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في أيار/مايو 2017. لكن في تموز/يوليو من العام ذاته، قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي ألا يوافق على توصية لجنة المنظمات غير الحكومية عقب طعن قدَّمته الإمارات العربية المتحدة أشار إلى "صلات [المؤسسة] الواضحة بالإرهاب".

وقالت أوبنشوو إن ما يزيد الطين بلة أن بعض الدول بدأت تستخدم لجنة المنظمات غير الحكومية، التي تتم مناقشاتها علناً وغالباً عبر البث الشبكي، لإطلاق مزاعم لا أساس لها، يتم نقلها لاحقاً خارج الأمم المتحدة.  

الشفافية والإنصاف                            

لفت الاتحاد الأوروبي بدوره إلى تجاوز إجراء "الموافقة الصامتة" الذي غالباً ما يتم تطبيقه لتمكين المجتمع المدني من المشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة الكبرى، مؤكداً على استبعاد بعض المنظمات غير الحكومية بناءً على اعتراض أي دولة، التي ليس عليها أن تقدم أي أسباب لاعتراضها.

وكان الأمين العام قد دعا إلى اتباع الشفافية والإنصاف في الطريقة التي تنفذ فيها لجنة المنظمات غير الحكومية عمليتها في ما يخص الاعتماد. كما تعرَّض خبراء مستقلون في مجال حقوق الإنسان، لا سيما أعضاء لجنة التحقيق المعنية بحالة حقوق الإنسان في بوروندي، والمقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في ميانمار، يانغي لي والمقررة الخاصة المعنية بحقوق الشعوب الأصلية، فيكتوريا تولي كوربوز، للاعتداء من قبل حكومات لعملهم المرتبط بالأمم المتحدة. وكانت يانغي لي، قد لفتت الانتباه خلال عرضها أمام الجمعية العامة هذا العام إلى الأعمال الانتقامية التي واجهها سكان ميانمار الذين تحدثوا إليها أثناء زياراتها إلى هناك.

وإذ أشاد غيلمور بازدياد الاعتراف بأهمية مشاركة المجتمع المدني في اجتماعات الأمم المتحدة، أعرب عن أسفه للمساعي الرامية إلى خلق بيئة معادية لهذه المشاركة. ومن بين أحدث الأمثلة، أشار غيلمور إلى اعتداء دبلوماسيين إسرائيليين على رئيس المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية بتسيلم، والذي كان قد تلقى دعوة لإلقاء خطاب في مجلس الأمن للأمم المتحدة. وقال "إذا كانت الأمم المتحدة لا تستطيع ضمان الحيِّز الآمن للمجتمع المدني تحت أضواء الكاميرات في نيويورك، فإنني أخاف مما يحصل على الأرض، حيث قد لا يكون هناك أحد يراقب".

وتقدِّر منظمة العفو الدولية مقتل 3000 مدافع عن حقوق الإنسان – أو بمعدل مدافع واحد كل يومين – منذ عام 1998 عندما تمَّ اعتماد إعلان الأمم المتحدة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

22 تشرين الثاني/نوفمبر 2018

الصفحة متوفرة باللغة: