Skip to main content

الرق

الاسترقاق الخفي للعاملات المنزليات

17 أيلول/سبتمبر 2018

أكدت أورميلا بهولا، خبيرة الأمم المتحدة المعنية بأشكال الرق المعاصرة، أن "عدداً لا يعد ولا يحصى من الأسر حول العالم يعتمد على العاملات المنزليات المهاجرات"، مشيرة إلى أنه "لا يجب الإعتراف بهذه المساهمة في المجتمع وتقييمها فحسب، بل آن الأوان أيضاً للدول وشركات التوظيف الخاصة كي تحمي حقوق الإنسان لكافة العاملات المنزليات المهاجرات وتعمل على احترامها وتحقيقها، بما في ذلك بالنسبة إلى الأكثر ضعفاً منهن".

كلام بهولا جاء أثناء عرضها أحدث تقرير لها أمام مجلس حقوق الإنسان، والذي تناول تأثير الاسترقاق المنزلي على العاملات المنزليات المهاجرات. ولا تزال انتهاكات حقوق الإنسان التي تعانيها هؤلاء النساء خفيَّة بما أن استرقاقهن محصور بالنطاق الخاص لمنازل أرباب عملهن. وقالت بهولا "في معالجة مسألة العمل المنزلي من منظور حقوق الإنسان، يمكن استبدال الاسترقاق المنزلي بعمل لائق وعدالة اجتماعية وخلق مكان عمل خالٍ من العنف والمضايقات".

وبما أن النساء اندمجن في سوق العمل العالمي، فإن الأسر تعتمد أكثر فأكثر على العمال المنزليات لسدِّ تلك الفجوة. كما أن العاملات المنزليات تولَّين تدريجياً أدواراً لطالما كانت محفوظة تقليدياً لأفراد الأسرة الموسعة أو مزودي خدمة الرعاية العامة. وقالت بهولا "قد تجد الأسر إغراءً في اللجوء إلى أرخص وأسهل الحلول للرعاية في السوق، والتي تتمثل عادةً في العاملات المنزليات".

بالتالي، يعتبر العمل المنزلي المدفوع قطاعاً خاصاً بالإناث إلى حدٍّ كبير، إذ تشكل النساء 70 بالمئة من نسبة العمال المستخدمين لدى 70 مليون أسرة في العالم، وفق منظمة العمل الدولية، مع الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من هؤلاء النساء، بما معدله 11 مليوناً، هنَّ مهاجرات. ويجد العديد من النساء أنفسهن مجبرات، بسبب الفقر، على القبول بالعمل وظروف العيش التي تنتهك حقوقهن الإنسانية الأساسية. وفي ظل هذه الظروف، يتعرض العديد من العاملات المنزليات المهاجرات لإساءة المعاملة مثل العزل البدني والاجتماعي؛ وتقييد التنقل؛ والعنف النفسي والبدني والجنسي؛ والتخويف والتهديدات؛ واحتفاظ رب عملهن بالوثائق الثبوتية؛ واحتجاز الأجور؛ والتعسف في العمل وظروف العيش والإفراط في العمل الإضافي.

وشرحت بهولا قائلة "إذا ما انطبقت واحدة من هذه الحالات أو أكثر، فإن منظمة العمل الدولية تعتبر أنها تشكل عملاً قسرياً"، مؤكدة أنه "إذا ما "أضيفت هذه المؤشرات بشأن العمل القسري إلى انعدام القدرة على إجراء خيار ما والسيطرة القوية على حريتهن الشخصية، والتي يمارسها العديد من أرباب العمل، فإن العاملات المنزليات قد يجدن أنفسهن في مصيدة الاسترقاق أو حتى الرق". وأشارت الخبيرة إلى أنه غالباً ما يتم تجاهل العنف القائم على الجنسانية ضد العاملات المنزليات، بالرغم من إمكانية احتمال أن يرقى هذا الانتهاك إلى التعذيب، موضحة أن العديد من وفيات العاملات المنزليات قد أُعلن عنها حتى في الآونة الأخيرة.

كما يواجه ضحايا الاسترقاق عوائق مهمة في الوصول إلى العدالة بالنسبة إلى هذه الانتهاكات للحقوق؛ وقالت بهولا إن بعض العاملات المهاجرات لسن معتادات على القنوات المتعلقة بالإبلاغ أو لا يثقن بالسلطات الحكومية أو لا يصلن ببساطة إلى النظام القضائي بموجب القوانين الوطنية. وفي نهاية المطاف، وفق الخبيرة، إن عدم تناسق القوة الملحوظ بين العاملات المنزليات وأرباب عملهن يشكل عائقاً للوصول إلى العدالة. ويزيد عبء الأدلة على الضحايا الصعوبة عليهن في إثبات الإكراه وإساءة المعاملة.

وشدَّدت بهولا أيضاً على أن قلة من ضحايا الاسترقاق يطلبن تعويضاً عن الاستغلال، وبصفتهن ناجيات، فإنه لا يتم النظر إليهن دائماً كضحايا. وتستمر أخريات في تحمل إساءة المعاملة لأن عليهن إرسال المال إلى أسرهن في ديارهن. وقالت "ينبغي على الاقتصاد القائم على العمل المنزلي المستدام ضمان الوصول إلى العدالة والإنفاذ الفعال والتعويضات في حالة الاستغلال وإساءة المعاملة، فيما يعالج أيضاً مواضيع تتعلق بالتحيز والتمييز ضد النساء المهاجرات من خلال العمل الدعوي".

لكنَّ تطورات إيجابية كانت تحصل في السنوات الأخيرة. إذ اتخذ العديد من الدول خطوات للحد من مخاطر الاسترقاق المنزلي. ففي ألمانيا، تحضر العاملات المنزليات شخصياً مرة واحدة في السنة لدى وزارة الخارجية الاتحادية لإجراء مقابلة عند التجديد لرخص عملهن. وفي كولومبيا، يحمي قانون العمل العاملات المنزليات. وألغت قطر نظام الكفالة الخاص بكفالة العمالة في عام 2017. أما السعودية والفلبين، فقد وقعتا اتفاقاً ثنائياً في عام 2013 يتضمن قانوناً مشتركاً محدداً لوكالات التوظيف الخاصة.

مع ذلك، كشفت بهولا أن قلة من الدول صادقت على اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمال المنزليين وأن العاملات المنزليات المهاجرات يواجهن صعوبات في تشكيل النقابات أو دخولها للدفاع عن حقوقهن الإنسانية. وقالت "في أغلب الأحيان، لا يعتبر العمل المنزلي "عملاً فعلياً" بسبب الأعراف الاجتماعية والمواقف التمييزية الكامنة، خصوصاً إذا كانت العاملات المنزليات المهاجرات أيضاً أفراداً ينتمون إلى مجتمعات مهمشة مثل جماعات الشعوب الأصلية أو المتضررة من الطبقية أو إذا كان أرباب العمل من طبقات أعلى مستوى".

ويمكن للهجرة أن تكون تجربة إيجابية وتمكينية للعديد من الأشخاص، بالرغم من أنه بات من الواضح أكثر فأكثر أن غياب حوكمة الهجرة القائمة على حقوق الإنسان والتمييز ضد المهاجرين يؤديان إلى انتهاكات روتينية لحقوق الإنسان للمهاجرات. وحثَّت الخبيرة الدول على بذل المزيد من الجهود في معالجة الاسترقاق المنزلي ومنعه، واصفةً إياه بأنه "انتهاك صارخ ومهين لحقوق الإنسان". وفي تقريرها، تضع الخبيرة سلسلة من التوصيات للدول، بما في ذلك إزالة العوائق أمام العاملات المنزليات للوصول إلى العدالة وضمان تقديم أرباب العمل الجناة إلى المساءلة.

17 أيلول/سبتمبر 2018

الصفحة متوفرة باللغة: