Skip to main content

بعثة تقصّي الحقائق بشأن ميانمار: محاسبة مرتكبي أفظع الجرائم الدوليّة

29 آب/أغسطس 2018

كشف تقرير بعثة تقصّي الحقائق بشأن ميانمار عن أنّ قوّات الأمن في البلاد، لا سيّما الجيش – المعروف بالتاتماداو – قد ارتكبت جرائم ترقى إلى جرائم الحرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة، في تعاطيه مع العديد من الأقليّات الإثنيّة والدينيّة في ولايات راخين وكاتشين وشان.

وفي ما يتعلّق بقضيّة الروهنغيا في راخين، أفادت البعثة بأنّ "هناك ما يكفي من المعلومات لإجازة التحقيق مع مسؤولين كبار في قيادة الجيش ومحاكمتهم حتى يتسنى لمحكمة مختصّة النظر في مسؤوليتهم عن الإبادة الجماعيّة".

وأضاف التقرير أنّ "انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة والتجاوزات الفاضحة المرتكبة في ولايات كاتشين وراخين وشان مروّعة بطبيعتها وجسامتها ونطاقها. ويرقى العديد منها إلى أفظع الجرائم بموجب القانون الدوليّ. وهي تنبع من انقسامات عميقة متجذّرة في المجتمع ومشاكل هيكليّة بارزة لم تتمّ معالجتها لعقود طويلة. كما أنّها مروعة بالنظر إلى مدى إنكارها وباعتبارها طبيعيّة وبسبب الإفلات من العقاب."

واندرجت النتائج في تقرير مجلس حقوق الإنسان الذي رفعه رئيس البعثة، مرزوقي داروسمان من إندونيسيا، والخبيرَيْن راديكا كوماراسوامي من سريلانكا وكريستوفر سيدوتي من أستراليا. ويُرفَع التقرير المفصّل قبَيْل انعقاد دورة مجلس حقوق الإنسان في أيلول/ سبتمبر.

وقد فوّض مجلس حقوق الإنسان البعثة لتقصّي الحقائق والظروف المحيطة بانتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات الأخيرة المزعومة المرتَكبَة على يد الجيش وقوّات الأمن في ميانمار. وركّزت البعثة على الوضع في ولايات راخين وكاتشين وشان منذ العام 2011.

وتناول التقرير التهميش المنتظم للروهنغيا و"استثناءهم ووصمهم" الدائم من خلال السياسات والممارسات الحكوميّة المعتَمَدة منذ عقود. ويعاني الروهنغيا حالة مستمرّة من القمع الحاد والمنتظم والمؤسّسي من مهدهم إلى لحدهم. وأساس هذا النظام ورمزه هو افتقارهم إلى المركز القانونيّ، بما في ذلك حرمانهم من المواطنة. وما يثير القلق هو أنّ التقرير خلص إلى أنّ لغة سلطات ميانمار عكست وعزّزت الخطابات المثيرة للكراهية والانقسام، على الرغم من تراجع حدّتها. فوطّدت بالتاليّ مناخًا يؤجّج خطابات الكراهية.

وقد وثّقت البعثة عمليّات قتل جماعيّة، واغتصاب جماعيّ وغيرها من أشكال العنف الجنسيّ وانتهاكات خطيرة ضدّ الأطفال، وتدمير متعمّد ومنتظم وشامل لقرى كاملة، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة الأخرى.

وأشار كوماراسوامي قائلاً: "يبين نطاق عمليّات الاغتصاب والعنف الجنسيّ ووحشيّتها وطبيعتها المنتظمة إلى أنّها جزء من استراتيجيّة متعمّدة لتخويف المدنيّين أو ترهيبهم أو معاقبتهم. وهي تُستَخدَم كتكتيك حرب." ويعتبر التقرير العنف الجنسيّ "علامة" من علامات عمليّات الجيش الأربع، بالإضافة إلى استهداف المدنيّين والخطابات الإقصائيّة والإفلات من العقاب.

واستندت البعثة على مجموعة متنوّعة من المصادر، بما في ذلك المقابلات المعمّقة مع 875 ضحيّة وشاهد عيان، وتحليل صور الأقمار الصناعيّة وسلسلة واسعة من الوثائق الأصليّة والصور والفيديوهات. ولم يحصل الفريق على أيّ تعاون من حكومة ميانمار ولم يُسمح له حتّى بدخول البلاد.

ويحمّل التقرير مسؤوليّة أزمة حقوق الإنسان في ولايات راخين وشان وكاتشين من دون أيّ لبس ومن دون أيّ شكّ إلى الجيش. ويسمّي حتّى المسؤولين عن هذه الجرائم، بما في ذلك القائد الأعلى لجيش ميانمار الجنرال مين أونغ هلانغ، وخمسة من كبار الجنرالات.

وجاء في التقرير ما يلي: "تُبرز الصيغة المتماسكة والتكتيكيّة التي اعتمدها الجيش مستوى تنسيق من المستحيل تحقيقه إلاّ في حال عملت كافة القوّات تحت قيادة فاعلة واحدة موحدّة. ويشير كلّ من هذه السيطرة الفاعلة، في موازاة الجرائم التي يرتكبها المرؤوسون، والفشل في اتّخاذ التدابير الضروريّة والمعقولة لمنع وقوع الجرائم ومحاسبة الجناة، والعلاقة الطبيعيّة بين أوجه الفشل هذه والفظائع المرتَكَبة، إلى أنّ المسؤوليّة الجنائيّة الفرديّة تتخطّى الجناة الفرديّن وتصل إلى قادتهم."

ويشير التقرير إلى أنّ سلطة السلطات المدنيّة على الجيش محدودة، ولم تجد البعثة أيّ معلومات تشير إلى أنّها خطّطت مباشرة للعمليّات الأمنيّة أو نفّذتها. إلاّ أنّ التقرير يبيّن أيضًا كيف أنّ السلطات المدنيّة ساهمت بأعمالها وتغاضيها في وقوع جرائم فظيعة. كما أعرب التقرير عن خيبة أمل عميقة من مستشارة الدولة داو أونغ سان سو كيي لأنّها لم تستخدم منصبها ولا سلطتها المعنويّة لمنع الأحداث الآخذة في التفاقم في ولاية راخين.

ومن خلال تقصّي الحقائق، تأمل البعثة في أن تساهم في إعمال حقّ الضحايا وشعب ميانمار في معرفة الحقيقة. وقد أكّد مرزوقي داروسمان قائلاً: "من دون اكتشاف الحقيقة لن تتمكّن ميانمار من ضمان مستقبل مزدهر ومستقرّ لشعبها، لكلّ شعبها."

وأضاف كريستوفر سيدوتي قائلاً: "لم يُحاسَب الجيش كمؤسّسة على أعماله يومًا. فأحكام قانون ميانمار، وهيكليّة النظام القانونيّ وغياب الاستقلاليّة والكفاءات القانونيّة المطلوبة عن النظام القضائيّ، تجعل من المستحيل على النظام القانونيّ المحليّ تحقيق العدالة بالنسبة إلى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش." وبالتاليّ يخلص التقرير إلى أنّ الدافع للمساءلة يجب أن ينبع من المجتمع الدوليّ."

ويوصي التقرير باتّخاذ المجتمع الدوليّ إجراءات حاسمة بما في ذلك: أن يحيل مجلس أمن الأمم المتّحدة الوضع في ميانمار إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة أو أن ينشئ محكمة جنائيّة دوليّة مخصّصة، وأن يعتمد عقوبات فرديّة محدّدة الهدف، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول من يتحمّل أكبر قدر من المسؤوليّة، وحظر الأسلحة في ميانمار. كما يقترح إنشاء الأمم المتّحدة صندوقًا استئمانيًّا لدعم الضحايا.

وختم داروسمان قائلاً: "هدف عمل البعثة إلى رفع توصية بإنشاء آليّة محاسبة عقب تقديم تقريرها. نأمل أن يُنَفَّذ ذلك فورًا... وأن تستكمل الأمم المتّحدة عملنا. ونأمل أن تتجلّى الحقيقة أخيرًا."

للاطّلاع على التقرير الكامل، الرجاء الضغط هنا.

29 آب/أغسطس 2018

الصفحة متوفرة باللغة: