Skip to main content

التصدي للماضي: الهيئة التونسية للحقيقة والكرامة

09 حزيران/يونيو 2014

في 9 حزيران/يونيه 2014، أنشأت تونس رسمياً هيئتها للحقيقة والكرامة، ووصلت إلى مرحلة بارزة في تقدمها نحو إقامة نظام سياسي وقضائي نموذجي حقاً. وفي معرض ترحيبها بالهيئة باعتبارها "خطوة كبيرة إلى الأمام"، قالت رئيسة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي "تُظهر تونس مرة أخرى طريق التقدم في منطقة كانت للمطالب الشعبية فيها بالتغيير عواقب مأساوية."

والمؤتمر الدولي الذي عُقد احتفاءً بالمناسبة خاطبه أعلى ممثلي الحكومة التونسية رتبة: رئيس الجمهورية، الدكتور محمد المنصف المرزوقي، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي، الدكتور مصطفى بن جعفر، ورئيس الوزراء، مهدي جمعة، ووزير العدل وحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، حافظ بن صالح. كما ألقى كل من المنسق المقيم لفريق الأمم المتحدة القطري في تونس، منير ثابت، وديفيد تولبرت، من المركز الدولي للعدالة الانتقالية، كلمة في المناسبة، التي بُثت بثاً "حياً" على التليفزيون الوطني التونسي وقناة الجزيرة.

وفي كانون الثاني/يناير 2011، أُطيح بنظام تونس الاستبدادي التليد بطلب شعبي. وتمثل جزء حاسم من إعادة الهيكلة الاجتماعية والسياسية خلال السنوات الثلاث منذ ذلك الوقت في المفاوضات الرامية إلى الاتفاق على عملية عدالة انتقالية للتمكين من المصالحة والجبر عن التجاوزات التي حدثت الماضي.

وفي كلمة وجهتها بالفيديو عند الافتتاح الرسمي ، أشارت بيلاي إلى الطابع الشامل والتفصيلي للمشاورات، التي أدت إلى الاتفاق على شكل الهيئة: "بينت لنا التجربة أن مفتاح النجاح، فيما يتعلق بأي عملية عدالة انتقالية، هو آليات تُنشأ وتعمل بشفافية وانفتاح وبمشاركة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني."

وفي رسالة مسجلة، قال ديسموند توتو، الرئيس السابق للجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا، إن الاتفاق على الهيئة كان لحظة حاسمة بالنسبة لتونس. وبالاستناد إلى التجربة في بلده، قدم توتو هذه النصيحة التحوطية: "اعتبروا هيئة الحقيقة والكرامة نقطة انطلاق. فالكيفية التي تتابعون بها العمل على أساس المعلومات المعروضة هي التي ستحدد نجاح المشروع."

وقانون إنشاء الهيئة أصدره المجلس الوطني التأسيسي في أواخر العام الماضي. وسيقوم أعضاؤها الخمسة عشر بالتحقيق في التجاوزات المدعى حدوثها في تونس والتي ترجع بدايتها إلى ستة عقود، وبالتحديد إلى حزيران/يونيه 1955. وستقوم الهيئة أيضاً بدور الحكم في دعاوى الفساد والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إذا طلب منها ذلك مرتكبوها ووافق الضحايا، وستقدم تعويضات مادية ورمزية عن طريق صندوق الضحايا.

وهناك اتفاق واسع النطاق في تونس على أن المظالم التي طال أمدها المتعلقة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تكمن في صميم الثورة. وبالتالي، فإن مسألة التعويضات برزت بصورة واضحة في النقاش بشأن العدالة الانتقالية. ويعترف صندوق الضحايا بالتعويضات الفردية والجماعية على السواء لأن القانون الذي أُنشئ بموجبه ’يحدد ‘أيضاً المناطق التي عانت من التهميش الاقتصادي المنهجي والدولي باعتبارها ضحايا محتملة.

وستكون هيئة الحقيقة والكرامة قادرة على إحالة الدعاوى القضائية إلى دوائر متخصصة منشأة بموجب قانون العدالة الانتقالية. وستتألف الدوائر من قضاة لم يشاركوا أبداً في محاكمات سياسية. وسيتلقى هؤلاء القضاة تدريباً خاصاً في مجال العدالة الانتقالية وسيفصلون في الدعاوى المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كما هي محددة في الاتفاقيات الدولية التي صدقت تونس عليها.

وقد تتضمن الانتهاكات الجسيمة القتل، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والتعذيب، والاختفاء القسري، والإعدام. وستبت الدوائر أيضاً في الدعاوى المحالة إليها من هيئة الحقيقة والكرامة والمتعلقة بتزوير الانتخابات، والفساد المالي، وتبديد الأموال العامة، والتهجير القسري للأشخاص لأسباب سياسية.

وبعد سقوط نظام بن علي في عام 2011، أُنشئت عدة هيئات عدالة انتقالية، بما فيها لجنتا تحقيق، وقد اختتمت ولاياتها كلها الآن. والحوار الوطني اللاحق بشأن العدالة الانتقالية، الذي استُهل في أواسط عام 2012 كان عملية مشاورات وطنية ومحلية مكثفة قام على أساسها ائتلاف من منظمات المجتمع المدني بصياغة قانون العدالة الانتقالية.

وعملت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على نحو وثيق مع وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، وذلك بالمساعدة في إجراء الحوارات الوطنية والإقليمية؛ وبتوفير التدريب التخصصي في مجال تقنيات العدالة الانتقالية، وفي مجال التوثيق والرصد والإبلاغ؛ وبدعم حملة اتصالات لإذكاء الوعي بالعدالة الانتقالية.

"إثبات الحقيقة بدقة وبالتدريج، الذي يفضي إلى الاعتراف بحدوث الظلم وبذل محاولات مخلصة لجبر الضرر الذي وقع، هو فقط الذي يمكن أن يحقق [تلك] المصالحة الوطنية،" قالت بيلاي.

وقالت المفوضة السامية، وهي تتعهد بالدعم المستمر من مفوضية حقوق الإنسان، إن مفوضيتها "تفخر بأنها رافقت عملية إنشاء الهيئة التونسية للحقيقة والكرامة."

9 حزيران/يونيه 2014

الصفحة متوفرة باللغة: