Skip to main content

البيانات مجلس حقوق الإنسان

أوكرانيا: المفوّضة السامية تسلّط الضوء على "مخاطر جديدة" تهدّد حقوق الإنسان

03 آذار/مارس 2022

لاجئون من أوكرانيا يمشون مجهَدين نحو الحدود البولندية. © رويترز/ توماس بيتر

أدلى/ت به

مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت

في

الدورة الـ49 لمجلس حقوق الإنسان

المكان

جنيف

آخر تحديث: عدد الضحايا المدنيين في أوكرانيا حتى 16 آذار/مارس (باللغة الانكليزية)

 

مناقشة عاجلة بشأن حالة حقوق الإنسان في أوكرانيا نتيجة العدوان الروسي

سيّدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

منذ أسبوع، فتح الاعتداء العسكري الروسي على أوكرانيا صفحة جديدة وخطيرة من تاريخ العالم.

وقد أعتبر الأمين العام هذا الهجوم "أخطر أزمة تهدّد السلام والأمن العالميين شهدتها السنوات الأخيرة" وأضاف أن "دولة سقطت في حالة من الفوضى، والمنطقة بأسرها انقلبت رأسًا على عقب، وتبعات الأزمة طالت أصقاع الأرض كلّها."

وقد أحدث الاعتداء الذي انطلق في 24 شباط/ فبراير أثرًا هائلاً على حقوق الإنسان لملايين الأشخاص في جميع أنحاء أوكرانيا. وتؤكد مستويات التهديد بالأسلحة النووية المخاطر على البشرية جمعاء.

تتصاعد العمليات العسكرية أكثر فأكثر في هذه اللحظة بالذات، في ظل الضربات العسكرية التي تستهدف المدن الكبرى والمناطق المجاورة لها، بما في ذلك تشيرنيهيف وخاركيف وخيرسون وليسيتشانسك وسيفيرودونتسك وسومي وماريوبول وجيتومير والعاصمة كييف. كما أنّ القصف دمّر بلدة فولنوفاكا في منطقة دونيتسك بالكامل تقريبًا، ومّن تبقّى من سكانها يختبئ في طوابق المباني السفلية.

وحتى مساء الثلاثاء، وثّقت مفوضيتنا سقوط 752 ضحية مؤكدة في صفوف المدنيين، من بينهم 227 قتيلاً، 15 منهم من الأطفال. وأصيب ما لا يقل عن 525 شخصًا، من بينهم 28 طفلًا. وسأفصّل هذه الأرقام بحسب المناطق المتضررة: فقد تم توثيق سقوط 323 ضحية، بينهم 65 قتيلاً و258 جريحًا، في منطقتَي دونيتسك ولوهانسك، و429 ضحية، بينهم 162 قتيلاً و267 جريحًا، في مناطق أخرى من أوكرانيا، هي مدينة كييف ومناطق تشيركاسي وتشيرنيهيف وخاركيف وخيرسون وكييف وأوديسا وسومي وزابوريزهزيا وجيتومير.

وأوّد أن أؤكّد أن الأرقام الحقيقية ستكون أعلى من ذلك بكثير، لأننا ننتظر تأكيد سقوط العديد من الضحايا الآخرين، وقد تأخر ورود المعلومات من بعض المناطق بسبب الأعمال العدائية المكثفة الدائرة فيها. وقُتلت إحدى أعضاء وحدة الرصد التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في أوكرانيا الليلة الماضية في خاركيف، بينما كانت تحصل على المؤن واللوازم الأخرى لعائلتها. نعبّر عن حزننا على كلّ قتيل سقط.

لقد قُتِل معظم هؤلاء المدنيين بالقصف بالمدفعية الثقيلة وبنظم القاذفات المتعددة الصواريخ وبالغارات الجوية التي أصابت مناطق مأهولة بالسكان، في ظل ورود تقارير مقلقة تفيد باستخدام الذخائر العنقودية لضرب أهداف مدنية. كما لحقت المباني السكنية أضرارًا جسيمة. فاستخدام الأسلحة التي تأتي آثارها واسعة نطاق في مناطق حضرية مأهولة بالسكان عشوائي بطبيعته، وأنا أطالب بالوقف الفوري لاستخدام مثل هذه القوة.

كما لحقت أضرار بالغة بعدد كبير من الأعيان المدنية، بما في ذلك مستشفى ومدارس وحضانات أطفال. وتضررت بشدّة البنية التحتية الأساسية، ما أدى إلى قطع الإمدادات والخدمات الحيوية، بما في ذلك الكهرباء والمياه والوصول إلى الرعاية الصحية. وفي 26 شباط/ فبراير، يُزعَم أنّ القوات الروسية بالقرب من خيرسون أطلقت النار على سيارة إسعاف كانت تنقل جرحى مصابين بجروح خطيرة، فقُتِل السائق وأصيب أحد المسعفين بجروح.

وأُجبر أكثر من مليونَي شخص على الهروب من منازلهم، من بينهم مليون شخص من المشردين داخليًا، وفق تقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وقد سعى 1,040,000 لاجئ إضافي إلى البحث عن الأمان في البلدان المجاورة في الأيام السبعة الماضية، بعد السفر بالدراجة الهوائية أو سيرًا على الأقدام، دام عدة أيام وفي ظروف برد قارس. وقدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن حوالى أربعة ملايين شخص قد يغادرون البلاد في الأسابيع القليلة المقبلة إذا ما استمر النزاع.

أثني على الترحيب الذي لقيه الأوكرانيون الذين غادروا البلاد. ويجب أن يمتد هذا الترحيب إلى جميع الهاربين من النزاعات، بغض النظر عن جنسيتهم أو عرقهم أو وضعهم من الهجرة أو أي وضع آخر. فقد برزت مؤشرات مقلقة عن ممارسة التمييز ضد المواطنين الأفريقيين والآسيويين أثناء هروبهم، وستراقب المفوضيّة هذا الوضع بأشدّ الانتباه.

لا يزال عشرات الملايين من الأشخاص في البلاد يواجهون خطرًا محتملًا يهدّد حياتهم. أشعر بقلق بالغ من أنّ التصعيد الحالي للعمليات العسكرية سيزيد من الضرر الذي قد يتعرّضون له. ويضطر آلاف الأشخاص، بمن فيهم كبار السن والنساء الحوامل والأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة، إلى التجمع في ملاجئ تحت الأرض وفي محطات الأنفاق هربًا من الانفجارات. ويتمّ فصل الكثير من الأشخاص الذين يعانون الضعف عن عائلاتهم، ويمسون محاصرين بكلّ ما للكلمة من معنى. لقد اتّصلَتْ بموظفي مفوضيّتنا في أوكرانيا، عدةُ مجموعات تخشى الاضطهاد إذا ما أحرَزَت القوات الروسية المزيد من التقدّم، بما في ذلك أفراد من مجتمع تتار القرم في البر الرئيسي لأوكرانيا، فضلاً عن عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين البارزين.

أصحاب السعادة،

نحن اليوم هنا لتسليط الضوء على التزامنا بالتعددية وحقوق الإنسان وتعزيزهما. وأردّد النداء القوي الذي وجهته الجمعية العامة أمس من أجل تسوية النزاع فورًا بالوسائل السلمية.

على الدول أن تلتزم بالقانون الدولي والمبادئ الأساسية التي تحمي حياة الإنسان وكرامته.

ومن الضروري للغاية تمكين وصول المساعدة الإنسانية بشكل كامل إلى المدنيين في جميع أنحاء البلاد.

كما أحث بأشدّ العبارات على توفير الحماية الكاملة للمدنيين والجنود الأسرى، على النحو المطلوب بموجب القانون الإنساني الدولي.

ممّا لا شكّ فيه في سياق النزاع المسلّح، أنّ عددًا من الحوادث ينتهك القواعد الملزمة التي ينصّ عليها القانون الساري على النزاع المسلح الدولي. ومن مصلحة جميع الدول ضمان الامتثال لهذه المعايير، وإخضاعها للمساءلة الواجبة في حال عدم الامتثال.

وأُشير إلى أنه طُلِب من محكمة العدل الدولية رسميًا ودوليًا، المباشرة بالإجراءات المتعلقة بالنزاع، وستبدأ جلسة الاستماع يوم الاثنين بشأن طلب اتخاذ تدابير مؤقتة. بالإضافة إلى ذلك، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قراره الشروع على الفور في إجراء تحقيقات نشطة بشأن الحالة في أوكرانيا، بعد الإحالات التي وردته من عدد كبير من الدول. وأمام هذا المجلس أيضًا اقتراح بالغ الأهمية، على أساس الممارسات المتبعة، بتوسيع سبل المساءلة من خلال لجنة تحقيق دولية مستقلة.

قامت مفوضيّتنا لمدة ثماني سنوات برصد مكثف ومتسق لحالة حقوق الإنسان في أوكرانيا، مع التركيز بشكل خاص على مناطق دونباس المنخرطة في النزاع، وكذلك جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبول، التي يحتلّها الاتحاد الروسي منذ العام 2014. والتقارير الأربعون التي نشرتها مفوضيتنا متاحة أمام الرأي العام، وهي توثّق انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من قبل جهات فاعلة متعددة خلال تلك الفترة.

سيستمر مراقبو حقوق الإنسان في العمل في جميع أنحاء البلاد إلى أقصى حدود قدراتهم. وأرى أنّ هذه الأزمة تسلّط الضوء على الأهمية الحيوية لرصدنا الوضع في أوكرانيا ورفعنا التقارير بشأنه بكل موضوعية، تمامًا كما هي الحال في العديد من البلدان الأخرى، وأغتنم هذه الفرصة لأشكر علنًا موظفي مفوضيّتنا، لا سيما زملاؤنا في الميدان، على تفانيهم.

أصحاب السعادة،

وكما قال الأمين العام، فإن ميثاق الأمم المتحدة "وقف دائمًا بحزم إلى جانب السلام والأمن والتنمية والعدل والقانون الدولي وحقوق الإنسان، ومرة تلو الأخرى، عندما يجتمع المجتمع الدولي ويتضامن، تبقى هذه القيم سيّدة الموقف."

من الضروري للغاية أن تنتصر هذه القيم اليوم في أوكرانيا وفي كلّ مكان وأن تبقى سيّدة الموقف.

أحمل دائمًا في فكري، كل الأشخاص الذين يعانون خوفًا وألمًا وحرمانًا لا يُحتمل بسبب الحرب التي تولّد دمارًا لا معنى له.

شكرًا سيدي الرئيس.

الصفحة متوفرة باللغة: