Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

المفوضة السامية لحقوق الإنسان إحاطة شفهية بآخر المستجدّات بشأن تنفيذ القرار A/HRC/RES/43/1: تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفريقيين والمنحدرين من أصل أفريقي من الاستخدام المفرط للقوة وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان على يد الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين

19 آذار/مارس 2021

English

بيان مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت

الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان

في 19 آذار/ مارس 2021

سيّدتي الرئيسة،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

شكرًا على منحنا فرصة مناقشة عملنا الرامي إلى تنفيذ القرار رقم 43/1، الذي يخوّلنا النظر في العنصرية المُمَنْهَجَة وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها أجهزة إنفاذ القانون ضد الأفريقيين والمنحدرين من أصل أفريقي، وذلك بهدف المساهمة في تحقيق المساءلة والتعويض على الضحايا.

وفي سياق تنفيذ ولايتنا هذه، عقدنا مشاورات واسعة النطاق، للاستماع أوّلاً إلى تجارب المنحدرين من أصل أفريقي، ولا سيما الضحايا وأسرهم، ومن ثمّ إلى أصحاب المصلحة الآخرين من مجموعة من القطاعات والبلدان.

لقد التقيتُ شخصيًا، خلال الأسبوع الماضي، عددًا من أقرباء نساء ورجال وأطفال منحدرين من أصل أفريقي، قُتلوا على يد عناصر مكلّفين بإنفاذ القانون.

وتأثّرتُ بشدة بشجاعتهم وبكيفيّة وصفهم أثر فقدان طفلهم أو أحد أخوتهم فجأة وبطريقة عنيفة، على حياتهم والصدمة المستمرة التي يعيشونها.

وقد أدهشتني أيضًا الصعوبات نفسها التي واجهوها وأبلغوا عنها جميعهم، في سياق تعاملهم مع الشرطة والسلطات القضائية ونضالهم من أجل تحقيق العدالة.

وفي حين أن بعض القضايا لا يزال جاريًا، بَرَزَتْ، كَسِمَةٍ مشتركة للتجارب كافة، عدمُ الثقة في النظام، ورَفْضُ السلطات المزعوم التحقيقَ بكلّ موضوعية في ملابسات عمليّات القتل، عندما يكون العرق عنصرًا أساسيًا من الحادثة.

أصحاب السعادة،

بعد عشرة أشهر على مقتل جورج فلويد الذي ولّد، في جميع أنحاء العالم، موجات جديدة من الغضب تطالب بالتغيير، انطلقَت اليوم محاكمة رئيسية في مقتله.

لكن أسرًا أخرى، لا تُحصى ولا تُعدّ، محرومة من هذه الفرصة الحاسمة والفريدة لتحقيق العدالة. فالكثير من الحالات التي تنطوي على وفاة أشخاص من أصل أفريقي لا تصل إلى المحكمة أبدًا، ولا يتم الاعتراف بآلام العديد من الأسر أو يتم إنكارها حتّى.

من الواضح أن العديد من الأُسر التي استشرناها شعرت بأن حكوماتها لا تبذل الجهود الكافية للاعتراف بالعنصرية المُمَنْهَجَة أو لمكافحتها عند إنفاذ القانون وتحقيق العدالة، وأن المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان لا يخضعون للمساءلة.

أشعر بقلق بالغ حيال حجم التحديات التي ذكرتها الأسر في سعيها إلى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة. فهي تواجه عمليات طويلة والكثير من تأخير، وغالبًا ما تتلقّى القليل من المساعدة القانونية أو الدعم المالي والنفسي أو لا تتلقّى أيًا منها حتّى.

وقد أخبرنا الكثيرون أنهم مُنعوا من الوصول إلى الأدلة، وحُرموا من الحصول على المعلومات عند ورودها، كما لم يُسمَح لهم حتى باسترداد جثث أقربائهم.

واعتبروا أيضًا أنّه تمّ تجاهلهم ومعاملتهم بازدراء، والتغاضي عن مخاوفهم، ما جعلهم يشعرون بأنهم غير مسموعين، ومجرّدين من قيمتهم ومن إنسانيتهم.
كما أطلعنا بعض أفراد الأسر والضحايا على مزاعم خطيرة تتعلق بالترهيب والمضايقة، بالإضافة إلى مزاعم مثيرة للقلق تفيد بأنّه قد تمّ التلاعب بالأدلة، وتقديم الشهادات زورًا، بهدف حماية الموظفين المكلّفين بإنفاذ القانون من المحاكمة. 

سأقولها بكلّ وضوح: إنّ الإفلات من العقاب على جرائم قد يكون ارتكبها عملاء الدولة يقوّض بشدة القيم الأساسية والتماسك الاجتماعي لكل أمة. يجب ألا يكون أي عنصر من الشرطة وأي وكيل آخر في أي دولة كانت فوق القانون. ففي نهاية المطاف، هذا هو المبدأ الأساسي لسيادة القانون.

أصحاب السعادة،

لا تزال وحشية الشرطة والتمييز العنصري، يُمارسان بصورة مستمرّة ضد المنحدرين من أصل أفريقي، على الرغم من تسليط الضوء جهارًا عليهما. فمن الضروري للغاية أن نضع حدًّا لعنف الشرطة.

ومع ذلك، لن ننجح في سعينا هذا حتى ندرك أن الإفلات من العقاب على العنف الذي تمارسه الشرطة وغيرها من العناصر المكلّفين بإنفاذ القانون ضد السكان المنحدرين من أصل أفريقي، ليس قائمًا بحدّ ذاته ولا ينبع من العدم، وأن أجهزة إنفاذ القانون والسلطات القضائية هي انعكاس لمجتمعاتنا، وأنّنا لن نتمكن من "إصلاح" الشرطة وحدها ما لم نعالج العنصرية المُمَنْهَجَة المترسّخة في جميع مؤسساتنا.

العنصرية المُمَنْهَجَة تحتاج إلى استجابة مُمَنْهَجَة. وتتطلّب نظرة معمّقة شاملة في الهياكل التي تعزز عدم المساواة المتجلية في جميع جوانب حياتنا، وتساهم في ظاهرة عنف الشرطة. ومنها التمييز في السكن الذي أنشأ أحياء منفصلة، والتمييز في التعليم الذي حرم الأطفال على مدى أجيال من تكافؤ الفرص في النمو، والتمييز في العمل الذي غذى دوّامات من انعدام الأمن والفقر، والتمييز في الرعاية الصحية الذي أضعف حياة البعض وقصرها.

لإنهاء الظلم العنصري الذي تمارسه أجهزة إنفاذ القانون، لا يمكننا أن نكتفي بكلّ بساطة بمعالجة غيض من فيض العنصرية، بل يجب أن نواجهها بكلّ جوانبها حتّى المخفية منها. علينا أن نفهم العنصرية غير المعترف بها وغير المعالَجة بعد التي ترسّخت فيها عدم مساواة اليوم، وأن ندرك جذورها .

وعلينا أن نعالج تركة الاستعباد، والاستعمار والتجارة بالأفريقيين المستعبدين عبر المحيط الأطلسي. علينا أن نعترف بقرون من السياسات والأنظمة التمييزية العنصرية التي بقيت قائمة حتّى بعد إلغاء العبودية والرقّ رسميًا. علينا أن نلتزم بإجراءات تحويلية تسمح لنا إحداث قفزة عملاقة إلى الأمام وعَيْنُنا على الماضي البعيد.

أحيي الإعلان الأخير عن عدد من الالتزامات السياسية، وكذلك المبادرات المحلية والوطنية للعمل من أجل العدل العنصري. فهذه الخطوات غاية في الأهمية. ولكن، لا يمكنها أن تحمل أي أثر حقيقي إلا عندما تشكّل جزءًا لا يتجزّأ من إجراءات واسعة ومستدامة محورها السكان المنحدرين من أصل أفريقي.

وباعتماد القرار رقم 43/1، اتخذ المجلس خطوة أولى مهمة في الاستجابة لهذه القضايا التي طال أمدها. والتعاون مع الدول والأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي ومع المجتمعات المتضررة الأخرى لتحقيق العدل العنصري، بحسب ما أشار إليه الأمين العام، أساسيّ لقيم الأمم المتحدة ومن أولويّات مفوضيّتنا. ويجب أن تبقى معالجة العنصرية المُمَنْهَجَة من أولويات هذا المجلس.

يوصي التقرير الذي سأرفعه إلى المجلس في حزيران/ يونيو باعتماد جدول أعمال تحويلي يهدف إلى تفكيك العنصرية المُمَنْهَجَة ووحشية الشرطة ضد الأفريقيين والمنحدرين من أصل أفريقي، والنهوض بالمساءلة والتعويض على الضحايا.

كما سيحلل ردّ الحكومة على المظاهرات الأخيرة، السلمية إلى حد كبير، المُطالِبَة بتحقيق العدل العنصري، بما في ذلك التقارير الموثوقة عن استخدام الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون غير الضروري وغير المتناسب للقوة ضد المتظاهرين والمارة والصحفيين، والتهديدات الأوسع نطاقًا للأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي وغيرهم ممن يتصدَّوْن للعنصرية.

أشكر جميع الذين شاركوا مفوضيّتنا خبراتهم وتوجيهاتهم، بما في ذلك الضحايا والأسر، وفريق الخبراء العامل المعني بالمنحدرين من أصل أفريقي، والمقررة الخاصة المعنية بالعنصرية، وحوالى 300 من الأكاديميين والمحترفين والناشطين في المجتمع المدني وأعضاء المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وغيرهم من الخبراء الوطنيين والإقليميين والدوليين أصحاب الخبرة الواسعة في مجالات العنصرية المُمَنْهَجَة وإنفاذ القانون والمساءلة والتعويض.

كما أشكر الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة الآخرين على أكثر من 100 تقرير قيم أرسلوها إلينا.

وشكرًا سيّدي نائب الرئيسة.


فيديو

الصفحة متوفرة باللغة: