Skip to main content

البيانات الإجراءات الخاصة

الدورة 44 لمجلس حقوق الإنسان آخر المستجدّات العالمية في مجال حقوق الإنسان وأثر كوفيد-19 على الحقوق

30 حزيران/يونيو 2020

English

بيان المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت

في 30 حزيران/ يونيو 2020

 


سيّدتي رئيسة المجلس المحترمة،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

يُشرفني أن أناقش مع المجلس التقرير بشأن عمل المفوضية في العام 2019، بما في ذلك أكثر من 80 حضورًا ميدانيًا (A/HRC/43/3). ويلخّص التقرير جهودنا المبذولة لمساعدة الدول على دعم حقوق الإنسان في وقت التحديات المتزايدة.

وتتفاقم هذه التحديات تفاقمًا حادًا اليوم. ويسعدني أن تُتاح لي فرصة إطلاع مجلس حقوق الإنسان على شواغل حقوق الإنسان المتعلقة بكوفيد-19 التي لا تزال ماضية قدمًا، بما في ذلك القدرة الطبية والاجتماعية والاقتصادية للعديد من الدول المحدودة على التصدي لعواقبه.

وبعد ستة أشهر على اكتشاف أولى حالات الإصابة، من الواضح أن هذا الوباء يهدد كلاً من السلام والتنمية، وأنّه يدعو إلى إعمال المزيد من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا الأقل منها.

على الوباء أن يدفعنا إلى اتخاذ تدابير تحويلية حازمة تعزّز الحماية التي يمكن أن توفرها السياسات القائمة على حقوق الإنسان، من خلال تعزيز الصحة العامة وثقة الرأي العام بالتوجيهات الرسمية، وتحقيق مرونة اجتماعية واقتصادية أكبر.

كما يتطلّب قيادة تستند إلى الوضوح والأدلّة والمبدأ لحماية أضعـف أعضاء المجتمع ومعالجة أوجه عدم المساواة العميقة التي تؤدي إلى تسريع وتيرة تفشّي الوباء وأثره.

وتشير البيانات المفصلة، حيثما توفّرت، إلى أنّه من المرجّح أن يكون أعضاء الأقليات العرقية والإثنية والشعوب الأصلية أكثر عرضة للوفاة عند الإصابة بكوفيد-19، وهم الأكثر تضررًا من عواقبه الاجتماعية الاقتصادية. وينطبق ذلك بشكل خاص على الأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي الذين ما يزالون يواجهون عدم المساواة في التعليم ونقصًا في الخدمات وفي الوصول إلى الرعاية الصحية، ويعانون أشكالًا متقاطعة من التمييز الهيكلي الذي يضعهم في الصفوف الأمامية لما يُعرّف بالوظائف "الأساسية"، ما يعمّق ضعفهم في كل منطقة من مناطق الشتات من أصل أفريقي.

وتُعتبر الشعوب الأصلية أيضًا شعوبًا ضعيفة بشكل خاص. فعدم الوصول إلى الرعاية الصحية وغيرها من المرافق الأساسية يؤدي إلى تفاقم خطر الإصابة بالوباء، فيما يعرقل غياب البيانات المفصلة اتّخاذ تدابير مناسبة لتلبية احتياجاتها. لقد حان وقت لانتهاء هذا الإهمال.

فخطط الاستجابة للوباء في أستراليا وكوستاريكا تنطوي على جهود محددة لحماية صحة الشعوب الأصلية، فيما تنفذ بنما مشروعًا طويل الأمد لتحسين الخدمات الأساسية والبنى التحتية، بما في ذلك الرعاية الصحية في أقاليم الشعوب الأصلية الـ12. وأفاد الاتحاد الروسي بأنّه يستخدم تكنولوجيا الاستشعار عن بعد لتحسين الخدمات الطبية لجماعات البدو الرُّحل من الشعوب الأصلية في زمن كوفيد-19.

ويؤدي كوفيد-19 إلى تفاقم الاستبعاد والتمييز اللذين تعانيهما النساء والفتيات، من افتقارهن إلى الحماية الاجتماعية بسبب تركّزهن في وظائف غير رسمية ومتدنية ومنخفضة الأجر، وعبء رعاية الأطفال وكبار السن، والاستمرار في استبعاد النساء من صنع القرار. وازداد أيضًا تفشي العنف القائم على النوع الاجتماعي في خلال الأشهر القليلة الماضية، مع ارتفاع عدد مستخدمي الخطوط الساخنة للعنف المنزلي 24/7. وينذر هذا الوضع بتراجع المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في صحة النساء والمشاركة الاقتصادية والمساواة في الحقوق.

ويعاني كبار السن أعلى معدلات الوفيات وأسوأ الأضرار الطبية. وتشير المعدلات المريعة للعدوى والوفيات في دور الرعاية المنزلية إلى أوجه قصور عميقة في النهج الذي تتبعه بعض السلطات الوطنية لتأثير الوباء في قطاع الرعاية المنزلية وكذلك في نوعية المراقبة الطبية والخدمات التي تقدمها. ننضم إلى مفوض مجلس أوروبا لشؤون حقوق الإنسان في الدعوة إلى تنفيذ إصلاحات الرعاية الاجتماعية التي تمنح الأولوية للدعم الفردي لكبار السن وتعزز إدماجهم الكامل في مجتمعاتهم. ويجب أيضًا تعزيز توفير الخدمات الحيوية لذوي الإعاقة بشكل كبير.

وتتطلب مراكز الاحتجاز رعاية صحية مستحدّثة ويجب توسيع نطاق البدائل غير الاحتجازية. نرحّب بالإجراءات التي اتخذتها حكومات عدّة للسماح بالإفراج عن عشرات المئات من السجناء تمشيًا مع دعوات معالجة العدوى والاكتظاظ. ونحث على تعزيز التركيز على الإفراج عن النساء والأطفال المحرومين من الحرية على ضوء انخفاض الأعداد المفرج عنهم على الصعيد العالمي وعلى دعم حقوق المحتجزين الأجانب في المساعدة القنصلية.

ومن المرجح أن يكون للوباء تأثيرات عميقة وطويلة الأمد على الأطفال. وأفادت يونيسيف بأن عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر يمكن أن يرتفع بنسبة 15 في المئة في العام 2020 ليصل إلى 672 مليون، إلّا إذا اتخذت إجراءات عاجلة لحماية العائلات من التأثيرات الاقتصادية للوباء. ويقدّر برنامج الأغذية العالمي أنّ عدد صغار الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد يمكن أن يرتفع بحوالى 10 ملايين هذه السنة. ويزيد الانقطاع عن المدرسة وبرامج التدريب من خطر تراجع الأطفال الأشد فقرًا، كما يزيد من تعرض الأطفال لتهديد العنف المنزلي وعمل الأطفال وزواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث. ونشهد أيضًا زيادة كبيرة في الاستغلال الجنسي للأطفال على شبكة الإنترنت.

ويلقي إغلاق برامج التدريب والتعليم العالي والوظائف أيضًا عبئٌا ثقيلًا على الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة: على الصعيد العالمي، يعمل حوالى 75 في المئة من الشباب في الوظائف غير الرسمية وغالبًا في القطاعات الأكثر تضررًا كالمطاعم وخدمات الترفيه. وسيؤثر ذلك بشكل عميق في بلدان عدّة، كما في اتجاهات الهجرة: يشكل الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة حوالى 70 في المئة من تدفقات الهجرة الدولية. بالفعل، تزيد الآثار الصحية والاجتماعية – الاقتصادية والحماية من معاناة المهاجرين. بشكل خاص، يتم احتجاز مهاجرين عدّة في مراكز مكتظة وغير صحية كما في اليونان وهندوراس وماليزيا وبنما، حيث يتعرّضون لخطر العدوى فضلًا عن العودة القسرية إلى النظم الصحية الهشة.

إننا نشعر بالاستياء من التقارير التي تشير إلى أنّ أعضاء مجتمعات الأقليات والمهاجرين في بلدان عدّة يواجهون الوصم المتزايد – بما في ذلك من جانب مسؤولين في بعض الحالات. في سريلانكا والهند، يتم استهداف أعضاء الأقليات المسلمة من خلال الوصم وخطاب الكراهية الذي يربطهم بكوفيد-19. في بلغاريا، تتعرض شعوب الروما للوصم على اعتبار أنّها تهدد الصحة العامة، كما تنشئ بعض السلطات المحلية نقاط تفتيش حول مستوطنات الروما لإنفاذ الإغلاق. في باكستان، لا يزال خطاب الكراهية ضد الأقليات الدينية لاذعًا. وتم رفع التقارير أيضًا في هايتي والعراق ودول عدّة أخرى بشأن الوصم والتهديدات ضد الأشخاص الذين يُفترض أنّهم أصيبوا بكوفيد-19.

وأبرز هذا المجلس، في المناقشة العاجلة التي أجراها قبل أسبوعين، أهمية أعمال الشرطة القائمة على المبادئ وعدم التمييز في دعم حقوق الإنسان. ونرحّب بفرصة تكثيف عملنا المتعلق بالعدالة للأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي وغيرها من المجتمعات التي تتعرض للتمييز في وقت يطالب فيه الناس حول العالم بالتغيير، ليس فيما يتعلّق بعنف الشرطة فحسب. فغالبًا ما تعكس الأعمال غير العادلة والعنيفة التي يقوم بها موظفو إنفاذ القانون التمييز العنصري المنهجي الذي يترسّخ بعمق في المؤسسات في المجتمع بأكمله. وقد حان وقت التغيير العاجل والعميق في دول عدّة، كما أظهرت الأحداث الأخيرة، بما في ذلك كوفيد-19.

التمييز يقتل. حرمان الناس من حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية يقتل. وتلحق هذه الوفيات والأضرار الضرر بالمجتمع كله. فيشبه كوفيد-19 جهاز البحث عن الحرارة الذي يكشف، وتغذيه، أوجه القصور النُظُمية في دعم حقوق الإنسان.

ومن دون اتخاذ إجراءات وطنية ودولية سريعة وحاسمة، سيضع الوباء حدًّا للآمال في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030.

وفي أشد بلدان العالم فقرًا بصورة خاصة، من المرجّح أن تدفع الخسائر الفادحة في الأرواح والأضرار الطبية وفقدان فرص عمل كثيرة، لا سيما في الاقتصاد غير النظامي، وتعطل التعليم وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم حدّة الفقر إلى الفقر المدقع، مما يقضي على عقد أو أكثر من المكاسب الإنمائية. فقد حذّر الأمين العام من أزمة غذائية عالمية وشيكة ستترتب عنها تداعيات طويلة الأمد على "مئات الملايين من الأطفال والبالغين."

ونحث كل قادة العالم على استيعاب الأهمية الحيوية لهذه اللحظة واتخاذ الإجراءات الفورية لدعم عمل المؤسسات المتعددة الأطراف التي تكافح لمساعدة البلدان والناس في هذه الأزمة.

ويجري استغلال كوفيد-19 حول العالم للحد من حقوق الناس في الكلام والتعبير عن آرائهم والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم. ونشير إلى تقارير الاتحاد الروسي والصين وكوسوفو[1] ونيكارغوا وبلدان أخرى عدّة بشأن التهديد والترويع ضد الصحافيين والمدونين والناشطين المدنيين، لا سيما على المستوى المحلي، تحقيقًا لهدف واحد هو تثبيط انتقاد استجابات السلطات لكوفيد-19.

في مصر، يساورنا القلق إزاء تقييد حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي – بما في ذلك فيما يتعلّق بالمناقشة عبر الإنترنت بشأن انتشار كوفيد-19 بالإضافة إلى الحملات التي تشن على المجتمع المدني، مع تجميد الأموال والتخويف والاعتقالات التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والناشطين السياسيين وأفراد أسرهم.

وأدّت استجابة السلفادور للوباء إلى رفع تقارير عدّة بشأن الإنفاذ المفرط والتعسفي للتدابير بالإضافة إلى الإعلانات التي تقوض سلطة واستقلالية مؤسسات البلاد، متجاهلةً قرارات الدائرة الدستورية للمحكمة العليا والتشريع التي اعتمدتها الجمعية التشريعية.

ومن المرجّح أن تقمع الرقابة وتجريم الخطاب معلومات حاسمة ضرورية لمعالجة الوباء. وسيلهم احترام الناس للحقوق فحسب، بما في ذلك الحق في المشاركة في صنع القرارات بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة، بالثقة بالسياسات التي تعتمدها حكوماتهم. ويجب مواجهة المعلومات المضللة من خلال الجهود المبذولة لتوفير معلومات موثوقة ودقيقة من مصادر موثوقة وتعزيز محو الأمية في وسائط التواصل الاجتماعي. ويمكن للصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وناشطي المجتمع المدني أن يساعدوا السلطات على تحديد وحل أوجه القصور في استجاباتها لكوفيد-19، وليست الحملات انتهاكات غير عادلة لحقوقهم فحسب، بل أنّها تضر بفعالية سياسات الوقاية من آثار وباء كوفيد-19 والتخفيف من حدّتها.

سيدتي الرئيسة،

من الضروري للغاية، أن يحافظ القادة على اتصالات متّسقة وموثوقة وقائمة على الوقائع مع الناس الذين يخدمونهم.

يشجّعنا النهج المنفتح والتواصلي الذي تتبعه  جمهورية كوريا إزاء عدم إغفال أحد في استجابتها لوباء كوفيد-19. فقد أقرّت الحكومة في وقت مبكر بالحاجة إلى سياسات شاملة تصل إلى الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع الكوري، بما في ذلك كبار السن والمتشردين ومجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين والمهاجرين الذين لا يحملون وثائق رسمية. إننا نشيد بالسلطات لإعفائها المؤسسات الطبية من رفع التقارير بشأن وضع الهجرة غير الموثقة لمرضاها ولإتاحتها مؤخرًا اختبارات من دون الكشف عن الأسماء، بعد المسائل التي أدت إلى زيادة وصم المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين. ونشجّع على النظر والاعتماد السريع لقانون شامل ومناهض للتمييز استنادًا إلى الدروس المُستَخلَصة من استجابتها للوباء.

في المقابل، في بيلاروس والبرازيل وبوروندي ونيكارغوا وتنزانيا والولايات المتحدة، من بين دول أخرى، يساورنا القلق لأن البيانات التي تنكر حقيقة العدوى الفيروسية والاستقطاب المتزايد للمسائل الأساسية قد تزيد من حدّة الوباء من خلال تقويض الجهود المبذولة لكبح انتشاره وتقوية نظام الرعاية الصحية.

سيدتي الرئيسة

يعمّق كوفيد-19 التهديدات المحلية والإقليمية للسلام. فالناس في الدول التي دمّرت فيها بالفعل الخدمات الصحية والأساسية بفعل الصراعات والأزمات معرّضون بشدّة لأضرار الوباء المتعددة الأبعاد. نكرّر دعوتنا إلى تخفيف أو تعليق العقوبات القطاعية بهدف ضمان أن تتاح الرعاية الطبية والمساعدة للجميع، ونؤكّد على دعمنا القوي لدعوة الأمين العام إلى وقف شامل لإطلاق النار للتمكّن من اتخاذ إجراءات فعّالة لمكافحة الوباء.

في اليمن، تستمر الاشتباكات المسلحة في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من الاستجابات الأولية المشجّعة لدعوة الأمين العام إلى وقف إطلاق النار. فيحتّم الانتشار الحالي السريع لكوفيد-19، بالإضافة إلى الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، السماح بتقديم المساعدة الإنسانية بدون عراقيل. وتعكس المعدلات المرتفعة للمضاعفات الشديدة والوفيات الناجمة عن الإصابة بكوفيد-19 الدمار الواسع النطاق للبنى التحتية للخدمات الصحية والصرف الصحي وفقر وضعف المدنيين المتولّد عن خمس سنوات من الصراع. ووفقًا للتقارير، لا يملك عاملون صحيون عدّة معدّات حماية ومعظمهم لا يتقاضى أجرًا. وقامت المفوضيّة أيضًا بالتحقق من حالات تخويف واعتقال طالت ناس يُشتبه بإصابتهم بكوفيد-19 وعاملين صحيّين ناقشوا مسألة الوباء في الشمال.

ويُعتبر الوصول إلى المساعدة الإنسانية مسألة بالغة الأهمية في سوريا، حيث يمكن أن تنهار مراكز الرعاية الصحية التي تعرّضت للقصف بصورة متكرّرة خلال عقد من الحرب. ويقدّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن 80 في المئة من الناس في سوريا يعيشون تحت خط الفقر. وقد وثّق برنامج الأغذية العالمي بالفعل تزايد انعدام الأمن الغذائي. ويُعتبر الوصول المستمر والمتزايد عير الحدود ضروريًا. ونحث على أن يمدّد مجلس الأمن إذن تقديم المساعدات عبر الحدود، فضلًا عن إعادة فتح معبر اليروبية.

نشعر بالقلق أيضًا إزاء إمكانية أن يشهد الوضع الحالي الخطير لحقوق الإنسان في منطقة الساحل المزيد من التدهور، إذ يزيد تأثير كوفيد-19 من معاناة وفقر ومظالم الناس. بالفعل، تعزز الجماعات المتطرفة المسلحة نفوذها على المجتمعات المحلية في وسط وشمال مالي وشمال بوركينا فاسو وأجزاء من حوض بحيرة تشاد. وأنشأت مجتمعات محليّة عدّة في بوركينا فاسو ووسط مالي جماعات مسلّحة قائمة على المجتمعات، في بعض الحالات بدعم من سلطات الدولة، مع تزايد التقارير بشأن تورطها في أعمال القتل والاختطاف والتجنيد القسري للأطفال والبالغين والابتزاز. كذلك، تم توثيق قيام القوات المسلحة بانتهاك حقوق الإنسان بشكل متزايد في بلدان عدّة، ويرتفع النزوح ارتفاعًا حادًا في المنطقة، ما يزيد من خطر إصابة الناس بكوفيد-19. نحث كل دول مجموعة الدول الخمس على تعزيز الجهود المبذولة لضمان المساءلة عن انتهاكات قوات الأمن لحقوق الإنسان وتعزيز وجود السلطات المدنية وتوفير الخدمات قدر الإمكان. وستستمر المفوضية بتعزيز الحضور الميداني والعمل مع إطار الامتثال للقوة المشتركة لدول منطقة الساحل الخمس.

في جنوب السودان، قد يزيد كوفيد-19 من شدّة ضعف السكان. فلا يستفيد عدد كبير، إن لم يكن معظم، السودانيين الجنوبيين من نظم الرعاية الصحية بحسب ما أكّده تقرير صدر مؤخرًا عن المفوضية. بالإضافة إلى ذلك، يجعل بطء وتيرة تنفيذ اتفاق سلام مُعاد تنشيطه، بما في ذلك تعيين حكّام، والإعراض عن التصدي للأسباب الجذرية البلد أكثر عرضة لتجدد العنف العام. وتسلّح كل الأطراف مليشيات المجتمعات المحلية وجماعات الدفاع عن النفس بالأسلحة العسكرية وتستخدمهم كمقاتلين بالوكالة. وتتسبب هذه الهجمات المحلية وبين المجتمعات بالفعل بوقوع عدد كبير من الخسائر.

وتُعتبر هايتي، حيث يعيش حوالى 60 في المئة من السكان تحت خط الفقر، مثلًا واضحًا على البلدان التي من المرجّح أن يكون التأثير الاجتماعي – الاقتصادي لكوفيد-19 فيها مدمّرًا بعد سنوات من الأزمات، ما يؤدي إلى زيادة تأجيج المظالم الاجتماعية والإجرامية والاضطرابات.

وزيمبابوي هو بلد آخر يؤدي فيه كوفيد-19 إلى تفاقم تحديات عدّة. فقد أفادت التقارير بأنّه تم اختطاف وتعذيب ثلاث نساء من  حزب المعارضة الأساسي في سياق إنفاذ قيود كوفيد-19 الشهر الماضي، ووجّت إليهن فيما بعد تهمة "الادعاءات الكاذبة" وتم سجنهن. إلّا أنّ القرارات التي اتخذتها مؤخرًا محاكم البلد قد تشير إلى شق الطريق نحو مزيد من العدالة وإلى إرساء أسس سليمة للحوكمة. وتشمل هذه القرارات أنّه على الحكومات وضع أحكام للوصول إلى المياه على أنّه حق وعليها أيضًا توفير معدّات حماية للعاملين في الخط الأمامي فضلًا عن أنّه يحق لذوي الإعاقة الوصول إلى المعلومات بشأن الوباء بأشكال ميسورة وأنّه على إنفاذ القانون أن يحترم حقوق الإنسان وعمل الصحافيين في خلال إنفاذ تدابير الإغلاق. وقد يساعد العمل في هذا الاتجاه على بناء مسار جديد وتحويلي لبلدان عدّة.

أصحاب السعادة،

الوباء لم ينتهِ بعد. فقد أخبرنا الدكتور تيدروس البارحة بأنّ "الأسوأ لم يأتِ بعد"، ونحن بحاجة إلى الاستمرار في العمل معًا لنهزم الوباء وعواقبه الاجتماعية والاقتصادية.

وعلى السياسات أن تعالج أوجه عدم المساواة وسد ثغرات الحماية التي أدّت إلى جعل المجتمعات أكثر ضعفًا، وذلك لضمان إنهاء معاناة الناس بأسرع ما يمكن. فعليها أن تتطلّع إلى الأمام وأن تعزز حماية حقوق الإنسان، لمنع وقوع مثل هذه الأزمات في المستقبل. وتُعتبر دعوة الأمين العام إلى العمل من أجل حقوق الإنسان إطارًا قويًا وقائمًا على المبادئ لتنسيق الإجراءات الرامية إلى تحقيق الانتعاش القائم على الحقوق، بما في ذلك حق الإنسان ببيئة صحية.

ويُعتبر اقتراح المفوضية الأوروبية بشأن استجابة متعددة السنوات للوباء الذي يتناول الإجراءات المتّخذة لتوفير الطاقة المتجددة بالإضافة إلى الصحة العامة والدعم الاجتماعي والاقتصادي والذي يلتزم بعدم إغفال أحد مثالًا على القيادة السليمة. وفي بعض البلدان يؤدي الركود الناجم عن الوباء بالفعل إلى دعوة المصانع إلى تخفيف النظم والقواعد، بما في ذلك في القطاعات التي تُرفع فيها التقارير بشأن انتهاكات حقوق الإنسان. وينبغي مقاومة هذه الدعوات.

نحن بحاجة إلى بناء شركة جديدة مستدامة بيئيًا ومنصفة وعادلة وشاملة. ونشجّع كل الدول على ضمان أن تنص برامج المعونة الاقتصادية والتدابير التحفيزية للأعمال التجارية على أن تتبع الشركات المستفيدة مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان. وأدرجت هذه الشروط بالفعل في تدابير المعونة التجارية التي اعتمدتها الدانمرك.

ويجب معالجة الوباء وآثاره بعمل منسق وشامل، بما في ذلك العمل على لقاح، يجب اعتباره منفعة عامة عالمية. فلا يجب أن تحدد ثروة شخص أو نوعه الاجتماعي أو حالة الهجرة إمكانية الوصول إلى لقاح قد ينقذ حياة الأفراد فحسب، إنما يجب أن تحدد أيضًا مستقبل الاقتصادات والمجتمعات. فيمكن كل من النقص في التعاون الدولي والجهود مبذولة التي تمنح الأولية للربح الخاص أو مكاسب سياسية على الصحة العامة، أن يمدد الدورات المتكررة للعدوى وأن يعرقل الإنعاش الاقتصادي.  

واتخذ بعض البلدان النامية تدابير سريعة وفعالة، بما في ذلك في أفريقيا، من خلال الاستفادة من خبرة المنطقة في تتبع مخالطي المصابين والصحة العامة القائمة على المجتمعات. إلّا أنّ الوباء ينتشر، وبهدف وقف هذا الانتشار، ستحتاج دول عدّة إلى دعم دولي مستدام، بما في ذلك تخفيف عبء الديون واستثمار مالي مباشر لتعزيز النظم الصحية وضمان تنفيذ الحق في التنمية.

وبغية تسهيل الاستجابات الفعالة التي تعالج آثار كوفيد-19 في حقوق الإنسان، أصدرت المفوضية توجيهات مفصّلة بشأن التدابير الطارئة والحيّز المدني والاحتجاز والسكان الأصليين والمهاجرين والأقليات والنساء والتمييز العنصري والمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين وكبار السن وذوي الإعاقة. ووضعنا أيضًا إطارًا يتألف من عشرة مؤشرات لحقوق الإنسان استنادًا إلى أطر بيانات مؤشرات أهداف التنمية المستدامة وخطة الاستجابة الإنسانية العالمية لتمكين الوضوح في تحديد المجموعات المتضررة والضعيفة بشكل خاص وللمساعدة على تنفيذ السياسات الفعالة لتجنّب هذه الأضرار. وأرفقت هذه المؤشرات الأساسية إلى الوثيقة الإطارية التي توجّه كل استجابات الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لكوفيد-19.

 نحن بحاجة إلى دعم لمواصلة النهوض بهذا العمل الحيوي ولضمان أن تكون حقوق الإنسان في صلب الاستجابة للوباء. فتشير التنبؤات الاجتماعية والاقتصادية العالمية إلى سنتين على الأقل من الانخفاض الكبير في مؤشرات التنمية البشرية حول العالم. لقد رافقنا وشاركنا جهودكم للحفاظ على صحة وسلامة ورفاه شعوبكم بتكاليف فادحة على كافة المستويات. إلّا أنّه من دون إيلاء اهتمام وثيق وهادف للتماسك الاجتماعي والإدماج والإنصاف، لا يمكن هذه الجهود أن تعوّض الحرمان الذي عصف بالمجتمعات بأكملها.

علينا جميعًا أن نقر بأنّ حقوق الإنسان عنصرًا بالغ الأهمية لتحقيق الانتعاش. في هذا الوقت الحرج، علينا أيضًا أن نتمكن من الاعتماد على موارد ثابتة يمكن التنبؤ بها وعلى إرادة سياسية صلبة في الأشهر والسنوات المقبلة. فالمخاطر هائلة بالفعل، ويمكن شراكة معزّزة أن تخفف من حدّتها. وسيحدث تعاونكم الفرق، الآن وفي الأيام القادمة.

شكرًا سيدتي الرئيسة.



1يجدر فهم الإشارة إلى كوسوفو بحسب ما جاء حرفيًّا في قرار مجلس الأمن للأمم المتّحدة رقم 1244 ومن دون المساس بوضع كوسوفو.

الصفحة متوفرة باللغة: