العراق: نحو منع التعذيب في مرافق الاحتجاز
05 تشرين الأول/أكتوبر 2021
أخبر أحمد*، وهو محتجز في أحد السجون العراقية قائلاً: "كنت أعيش الروتين نفسه كل يوم، حيث اعتادوا أن يعلّقوني ويضربوني من دون رحمة. لقد أنزلوا فيّ الفظائع والويلات، لدرجة أنّي أخجل حتّى من التحدّث عنها."
تمّت مقابلة أحمد ضمن إطار التحضير لتقرير* صدر مؤخّرًا بشأن منع التعذيب في أماكن الاحتجاز في العراق. وقد أعدّت التقرير بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق بالتعاون مع مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، واستندت نتائجه إلى مقابلات أُجرِيَت مع 235 عراقيًا محرومين من حريتهم.
وعلى الرغم من أن العراق طرف في العديد من المعاهدات الدولية التي تحظّر التعذيب وسوء المعاملة، فإن أكثر من نصف المحتجزين الذين تمت مقابلتهم في سياق إعداد التقرير، قدموا شهادات موثوقة تتّسم بالمصداقية عن تعرّضهم للتعذيب. كما أكّد العديد من القضاة والمحامين والمحترفين في المجال الطبي العراقيين، في مقابلات سرية، حقيقة تفشّي التعذيب.
وقد أفاد أحد المحامين قائلاً: "لا يشعر الجناة بأي خوف من عواقب التعذيب بما أنّهم يدركون تمامًا أنّ النظام لن يعاقبهم."
بناءً على تحليل عوامل الخطر المتعلّقة بالتعذيب، سلّط التقرير الضوء على العديد من النتائج المثيرة للقلق بشأن ممارسات التحقيق والظروف داخل المرافق العراقية. فالاستجوابات التي تجريها قوات الأمن تهدف عامةً إلى انتزاع الاعترافات، وهي غالبًا ما تعتمد الإكراه مثلاً، كما يتم تأخير الوصول إلى محام بشكل منهجي إلى ما بعد استجواب المشتبه بهم.
وما يثير القلق أيضًا هو أن الفحوصات الطبية التي يتمّ إجراؤها للمحتجزين لدى وصولهم إلى مرفق الاحتجاز للكشف عن سوء معاملة سابقة، ليست من الممارسات المعتادة.
تخطّي المزاعم والمضي نحو المنع والمساءلة
في حين عرض التقرير الأخير بالتفصيل شهادات مروّعة عن التعذيب في المرافق العراقية، أشارت مديرة مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق دانييل بيل، إلى أنّ مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تسعى إلى "تخطّي" المناقشة بشأن وجود هذه الممارسات أو نطاقها، والتركيز بدلاً من ذلك على دعم الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل تعزيز الامتثال للأطر القانونية الدولية والوطنية.
فقالت: "الهدف النهائي هو التخفيف من احتمالية وقوع تعذيب أو سوء معاملة نهائيًا"، مشيرة إلى أن الرصد المستقل لأماكن الاحتجاز أمر بالغ الأهمية.
وتابعت قائلة: "بما أن التعذيب يقع في أغلب الأحيان سرًا، فإن المزيد من الشفافية والانفتاح بشأن بما يحدث في مراكز الاحتجاز، بما في ذلك وصول أجهزة الرصد المستقلة إليها، يشكّل خطوة مهمة نحو منع حدوث التعذيب."
وشدّدت قائلة: "لا تلغي هذه الخطوة فرص حدوث التعذيب فحسب، بل تحمي السلطات أيضًا من الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة".
حثّ التقريرُ العراقَ، من بين عدد من التوصيات التي قدّمها، على النظر في اعتماد قانون وسياسة شاملَيْن لمناهضة التعذيب، وتعزيز تدريب المسؤولين المعنيين بالاحتجاز والاستجواب المحتجزين، واستعراض قواعد الاستجواب وممارساته على وجه السرعة.
حوار مستمر بين السلطات العراقية والكردية
انخرط موظفو بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق في حوار بناء مع السلطات العراقية والكردية وأصحاب المصلحة الآخرين، بما في ذلك نقابة المحامين العراقيين ومنظمات المجتمع المدني الأساسية، بهدف تشجيع الخطوات العملية وتعزيز الامتثال لضمانات منع التعذيب.
وفيما برزت نتائج إيجابية لذلك، على غرار التزام السلطات الصريح بالتحقيق الكامل في مزاعم التعذيب، لا بدّ من بذل المزيد من الجهود من أجل التغلب على الكثير من العقبات الأخرى. ففي الشهر الماضي وحده، أُلغِيَت، في اللحظة الأخيرة، زيارة لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان كانت مقرّرة إلى سجن الناصرية المركزي، وهو مرفق سيئ السمعة بسبب ظروفه المروّعة، وما من معلومات حتّى اليوم بشأن متى سيتم السماح بالوصول إليه وما إذا كان سيُسمَح بذلك.
وأضافت السيدة بيل أن "الضجّة العلنية الأخيرة بشأن مزاعم التعذيب، بما في ذلك في بابل وبغداد والبصرة وكركوك، بيّنت الضرورة الملحة لمعالجة هذه القضية."
تواصل بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق التعاون مع الحكومة العراقية في سعيها لمنع التعذيب وضمان المساءلة.
*تم تغيير الأسماء بهدف حماية الضحايا.
في 5 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2021