Skip to main content

المدافعات عن حقوق الإنسان

يجب أن نمنح الأولوية إلى استجابةٍ لكوفيد-19 مراعية للمنظور الجنساني

27 تموز/يوليو 2021

خلال جائحة كوفيد-19، فقدت النساء وظائفهن بمعدّل أكبر من الرجال، ولم يعد حتّى اليوم إلى سوق العمل العديد منهن، بحسب ما جاء في تقرير صدر مؤخّرًا عن منظمة العمل الدولية.

وأعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، أنه بعد مرور عام ونصف على تفشي الجائحة، لا تزال المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة تتأثر سلبًا بسبب أزمة الصحة العامة والأزمة الاجتماعية والاقتصادية.

وفي رسالة مصوّرة خلال حلقة نقاش عُقِدَت ضمن إطار مجلس حقوق الإنسان وتناولت التعافي الاجتماعي والاقتصادي من كوفيد-19 على أساس المساواة بين الجنسين، قالت: "لقد ضربت الجائحة العالم في ظلّ تزايد التفاوتات الاقتصادية. لقد تفاقمت أوجه عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، ما قوض الأمن الاقتصادي للمرأة وقدرتها على التكيّف والصمود في وجه الأزمات."

عرضت باشيليت الخطوات اللازمة للمضي قدمًا في الجهود الرامية إلى التعافي، مثل منح الأولوية للأمن الاقتصادي للنساء اللواتي يواجهن تمييزًا متعدّد الجوانب، والاعتراف بقيمة أعمال الرعاية، وضمان المساواة في الحقوق والمسؤوليات للمرأة في الأسرة، وحماية الحيّز المدني ومشاركة النساء والفتيات، وضمان وصولهن إلى العدالة وسبل الانتصاف.

فقالت: "غالبية الاستجابات الاجتماعية والاقتصادية لكوفيد-19 التي اعتمدتها الدول تتجاهل بشكل مدهش النوع الاجتماعي، وغالبًا ما تفشل في تلبية احتياجات المرأة على وجه التحديد".

وفي رسالة مصوّرة أخرى، أعرب المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، محمد الناصري، عن مخاوفه من الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي أصابت عددًا أكبر من العاملين في القطاع غير الرسمي وقطاع الخدمات وأعمال الرعاية، حيث يغلب عدد النساء بشكل صارخ.

فقال: "كان على النساء والفتيات التوفيق بين هذه الأعباء والمشقات المختلفة في ظلّ تقييد الدعم والحماية. وقد تحمّلت النساء في بعض بلدان آسيا والمحيط الهادئ، حتى قبل تفشي الجائحة، مسؤولية أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر بمعدّل يتخطّى معدّل الرجال بـ11 ضعفًا يوميًا، مع تأثير ذلك الواضح على فرصهن في العمل بأجر. كما دفعت الجائحة عدم الإنصاف هذا إلى موضع حرج وأصبح الوضع على شفير الانهيار."

واقترح الناصري تحسين الإدماج الاقتصادي من خلال المساواة في الأجور، وتحسين حماية الوظائف، والتوزيع العادل لأعمال الرعاية، وتوسيع الحماية الاجتماعية لمقدمي الرعاية ومقدمي الرعاية غير الرسمية وغير مدفوعة الأجر في المنزل، وتوفير ائتمان واستثمارات مستهدفة في قطاع الرعاية. كما دعا إلى اعتماد خيارات عمل مرنة للموظفات وتحويلات نقدية للنساء ذوات الدخل المنخفض والعاطلات عن العمل في القطاع غير الرسمي.

على الرغم من أن النساء يتحمّلن مسؤولية الرعاية الصحية وتقديم الرعاية، لم يشاركن على قدم المساواة في صنع القرار الاستراتيجي ضمن الاستجابة لكوفيد-19، بحسب ما أشارت إليه وزيرة شؤون المرأة والمساواة بين الجنسين في شيلي مونيكا زلاقط سعيد. وأوضحت أن 24 في المائة فقط من أعضاء المؤسسات الوطنية التي تم إنشاؤها للتصدي للوباء هم من النساء.

ومن أجل معالجة هذا النقص في المشاركة، سلطت الضوء على المبادرات التي تم تقديمها في شيلي لمعالجة فجوة المشاركة هذه. فعلى سبيل المثال، تم عقد مجلس كوفيد النسائي، الذي يتألّف من عدد من النساء من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص والحكومة، لمعالجة القضايا المتعلقة بالجائحة.

فقالت: "لقد عززنا شراكاتنا مع القطاع الخاص، لا سيما مع القطاعات الأساسيّة، كقطاعات البناء والتعدين والطاقة على سبيل المثال لا الحصر، من أجل إعادة التنشيط الاقتصادي، كما نتعاون معها لزيادة مشاركة المرأة فيها."

أمّا ماريا أليسي، المحترفة في مجال التنمية في أوغندا، فقد أكّدت "أن الركيزة الأساسية لتحقيق المساواة في التعافي هي التمويل المراعي للمنظور الجنساني."

أوضحت أن التمويل المراعي للمنظور الجنساني لا يتعلق بتمويل المشاريع القروية الصغيرة للنساء، بل بالتمويل الموجه إلى تفكيك الهياكل والأنظمة التي تولّد وتعزز عدم المساواة.

وسلطت الضوء على أهمية إنهاء عبء الديون في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل لإطلاق الموارد والاستثمار في الخدمات العامة والحماية الاجتماعية ودفع الانتعاش المتكافئ بين الجنسين.

كما حثت أليسي صانعي السياسات على تطوير أنظمة ضريبية تصاعدية. وشدّدت على أنّه للعديد من الأنظمة الحالية آثار تراجعية، ما يرمي بالأعباء على ذوي الدخل المنخفض ومعظمهم من النساء. وقالت أليسي إن الحكومة في أوغندا فرضت ضريبة بنسبة 12 في المائة على استخدام الإنترنت، ما يؤدّي إلى استبعاد الكثير من النساء من الوصول إلى المعلومات والفرص. وناشدت واضعي السياسات التركيز على فرض الضرائب على الثروة والدخل بدلاً من الأفراد.

وأوضحت أليسي أنه لا يمكن لأي من هذه الإجراءات أن يكون لها تأثير على المساواة بين الجنسين إذا لم تتمتّع النساء في جميع أنحاء العالم بإمكانية الوصول إلى اللقاح.

وتساءلت قائلة: "كيف يمكن أن نتحدث عن التعافي المتكافئ بين الجنسين عندما لا تستطيع النساء في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل الوصول إلى التكنولوجيا الوحيدة الأكثر أهمية لاستمرارية الإنسانية اليوم؟"

وأضافت أنّه لم يتمّ تلقيح إلاّ 0.78 في المائة فقط من السكان في إفريقيا.

وأكدت المفوضة الحكومية لسياسة النوع الاجتماعي في أوكرانيا، كاترينا ليفتشينكو، على ضرورة ضمان مشاركة النساء والفتيات في تصميم وتنفيذ خطة تعافي مراعية للمنظور الجنساني. وشددت على أهمية الوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، والتعاون مع المجتمع المدني، لا سيما مع المنظمات النسائية والنسوية، والتعاون المتعدد القطاعات، واستخدام التدابير الخاصة المؤقتة، مثل الكوتا الانتخابية، من أجل ضمان مشاركة النساء والفتيات.

 

وأكّدت باشيليت أن ملايين النساء خسرن الكثير في الواقع. فعلى سبيل المثال، تسبّبت الجائحة في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، في انتكاسة في مشاركة المرأة في العمل أدّت إلى خسارتهن أكثر من 18 عامًا من التقدّم المُحرَز في هذا المجال .

وختمت قائلة: "علينا أن نحوّل جهود التعافي فورًا فنضع حدًّا للانتكاسات التي تشهدها المساواة بين الجنسين ونبني مجتمعات أكثر شمولاً وعدلاً وازدهارًا."

27 تموز/ يوليو 2021

الصفحة متوفرة باللغة: