معالجة تزايد العنف ضد الأطفال عبر نهج قائم على الحقوق
29 آذار/مارس 2021
أشار تقرير جديد إلى أنّ العنف ضد الأطفال وأشكال جديدة من الاستغلال والاعتداء الجنسيَّيْن، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، قد تصاعدا نتيجة لتدابير الحجر والإقفال التي فرضها كوفيد-19.
رفعت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية ببيع الأطفال واستغلالهم جنسيًا ماما فاطمة سينغاتة، تقريرها إلى الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف بسويسرا.
وفي معرض تقديمها التقرير، أشارت إلى أنّ هذه الزيادة في العنف وسوء المعاملة "قد تتسبّب بمزيد من التدهور لحالة ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم، كانوا يعيشون أصلاً في ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة."
قد يشكّل الأطفال أكبر ضحايا الأزمة على المدى الطويل، بحسب ما جاء في التقرير، لأن تعليمهم وتغذيتهم وسلامتهم وصحتهم ستتأثر بشكل كبير. كما أنّ الجائحة تركت أرواح الملايين منهم في مهب الريح. فعلى سبيل المثال، أشارت اليونيسف إلى أن عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر متعدد الأبعاد قد ارتفع ليبلغ 1.2 مليار طفل، مسجّلاً بذلك زيادة قدرها 15 في المائة منذ تفشيّ الجائحة في أوائل العام 2020.
هذه الهشاشة الاقتصادية الواسعة النطاق، إلى جانب آثار تدابير الحجر والإقفال، انعكست عنفًا واعتداءً على الأطفال بطريقة مأساوية.
كما أنّ الاعتداءات عبر الإنترنت في تزايد مستمر. وفي حين يمضي الأطفال الكثير من الوقت بدون إشراف على الإنترنت، فقد تصاعد الاستغلال الجنسي والتنمّر السيبرانيَّيْن.
كما لحظ التقرير أثر الوباء غير المتناسب على الفتيات. فقد تعرّض الكثير من الفتيات بسبب الحجر، للعنف الجسدي والجنسي في المنزل، على يد نفس المعتدين في الكثير من الأحيان. كما أنّهم محرومات من فرص الحصول على الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية وخدمات معالجة العنف الجنساني، بما أنّها لا تُعتَبَر من "الخدمات الأساسية" في الكثير من المناطق. وأضافت المقرّرة الخاصة بأنّه من المرجح أن ترتفع الممارسات الضارة مثل زواج الأطفال، في ظلّ توقف برامج الوقاية وتفاقم فقر الأسرة.
نهج جديد للإتجار بالبشر
أكّد التقرير أنّ أزمة كوفيد -19 غيّرت النماذج المعتادة للإتجار والاستغلال، فقد سارعت الجماعات الإجرامية المتخصصة بالاستغلال الجنسي إلى تكييف طرق عملها، من خلال زيادة استخدام التواصل عبر الإنترنت والاستغلال في المنازل.
وشرحت المقرّرة الخاصة قائلة: "تغذّي الأزمات الإفلات من العقاب، وتؤدّي إلى انهيار القانون والنظام، كما تدمّر المجتمعات، وتعزّز الظروف التي يزدهر في ظلّها الإتجار وغيره من أشكال الاستغلال، وغالبًا ما يمتد هذا الواقع إلى ما بعد انحسار الأزمة."
في بعض البلدان، أدت القيود المفروضة وإقفال الفنادق وأماكن الترفيه إلى بيع المتجرون الأطفالَ في المركبات. وبرز بيع الأطفال "بالسيارة" في العديد من البلدان. فبدلاً من أن يتم بيع الأطفال في مواقع فعلية، غالبًا ما يتم بيعهم حاليًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة.
وفي ظلّ تخفيض حجم المساعدات الإنسانية والقيود المشدّدة على السفر، ورد الكثير من التقارير من مخيمات اللاجئين والمهاجرين تشير إلى أنه يتم بيع الأطفال للحصول على المواد الغذائيّة والإمدادات الأساسية، وأن الأطفال أنفسهم يُجبرون على الانخراط في أنشطة جنسية مقابل حصولهم على طعام.
استراتيجيات الوقاية وأهمية مشاركة الأطفال
أفادت سينغاتة قائلة: "لا تؤدي الجائحة إلى تفاقم المحنة التي يعيشها أصلاً الأطفال فحسب، بل تهدد أيضًا بعكس العديد من الإنجازات التي أحرزناها بشق الأنفس لتحقيق أهداف العام 2030."
كما رفعت في تقريرها عددًا من التوصيات. فشجعت أوّلاً على اتباع نهج وقائي، وحثّت الحكومات على اعتماد نظم حماية قائمة على حقوق الإنسان قبل وقوع الكوارث حتّى، من أجل تجنب المخاطر المتزايدة للعنف ضدّ الأطفال والاعتداء عليهم، وإهمالهم واستغلالهم أو التخفيف منها.
ويوصي التقرير أيضًا بجمع بيانات أفضل وتطوير أدوات تقييم سريعة لتقدير أثر الجائحة على الخدمات الأساسية بالنسبة إلى الضحايا.
والأهم من ذلك كلّه، يجب حتمًا أخذ مساهمات الأطفال في الحسبان عند اتخاذ أيّ قرار يعنيهم، وعند اعتماد أيّ استراتيجية تعنيهم.
وختمت المقرّرة الخاصة قائلة: "سيواجه الأطفال والشباب واقعًا جديدًا ومختلفًا بعد الأزمة. إنّ مشاركة الأطفال في إعداد أي استراتيجية وطنية قائمة على حقوق الطفل، ومُصمَّمة لمنع بيع الأطفال واستغلالهم جنسيًا وضمان حمايتهم وتعافيهم وإعادة إدماجهم، غاية في الأهمية، اليوم أكثر من أيّ وقت مضى."
في 29 آذار/ مارس 2021