السودان: تنفيذ إصلاحات جذريّة ولكن التحدّيات القائمة لا تزال هائلة
23 تشرين الأول/أكتوبر 2020
أعلن أريستيد نونسي، في نهاية ولايته كخبير الأمم المتّحدة المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، التي استمرت ست سنوات، أنّ الحكومة الانتقالية بذلت جهودًا حثيثة كي تعالج المخاوف المنتظمة المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك التزامها بمعالجة الإفلات من العقاب. ولكنّه أضاف أنّ التحديات القائمة لا تزال هائلة.
وقد رفع نونسي تقريره النهائي إلى مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف، ويغطّي الفترة الممتدّة بين 27 أيلول/ سبتمبر 2019 و16 تموز/ يوليو 2020. وفي 6 تشرين الثاني/ أكتوبر 2020، اعتمد المجلس خلال دورته الـ45 القرار 45/25 وأنهى بموجبه ولاية الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان.
وأعلن الخبير قائلًا: "لقد اتخذَتْ الحكومة بعض الخطوات لضمان تحقيق العدالة للضحايا، لكن استمراريّتها تتطلب دعمًا دوليًا مستمرًا وانخراطًا في البلاد. كما يجب أن يتضمن الدعم استراتيجيات واضحة لا لبس فيها، ورؤى متكاملة تساهم في توجيه السودان خلال الفترة الانتقالية هذه التي تنطوي على الكثير من التحدّيات."
وأشاد الخبير بتعاون الحكومة لإنشاء مكتب قطري لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان في العاصمة الخرطوم، الذي أعلن عن انطلاق أعماله في تمّوز/ يوليو 2020. كما رحّب بتوقيع اتفاق السلام في 31 آب/ أغسطس 2020، وشجع الحكومة وحركة تحرير السودان، وفصيل عبد الواحد وفصيل الحلو التابعان للجيش الشعبي لتحرير السودان/ الشمال، وهما مجموعتان مسلحتان لم تنضما إلى اتفاق السلام، على مواصلة الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق.
وأشار إلى أنّ الأطراف في اتفاق السلام قد وافقوا على إنشاء آليات خاصة بالعدالة الانتقالية والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وأعرب عن أمله في اتفاق سلام يمتثل للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان ويمثل آراء الفئات المهمشة في السودان ويعالج قضايا المساءلة والعدالة الانتقالية.
فقال: "أظهرت الخبرة أن المساءلة عنصر حاسم في مكافحة العنف ومنع تكرار الانتهاكات في المستقبل. كما يجب محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت خلال العقود الماضية في السودان، من خلال محاكمات عادلة تحترم المعايير الدولية لحقوق الإنسان."
وأشار نونسي أيضًا إلى أن إصلاح القوانين الأخير، الذي يؤثر على حقوق الإنسان والحريات الفردية في البلاد على حدّ تعبيره، يشكّل خطوة تاريخية قامت بها الحكومة نحو إصلاح نظام العدالة الجنائية. إلا أنه أعرب عن قلقه حيال التأخّر في تحقيق العدالة لضحايا حوادث العنف التي ارتُكبت خلال فضّ الاعتصام السلمي في الخرطوم في 3 حزيران/ يونيو 2019.
فقال: "أحثّ الحكومة على تقديم الدعم اللازم للجنة التحقيق الوطنية المستقلة فتتمكّن من بذل قصارى جهدها لتحقيق العدالة والتعويض على الضحايا، ومحاسبة جميع المسؤولين بدون استثناء، وفقًا لقواعد الإجراءات القانونية الواجبة وبما يتماشى مع معايير القانون الدولي، كما أحثّها على إعلان النتائج التي ستتوصّل إليها اللجنة."
وأكّد أنّ التمييز وعدم المساواة اللذين طال أمدهما يؤثران سلبًا على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في السودان، ولا يزالان السبب الجذري للاضطرابات المدنية والصراعات في البلاد.
فمنذ حزيران/ يونيو 2020، تم الإبلاغ عن العديد من حوادث العنف الطائفي في المناطق المتضررة من النزاعات. ما يسلط الضوء على الهشاشة المتأصلة والتحديات الفريدة التي تواجه المرحلة الانتقالية في السودان. وبالتالي، لا بدّ من اتباع نهج شامل على مستوى الأمة لمواجهة هذه التحديات."
وشجع الخبير الحكومة على تنفيذ استراتيجيتها الشاملة بسرعة، عبر لجنتها الوطنية لحماية المدنيين، بهدف تلبية الحاجة الملحة وحماية المدنيين في جميع أنحاء السودان.
فقال: "تتطلب حالة حقوق الإنسان في السودان استمرار جميع الشركاء المعنيين في بذل كلّ اهتمام ممكن ودعم متوفّر. أحث المجتمع الدولي على تقديم الدعم المالي الذي تعهد به، وعلى وإزالة الحواجز التي تعيق الانتعاش الاقتصادي في السودان لضمان انتقاله المستدام إلى الديمقراطية."
كما اغتنم الخبير الفرصة لحثّ الحكومة على التصديق على المعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان التي لم يصادق عليها السودان بعد.
وختم قائلاً: "مع انتهاء ولايتي، أحيي الشعب السوداني وأتمنى له كل الخير والتوفيق."
في 23 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2020