Skip to main content

المهاجرون

"ما مِن مهاجرين... بل بشر بكلّ ما للكلمة من معنى"

18 كانون الاول/ديسمبر 2019

شكّلت المواجهة السياسية بشأن قوارب إنقاذ المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسّط، في ظلّ رحلة محفوفة بمخاطر تهدّد حياتهم، حافزًا لألينا ليابينا كي تؤسس ما أصبح اليوم من أكثر مجموعات الدفاع عن حقوق المهاجرين تأثيرًا في ألمانيا.

ففي حزيران/ يونيو 2018، مُنعت سفينة تابعة لمنظّمة غير حكومية معنيّة بإنقاذ أشخاص يسلكون طرق الهجرة الأساسيّة بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، من دخول الموانئ الإيطالية والمالطية، ما عرّض مئات الأرواح للخطر، بسبب التأخّر في تقديم العلاج وخدمات الطوارئ الطبية.

وقد شعرت ألينا ليابينا، البالغة من العمر وقتذاك 26 عامًا، بغضب عارم يغمرها بسبب المواجهات وعدد القتلى الهائل الذين يسقطون في البحر الأبيض المتوسط، وبسبب ما اعتبرته "تقاعسًا من جانب الاتّحاد الأوروبي". وفي تمّوز/ يوليو 2018، شاركت في تأسيس حركة في ألمانيا تدعى Seebrücke (أيّ الجسر البحري) وراحت تطلق الحملات من أجل إعمال حقوق الإنسان الأساسية لمَن يضطر على الفرار من منزله.

ولا يزال المعبر البحري الخطير نفسه يخطف العديد من الأرواح حتّى يومنا هذا. فقد سجّل العام 2019 وحده حتى الآن، حوالى 1,243 قتيلًا ومفقودًا.

مكافحة العنصرية وخطاب الخوف

وتصف ألينا ليابينا حركة الجسر البحري على أنّها أكبر حركة مناهضة للعنصرية في ألمانيا، وقد أتاحت فرصًا لا تُحصى لشرائح واسعة من المجتمع المدني كي تتّخذ موقفًا بشأن انعزالية الاتحاد الأوروبي وسياسة الهجرة المثيرة للقلق في ألمانيا." وتقدّر ألينا أنّ حوالى نصف مليون شخص خرجوا إلى الشوارع في خلال آخر سنة ونصف دفاعًا عن حقوق المهاجرين.

وتعتبر أنّ أحد إنجازات الحركة الأساسية هو تأمين مساحة للحوار بين المجتمع المدني والسلطات المحلية تسمح بإجراء "نقاش صحي وعقلاني غير مترسّخ في الخوف، وبالنظر في حلول وردود عملية."

ورسالة ألينا ليابينا إلى الأشخاص الذين قد يخافون عند وصول أشخاص جدد إلى مدنهم أو بلداتهم هي كالتالي: "يواجه الأشخاص الذين تعتبرونهم من الأجانب المشاكل اليومية نفسها التي تواجهونها. فما يوحّدنا هو كفاحنا المشترك ضد الظلم الذي نعانيه جميعنا. نحن بحاجة إلى معالجة المشاكل الهيكلية المتفشية في الأطر السياسية والاقتصادية القائمة. ويمكننا تحقيق حياة جيدة للجميع بغضّ النظر عمّا يخبركم به اليمين المتطرف أو من يتسبب فعليًا بهذه المظالم."

الملاذات الآمنة لمزيد من التضامن

من بين نجاحات الحركة الشعبية الكاسحة الأخرى حملة "الملاذات الآمنة". فقد حثّت المنظمة المدن في جميع أنحاء ألمانيا على التعبير عن روح تضامن وإنسانية من خلال استقبال مجتمعاتها المزيد ممن يتمّ إنقاذهم من البحر، بالإضافة إلى نظام "الكوتا" المُعتَمَد في ألمانيا. كما طُلب من نفس المدن أن تنضمّ إلى تحالف "الملاذات الآمنة"، و/ أو أن ترعى منظّمة تُعنى بالإنقاذ البحري.

وأعلنت ألينا ليابينا قائلة: "من خلال اعتماد برامج استقبال إنسانية وقائمة على حقوق الإنسان، نعيد كرامة من نجا من هذه الرحلة المروعة."

ومنذ إنشاء حركة الجسر البحري، أعلنت أكثر من 100 مدينة وبلدة وبلدية ألمانية نفسها ملاذًا آمنًا، وأعربت عن استعدادها لاستقبال الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر.

وقد توسعت الحركة اليوم كي تشمل سويسرا والنمسا وبلجيكا.

"ما مِن مهاجرين... بل بشر بكلّ ما للكلمة من معنى"

تصرّ ألينا ليابينا على أنّ اللغة المحيطة بالهجرة تلعب دورًا مهمًا على مستوى الموقف من وصول أشخاص جدد إلى المجتمع. وتعتبر أنّ التغيير في اللغة يساعد على اعتماد خطاب أكثر إيجابية مترسّخ في الانفتاح والترحيب، بدلاً من الخوف والانقسام.

فتقول: "بالنسبة إلينا ما مَن مهاجرين، بل بشر اعتادوا أن يعيشوا في حلب، وانتقلوا اليوم إلى برلين. وبصفتنا حركة تُعنى بحقوق الإنسان، نحن مقتنعون بأنّ كل ما نحتاج إلى معرفته هو أنّ البشر يتعرّضون للتعذيب والقتل والاحتجاز، بهدف إطلاق عمل سياسي. فأصلهم وخلفيتهم لا يمتّان بأيّ صلة إلى هذا الوضع."

وبصفتها ابنة مهاجرين روس إلى ألمانيا، تدرك كفاح الأشخاص الذين يصلون إلى بلد جديد. فتقول: "هذه القضية تعنيني شخصيًا من دون أدنى شكّ. فأنا لم أولد كمواطنة ألمانية، ويمكنني أن أتخيّل تمامًا ما يعيشه هؤلاء الأشخاص يوميًا."

وعندما سُئلت إن كانت ستستمر في الدفاع عن حقوق الأشخاص الذين هم في حالة تنقل، أكّدت على أنّها لا تنوي أبدًا التوقّف عن العمل قريبًا، فقالت: "هناك الكثير من الأشخاص في هذا العالم لا يملكون أيّ صوت سياسي. وعلى الرغم من أننا أحرزنا الكثير من التقدم في ألمانيا، تتدهور في الاتّحاد الأوروبي البيئة السياسية المحيطة بالهجرة. فلا يمكننا أن نتوقف بكلّ بساطة عن العمل وننتقل إلى اهتمامات أخرى."

إخلاء مسؤولية: إنّ الآراء والمعلومات الواردة في هذه المقالة هي آراء الأشخاص المذكورين ولا تعكس بالضرورة سياسة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أو موقفها الرسمي.

18 كانون الاول/ديسمبر 2019

الصفحة متوفرة باللغة: