تعداد المجموعات التي لم يتمّ شملها يومًا: خطوة ممتازة نحو الإدماج في كينيا
27 تشرين الثاني/نوفمبر 2019
أعلن كبير الإحصائيين في المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان نيكولاس فاسيل قائلاً: "عندما يشملنا الإحصاء نصبح أكثر أهميّة، ومساهمة حقوق الإنسان الأساسية في هذا المجال هي اعترافها بأنّه يحقّ لنا جميعنا بأن يشملنا الإحصاء. هنا تكمن بداية المساءلة."
تعداد الشعوب أو عدم تعدادهم، ليس بقرار محايد. فطموح كينيا في شمل الجميع من دون أيّ استثناء ضمن إطار خطة العام 2030، وجد طريقه إلى التعداد الوطني للسكان والمساكن للعام 2019.
وعملاً بنداء أهداف التنمية المستدامة الواضح والمتمثل في "شمل الجميع من دون أيّ استثناء"، جمع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في كينيا بين المؤسّسة الوطنية لحقوق الإنسان والمكتب الوطني للإحصاء ضمن شراكة تسعى إلى تحديد المجتمعات أو المجموعات التي تم استبعادها عبر التاريخ عن صنع السياسات.
وحدّدت المفوّضيّة السامية والمؤسّسة الوطنيّة لحقوق الإنسان والمكتب الوطني للإحصاء حوالى 28 مجموعة لم يتمّ شملها عند إعداد البيانات. وشكّلت هذه الخطوة حدثًا مفصليًا لأنّه أسّس لإدماج هذه المجموعات تدريجيًا في التقديرات الإحصائية الوطنية والمتغيرات المختلفة على المستويات الكلية.
وأضاف نيكولاس فاسيل قائلاً: "بصفتنا مفوضية سامية لحقوق الإنسان، كان من الضروري لنا أن ندرج هذه المجموعات المهمّشة على أساس العمل الذي قامت به الآليات الدولية لحقوق الإنسان."
وأوضحت مسؤولة في مكتب مفوّضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في كينيا، كلاريس أوغانغا، التي لعبت دورًا أساسيًا في إبرام مذكّرة تفاهم بين المكتب الوطني للإحصاء والمؤسّسة الوطنيّة لحقوق الإنسان في العام 2017، تهدف إلى تعميم نهج قائم على حقوق الإنسان عند جمع البيانات، فقالت: "هذه الشراكة بين اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ومكتب الإحصاء الوطنيّ هي أوّل شراكة من نوعها، ولديها إمكانات هائلة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في كينيا من منظور حقوق الإنسان."
وحملت هذه الشراكة مكتب المفوضية في كينيا على المشاركة في إعداد تعداد السكان والمساكن، الذي أجري في أواخر آب/ أغسطس 2019 ونُشِرَت نتائجه المؤقتة في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.
الأرقام توجّه السياسات والتخطيط وتخصيص الموارد
من خلال تعاون مكتب المفوضيّة في كينيا مع المكتب الوطنيّ للإحصاء والمؤسسة الوطنيّة لحقوق الإنسان، ساهمت في إعداد عدد من الأسئلة وإدراجها في الإحصاء، لا سيما أسئلة تتعلّق بالإعاقة (على أساس أسئلة مجموعة واشنطن الخاصة بالإعاقة)، والأشخاص المصابين بالمهق، والمتحولين جنسيًا، والسكان الأصليين وعديمي الجنسية.
وأعلن مدير عام المكتب الوطني للإحصاء السيد زاكاري موانجي قائلاً: "شاركت المفوضية في العمليّة عبر دعمها المكتب الوطنيّ للإحصاء والمؤسسة الوطنيّة لحقوق الإنسان بهدف إبرام مذكّرة التفاهم، كما دعمت المكتب في جميع مراحل إعداد التعداد، انطلاقًا من العمل التحضيري بما في ذلك تصميم الاستبيان، وصولاً إلى المشاركة مع مجموعات العمل التقنية المعنية بمؤشرات حقوق الإنسان، مرورًا بإجراء التعداد الفعلي في الميدان."
ومن خلال مشاركة مكتب المفوضيّة السامية في كينيا مباشرة في أعمال اللجنة التقنيّة، انخرط في العملية منذ المراحل الأولية لإعداد التعداد وتصميمه وصولاً إلى مراقبة العملية الميدانية، إن على مستوى التعداد التجريبي الذي أجري في آب/أغسطس 2018 أم على مستوى عملية التعداد الأساسيّة التي أجريت في آب/ أغسطس 2019.
يُعتَبَر تعداد السكان والمساكن في كينيا للعام 2019، وهو التعداد السادس منذ استقلال كينيا في العام 1963، أكثر التعدادات ابتكارًا وتقدمًا على الإطلاق. ويشير زاكاري موانجي قائلاً: "هو أول تعداد لا يعتمد على الورق بل على التكنولوجيا وفي جميع مراحله. وقد جمعت الجامعات المحلية الأجهزة المحمولة وطوّر المكتب الوطني للإحصاء برنامج التقاط البيانات."
ودعا مكتب المفوضية في كينيا، بالتعاون مع شركائه في الحكومة والمجتمع المدني، إلى تعميم نهج قائم على حقوق الإنسان في جمع البيانات المتعلقة بالفئات المهمشة، والمشاركة، وتصنيف بيانات التعداد، وتحديد الهوية، والخصوصية والشفافية. ونتيجة لذلك، انطوى نموذج التعداد على نوع ثالث من النوع الاجتماعي، وهو ثنائيّ الجنس، كما وسِّعَت قائمة المجتمعات لتشمل المجتمعات الأصلية والمهمشة بهدف الاعتراف بها وإدماجها.
وأكّدت مسؤولة البرامج في المؤسّسة الوطنيّة لحقوق الإنسان بترونيلا ماكيندو قائلة: "لقد تم استبعاد هذه المجموعات في السابق، واعترفت الشراكة بين المؤسّسة الوطنية لحقوق الإنسان والمكتب الوطني للإحصاء بضرورة شمل الجميع في مثل هذه المشارع الوطنية البالغة الأهميّة بما يتماشى مع نداء أهداف التنمية المستدامة ودستور الأمة."
إن عدم الاعتراف بهذه المجموعات يعني عدم الاعتراف بوجودها ما يؤدي إلى استمرار انتهاكات حقوق الإنسان. وشدّدت بترونيلا ماكيندو قائلة: "من الضروريّ للغاية أن يشمل التعداد الجميع من دون أيّ استثناء، كونه أكثر المشاريع الوطنية شمولاً على مستوى جمع البيانات، ويجري مرّة واحدة كل عقد. وتوجّه الأرقام السياسات والتخطيط وتخصيص الموارد وترسيم الحدود حتّى في السياق الكيني."
يجب إشراك المصابين بالمهق في عمليّة صنع القرارات
بفضل دعم مكتب المفوضية في كينيا، أُدرجت أسئلة تتعلّق بالمهق في التعداد، وكانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها احتساب الأشخاص المصابين بالمهق.
ويعتبر أعضاء جمعية المهق في كينيا، وهي منظّمة وطنية تدافع عن حقوق المصابين بالمهق واحتياجاتهم، التعداد إنجازًا بارزًا بعدما أطلقوا حملة في العام 2009 ليتم تعدادهم عبر رفعهم عريضة إلى البرلمان.
وذكّرت بترونيلا ماكيندو قائلة: "لعب مكتب مفوضية الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان في كينيا دورًا فاعلاً في الدعوة إلى إدراج المهق في الإحصاء، وأدّى عملها مع المنظّمات المعنيّة بالمصابين بالمَهَق ومن أجلهم، إلى إعداد ورقة موقف والضغط على المكتب الوطني للإحصاء في كينيا كي يدرج هذه الأسئلة."
وأعلن المنسق الوطني لجمعية المهق في كينيا إسحاق موورا، وهو أوّل عضو في البرلمان ومجلس الشيوخ مصاب بالمهق قائلاً: "لم تكن المطالبة بإدماجنا في صلب المجتمع بسهلة. ويجب إشراك المصابين بالمهق في عملية صنع القرار."
يساهم شمل المصابين بالمهق في تعداد العام 2019 في تحسين السياسات والبرامج التي يستفيدون منها. وأشارت بترونيلا ماكيندو قائلة: "تساعد الأرقام الدقيقة الخاصة بالمصابين بالمهق الدولة على تحسين خدماتها، ولا سيّما برنامج دعم المصابين بالمهق."
في 18 أيلول/ سبتمبر 2018، أعلن خبير الأمم المتحدة المعني بتمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان إيكبونووسا إرو، أنّه "من المقرّر أن تصبح كينيا رائدة إقليمية في هذا المجال." وفي الواقع، مع هذا الإحصاء السكاني للعام 2019، تم إنجاز خطوة ممتازة نحو تحقيق هذا الهدف.
يوفر التعداد أيضًا معلومات إحصائية تدعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة بطريقة عادلة تمكّن من تقييم التقدّم المحرز على مستوى الأهداف والمؤشرات. وهذا أساسيّ لضمان أن تعزّز أهداف التنمية المستدامة تمتّع الجميع بحقوق الإنسان، وشملهم جميعًا من دون أيّ استثناء.