Skip to main content

التعذيب والمعاملة اللاإنسانية

التعقيم القسري في البيرو: قصة نضال امرأة للوصول إلى العدالة والتعويض

26 حزيران/يونيو 2019

"لقد أصابنا ما يكفي. نريد أن تستمر النساء في البقاء على قيد الحياة، جسدياً وعاطفياً".

في أواخر التسعينيات، تغيَّرت حياة ماريا إيلينا كارباخال سيبيدا إلى الأبد. فقد كانت واحدة من بين مئات آلاف النساء اللواتي خضعن للتعقيم، بموجب برنامج تخطيط أسري وضعته حكومة البيرو بهدف التصدي للفقر.

واستهدف البرنامج الذي استمرَّ على مدى أكثر من أربع سنوات 300 ألف امرأة تقريباً. وتشير المزاعم إلى أن الغالبية العظمى من هذه النساء لم تعط موافقتها في هذا الشأن، وكان العديد منهن من الشعوب الأصلية أو من مناطق ريفية. ولا تزال آلاف النساء بانتظار الحصول على التعويض اليوم.

وكانت الصدمة الجسدية والذهنية التي قاستها كارباخال سيبيدا كبيرة جداً. فإلى جانب الجراح النفسية التي قد لا تُشفى منها أبداً بالكامل، لا تزال تحمل معها ألم الماضي اليوم. وعلى مدى السنوات الأخيرة، تلقت دعماً نفسياً من خلال مركز الرعاية النفسية CAPS، وهو منظمة يموﱢلها صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب. وهي تقول إن هذا الأمر منحها 'القوة والطاقة' للاستمرار.

وباتت منذ ذلك الحين مدافعة عن حقوق الإنسان، وهي الآن ترأس منظمة غير حكومية، معروفة باسم جمعية ضحايا التعقيم القسري. وتدافع كارباخال سيبيدا من أجل الوصول إلى العدالة وتنفيذ إجراءات التعويض الخاصة بالضحايا.

وفي وقت سابق من العام الجاري، تحدثت في حلقة عمل للخبراء بشأن العنف الجنسي والجنساني الذي يرقى إلى التعذيب، كان قد نظمها صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب في جنيف، سويسرا. وقالت "في العديد من الحالات، وتحت أسوأ الظروف، علمنا أنهم استخدموا حتى التخدير المخصص للخيل للقيام بربط البوق. ولم يتم حتى إجراء العملية في المستشفيات، لأنه ليس لدينا مستشفيات في المقاطعات".

وتحدَّثت كارباخال سيبيدا عن التبعات العاطفية الجسيمة، وهي تشدﱢد على ضرورة تقديم الدعم النفسي. وقالت "إن الصحة مهمة جداً للاستمرار في الحياة".  

الإجراءات القانونية المستمرة

في عام 2015، أنشأت حكومة البيرو سجلاً وطنياً للتعقيم القسري. وبعد ثلاث سنوات، فتح مكتب المدعي العام دعوى تطرح رسمياً الحالات المتعلقة بحوالى ألفي ضحية وترفع شكوى جزائية بحق الأطباء وكبار المسؤولين الرسميين الذين كانوا في الخدمة في زمن تلك الأحداث.

ورحبَّت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بهذه الشكوى المرفوعة ضد المتهمين بارتكاب الجرائم، والتي أشارت إلى 'تورطهم غير المباشر في ارتكاب جرائم بحق حياة أكثر من ألفي امرأة وسلامتهن الجسدية وصحتهن'. ومنذ ذلك الحين، حثَّت اللجنة البيرو على ضمان ملاحقة الجناة قضائياً وعلى إنزال عقوبات بهم تتناسب مع خطورة أفعالهم. وتشدﱢد اللجنة أيضاً على إنفاذ العقوبات بفعالية وعلى تقديم التعويض إلى الضحايا.

الدعوة إلى تحقيق العدالة

إلى جانب الضغوط الدولية والوطنية المستمرة على حكومة البيرو، تواصل كارباخال سيبيدا نداءها الشخصي، باسم آلاف الضحايا. وتلتمس تحقيق العدالة وإدماج المرأة في البرامج الاجتماعية، بالإضافة إلى الحصول على تعويض مادي. وقالت "نريد من الحكومة أن تتنكب مسؤوليتها في معاقبة الرئيس (السابق) ألبرتو فوجيموري والأشخاص المتورطين معه، بما في ذلك الأطباء والطاقم الطبي".

وأضافت "لا تقتصر المسألة على مجرد القول إن تلك السيدات يرغبن في الحصول على بعض المال. نريد تحقيق العدالة لأن ما ارتكبوه بحقنا هو تعذيب وفعلوا ذلك ضد إرادتنا. لقد عاملونا كالحيوانات. ونحن نطلب بشكل أساسي من الحكومة أن تحقق العدالة وتجري تحقيقاً بشأن هذه الحالات وأن تندﱢد بها مرة واحدة وإلى الأبد. وينبغي على الأشخاص المتورطين أن يدفعوا ثمن فعلتهم، لأن هذا الأمر يشكل جريمة ضد الإنسانية".            

26 حزيران/يونيو 2019


الصفحة متوفرة باللغة: