Skip to main content

برلمانيّون يعزّزون مجتمعات أكثر عدلاً

19 كانون الاول/ديسمبر 2018

تبقى وظيفة البرلمانيّين التمثيليّة الأكثر أهميّة وتأثيرًا بالنسبة إليهم.

وبسبب عدم المساواة الاجتماعيّة والاقتصاديّة، غالبًا ما يُحرَم بعض الأفراد والجماعات من فرصة المشاركة في إدارة الشؤون العامة. كما يواجهون حلقة مفرغة: فكلما تفاقمت عدم المساواة، تقلّصت المشاركة؛ وكلما تقلّصت المشاركة، تفاقمت عدم المساواة. ما يُديم امتياز النخبة، وحدها القادرة على التأثير بشكل مباشر على العمليات الرسميّة وغير الرسميّة.

إنّ الحقّ في المشاركة في الحياة السياسيّة والعامة أساسيّ لتمكين الأفراد والجماعات، والقضاء على تهميشهم. ويدرك البرلمانيّون المقرّبون من شعبهم أهميّة أخذ احتياجاتهم في الحسبان عند اقتراح قوانين جديدة واعتمادها. وليس من الضروريّ أن يكون البرلمانيّون صورة طبق الأصل عن ناخبيهم، ولكن من المهم للغاية أن يشاركوهم خبراتهم وتطلّعاتهم.

هذه حال جميلة دبش كسيكسي، أول نائب سوداء في تونس. فقد شعرت دومًا بأنّ دورها في البرلمان يمكن في الدفاع عن جميع الفئات الضعيفة في بلدها: ومنهم الفقراء والأقليّات الدينيّة والعرقيّة، بالإضافة إلى المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين يعيشون في تونس.

ما بين 5 و10 في المائة من سكان تونس من السود، مع العلم أنّه ما من إحصاءات عرقيّة رسميّة متوفّرة. ولكنّ هؤلاء لا يزالون لا يتمتّعون بالحقوق ولا بالحريّات التي يتمتّع بها باقي المجتمع التونسيّ. كما يعيشون التمييّز العنصريّ بدرجات متفاوت تتراوح بين الافتراءات العرقيّة العرضيّة وصولًا إلى عدم تمثيلهم تمامًا في الحياة العامة.

وبالإضافة إلى ذلك، تشير المنظمة الدوليّة للهجرة إلى أنّ حوالى 75,500 مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء يعيشون في تونس. وقد أفاد الكثيرون منهم بتعرّضهم للتميّيز العنصري والاعتداءات حتّى. وفي آب/ أغسطس 2018، وقعت مشادات عنيفة بين تونسيّين أصليّين وسكان نجمتار، وهو حيّ شعبيّ يقع في ضواحي تونس العاصمة ويضمّ عدة مجتمعات أفريقيّة، وتصدّرت عناوين الأخبار.

وتتذكر كيسكسي عندما أصبحت تونس أول دولة في شمال أفريقيا تعتمد قانونًا يناهض التمييز العنصريّ، وذلك في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2018. وقد وصف البعض هذا الإنجاز بأنه تاريخيّ، يحاكي إلغاء العبوديّة في تونس في العام 1846 قبل الولايات المتّحدة الأميركيّة وقبل أيّ دولة أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقالت: "شكّلت اللحظة التي اعتمدّتْ خلالها الجلسة العامة هذا القانون لحظةً تاريخيّة بالنسبة إليّ. لقد شعرت بالفخر ببلدي وبزملائي البرلمانييّن. فاعتماد نص قانوني يجرّم التمييز العنصريّ لحظة حاسمة نحو تعزيز حقوق الإنسان في تونس. وكوني أول امرأة سوداء في البرلمان التونسيّ، فأنا دومًا فخورة بأن أشكّل جزءًا لا يتجزّأ من هذه الأقليّة."

وقد زارت كسيكسي جنيف في تشرين الثانيّ/ نوفمبر كي تشارك في الدورة الثانية لمنتدى الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان والديمقراطيّة وسيادة القانون. وينعقد هذا المنتدى مرّة كلّ سنتَين، وقد نَظَرَ هذا العام في كيفيّة تعزيز البرلمانيّون التمتّعَ بجميع حقوق الإنسان، واقْتَرَحَ حلولًا لتعزيز الديمقراطيّات وإنشاء أنظمة لسيادة القانون أكثر مرونة.

أما غير المواطنين، بمن فيهم المهاجرون واللاجئون وعديمو الجنسيّة، فنادرًا ما يُسمَع صوتهم في الشؤون العامة والسياسيّة في بلدان إقامتهم. لذا، يمكن البرلمانات أن تلعب دورًا أساسيًّا خلال النزاعات، عبر تعزيز قيم الاحترام والحوار والمساومة، من دون أن تترك أيّ مجال لخطاب التمييز وكراهية الأجانب، الذي يحيط بالهجرة في المجتمعات.

وفي العام 2015، كانت كسيكسي من بين أول البرلمانيّين الذين ندّدوا بالتمييز العنصريّ واستنكروه. ومع ذلك، لا تتناسى أبدًا الدور الذي لعبه المجتمع المدنيّ عندما ناضل مدّة ثماني سنوات من أجل اعتماد قانون مناهضة التمييز العنصريّ.

أمّا اليوم، فهي تواصل العمل لإدماج نوع الجنس والنهج القائم على التنوّع في جميع مجالات السلطة في المجتمع التونسيّ. وتونس هي إحدى الدولتَيْن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اللتَين اعتمدتا قوانين المساواة في البرلمان. وفي العام 2015، شكّلت النساء أكثر من 30 في المائة من أعضاء البرلمان.

وأعلنت كسيكسي قائلة: "للمرة الأولى، تمّ انتخاب امرأة سوداء في البرلمان. كما عيّنت حكومتنا وزيرًا يهوديًا؛ هي المرّة الأولى في تونس وقد شكّلت انطلاقة مميّزة. ويعزّز التنوّعُ مشاركةَ جميع الفئات الاجتماعيّة في مشاريع الإصلاح ودعمها."

وأضافت: "المشاركة السياسية للجميع حق من حقوق الإنسان. وهي تعبير تلقائيّ عن جنسيّتنا. وعلينا أن نشجع الجميع على المشاركة في الحياة السياسيّة."

وتَعتبر كسيكسي أنّه على الحكومة التونسيّة، في وقت نحتفل فيه بالذكرى الـ70 لاعتماد الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، أن تركّز بشكل أكبر على حقوق شعبها الاقتصاديّة والاجتماعيّة.

وختمت قائلة: "لقد عاش العديد من مجموعاتنا الاجتماعيّة الحرمان، فتحمّل البطالة والأجور المتدنّية. نحتاج إلى استراتيجيّة للقضاء على الفقر وتعزيز التنمية في بلدنا."

19 كانون الاول/ديسمبر 2018

الصفحة متوفرة باللغة: