العصر الرقمي: هل خصوصيتنا مهدَّدة؟
19 تشرين الثاني/نوفمبر 2018
قالت أيليد كالاندر من Privacy International "بما أن البيانات التي تتعلق بنا تزداد يوماً بعد يوم، فيما نعيش حياتنا اليومية، فمن الضروري أن يتم النظر إلى حماية البيانات كموضوع من مواضيع حقوق الإنسان وليس مجرد موضوع امتثال". وكانت كالاندر تتحدث ضمن فريق من الخبراء الذين اجتمعوا على هامش الدورة 39 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لمعالجة المخاوف المتعلقة بالحيِّز الرقمي والتدخلات في الخصوصية.
وتناهى إلى المشاركين في الحدث الجانبي بعنوان: سرية التواصل وخصوصية البيانات في العصر الرقمي ما مؤدَّاه أن الحفاظ على هوية مجهولة بات أمراً صعباً أكثر من ذي قبل. وقالت إليزابيت فاريز من الشبكة الدولية لمنظمات الحريات المدنية "يتعرَّض كافة الأفراد المنتمين إلى مجتمعات الشعوب الأصلية والأفراد من مختلف الأجناس والأقليات الدينية والمجموعات العرقية والإثنية لهذه التأثيرات المتزايدة المتعلقة بالخصوصية".
وكان تقرير صادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (A/HRC/39/29) قد أثار مخاوف مماثلة بشأن بروز المزيد من التقنيات كثيفة البيانات المؤثرة، مثل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي. ويعترف تقرير المفوضية أن "التطورات التقنية تنطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة إلى الكرامة الإنسانية والاستقلالية والخصوصية وممارسة حقوق الإنسان عموماً إذا لم تتم إدراتها بعناية فائقة".
وبحسب التقرير الذي يحمل عنوان الحق في الخصوصية في العصر الرقمي، فإن التقنيات كثيفة البيانات خلقت تحديات قوية غير مسبوقة للحق في الخصوصية. ويشير التقرير إلى اتجاه مقلق يتمثل في وجود المزيد من البصمات الرقمية للأفراد المتعلقة بالمليارات منهم، والتي يتم جمعها من خلال الحواسيب الشخصية والهواتف الذكية والساعات الذكية وأجهزة رصد اللياقة البدنية وغيرها من الأجهزة القابلة للارتداء التي نخلِّفها وراءنا.
ومن بين المخاوف التي يتطرق إليها التقرير أن "المؤسسات التجارية والدول لا تزال تتبادل البيانات الشخصية وتجمعها من مختلف المصادر وقواعد البيانات، مع حيِّز رئيسي للوسطاء المعنيين بالبيانات. نتيجة لذلك، يجد الأفراد أنفسهم في موقع ضعف، بما أنه يبدو من المستحيل تقريباً تعقب الجهة التي تحتفظ بأي نوع من المعلومات بشأنهم، ناهيك عن التحكم بالطرق العديدة التي يمكن من خلالها استخدام تلك المعلومات".
كذلك، تمَّ إدراج انعدام الشفافية حالياً لدى الشركات كما الحكومات بشأن استخدام البيانات الشخصية كأحد المواضيع المثيرة للقلق. ويلاحظ التقرير أن مراقبة الجمهور واعتراض الاتصالات بشكل سري لا يزالان مصدر قلق. ويشير إلى وجود طرق متعددة تعتمدها الشركات والحكومات معاً في مراقبة الناس، ابتداءً من اعتراض الجمهور وصولاً إلى قرصنة أجهزة المدافعين عن حقوق الإنسان وسواهم.
وفي معرض حديثها عن التحديات، قالت بيغي هيكس، وهي مديرة رفيعة المستوى لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان "إن أحد أهم الأمور التي نحتاج إليها هي إقامة توازن فعلي بين التأكد من تنظيم حماية البيانات من أجل الخصوصية وعدم وقف الخطاب وحرية التعبير".
وينطبق أيضاً مبدأ "لا حق من دون تعويض" على الحق في الخصوصية في العصر الرقمي. وينبغي أن يحصل ضحايا الانتهاكات أو التجاوزات في مجال الخصوصية التي ترتكبها الدول و/أو المؤسسات التجارية على إمكانية الوصول إلى تعويض فعال، فيما تقع على عاتق الدول والمؤسسات التجارية مسؤولية ضمان هذا الوصول.
من جهته، شدَّد لياندرو أوسيفيري، الذي كان يناقش بدوره في الحدث، ممثلاً "الجمعية من أجل الحقوق المدنية" (Asociation pour los Derechos Civiles)، على ضرورة الشفافية. وقال "نحتاج إلى أن تكون لدينا سياسات عامة قائمة على الأدلة. إذا كانت الحكومة تطبِّق إذاً قاعدة بيانات، على سبيل المثال من أجل أغراض متعلقة بالهجرة، فإننا نريد أن نعلم فعلياً ما هي البيانات الكامنة التي تدعم هذه السياسة والحاجة إلى تطبيق هذه التقنية بالدرجة الأولى".
ويطرح تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مجموعة من التوصيات المتعلقة بالسياسات للدول والشركات معاً. ويوصي التقرير الدول بضرورة أن تطبِّق التزاماتها بالكامل لاحترام الحق في الخصوصية، فضلاً عن واجبها بحماية هذا الحق، بما في ذلك بالنسبة إلى الانتهاكات التي ترتكبها الشركات. أما بالنسبة إلى الشركات، فينبغي أن تحترم الحق في الخصوصية (كأي حق آخر من حقوق الإنسان)، ولهذا الغرض، عليها أن تتخذ عدداً من التدابير الرئيسية كما هو منصوص عليه في مبادىء الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وهي الإطار الدولي الذي يحدِّد مسؤولية الشركات لاحترام حقوق الإنسان. كما يدعو التقرير إلى تقديم تعويض فعال للضحايا الذين يتعرضون لانتهاكات أو تجاوزات في مجال الخصوصية من قبل دول و/أو شركات.
شاهد الفيديو من الحدث أدناه