دعم المنظّمات غير الحكوميّة المعنيّة بحقوق الإنسان في اليمن يساعد على إحلال السلام وتحقيق قدر أكبر من التسامح
01 أيّار/مايو 2018
السنة الفائتة، تحوّلت قاعات مؤتمرات صغيرة الحجم، في كلّ من صنعاء وعدن في اليمن، إلى أماكن لعقد اجتماعات وإحداث تحوّل. وفي بلد دمرّته توتّرات عرقيّة وسياسيّة محتدمة، وحرب أهليّة اندلعت منذ ثلاث سنوات، لم يكن من الشائع عقد هذا النوع من الاجتماعات ضمّت شبابًا أتَوا من مختلف الأطياف العرقيّة والدينيّة والثقافيّة والجغرافيّة والسياسيّة في المجتمع المدنيّ.
وقد جمعتهم المنظّمة غير الحكوميّة ألف باء مدنيّة وتعايش لتحقيق هدف واحد وهو: أن يتحدّث الشباب الواحد مع الآخر. إلاّ أنّ الهدف الأسمى وراء ذلك قد غيّر حياتهم: فمن خلال المحادثات يمكن كسر النمطيّة والتخفيف من التعصّب. وما إن يدرك الشباب هذه الحقيقة، يحملونها إلى مجتمعاتهم، ويجرون بدورهم الأحاديث والحوارات بشأن السلام والتسامح.
وقد أشارت مديرة المجموعة التنفيذيّة بهيّة السقاف قائلة: "نريد أن نبني جسورًا للتحاور (بين المجتمعات). ومن الأسهل أن نبادر إلى ذلك مع الشباب. فهم من يمكنه أن يبني الجسور بين مستويات المجتمع المختلفة. هي عمليّة متواضعة ولكنّنا متفائلون، ونتقدّم خطوةً خطوة."
ومؤسّسة ألف باء من المنظّمات الثلاث غير الحكوميّة التي حصلت على تمويل من مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان. وفي وقت سابق من هذه السنة، قدّم المكتب، وللمرّة الأولى، مساهمةً أوّليّة بقيمة 20,000 دولار أميركيّ إلى منظّمات غير حكوميّة مركزها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد سمح هذا التمويل إلى عدد منها بالعمل على مشاريع محدّدة تتناسب وجدول أعمال حقوق الإنسان.
تركت الحرب الأهليّة في اليمن، بالإضافة إلى عدم الثقة المتفشية منذ زمن، المجتمعات تعاني نقصًا في الكثير من الحاجات الضروريّة. وتساعد المنظّمات غير الحكوميّة في الربط بين قانون حقوق الإنسان وأهميّته بالنسبة إلى المجتمعات، على حدّ تعبير محمد علي النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضاف قائلاً: "لا يمكن لمكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان أن ينتشر في كلّ صُقع من أصقاع الأرض. ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا صعبة بسبب النزاعات المتفشيّة فيها ... كما تبرز هوّة كبيرة بين الالتزامات الدوليّة والمعاهدات من جهة، والسياسات والثقافة على مستوى بعض الممارسات من جهة أخرى. لذا، لا بدّ من اللجوء إلى المنظّمات غير الحكوميّة في بعض الأحيان من أجل تنفيذ المشاريع."
وجمعيّة الأمان لرعاية الكفيفات من المنظّمات غير الحكوميّة الأخرى التي حصلت على التمويل. وفي حين أنّ اسم المنظّمة يخصّ الكفيفات، تشير الدكتورة أوسن الأصبحي إلى أنّ هدف الجمعية هو تمكين كلّ الأشخاص ذوي الإعاقة.
ومن أجل تحقيق ذلك، تستخدم التمويل لإطلاق حملة "ها أنا ذا" التي تسعى إلى تسليط الأضواء على الأشخاص ذوي الإعاقة أمام الرأي العام، بالإضافة إلى مساعدة المجتمع على إدراك خياراته بصورة أفضل. وقد حقّقت جمعيّة الأمان ذلك عبر سبل متنوّعة، بما في ذلك إصدار مطويّات تركّز على مواد محدّدة من اتفاقيّة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وسلسلة من النشرات الإذاعيّة تركّز على حقوقهم، وسلسلة من الأفلام القصيرة تبرز الصراعات التي يواجهها يوميًّا أشخاص يعانون إعاقة معيّنة.
وأضافت: "مساهمة مكتب المفوض الساميّ لحقوق الإنسان مهمّة بالنسبة إلينا لأنّ قصّتنا هي قصّة كلّ إنسان يجب أن يتعرّف على حقوقه عبر وسائل الإعلام، لا سيّما الأشخاص ذوي الإعاقة الذين لا يدركون حاجاتهم. فلا بدّ لهم من أن يدركوا حقوقهم وأن يحسّنوا مستقبلنا من خلال ترجمة مواد الاتّفاقيّة في حياة اليمن اليوميّة."
وقد ساعد التمويل ليا لطف على إنشاء شبكة تضمّ بين مجموعات حقوق الإنسان المحليّة فتعزّز الوصول إليها. وقد استخدمت المنظّمة التي ترأسها، أيّ منظّمة سام للحقوق والتنمية، لتجمع 30 منظمة غير حكوميّة وتقدّم لها التدريب على آليات الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى كيفيّة رصد حقوق الإنسان في البلاد.
ومنظّمة سام في طليعة الجهات التي تتفاوض على قضايا حقوق الإنسان وتعالجها، بما في ذلك إطلاق سراح أشخاص احتُجِزوا خلال النزاع الذي اندلع في العام 2015 بين القوّات الموالية للرئيس عبد ربه منصور الهادي المعتَرَف به دوليًّا، والقوّات الموالية لحركة الحوثيّين ووحدات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وفي العام 2015، قدّمت منظّمة سام المساعدة للتفاوض على إطلاق سراح 650 موقوفًا.
وأشارت لطف فقالت: "تساهم الهبات الماليّة في تعزيز عملنا. لقد عملنا وحدنا في السابق ولم نحصل على أيّ دعم من أي جهة لأنّ الجميع عمل منفردًا، ما قوّض طرح القضايا الإنسانيّة وحقوق الإنسان. ولكن، إن اتّحدنا، نرفع الصوت حول ما يجري في اليمن وحول وضع حقوق الإنسان. ويمكننا بالتاليّ أن ندافع عن حقوق الإنسان في اليمن بشكل أفضل."
وأكّد النسور أنّه بفضل النجاح الذي حقّقته المنظّمات الثلاث غير الحكوميّة، سيستمرّ التمويل، مع إمكانيّة ارتفاع عدد المنظّمات غير الحكوميّة التي تستفيد منه.
تعرّفوا على عمل المنظّمات غير الحكوميّة في اليمن عبر مشاهدة الفيلم أدناه.