Skip to main content

العنصرية

التسامح والإدماج والوحدة واحترام التنوّع

21 آذار/مارس 2018

كانت الأحداث التي سرّعت اعتماد الاتّفاقيّة الدوليّة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصريّ منذ أكثر من نصف قرن، لتشكّل رموزًا لحقبة ولّت لولا أنّ العالم لا يزال يشهد حتّى يومنا هذا مظاهر العنصريّة والتمييز العنصريّ. .

 

وخلال انعقاد مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ناقش فريق من الخبراء المعنيّين بحقوق الإنسان هذه المظاهر وتبادلوا أفضل الممارسات والإجراءات التي من شأنها أن تعزّز التسامح والإدماج والوحدة واحترام التنوّع.

وتذكّر نيكولاس موراغن، وهو عضو في لجنة الأمم المتّحدة التي تشرف على امتثال الدول للاتّفاقيّة الدوليّة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصريّ خلال الحلقة النقاشيّة، بأنّه في 20 آذار/ مارس 1960، التقى آلاف المواطنين من جنوب إفريقيا في شاربفيل للاعتراض على القمع والإهانة التي يتعرّضون لها بسبب نظام الفصل العنصريّ. وقتلت يوم ذاك قوات النظام ستة وتسعين متظاهرًا.

وقد شكّلت مجزرة شاربفيل نقطة تحول في النضال ضدّ الفصل العنصريّ. وبعد مرور ستّ سنوات على هذه الأحداث المأساويّة، قرّرت الأمم المتّحدة أن تحيي ذكرى هذا اليوم سنويًّا وتحتفل باليوم الدوليّ للقضاء على التمييز العنصريّ.

وقال موراغن: "لا تزال العنصريّة تثير المزيد من القلق ولا بدّ من السعيّ للتصديق العالميّ على الاتّفاقيّة الدوليّة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصريّ".

أمّا سيلو هاتنغ، المدير التنفيذيّ في مؤسسة مانديلا، فوصف من جهته الوجه المعاصر للعنصريّة، موضحًا أنّ حياة السود يبدو أنّ لا قيمة لها بقدر حياة من يعيش في أميركا الشماليّة أو جنوب إفريقيا. وأضاف أنّ البلدان التي تقع في النصف الشماليّ من الكرة الأرضيّة لا تبالي أبدًا بمآسي الشعوب التي تعيش في بلدان حول العالم تشهد نزاعات.

وشدّد قائلاً: "لا بدّ من فهم العنصريّة وكأنّها جهاز يمنح سلطة استبعاد الأشخاص الملوّني البشرة وقمعهم. ولم يكن البيض أعداء نلسون مانديلا بل جهاز السلطة، وهو نظام يقمع الشعب لا على أساس العرق فحسب بل على أساس النوع الاجتماعيّ والإثنيّة أيضًا."

وأشار هاتنغ إلى أنّ العنصريّة في جنوب إفريقيا قد خُصْخِصَت: ففي العام 2016، لا يزال البيض يشكّلون 68.9 في المائة من الإدارة العليا، في حين انّهم لا يشكّلون إلاّ تسعة في المائة من السكّان الناشطين اقتصاديًّا.

وأضاف قائلاً: "نصادف أنواعًا جديدة من العنصريّة، على غرار العنصريّة البيئيّة، حيث يسهل تمرير أنبوب عبر الأمّة الأولى والتخلص من النفايات بالقرب من مجتمعات السود."

وتسعى فاتو ديوم، بصفتها كاتبة، إلى أن تتكلّم بالنيابة عمّن لا صوت له وعن اليائس. وتستكشف أعمالها الأدبيّة حقوق الإنسان والعنصريّة، ويبقى سوء معاملة المهاجرين في فرنسا من أبرز المواضيع التي تكرّرها.

وتشير إلى أنّ العنصريّة والتمييز لم يشكّلا يومًا مسألة فرديّة، كما لم يقتصرا على الإهانات والعنف، بل نتجا أيضًا عن قرارات سياسيّة عكست هيكليّة الشعوب الهرميًّة، ما عزّز اللامبالاة تجاه قضايا الأقليّات، وتُبرز حاليًا معاملة المهاجرين اللامبالاة هذه.

وحذّرت ديوم من أنّ الحركات المتطرفة في أوروبّا قد تولّد تطرّفًا انتقاميًّا للردّ عليها، وأسفت للسلوك الثأريّ المتفشي.

وأوضحت قائلة: "لقد غيّر التعليم حياتي، وأتمنّى أن ينير التعليم درب كافة شعوب العالم. فالمعرفة تسمح للفرد بأن يخرج من ذاتيّته. وغالبًا ما ينبع الظلم والخوف من الآخر، من الجهل. وبالتاليّ، أتمنّى أن ينير التعليم دربنا جميعنا، وأن يمنحنا فرصة التعرّف إلى بعضنا البعض.

وأعلن فو كوك جوي، سفير السنغافورة لدى الأمم المتّحدة أمام مجلس حقوق الإنسان أنّ أعمال الشغب بسبب العرق، التي شهدتها سنغافورة في خمسينات وستينات القرن العشرين، جعلت من الوئام العرقيّ والدينيّ أولويّة بالنسبة إلى الحكومة.

وقد أعدّت الحكومة سياسات اندماج متعمّد، على غرار تنظيمات الإسكان العام التي ضمنت أن يمثِّل السكّان تمثيلاً متناسبًا تركيبة البلاد العرقيّة. وأشار إلى أنّ الأقليّات مُثِّلَت بإنصاف في الكونغرس، مضيفًا أنّ هذه السياسات عزّزت إرساء علاقات وثيقة بين المجموعات المتنوّعة.

ومن جهته، أشار مدير شعبة مجلس حقوق الإنسان وآليّات المعاهدات في مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، آدم عبد المولى، إلى أنّه لا بدّ من التركيز أكثر على تعليم الأطفال عن التسامح. 

وأضاف قائلاً: "عولمة الثقافة" في طريقها إلينا. ويبقى خيارنا الوحيد أن نتبنّاها من خلال غرس قيم الاحترام والتنوّع والوحدة والمساواة في نفوس أجيالنا الشابة."

"لا يمكن أن يبرّر أبدًا تنوّع عالمنا الدينيّ واللغويّ والثقافيّ والإثنيّ كراهية الأجانب، أو العنف أو النزاعات. لا بل هو كنز يغنينا جميعنا وعلينا أن نضمن أن يدرك الجميع ذلك."

21 آذار/ مارس 2018

الصفحة متوفرة باللغة: