Skip to main content

عقوبة الإعدام والشفافية: ما الذي يجب إخفاؤه؟

26 تشرين الأول/أكتوبر 2017

في نيسان/أبريل من عام 2006، تمَّ إعدام أوتنغ موديزان بينغ في بوتسوانا. ولم يُبلَّغ أفراد أسرته أو محاميه رسمياً بتاريخ الإعدام وتوقيته، بل وردهم الخبر بدلاً من ذلك عبر أثير الراديو، عقب تنفيذ الحكم بسرية تامة.

وكانت والدة بينغ حاولت زيارة ابنها في السجن قبل يوم واحد من تنفيذ الحكم بالإعدام. لكن المسؤولين في السجن نصحوها بالعودة بعد بضعة أيام لاحقاً، فيما كانوا على دراية تامة بأن مشنقته سوف تُعلَّق في اليوم التالي. وبعد الانتهاء من عملية الإعدام، لم تتمكن أسرة السيد بينغ من الحصول على رفاته، ولم تحظ بالفرصة لضمان حصوله على جنازة لائقة ولا بالفرصة لزيارة قبره.

هذه القصة التي بطلها السيد بينغ جاءت على لسان تشيرينا جيرولون، نائبة مدير مكتب أفريقيا التابع للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (Fédération internationale des ligues des droits de l'homme; FIDH)، وذلك في حلقة النقاش التي استضافها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحت عنوان "عقوبة الإعدام والشفافية: ما الذي يجب إخفاؤه؟"، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.

وفي افتتاحية الحدث، شدَّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قائلاً "لا مكان لعقوبة الإعدام في القرن الحادي والعشرين". أضاف "حتى مع الاحترام الدقيق الذي نبديه للمحاكمات العادلة، سيكون هناك خطر دائم لإساءة تطبيق أحكام العدالة. وهذا ثمن باهظ غير مقبول". وركزت النقاشات على ثلاث نواحي من الشفافية. وأشار المحاضرون إلى أن بعض الحكومات ترفض الإفصاح عن البيانات وتفرض نظاماً محكماً من السرية لإخفاء الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام وتصنِّف المعلومات المتعلقة بعقود الإعدام على أنها سر من أسرار الدولة، معتبرةً الكشف عنها فعل خيانة.

أكد المشاركون أيضاً غياب الشفافية تجاه أسر الأشخاص المحكومين بالإعدام، والتي لا تعلم أحياناً بمكان تواجد أحبائها وظروف اعتقالهم. كما أن غياب الشفافية في تشارك الأدلة مع محامي الدفاع يحدُّ من قدرة هؤلاء المحامين على تأمين الدفاع الفاعل. وقال جايمس جي. كونيل III، المحامي الذي يمثِّل حالياً المتهم بالمشاركة في ارتكاب أحداث 11 أيلول/سبتمبر، عمَّار البلوشي، المعتقل لدى اللجان العسكرية الأميركية في قاعدة غوانتانامو "بالرغم من الطلب الذي تقدم به المقرر الخاص المعني بالتعذيب وسواه تكراراً، فقد رفضت الولايات المتحدة إجراء أي تحقيق مستقل في سجون غوانتانامو". أضاف "تُعقد هذه اللجان العسكرية عمداً في قاعدة عسكرية آمنة تقع على الأراضي الكوبية بدلاً من الأراضي الأميركية في مسعى لحرمان هؤلاء الرجال من الحماية التي تؤمنها المحاكمة وفق الأصول القانونية، بما في ذلك الحق في الحصول على محاكمة علنية".

وأفاد كبار المديرين المعنيين بالقانون والسياسة في منظمة العفو الدولية، تاوندا موتاسا، عن رؤيته لحالات حيث يؤشر غياب الشفافية أحياناً إلى أن لدى الدول "شيء ما تخفيه". أضاف "تعتبر الشفافية المتعلقة بعمليات الإعدام السبيل الوحيد الذي يمكننا من منع المعاملة الوحشية واللاإنسانية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ أساساً من فكرة عقوبة الإعدام بحدِّ ذاتها"، لافتاً إلى أنه "من المستحيل تحقيق معايير القانون الدولي من دون الشفافية. لذلك، لا تشكل الشفافية عاملاً مساعداً فحسب، بل هي أساسية وحاسمة".

وفي بعض الدول الواقعة جنوب شرق آسيا، "لا تتوافر المعلومات علناً بشأن الإعدامات الوشيكة أو الإعدامات التي سبق تنفيذها"، بحسب ما أكدت ممثلة مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في المنطقة، سينتيا فيليكو. أما بالنسبة إلى تشيرينا جيرولون، فهي تعتبر أن غياب الشفافية يكشف انعدام رغبة السلطات في خلق حيِّز لنقاش علني مستنير بشأن عقوبة الإعدام. كما يسمح للدول بتنفيذ عملية عقوبة الإعدام مع استقصاء كل جهة أخرى، بما لا يشمل أقرباء السجناء والممثلين القانونيين لهم فحسب، بل أيضاً الجمهور عامة. وقالت "في بعض الحالات، قد يحول ذلك دون إقرار الدول بارتكابها لعقوبة الإعدام بشكل تمييزي ضد الفقراء أو بعض الجماعات أو بعض الأقليات".

وفي أيلول/سبتمبر، أصدر تحالف عالمي من الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية إعلاناً للقضاء على الاتجار بأدوات التعذيب وعقوبة الإعدام، ليتقدموا بذلك خطوة إضافية نحو الأمام باتجاه إلغاء الإعدامات السرية. وسوف يدعم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هذه المبادرة.

26 تشرين الأول/أكتوبر 2017


الصفحة متوفرة باللغة: