الهروب من خناق الإتجار بالبشر: قصّة باميلا
28 تموز/يوليو 2017
قبلَتْ باميلا عرض العمل في إيطاليا الذي قدّمه لها أحد أصدقاء جيرانها، ظنًّا منها أنّه فرصة حياتها لبناء مستقبل أفضل. كانت وقتذاك في الـ21 من عمرها، فرأت في فرصة العمل في أوروبّا خيارًا جذّابًا مقارنة مع فرص العمل المحدودة في بلدها الأمّ نيجريا. وتعرّفت إلى رجل قال لها أنّه يجدر بها أن تشارك في طقس جوجو (juju) النيجيري التقليديّ فيحميها من كلّ سوء– طالما أنّها تُنَفّذ كلّ ما يُطلب منها. ثمّ سلّم الرجل بانيلا إلى سائق باص نيجيري، وأعطاها بطاقة باص ورقم هاتف تتصلّ به عندما تصل إلى إيطاليا.
قطعت باميلا نيجيريا والنيجر في باص مزدحم برجال ونساء، ووصلت بعد مرور شهر إلى ليبيا. ثمّ نُقِلَت مع الركّاب الآخرين إلى منزل تديره مجموعة من الرجال من نيجيريا والشرق الأوسط بلّغوا الركّاب أنّه ممنوعٌ عليهم أن يغادروا المنزل في انتظار الباخرة التي ستنقلهم إلى إيطاليا. وبعد مرور شهر على حبس باميلا في المنزل، شهدت خلالها الضرب والاغتصاب وغيرها من أشكال الإساءة الأخرى، نُقِلَتْ والمهاجرين الآخرين إلى الشاطئ حيث ركبت الباخرة إلى إيطاليا.
وعند وصولها إلى سيسيليا، التقت هي والنساء الأخريات رجلاً نقلهنّ إلى شقّة امرأة نيجيريّة في نابولي، أعطتهنّ بعض الملابس والواقيات الذكريّة، وشرحت لهنّ أنّهن سيمارسن الدعارة في الشوارع، ويقبضن 100 يورو كمعدّل يوميّ لتسديد كلفة السفر إلى أوروبّا التي تبلغ 35,000 يورو. كما عليهنّ أن يأتين بزبائنهنّ إلى "منزل اتّصال" وأن يعطين الأرباح إلى المرأة التي تدير المنزل.
وبعد مرور بضعة أيّام على وصولها إلى إيطاليا، أُجبِرَت باميلا على العمل ليلاً نهارًا في الدعارة في الشوارع، وعلى البقاء محتجزة ما بين دوامات عملها. فيوم العمل يبدأ عند الساعة العاشرة صباحًا ويستمرّ حتّى التاسعة مساءً، وبعد ساعات قليلة من الراحة، تعود النساء إلى الشارع لتأمين دوام الليل المتأخّر، أيّ من منتصف الليل حتّى الساعة السادسة صباحًا.
وبعد مرور أسبوع، وبعدما خبّأت باميلا بعض المال، تركت العمل ذات صباح وتوجّهت نحو المحطّة واستقلّت القطار نحو روما. وطلبت المساعدة من امرأة إيطاليّة اتّصلت بالشرطة التي أحالت بدورها باميلا إلى منظّمة محليّة غير حكوميّة تُعرَف بتعاونية كنّ حرًا الاجتماعيّة (BeFree Social Cooperative) وتدير عددًا من الملاجئ التي تستقبل النساء اللواتي وقعن ضحيّة الإتجار.
وصرّحت مديرة المشاريع الدوليّة في المنظّمة التي يدعمها صندوق الأمم المتّحدة الاستئمانيّ للتبرّعات الخاص بأشكال الرقّ المعاصرة، الآنسة لوريتا بوندي ما يلي، فقالت: "كانت باميلا في حالة صدمة، وفي وضع مزرٍ للغاية، شأنها شأن معظم ضحايا الإتجار. هم يعيشون الجحيم ولكنّهم ينجون بحياتهم."
وتشير المنظّمة إلى أنّ 75 في المائة من ضحايا الإتجار هم من النساء، لا سيما نساء من نيجيريا وغيرها من بلدان إفريقيا الغربيّة، ويعاني معظمهنّ العنف الجنسيّ وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى خلال سفرهنّ؛ كما يُجبَر ثلثاهنّ على ممارسة الدعارة ويَستَعبدهن المتجرين منذ لحظة وصولهنّ الأولى.
وتابعت الآنسة بوندي قائلةً: "لا يطلب العديد من المهاجرات ضحايا الإتجار المساعدة لأنّهن لا يستطعن الهروب، أو لا يعرفن كيف يطلبن المساعدة بسبب حاجز اللغة وغيرها من الحواجز الثقافيّة الأخرى."
وأضافت: "لا يدرك العديد منهنّ أنّ الإتجار جريمة. يعرفن أنّهنّ عانين العنف والإساءة. ولكنّهنّ لا يدركن أنّهن ضحايا جرم دوليّ، وأنّه يحقّ لهنّ اللجوء إلى القضاء."
وبفضل منحة قدّمها صندوق الأمم المتّحدة، الذي يديره مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، تأخذ المنظّمة على عاتقها قضايا كقضيّة باميلا وتنقلها إلى المحاكم. ومنذ تأسيسها منذ عقد تقريبًا، رفعت الدعاوى باسم مهاجرات تمّ الإتجار بهنّ. وفي حكم تاريخيّ صدر في العام 2012، منحت المحكمة تعويضًا إلى 17 امرأة نيجيريّة وقعن ضحيّة الإتجار بقيمة أصول أعضاء شبكة المرتكبين الـ14.
وقد شدّد مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين على أهميّة استكمال الضغوط من أجل التوصل إلى حلول متعدّدة الأطراف تقضي على الشبكات الدوليّة في مجال الإتجار بالبشر.
وأشار خلال مناقشة متعدّدة الأطراف تهدف إلى استعراض خطّة العمل العالميّة لمكافحة الإتجار بالبشر إلى ما يلي فقال: "المساءلة ضروريّة. فالإتجار بالبشر من انتهاكات حقوق الإنسان المؤذية وتترك آثارًا مدمّرة وعميقة في الضحايا، وهي جريمة بكلّ ما للكلمة من معنى. لذا لا بدّ من مطاردة المرتكبين وتحميلهم مسؤوليّة أفعالهم. كما علينا أن نستكمل بذل كلّ جهد ممكن فنركّز على حماية الضحايا ومساعدتهم. ومعظمهم من المهاجرين – وغالبًا من النساء والأطفال- الذين خُدِعوا أو حتّى اختطفوا. فتمّ بيعهم، أو الإتجار بهم لغرض الاستغلال الجنسيّ، أو السخرة، أو سرقة أعضائهم وغيرها من أشكال الاستغلال التعسفيّة البالغة الأذيّة."
وقد منح مكتب الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، من خلال صندوق الأمم المتّحدة الاستئمانيّ للتبرّعات الخاص بأشكال الرقّ المعاصرة، ملايين الدولارات الأميركيّة إلى منظّمات من مثل BeFree التي تقدّم خدمات تنقذ حياة ضحايا الإتجار بالبشر الذين أُجبِروا على ممارسة الدعارة وغيرها من أشكال الرقّ المعاصرة.
وفي مراكز دعم BeFree، تحصل المرأة التي تمكّنت من التغلّب على الإتجار بها، على المساعدة القانونيّة والمشورة النفسيّة، وعلى دروس في اللغة وتشارك في ورش عمل خاصة بالتوجيه الثقافيّ كي تدرك حقوقها وعادات المجتمعات المستقبِلَة وتقاليدها المحليّة.
وختمت الآنسة بوندي بالقول: "هو نضال مستمرّ لتحديد من يعاني بسبب الإتجار فنقدّم له المساعدة التي يحتاج إليها. فالعديد غير قادر على الهروب من قبضة المتجرين أو يخشى فضحهم. ولكن ما يسرّنا ويشجّعنا هو قدرة من تمكّنّا من إنقاذه على الصمود وعزمه على الإمساك بزمام مستقبله."
بادر:
ادعموا الناجين من الاتجار بالبشر – ساعدوهم على بناء مستقبلهم. تبرّعوا الآن إلى صندوق الأمم المتّحدة الاستئمانيّ للتبرّعات الخاص بأشكال الرقّ المعاصرة.
http://www.ohchr.org/en/about-us/ohchrs-funding-and-budget/trust-funds/united-nations-voluntary-trust-fund-contemporary-forms-slavery/how-contribute-fund
أنشأت الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة صندوق الأمم المتّحدة الاستئمانيّ للتبرّعات الخاص بأشكال الرقّ المعاصرة في العام 1991، وهو يهدف إلى دعم الضحايا الذين تمّ انتهاك حقوقهم انتهاكًا جسيمًا بسبب الرقّ المعاصر.
28 تموز/يوليو 2017