جمهورية أفريقيا الوسطى: الجهود المبذولة لمكافحة الإفلات من العقاب تتبلور
28 حزيران/يونيو 2017
يمكن إحصاء ضحايا النزاع الذي دار في جمهورية أفريقيا الوسطى بين العامين 2003 و2015 بعشرات الآلاف. ولا يملك النساء والأطفال والرجال في ذاك البلد سوى مناشدة واحدة ألا وهي: الحصول على سلام مستدام.
وفي بلد كان يُحتجز رهينة بيد العديد من الجماعات المسلحة ويجتاحه العنف، ليس هناك سوى سبيل واحد لبلوغ السلام – ألا وهو مكافحة الإفلات من العقاب. وإنه لمن المشجع رؤية جهود موحدة تتبلور بقيادة سلطات محلية وبدعم من الدول المجاورة لجمهورية أفريقيا الوسطى والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
هذا الخطاب أدلى به سكوت كامبل من مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حلقة نقاش بعنوان "العنف والإفلات من العقاب في جمهورية أفريقيا الوسطى"، والتي جرى تنظيمها على هامش دورة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ويرأس كامبل شعبة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي كان لها دور فعال في تغطية 13 عاماً من الانتهاكات لحقوق الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى في تقرير تمَّ إطلاقه في أيار/مايو من العام الحالي. كما شدَّد على أنه "لا يمكن تحقيق المصالحة مقابل الإفلات من العقاب".
من جهته، قال ليوبولد إسماعيل سامبا، الممثل الدائم لجمهورية أفريقيا الوسطى لدى الأمم المتحدة في جنيف "يشكل بلدي ضحية لعصابات مسلحة تنهب وتغتصب في ظل الإفلات من العقاب والحكم على البلد بحال مستمر من عدم الاستقرار". وأشار إلى أن تقرير الأمم المتحدة "يكشف عمق معاناة السكان في جمهورية أفريقيا الوسطى ويقدم إلينا فرصة تغيير الوضع القائم". أضاف سامبا أن "الخوف والرعب استقرا في البلد" مع مناداة الجماعات المسلحة – التي تسيطر حالياً على 14 مقاطعة إدارية من أصل 16 في جمهورية أفريقيا الوسطى – بالعفو العام في ظل تجاهل كامل لضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي حصلت ولا تزال مستمرة فيما نتحدث الآن.
ويوثق التقرير الذي جاء بتكليف من مجلس الأمن للأمم المتحدة بشكل مفصل 620 حادثة بما في ذلك شهادات عديدة عن عمليات اغتصاب قامت بها عصابات بحق نساء وفتيات لا تزيد أعمارهن عن خمس سنوات؛ وحالات وفاة بعد التعرض لأعمال تعذيب شديدة أو سوء معاملة في مراكز الاعتقال؛ وأعمال عنف خطيرة ضد السكان على أساس دينهم أو عرقهم أو دعم متصور لجماعات مسلحة؛ وتجنيد آلاف الأطفال من قبل جماعات مسلحة.
ومع الحصول على توصيات التقرير الذي يضع استراتيجية لمكافحة الإفلات من العقاب المنتشر في البلاد، تستخدم قيادة جمهورية أفريقيا الوسطى التقرير كأداة مهمة لمكافحة الإفلات من العقاب وإعادة السلام وتحفيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لدعم تطبيق
توصياته المتشعبة. وتشير بعض هذه التوصيات إلى المحكمة الجنائية الخاصة التي أنشئت أخيراً لصالح جمهورية أفريقيا الوسطى وقد اعترف المتحدثون في حلقة النقاش بالتطور الهام الذي حصل مع وصول مدعي عام خاص وقاضيين دوليين إلى بانغي. فقد حث هؤلاء على تسريع الوتيرة في ما يتعلق بضمان سير عمل المحكمة بشكل كامل، لافتين إلى أنه يجب أن تكون لديها القدرة على التركيز على البعد الجنساني للجرائم المرتكبة، نظراً للأرقام المتباينة بالنسبة إلى انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة التي ارتُكبت بحق النساء والفتيات.
بدوره، أشار جان – ماري إيهوزو، المراقب الدائم مع البعثة الدائمة للاتحاد الأفريقي لدى الأمم المتحدة في جنيف، إلى أن العدالة الانتقالية يمكن أن تعالج الإفلات من العقاب المتفاقم، مضيفاً أن نجاحها يعتمد على الإرادة السياسية للجهات الفاعلة المعنية بالإضافة إلى موارد مناسبة. وكرَّر التوصيات الطويلة المدى حول العدالة الانتقالية والتي وضعها خبير الأمم المتحدة المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية أفريقيا الوسطى، داعياً المجتمع الدولي إلى مساعدة هذا البلد ومواطنيه في ضمان المساءلة.
وشدَّد إيهوزو أيضاً أن على الأطراف المعنية بالعملية الانتقالية أن تحذو حذو الفائزين بالجائزة الأخيرة لسيرجيو فييرا دي ميلو: المطران ديودونيه نزابالينيا والإمام عمر كوبين لاياما والقس نيكولاس غيريكويامينيه – غبانغو، وهم الزعماء الروحيون الثلاثة من جمهورية أفريقيا الوسطى الذين وضعوا المنصة المتعددة الأديان من أجل السلام.