Skip to main content

السحر في العصر الحديث: المجتمعات المحلية المحطمة والوصم الممارَس بتعنت

10 كانون الاول/ديسمبر 2015

هناك عادة شيء ما وراء الاتهامات الافترائية: هدف سهل معرض للخطر؛ حسد؛ أو حتى خرافة.

وهو، فيما يتعلق بالنساء المتهمات بممارسة السحر بين السكان الذين شردهم النزاع العرقي والديني الذي حدث مؤخراً في جمهورية أفريقيا الوسطى، كثيراً ما يكون مزيجاً من هذه العوامل كلها؛ فالنساء المسنات تهجرهن أسرهن بسبب ما يشكلنه من عبْ ويُتركن دون أي دعم في مجتمعهن المحلي؛ أو تُتَهَم الفتيات الصغيرات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن خمس سنوات بأنهن ورثن "جين الشعوذة" من أمهاتهن أو جاراتهن؛ أو يقال إن النساء المشتغلات بالمشاريع يكسبن رزقاً بالغ الضآلة لا يجعلهن طبيعيات في أوقات كهذه.

وبعد تلقي تقارير عن حدوث اعتداءات عنيفة بل ومميتة ضد نساء ورجال متهمين بممارسة السحر، نفذت شعبة حقوق الإنسان التابعة لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى سلسلة أنشطة لإذكاء الوعي بحقوق النساء والفتيات.

والمفوضية أيضاً تدعو مع واضعي القرارات والقوانين إلى منع العنف الجنساني وتُذكر السلطات بالتزامها بحماية الأفراد من عدالة الغوغاء وبالتحقيق في هذه الجرائم وملاحقة مرتكبيها.

ونظم المكتب المحلي لشعبة حقوق الإنسان في كاغا باندورو ورابطة التنمية المستدامة في المناطق الريفية في جمهورية أفريقيا الوسطى دورة إعلامية بشأن العنف المتعلق بالاتهامات بالسحر في مخيم بامو للأشخاص المشردين، الواقع على بعد 3 كيلومترات جنوب كاغا باندورو. ويُؤوي المخيم المؤقت 2723 شخصاً.

"وفي أحيان كثيرة، عندما تطلب امرأة مسنة ومعوزة طعاماً من شاب، فإن السكان عادة، إذا مرض الشاب، يتهمونها فوراً بأنها ساحرة،" قالت امرأة حاضرة في الدورة.

وتعاني النساء والفتيات المتهمات بممارسة السحر من أسوأ معاملة قاسية ولاإنسانية ومهينة تجردهن من كل ما تبقى لديهن من كرامة إنسانية. وهن غالباً ضحايا عدالة الغوغاء المتسمة برجم الأشخاص وإرغامهم على تناول المواد السامة وجلدهم ودفنهم أحياء. وتتعرض الضحايا أيضاً لشعل النار بعد تقييدهن وتكتيفهن، أو إرغامهن على دفع غرامات في شكل نقود أو ماشية أو منتجاتهن الزراعية. والنساء والفتيات الناجيات من الموت يصبحن ضحايا للاعتقال والاحتجاز التعسفيين.

وأثناء الدورة، أكد الميسرون على أن عدالة الغوغاء ليست متعارضة مع قانون حقوق الإنسان فحسب ولكنها أيضاً محظورة بموجب قانون أفريقيا الوسطى.

"ليس لأي شخص الحق في أن يأخذ العدالة بين يديه،" قال الميسرون في مجال حقوق الإنسان. "فلنتجه معاً إلى المبدأ Zo Kwe Zo (أي إنسان هو إنسان). هذا هو شعار شعب أفريقيا الوسطى."

وقانون العقوبات الخاص بجمهورية أفريقيا الوسطى يحتوي على أحكام ضد الشعوذة والسحر. وتنص المادتان 149 و150 على فرض غرامة تصل إلى 000 000 1 فرنك من فرنكات الجماعة المالية الأفريقية (1670 دولاراً أمريكياً) وحكم بالسجن لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات على كل شخص يُدان بممارسة السحر على نحو يسفر عن إلحاق ضرر بدني بضحيته، أو حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا أفضت هذه الممارسات إلى موت ضحيتها.

وفي تقريره الصادر في أيار/مايو 2010، أوصى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً آنذاك بتنقيح هذه الأحكام بالنظر إلى أنها تعزز الوصم الاجتماعي وتفضي إل اضطهاد النساء والأطفال.

ووافق المشاركون في الدورة على هذه التوصية, كما اقترح مشارك ذكر توفير إذكاء الوعي هذا للجماعات المسلحة، وبالتحديد أفراد ميليشيا أنتي - بالاكا الذين هم، وفقاً لرؤيته، السبب الجذري للعنف في كثير من الأحيان.

"نحن هنا لإذكاء الوعي ولتثقيف الناس بشأن حقوق الإنسان ولدعم جهود البلد الرامية إلى إعادة إرساء السلطة. ويمكنكم إبلاغنا أو إبلاغ قادة مجتمعكم المحلي عن أي انتهاك من هذا القبيل في مجتمعكم المحلي. ومن الممكن أن ينقذ هذا الأرواح،" قال الميسرون.

هذه القصة منشورة في إطار حملة الأيام الستة عشر من النشاط لمناهضة العنف الجنساني، التي تحدث كل عام من 25 تشرين الثاني/نوفمبر (اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة) إلى 10 كانون الأول/ديسمبر (يوم حقوق الإنسان). وتنادي الحملة الدولية بالقضاء على العنف ضد المرأة وتدعو الجميع إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.

10 كانون الأول/ديسمبر 2015

الصفحة متوفرة باللغة: