Skip to main content

ملتمسو لجوء فيتناميون تم إنقاذهم من الغابات الكمبودية

23 كانون الاول/ديسمبر 2014

المجموعة، التي قدمت نفسها على جانب الطريق إلى وان - هي لي، كانت تبدو يائسة.

وكان الجبليون الفيتناميون الثمانية، الواقفون بعد سيارة الأمم المتحدة مباشرة، مشغولين طوال الوقت بالتفكير في حالتهم. وقد ناموا في غابة شمال شرق كمبوديا لمدة شهرين تقريباً، وكانوا يعيشون على الحسنات وعلى ما كان يتسنى لهم العثور عليه. وكانت ملابسهم غير مغسولة، كما كان شعرهم مليئاً بقطع أغصان وحتات بسبب نومهم على أرضية الغابة. وكانت وجوههم تعبر عن الأمل في الفرار، في الحرية وهم يرون سيارة الأمم المتحدة.

ولكن قبل أن تتمكن من أن تتيح لهم هذا الفرار، قبل أن يتسنى تقديم المساعدة إليهم، كان من الضروري أن تستمع لي، وهي ممثلة مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في كمبوديا، إلى المجموعة، إلى الأفراد، لتعرف ماذا كانوا يريدون.

"لماذا قمتم بعبور الحدود إلى كمبوديا؟،" سألت لي المجموعة، التي كانت تختبئ في مقاطعة راتاناكيري في البلد. ورد شخص، "لطلب اللجوء. نحن نُعامَل معاملة سيئة لأننا نمارس ديننا."

"وماذا عن بقيتكم؟ هل تلتمسون كلكم اللجوء؟،" سألت لي. ورد كل شخص قائلاً "نعم."

"شعرنا بارتياح،" قال لي. "عرفت في تلك اللحظة أنهم سيكونون في أمان."

وقال الجبليون إنهم كانوا مختبئين لأنهم كاوا يخشون القبض عليهم وترحيلهم إلى فييت نام. والجبليون طائفة فضفاضة مؤلفة من حوالي 30 قبيلة إثنية، وتنتمي أكثريتهم إلى قبيلة تلال مسيحية يتعرض أفرادها للاضطهاد في فييت نام بسبب معتقداتهم الدينية ولأنهم انحازوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب.

والرحلة للتوصل إلى الجبليين تطلبت قدرة دبلوماسية وبدنية على السواء، قالت لي. وقضى مكتب حقوق الإنسان، مع زملاء من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أسابيع في التفاوض مع السلطات المركزية وسلطات المقاطعة. وأصرت سلطات المقاطعة على أن البعثة المشتركة يلزمها الحصول على إذن بدخول المنطقة للتوصل إلى المجموعة. واعترضت لي على هذا، ولكنها أقرت بالحاجة العملية للبعثة المشتركة إلى تأمين تعاون السلطات المحلية.

"كمبوديا طرف في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، التي تُلزم السلطات على جميع المستويات بالسماح لملتمسي اللجوء بتقديم طلب لجوء. ونحن نساعد فقط في تحقيق هذا،" قالت لي. "ولكن إذا قررت الشرطة المحلية ترحيلهم رغم ذلك، فإن الجبليين لن يهمهم كثيراً مدى كوننا على حق."

وحث الاتحاد الأوروبي في كمبوديا وزارة الداخلية على التعاون مع الأمم المتحدة. وتلقى رداً إيجابياً من وزارة الداخلية مفاده أن التعاون مع الأمم المتحدة سيكون، إذا تم التوصل إلى الأشخاص، موضع ترحيب. واستناداً إلى قوة هذا الرد، أوفد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والإدارة العامة للهجرة التابعة للوزارة بعثة إلى المنطقة للتوصل إلى المجموعة.

وقوبلت البعثة بمقاومة من سلطات القاطعة. وسدت قوات الأمن المحلية الطرق المؤدية إلى الغابات التي قيل إن المجموعتين تختبئان فيها، وبذلك منعت البعثة من تحديد مكان المجموعة. وعُقد اجتماع مع حاكم المقاطعة، طال انتظاره، ولكنه لم يسفر عن نتيجة. فقد واصل حاكم المقاطعة إصراره على أن يرى الإذن الصادر للبعثة بأداء مهمتها. وفي الوقت نفسه، قالت مصادر إن حالة المجموعتين أصبحت محفوفة بالمخاطر، مع معاناة بعض الأفراد من علل بدنية مختلفة قد تكون من بينها حمى الضنك والملاريا. وكانت حواجز الطرق، التي أقامتها الشرطة في وقت سابق، تحد من قدرة الجبليين على الحصول على الطعام من القرى المجاورة.

"كان ما لدى هؤلاء القرويين من معلومات لعرضها بالغ الضآلة بحيث لا يمكن البدء بها،" قالت لي. "وعندما سمعنا عن حالات الإصابة بالأمراض في خضم التهديدات المستمرة بالترحيل، استحثنا هذا على الدفع قدماً ببعثنا فعلاً."

وواصل فريق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مع موظفين من وزارة الداخلية في الحكومة، أداء مهام البعثة. وكانوا يقومون، عن طريق وسائط الإعلام والمنظمات غير الحكومية والقرويين، بالتعريف بأن الفريق مستعد لتولي رعايتهم إذا قدموا أنفسهم إليه. ومن خلال اتصال هاتفي من شخص مجهول الهوية، عرفوا أن المجموعة الأولى المؤلفة من ثمانية أشخاص ستقدم نفسها في وقت ومكان معينين. وخرج الفريق، الذي كانت تقوده لي نفسها آنذاك، وقابلهم.

وتم التوصل إلى أفراد المجموعة الأولى الثمانية بسرعة في الصباح. واستغرق التوصل إلى المجموعة الثانية المؤلفة من خمسة أشخاص وقتاً أطول. فهؤلاء الأشخاص كانت شرطة المقاطعة قد اعتقلتهم واحتُجزوا في مركز شرطة. وفي نهاية المطاف، تم تسليمهم إلى الفريق المشترك.

ولي لا تقدم مبررات عند سؤالها عن سبب إنفاق وقت طويل جداً وجهد كبير جداً، بدنياً ودبلوماسياً، لانتشال 13 شخصاً من غابات كمبوديا. كان هناك خوف حقيقي على سلامتهم إذا جرى ترحيلهم إلى فييت نام، قالت لي. وتساوت مع هذا في الأهمية الدلالة الرمزية.

وقد وقعت كمبوديا مؤخراً اتفاقاً مثيراً للجدل مع أستراليا لقبول اللاجئين المحتجزين حالياً في دولة ناورو الجزرية في المحيط الهادئ. وقالت لي إن إنقاذ الجبليين وطلب اللجوء الخاص بهم يتيحان لكمبوديا تأكيد عزمها على الالتزام باتفاقية اللاجئين.

"ويتعين أن يكون مفهوماً أن السلطات لا يمكنها أن تكون انتقائية عندما يتعلق الأمر بملتمسي اللجوء،" قالت لي.

وأضافت قائلة إن هذا يعطينا حالة ملموسة لاستخدامها مع حكام المقاطعات الأخرى الذين قد يميلون أيضاً إلى ترحيل ملتمسي اللجوء قبل سؤالهم حتى عن نواياهم، وهو ما يحدث مع الأسف من حين لآخر. ومن ثم، فإنه فرصة لكي يُثبَت لحكام المقطعات أنهم أيضاً يتعين عليهم الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، قالت لي.

والجبليون موجودون الآن لدى إدارة شؤون اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية، وفي الوقت نفسه، تتولى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مسألة إيوائهم.. وفيما يتعلق بمكتب لي، فإن مهمته أُنجزت، على الأقل فيما يتعلق بهذه الحالة.

"لم يكن ممكناً أن أطلب طريقة أفضل أختتم بها العام،" قالت لي

23 كانون الأول/ديسمبر 2014

الصفحة متوفرة باللغة: