من منظورات عديدة يأتي تاريخ واحد
23 أيلول/سبتمبر 2014
"التاريخ ليس ديناً يتضمن حقيقة واحدة لكي يؤمن بها الناس. إنه مناقشة"، قالت دوبرافكا ستويانفيتش، أستاذة في قسم التاريخ بجامعة بلغراد في صربيا.
بيد أن مناقشة التاريخ هذه لن تؤدي إلى نسبية ثقافية – الفكرة التي مؤداها أن هناك صيغاً مختلفة للحقيقة مستندة إلى منظوركم، أوضح بابلو دي غريف، المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار
"إذا كان هناك التزام أساسي بالاعتراف بحقائق معينة . . . بحقيقة أساسية مؤداها أن أشياءً معينة حدثت فعلاً، فعندئذ لا يمكن أن يكون هناك حيز للنسبية الثقافية". بيد أنه قد تحدث تفسيرات مختلفة للحقائق وينبغي الاستماع إليها، أضاف دي غريف.
وكان دي غريف وستويانفيتش اثنين من المتحدثين الأربعة في حلقة نقاش عن تدريس التاريخ وعمليات تخليد الذكرى كقضية من قضايا حقوق الإنسان.
وفي ملاحظاتها الافتتاحية، قالت نائبة المفوض السامي لحقوق الإنسان، فلافيا بانسيري، إن الطريقة التي بها ترى المجتمعات التاريخ وتفسره توجه فهم الحاضر.
"وينبغي أن تحفز ممارسات تخليد الذكرى ومناهج التاريخ وتعزز مشاركة المجتمع المدني والتفكير النقدي والنقاش،" قالت بانسيري. "وينبغي أن تساعد هذه الممارسات والمناهج على تنمية فهمنا لا للماضي فحسب وإنما أيضاً للتحديات المعاصرة".
وأدارت النقاش فريدة شهيد، المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية. وقد أصدرت شهيد مؤخراً تقريرين تناول أحدهما كتابة التاريخ وتدريسه، وركز على كتب التاريخ المدرسية، وتناول الأخر النصب التذكارية والمتاحف، وركز على عمليات تخليد الذكرى. وسلطت شهيد الضوء، في التقريرين كليهما وكذلك أثناء حلقة النقاش، على أهمية ضمان اتباع نهج متعدد المنظورات، وأكدت أن إنشاء حيز يتيح التعبير عن روايات متعددة فيما يتعلق بالماضي "أمر بالغ الأهمية"، وعلى وجه الخصوص لمجتمعات ما بعد النزاع والمجتمعات الشديدة الانقسام.
"وذلك أساساً لأنه يتيح رؤية لتجربة الآخر – أياً كان هذا الآخر – وكذلك، من المأمول، لمحة عن إنسانيتنا المشتركة خارج نطاق الهويات الممزقة، وهي الإنسانية التي نعتز بها، بصفة خاصة، في حالات النزاع".
وقدم المتحاورون عدة توصيات لزيادة تحسين تدريس التاريخ وعمليات تخليد الذكرى. وتضمنت هذه التوصيات: ضمان توافر مجموعة كبيرة من الكتب المدرسية يختار منها المدرسون ما يناسبهم، وحشد الإرادة السياسية لتوفير فرص للتوصل إلى رؤية أكثر تعددية لتاريخ بلد، وتدريس التاريخ الاجتماعي وليس التاريخ السياسي كطريقة لتحسين وزيادة تمثيل النساء في الروايات التاريخية.
وفكرة الأخذ بمنظور تعددي بشأن التاريخ والنصب التذكارية تكتسي أهمية خاصة هذا العام: تحل في عام 2014 الذكرى السنوية المائة لبدء الحرب العالمية الأولى، وهناك حوارات ونقاشات عديدة يُجريها أكاديميون وصحفيون ومؤرخون وحتى فنانون عن كيفية تناول الماضي وفهمه وإحياء ذكراه على أفضل نحو. ووفقاً لما أشارت إليه شهيد، فإنه لا توجد رواية مشتركة بشأن الماضي.
"وهذه التعددية بالغة الأهمية إذا كنا نريد أن تكون عمليات المصالحة مستدامة،" قالت شهيد.
23 أيلول/سبتمبر 2014