النزاع في سوريا يبلغ نقطة حرجة: العنف على مستويات لا يمكن تصورها
19 حزيران/يونيو 2014
من المقدر أن 3ر9 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية. وقد أُجبر أكثر من أربعة ملايين سوري على الفرار من بيوتهم وغادر قرابة ثلاثة ملايين شخص البلد كلاجئين. وفي أخر تحديث قدمه إلى مجلس حقوق الإنسان، حذر باولو سيرجيو بينهيرو، رئيس اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق بشأن سوريا، من أنه كلما طال أمد النزاع، ازداد خطر أن تحجب الاحصاءات الروايات الفردية عن "المعاناة التي لا يمكن تصورها".
"عند توثيق مجرد جزء من هذه الروايات، كشفت اللجنة عن انتهاكات واسعة النطاق للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي،" قال بينهيرو في مؤتمر صحفي لمناقشة آخر استنتاجات اللجنة، التي تغطي الفترة من منتصف آذار/مارس إلى منتصف حزيران/يونيه 2014.
ولجنة التحقيق بشأن سوريا، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في آب/أغسطس 2011 بعد بدء الانتفاضة مباشرة، تحقق في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان، المدعى ارتكابها من جانب جميع أطراف النزاع، وتوثق هذه الانتهاكات. وقد وصفت اللجنة، في تقاريرها المنتظمة إلى المجلس حالات متعددة لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مدعى ارتكابها من جانب جميع الأطراف وحثت باستمرار على التوصل إلى تسوية سياسية بالتفاوض بين جميع الأطراف المعنية.
وقال بينهيرو إن النزاع في سوريا، بعد أكثر من ثلاثة أعوام من نشوب القتال، يهدد الآن المنطقة برمتها: "مع سعي الأطراف المتحاربة بلا هوادة إلى تحقيق نصر عسكري متوهَم، تصاعد العنف إلى مستوى غير مسبوق." وقد بلغ الوضع الآن "نقطة حرجة"، قال بينهيرو.
وسبب التصاعد المتواصل في العنف ليس سراً، أبلغ بينهيرو المراسلين، وأشار إلى التخلي عن محاولات التوصل إلى تسوية سياسية بالتفاوض لإنهاء القتال والإمداد المتواصل من جانب عدد من الدول والأفراد بالأسلحة والمقاتلين والأموال والمساعدات المادية الأخرى إما للقوات الحكومية وإما للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. "ولا يمكن لأي دولة من هذه الدول أن تدعي أنها لا تعلم أن الأسلحة التي تنقلها إلى الأطراف المتحاربة تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان،" قال بينهيرو.
"وما زال يتعين على المجتمع الدولي، وبالتحديد مجلس الأمن، المطالبة بتحميل الأشخاص الذين يرتكبون جرائم ضد رجال ونساء وأطفال سوريا المسؤولية عن جرائمهم،" تقول اللجنة. وفي أيار/مايو، مورس في مجلس الأمن حق النقض ضد قرار يقضي بإحالة الادعاءات المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
"بتقاعس [المجلس] عن العمل، تم إيجاد حيز لأسوأ فئة من فئات البشر للتعبير عن نفسها،" علق بينهيرو.
والتحديث الذي قدمته اللجنة إلى المجلس يبين صورة عالم للسوريين "أصبحت فيه القرارات المتعلقة بالبت فيما إذا كان عليهم الذهاب إلى المسجد للصلاة والذهاب إلى السوق للحصول على الغذاء وإرسال أطفالهم إلى المدرسة قرارات متعلقة بالحياة والموت."
ووفقاً لما أوردته اللجنة، فإن القوات الحكومية والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة على السواء غالباً ما تستهدف المدنيين، والأطفال تجري مهاجمتهم على نحو متزايد. وتصف اللجنة الاعتداءات على المدارس العاملة، بما في ذلك هجوم صاروخي شنته القوات الحكومية على مدرسة ابتدائية في حلب وقتل 36 شخصاً من بينهم 13 طفلاً. وفي دمشق، في نيسان/أبريل، أطلقت جماعة مسلحة، في إحدى عدة هجمات من هذا القبيل، ثلاث قذائف هاون على مدرسة ثانوية أسفرت عن قتل عشرة تلاميذ.
وقد طلب مجلس الأمن، في قراره 2139 بشأن إيصال المساعدات الإنسانية، عدم استخدام القيود على تدفق الأغذية والمياه والأدوية لمعاقبة السكان قاطبة، ولكن هذا القرار "انتُهك بشكل صارخ"، قالت اللجنة.
وقالت اللجنة إن الحكومة السورية بقيامها "فعلاً بتجريم الرعاية الطبية ومنع وصول المعونة الإنسانية إلى المحتاجين إليها، ضمنت أن المجروحين في الهجمات لن يتلقوا العلاج المناسب ومن المرجح أن يموتوا متأثرين بإصاباتهم." واستهداف المستشفيات الميدانية والمرافق الطبية شائع جداً في جميع أنحاء البلد، قالت اللجنة، لدرجة أن العاملين لا يحددون مواقعهم بصليب أحمر أو هلال أحمر خشية أن يفضي هذا إلى مهاجمتها.
وبينما استشهدت أيضاً بحالات كثيرة فرضت فيها الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة حصاراً على المدن ودمرت البنية التحتية الضرورية، قالت اللجنة إن الاستراتيجية العسكرية التي تستخدمها الحكومة لترهيب المدنيين وتجويعهم وطردهم من مناطقهم المحلية "كارثية".
وطبقا لهذا الاستعراض الأخير، حدث ارتفاع هائل في عدد الوفيات أثناء الاحتجاز، وبصفة خاصة في مراكز الاحتجاز في دمشق. وتبين آلاف الصور الفوتوغرافية للجثث، التي أُعطيت للجنة، حالات وفاة بسبب الجوع ومعظمها "تظهر فيه علامات إيذاء رهيب – بما في ذلك خنق وجروح مفتوحة وحروق وكدمات." ويبين تحليل أولي أجرته اللجنة أن الصور الفوتوغرافية التُقطت في مرافق عسكرية حكومية. وقد أُبلغ أيضاً أن جماعات المعارضة المسلحة تُخضع المدنيين على نحو متزايد لإساءة المعاملة والتعذيب. وهناك روايات عن قيام هذه الجماعات باحتجاز المديين كرهائن وتنفيذ إعدامات علنية للمحبوسين لديها واستهداف الصحفيين.
وفي معرض تحذيره من أن "حدوث حرب إقليمية في الشرق الأوسط يقترب أكثر فأكثر"، قال بينهيرو " إن المجتمع الدولي تعثر وأخفق في التماس العدالة للشعب السوري وفي تأمين حمايتنا له."
19 حزيران/يونيه 2014