Skip to main content

الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان

17 حزيران/يونيو 2014

ناقش خبراء في جنيف، خلال حلقة عمل نظمتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تأثير التدابير القسرية الانفرادية، التي تتضمن الجزاءات الاقتصادية والتجارية، على حقوق الإنسان.

وافتتح حلقة العمل، نيابة عن المفوضة السامية، كريغ موخيبر، رئيس فرع قضايا التنمية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. ومع تسليمه بأن هذه مسألة سياسية مثيرة للجدل، قال إن "القانون الدولي لحقوق الإنسان يحظر التمييز والقانون الإنساني الدولي يحظر العقاب الجماعي. ولذلك يجب بذل كل جهد ممكن للحد من التدابير القسرية الانفرادية المفرطة الاتساع."

"وما لا يمكن أن يكون موضع خلاف هو أن لجميع البشر حقوق إنسان أياً كان مكان إقامتهم. وينبغي ألا تفرض أي دولة أبداً تدابير ضد دولة أخرى تنطوي على انتهاك لالتزاماتها في مجال قانون حقوق الإنسان أو القانون الإنساني بموجب القانون الدولي التعاهدي أو العرفي،" أضاف موخيبر.

"الجزاءات حرب بوسائل أخرى، شبيهة بالحصار والمقاطعة،" قالت ساره زيدي، المؤسسة المشاركة لمركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهي تعرب عن آرائها بشأن التدابير القسرية الانفرادية. "إن تدمير الاقتصاد الوطني، الذي يعتمد عليه عامة الناس من أجل صحتهم ورفاههم، هو الوسيلة الرئيسية التي تسعى بها الدول التي تفرض الجزاءات إلى فرض إرادتها على الدول الخاضعة للجزاءات، وفرض تغيير في سلوك الحكومات وتحقيق أهداف سياساتية أخرى."

وسلطت الضوء على أن الجزاءات، طبقاً لما ورد في التقرير الذي أصدره مجلس الأمن في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، تُطيَق لتحقيق خمس نتائج رئيسية: تسوية النزاعات، وعدم الانتشار، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق الديمقراطية، وحماية المدنيين. بيد أنها أشارت إلى أن العقود من الجزاءات أثبتت أن هذه الأهداف قلما يجري تحقيقها.

"إذا لم توضع، عند التخطيط للجزاءات، مبادئ حقوق الإنسان في الاعتبار منذ البداية، فإن أي محاولات للتخفيف من آثارها الإنسانية عندما تصبح حقيقة واقعة ستكون ضئيلة المفعول وعديمة الأهمية،" أكدت زيدي. "لا يمكن التضحية بحقوق ورفاه المدنيين والضعفاء من السكان لأن حكوماتهم منخرطة في نزاع مع دول قوية أو مؤسسات متعددة الأطراف،" قالت زيدي.

وعرض محمد يونس، وهو محلل أول في شركة غالوب، نتائج استقصاءين بشأن الرضا عن الحياة وآثار الجزاءات في إيران. وفي الفترة بين عامي 2011 و2013، تضاعفت تقريباً نسبة المجيبين الين اعتبروا أن جزاءات الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا الغربية ستلحق ضرراً بالغاً بسبل عيش الإيرانيين.

واعتبر نصف الإيرانيين الذين شملهم الاستقصاءان في عامي 2012 و2013 أن الولايات المتحدة تتحمل أكبر قدر من المسؤولية عن الجزاءات، مقابل حوالي 10 في المائة رأوا أن حكومتهم تتحمل أكبر قدر من المسؤولية عنها. واعتقد 68 في المائة من الرجال و62 في المائة من النساء أن إيران ينبغي أن تواصل تنمية قدرتها في مجال الطاقة النووية على الرغم من الجزاءات. وخلص يونس إلى أن نتائج الاستقصاءين تثير أسئلة عن ما حققته الجزاءات فعلاً.

وقال دورسون بيكسين، وهو أستاذ مساعد في جامعة ممفيس، إن الجزاءات الاقتصادية أخفقت في تحقيق هدفها في 65 – 95 من الوقت: وجدت الحكومات والنُخب الحاكمة سبلاً للتصدي لهذه التدابير، بينما تحملت الفئات الضعيفة، بسبب وضعها الجائر في المجتمع، عبء عدم الاستقرار الاقتصادي الناجم عن الضغوط.

"وتواجه النُخب المستهدفة الضغوط الخارجية بتحويل موارد عامة لصالح المعدات العسكرية والأفراد العسكريين لتعزيز القدرة القسرية لهذه المعدات وهؤلاء الأفراد، أو بإعادة توجيه الموارد والخدمات الشحيحة لصالح مؤيديها – مثل مؤيديها في الشرطة والجيش والخدمة المدنية – بغية الاحتفاظ بولائهم وتأييدهم، قال بيكسين. "ويمكنها أيضاً الانخراط في أنشطة لمكافحة الجزاءات عن طريق التهريب غير القانوني والقنوات الاقتصادية عبر الوطنية الخفية الأخرى."

وقال بيكسين أيضاً إن الجزاءات يمكن أن تقوض التجارة مع البلدان المجاورة أو بلدان أخرى. "وزيادة الاضطراب وعدم الاستقرار في البلد المستهدف، التي تُحدثها الجزاءات، من شأنها أيضاً أن تشكل تهديدات للاستقرار السياسي للبلدان المجاورة، تتسبب في نشوب حروب بين الدول وحروب أهلية."

وبينت سوزان كوهن، رئيسة برنامج نزاهة القطاع العام في منظمة الشفافية الدولية، أن إحدى الطرق التي يمكن بها أن تعزز الجزاءات حقوق الإنسان تكمن في مكافحة الفساد المستهدفة.

وأوضحت كوهن أن الأشخاص الفاسدين يستغلون الحدود للإفلات من الملاحقة القضائية ولغسل أموال الرشاوى في بلدان أجنبية بالاستناد إلى الحصانة الدبلوماسية أو صلاتهم مع مسؤولين أجانب رفيعي المستوى أو لأن لهم حسابات مصرفية في الخارج.

وقالت إن "الجزاءات الاقتصادية الواسعة النطاق يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على السكان، ولكن ’الجزاءات الذكية‘ التي تستهدف الأشخاص الفاسدين يمكن أن تمنعهم من التمتع بالعوائد المحققة من الفساد وغسل الأموال. وسيوجه هذا رسالة قوية لإنهاء الإفلات من العقاب على الفساد." بيد أنها نبهت إلى أن التدابير المستهدفة يلزم تنفيذها بأعلى درجة من الشفافية لتفادي الانتهاكات ذات الدوافع السياسية.

وعرضت هيفاء زنكنة، وهي روائية وصحفية، التأثير المدمر للجزاءات الاقتصادية، التي أقرها مجلس الأمن ضد العراق، على النساء والأطفال البالغين من العمر أكثر من 13 سنة.

وقالت زنكنة إن أرامل الرجال الذين قُتلوا في الحرب العراقية – الإيرانية، حرب الخليج الأولى، والقصف المتواصل للعراق "بغية احتواء" النظام، كن أولى ضحايا التخفيضات في إعانات الرعاية التي تقدمها الدولة. وباعتبارهن معيلات لأسرهن، لم يكن في مقدورهن شراء الغذاء أو الدواء وتعين عليهن الاعتماد على الإحسان في المقام الأول للبقاء على قيد الحياة.

"البقاء على قيد الحياة أصبح الأولوية. وعلى عكس ما اعتقده مخططو الجزاءات، كان العراقيون أضعف جداً من أن يحققوا تغيير النظام وفقدوا في هذه العملية إرادة التغيير،" قالت زنكنة.

وقال دينيس هاليداي، منسق الأمم المتحدة السابق للمعونة الإنسانية في العراق، إن التدابير ’الذكية‘، مثل التدابير التي اعتُمدت بعد فشل التدابير العشوائية في ذلك البلد، لا تزال لها عواقب وخيمة على السكان المدنيين.

"قد تستهدف الجزاءات ’الذكية‘ القيادة ومتخذي القرارات، ولكن تأثيرها المزعج يمتد تنازلياً ويتجسد في ألم حاد وتدهور يسود الإحساس بهما على مستوى أضعف الفئات،" قال هاليداي.

"وبالنظر إلى المخاطر التي تواجهنا كلنا اليوم، مع حالات العنف التي ترتكبها الدول وجهات أخرى غير تابعة للدول في أنحاء كثيرة من العالم، قد يكون التدخل الإيجابي، لا التدخل العقابي، مجدياً بقدر أكبر،" أضاف هاليداي.

وستقدم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان عن التجارب المتبادلة بين المشاركين في حلقة النقاش أثناء الدورة السابعة والعشرين للمجلس في أيلول/سبتمبر 2014.

17 حزيران/يونيه 2014

الصفحة متوفرة باللغة: