يلزم أن تظل حماية الأطفال من العنف أولوية عالمية
19 أيّار/مايو 2014
بالنسبة إلى ملايين الأطفال، تُعرَّف الحياة بكلمة واحدة: الخوف! ويسلط تقرير قدمته مؤخراً إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الممثلة الخاصة لأمين عام الأمم المتحدة المعنية بمسألة العنف ضد الأطفال، مارتا سانتوس بايس، الضوء على أن ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم ما زالوا يتعرضون كل يوم لأشكال العنف المختلفة.
"لا يزال خطر تعرض الأطفال للعنف قائماً في جميع الأماكن، بما في ذلك الأماكن التي ينبغي أن يتوافر فيها للأطفال أكبر قدر من الأمان – في المدارس، وفي مؤسسات الرعاية والعدالة، وكذلك داخل منازلهم،" قالت سانتوس بايس أثناء عرض تقريرها على المجلس.
وبالإضافة إلى ذلك، يسلط التقرير الضوء على التحديات الكبيرة في مجال التصدي للعنف في أماكن العمل، حيث توجد أعداد لا تحصى من الأطفال الذين يُجبرون على العمل في المزارع أو الصيد في أعماق البحار أو يُستخدمون في أنشطة محفوفة بالمخاطر.
وفي مثال قُدم في دراسة للأمم المتحدة، روى صبي في الخامسة عشرة من العمر تجربته كطفل عامل في جنوب آسيا. "كثيراً جداً ما يعاقبني الرؤساء. وذات مرة، علقني رئيسي الثاني من اليدين وضربني ضرباً مبرحاً للغاية، وانكسرت العصا. وواصل ضربي بعد ذلك بالجاروف،" قال الصبي.
ويذكر التقرير أن وضع حوالي 5ر15 مليون طفل يعملون في الخدمة المنزلية في جميع أنحاء العالم يشكل مجالاً آخر يثير قاقاً شديداً. فالأطفال العاملون في الخدمة المنزلية، الذين يعانون من العزلة في كثير من الأحيان مع عدم وجود هيكل رسمي لحمايتهم، معرضون بشدة للاستغلال في العمل، من خلال العمل لساعات طويلة دون الحصول على راحة والحرمان من الإجازات ومن الأجور، فضلاً عن التعرض لمظاهر خطيرة من العنف وسوء المعاملة.
"أذا كسرت شيئاً أو إذا أسأت أداء عمل، كانوا يضربونني بحذاء أو حزام،" قال صبي في الرابعة عشرة من العمر كان يعمل خادماً في منزل في شمال أفريقيا. "لم أتمكن من مغادرة المنزل، لأنهم كانوا يغلقون الباب عند مغادرتهم،" قال الصبي.
وبالإضافة إلى تأثير العنف على الضحايا من الأفراد وأسرهم، فإنه يحول الموارد عن الإنفاق الاجتماعي ويؤدي إلى إبطاء التنمية الاقتصادية وتقويض رأس المال البشري والاجتماعي للأمم. ويمكن للعنف خلال ساعات أن يقضي على المكاسب الإنمائية التي استغرق تحقيقها سنوات، أضاف التقرير.
وأثناء المناقشة التفاعلية في مجلس حقوق الإنسان، سلطت سانتوس بايس الضوء على نتائج الدراسة الاستقصائية العالمية بشأن العنف ضد الأطفال، التي نُشرت مؤخراً، وهي أول استعراض شامل للتقدم منذ الدراسة التي أجرتها الأمم المتحدة بشأن الموضوع في هام 2006. وقد أكدت الدراسة الاستقصائية أن حماية الأطفال من العنف تحظى باعتراف متزايد في البرامج الدولية الإقليمية والوطنية. وبالإضافة إلى ذلك، سلطت الدراسة الاستقصائية الضوء على التزايد الملحوظ في التصديق على المعاهدات المتعلقة بحماية الأطفال من العنف وفي تنفيذ هذه المعاهدات.
وعلى الرغم من التطورات الإيجابية، فإن سانتوس بايس تعتقد أن التقدم ما زال "بطيئاً ومتفاوتاً ومجزأً للغاية بما لا يسمح بتحقيق إنجاز حقيقي".
"ويجب أن تكون الكرامة الإنسانية للأطفال وحقهم في الحماية من العنف في صميم جهد عالمي تماماً مثلما يجب أن تكون هذه الكرامة وهذا الحق في صلب الاستراتيجيات الوطنية،" قالت سانتوس بايس.
وشددت سانتوس بايس على أن من المهم للغاية التصدي للعنف ضد الأطفال عند صياغة خطة التنمية العالمية لما بعد عام 2015: "ترتبط حوادث العنف بضعف سيادة القانون، وضعف إنفاذ القوانين، وارتفاع معدلات الجريمة المنظمة ومعدلات جرائم القتل، وانتشار ثقافة الإفلات من العقاب. وفيما يتعلق بالأطفال، يعني هذا النمط الحرمان والشعور العميق بالخوف وارتفاع احتمال سوء الحالة الصحية وضعف الأداء الدراسي والاعتماد على الإعانات الاجتماعية لفترة طويلة.
وفيما يتعلق بالمجتمع، يعني هذا النمط تكاليف بعيدة المدى وتحويل مليارات الدولارات عن الإنفاق الاجتماعي وإبطاء التنمية الاقتصادية وتقويض رأس المال البشري والاجتماعي للأمم. ولذلك، يجب جعل حماية الأطفال من العنف أولوية صريحة والاعتراف بها باعتبارها موضع اهتمام شامل في خطة التنمية العالمية لما بعد عام 2015."
والتقرير السنوي بشأن العنف ضد الأطفال، الذي عُرض في دورة المجلس الخامسة والعشرين، يتضمن التطورات والمبادرات الرئيسية لتسريع التقدم في حماية الأطفال من العنف، ويحدد الجهود اللازمة للحفاظ على الإنجازات التي تحققت والارتقاء بها.
19 أيار/مايو 2014