تعد على الرعاية الطبية: واقع جلي ومروع تتسم به الخرب الأهلية في سوريا
08 تشرين الأول/أكتوبر 2013
تناولت لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وهي تعلن أن حالة الرعاية الصحية في سوريا التي مزقتها الحرب تشكل "اتجاهاً مطرداً لا يُبَلًغ عنه بدرجة كافية"، المسألة بالتحديد بالتوازي مع عرض تحديثها الشامل الحادي عشر على اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وتقدم اللجنة تقريراً عن الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة على المستشفيات في مناطق معينة، وتقول إن الحكومة "تحرم من الرعاية الطبية المنتمين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة والتابعة لها، باعتبار ذلك مسألة من مسائل السياسة المتبعة." وتورد روايات متعددة عن الضربات ضد المستشفيات والوحدات الطبية، وعن المستشفيات المعرضة للخطر من خلال استخدامها لأغراض عدائية، وعن استهداف العاملين الطبيين والنقل الطبي، وعن التدخل في رعاية المرضى الذين يُعتقد أنهم يدعمون المعارضة.
وتحدث رئيس اللجنة، باولو سيرجيو بينهيرو، في كلمته أمام المجلس، عن "الحرمان التمييزي من الحق في الصحة كسلاح حرب ]باعتباره [سمة مروعة يتسم بها هذا النزاع."
وفي مثال من الأمثلة الكثيرة الواردة في التقرير، تصف اللجنة قصف مستشفى الهدى الخاص في دمشق، الذي يوجد فيه جناح للولادة ووحدة للرعاية العاجلة للمصابين بصدمات، بالإضافة إلى طابق مخصص للمقاتلين الجرحى. وأبلغ الناجون وشهود العيان اللجنة أنهم يعتقدون أن القصف حدث من قاعدة عسكرية حكومية.
وفيما يتعلق باستهداف العاملين الطبيين، وهو أحد "أخبث اتجاهات" الحرب، يورد التقرير تفاصيل حوادث هوجم فيها سائقو سيارات إسعاف وممرضون وأطباء ومتطوعون طبيون، واعتُقلوا، واحتُجزوا بصورة غير قانونية، واختفوا. وفي الفترة من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيه 2011، وفقاً لما أورده التقرير، قامت القوات الحكومية "بشن موجة من الاعتقالات ضد المهنيين الطبيين في دمشق." وفي حلب، اعتقلت مخابرات القوات الجوية، في حزيران/يونيه 2012، ثلاثة مهنيين طبيين وعُثر على جثثهم محترقة بعد ثلاثة أيام.
ويقول التقرير "إن النمط الواضح الرسوخ يبين أن القوات الحكومية تتعمد استهداف العاملين الطبيين لكسب ميزة عسكرية بحرمان المعارضة والأشخاص الذين يُعتقد أنهم يدعمونها من المساعدة الطبية اللازمة لمعالجة ما يحدث من إصابات." والوضع مروع جداً لدرجة أن عامة الناس كثيراً ما يختارون عدم طلب المساعدة "خوفاً من الاعتقال أو الاحتجاز أو التعذيب أو الموت."
ويستشهد التقرير بأرقام من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، تقدر أن 33 مستشفى من مستشفيات سوريا العامة البالغ عددها 48 مستشفى أُغلقت. وفي آذار/مارس 2013 أفادت الحكومة بأن ما بين 10 و15 في المائة من الأطباء غادروا البلد. ويخلص التقرير إلى أن "نظام الرعاية الصحية، في المناطق المتنازع عليها، انهار بدرجة كبيرة وتجري الاستعاضة عنه بنظام مرتجل وغير ملائم يتعرض باستمرار لخطر مهاجمته من جانب القوات الحكومية. والمستشفيات التي مازالت تعمل تحت سيطرة الحكومة كثيراً ما تفتقر إلى النزاهة."
وتشير اللجنة إلى أن "تعمد توجيه الهجمات ضد المستشفيات والأماكن التي يوجد فيها المرضى والمصابون وضد الوحدات الطبية التي تستخدم شارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر يشكل جريمة حرب في النزاع المسلح غير الدولي."
وقد أُنشأ مجلس حقوق الإنسان لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية في آب/أغسطس 2011 للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقوانين الدولية لحقوق الإنسان وكذلك، حيثما أمكن، لتحديد المسؤولين عنها. واعتمدت اللجنة على الإفادات المباشرة التي حصلت عليها من آلاف الضحايا والشهود الذين قابلتهم في المخيمات والمستشفيات في البلدان المجاورة وتحاورت معهم عبر الهاتف وسكايب داخل سوريا.
وعرض الرئيس بينهيرو أحدث تقرير للجنة على مجلس حقوق الإنسان في ذات اليوم الذي أكد فيه خبراء الأمم المتحدة أن الأسلحة الكيميائية استُخدمت في النزاع. وقال "إن استخدام الأسلحة الكيميائية جريمة حرب. واستخدامها يحظره القانون العرفي الدولي والعديد من الاتفاقيات الدولية."
وفي قرار أصدره مجلس حقوق الإنسان، في ختام دورته الرابعة والعشرين، أدان المجلس بشدة، وهو يشير إلى التأثير المدمر الذي تلحقه الحرب الكيميائية بالمدنيين، استخدام الأسلحة الكيميائية. وأدان المجلس أيضاً المذابح المستمرة للمدنيين والانتهاكات الجسيمة والمنهجية والواسعة النطاق المتواصلة لحقوق الإنسان وجميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي من جانب السلطات السورية والمليشيات التابعة لها، وكذلك تجاوزات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ترتكبها جماعات المعارضة المسلحة.
8 تشرين الأول/أكتوبر 2013