Skip to main content

حرية الرأي والتعبير

بين حرية الكلام وخطاب الكراهية: خطة عمل الرباط، أداة عملية لمكافحة التحريض على الكراهية

21 شباط/فبراير 2013

بعد عدة حلقات عمل بشأن حظر التحريض على الكراهية القومية والعنصرية والدينية، نظمتها الأمم المتحدة في شتى مناطق العالم، قدم خبراء مشهود لهم دولياً، في اجتماع عُقد في جنيف في 21 شباط/فبراير، خطة عمل لحظر التحريض على التمييز والعداء والعنف، على النحو المبين في المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

"إن فريق الخبراء المرموقين، الذين عملوا معاً في تناول هذه المسألة خلال العامين الماضيين، حقق آمالنا بأن توصل هؤلاء الخبراء إلى توافق آراء بشأن كيفية المعالجة الفعالة لمسألة التحريض واستنبطوا مساراً واضحاً لمساعدتنا على تحديد موضع الخط الفاصل بين حرية التعبير والتحريض" قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، في بيانها الافتتاحي.

"في السنوات الأخيرة، أسفرت الأحداث المنطوية على خطاب الكراهية، والتنميط السلبي في وسائط الإعلام، وحتى على دعوة مسؤولين عموميين وأحزاب سياسية إلى الكراهية الدينية أو القومية، عن عمليات قتل لأشخاص أبرياء وهجمات على أماكن عبادة ودعوات إلى الانتقام. ودوامة العنف هذه تحتم علينا أن نجدد البحث عن التوازن الصحيح بين حرية التعبير – وهي من أثمن حقوقنا كبشر وأكثرها جوهرية – والحاجة التي لا تقل عنها أهمية إلى حماية الأفراد والمجتمعات من التمييز والعنف" أضافت بيلاي.

وتوصي خطة عمل الرباط بشأن حظر الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف (PDF) باعتماد تشريعات وطنية شاملة لمكافحة التمييز مع إجراءات وقائية وعقابية من أجل المكافحة الفعالة للتحريض على الكراهية، وبتمكين الأقليات والفئات الضعيفة.

وفي معرض الإشارة إلى المعادلة المعقدة بين حرية الكلام والحماية من التحريض، سلمت بيلاي بأن الآراء بشأن هذه المسألة شديدة التباين، حيث دعا البعض إلى فرض قيود أشد صرامة على التعبير المسموح به بينما أكد آخرون أن حرية التعبير ينبغي أن تكون شبه مطلقة، وأشاروا إلى أن القوانين التي تقيد الكلام كثيراً جداً ما تسيء السلطات استخدامها لتكميم أفواه الناقدين ولإسكات المعارضة.

ورحب الممثل السامي لتحالف الحضارات، جورج سامبايو، بخطة عمل الرباط، التي تقدم مجموعة توصيات عملية إلى الدول ومنظومة الأمم المتحدة والقيادات السياسية والدينية والمجتمع المدني ووسائط الإعلام، وشدد على الدور الرئيسي الذي يتعين أن يؤديه التعليم في تغيير العقليات.

"السلطات الوطنية والمحلية يمكنها أن تفاقم حدة الخطاب، ولكن لديها أيضاً القدرة على مكافحة خطاب الكراهية من خلال الخطاب الإيجابي ورسائل التسامح وضبط النفس" أعلن المستشار الخاص للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، أداما ديينغ، عند إشارته إلى دور الدولة والسلطات الدينية والمجلية والمؤسسات التعليمية ووسائط الإعلام.وفيما يتعلق بدور التشريع، سلم ديينغ بأنه مهم ولكنه محدود، ونصح باتباع "نهج متعدد المستويات للمنع".

ومن العوامل الرئيسية المطروحة في خطة عمل الرباط لمنع التحريض على الكراهية المسؤولية الجماعية للمسؤولين العموميين والقيادات الدينية والمجتمعية ووسائط الإعلام والأفراد، وضرورة تعزيز الوعي الاجتماعي والتسامح والاحترام المتبادل والحوار بين الثقافات.

وتحتوي خطة العمل أيضاً على معيار من ستة أجزاء لعتبة أشكال التعبير التي تُحظر بموجب القانون الجنائي. ويؤخذ في الاعتبار في المعيار: سياق التحريض على الكراهية، والمخاطِب، والنية، والمحتوى، ومدى الخطاب، ورجحان إحداث الضرر. وعلاوة على ذلك، فإن التثقيف بشأن التعددية يمكن أيضاً، وفقاً لما أورده الخبراء، أن يسهم في منع التحريض على الكراهية والتعصب والتنميط السلبي والوصم والتمييز على أساس الانتماء القومي أو الأصل العرقي أو الدين أو المعتقد.

"هذه أول مرة يسفر فيها إجراء مشترك لتحقيق تضافر بين أعمال العديد من آليات حقوق الإنسان وهيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة – بما فيها المعنية بحرية الرأي والتعبير، وحرية الدين، ومسألة العنصرية – والخبراء المستقلين والمنظمات غير الحكومية عن اعتماد خطة عمل شاملة بشأن جانب هام جامع في قانون حقوق الإنسان: تعيين الحدود بين حرية الكلام وخطاب الكراهية"، يقول إبراهيم سلامة، مدير شعبة معاهدات حقوق الإنسان في المفوضية السامية لحقوق الإنسان.

وخطة العمل المعروضة اليوم اعتُمدت في اجتماع عقده مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الرباط بالمغرب في تشرين الأول/أكتوبر 2012. وتمثل هدف اجتماع الرباط في إتمام المناقشات والتوصيات التي جرت منذ عام 2011 في أربع حلقات عمل إقليمية لإجراء تقييم، على الصعيدين الوطني والإقليمي، للأنماط التشريعية والممارسات القضائية والسياسات العامة المتعلقة بمسألة التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية.

والعملية التشاورية التي أفضت إلى اعتماد خطة عمل الرباط شارك فيها ثلاثة مقررين خاصين للأمم المتحدة (فرانك لا رو، المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير؛ وهاينر بيليفيلدت، المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد؛ وموتوما روتيري، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بمسألة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب) وأنييس كالامار، المديرة التنفيذية لمنظمة المادة 19، و45 خبيراً ينتمون إلى خلفيات ثقافية وتقاليد قانونية مختلفة. وعُقدت حلقات العمل الإقليمية في أوروبا (فيينا، 9 – 10 شباط/فبراير 2011)، وأفريقيا (نيروبي، 6 – 7 نيسان/أبريل 2011)، وآسيا والمحيط الهادئ (بانكوك، 6 – 7 تموز/يوليه 2011)، والأمريكتين (سانتياغو، 12 – 13 تشرين الأول/أكتوبر 2012).

وبناء على خطة عمل الرباط، سيشارك مقررو الأمم المتحدة الخاصون الثلاثة، المشاركون في المشاورات الإقليمية، في استضافة حلقة دراسية، في جنيف يوم 22 شباط/فبراير، لتحديد الخيارات السياساتية لوقف ومنع التحريض على ارتكاب جرائم فظيعة في الحالات التي يكون فيها العنف على وشك الوقوع.

21 شباط/فبراير 2013

الصفحة متوفرة باللغة: