Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

الفقر يجعل الناس أكثر عرضة للظلم

الفقر وعقوبة الإعدام

25 أيلول/سبتمبر 2018

عقوبة الإعدام: الفقر والحقّ في التمثيل القانونيّ
بيان مفوّضة الأمم المتّحدة الساميّة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه،
نيويورك، في 25 أيلول/ سبتمبر 2018

أصحاب المعاليّ،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،
   
عندما استلمتُ مهامي كمفوّضة سامية لحقوق الإنسان في 1 أيلول/ سبتمبر، كانت إحدى الدعوات التي سرّتني تلبيتها افتتاح حلقة نقاش بشأن عقوبة الإعدام والفقر. أغتنم هذه الفرصة لأشكر الدول الأعضاء على رعاية هذا الحدث، وهي إيطاليا، والبرازيل، وبوركينافاسو، وفرنسا، وتيمور ليشتي.

عندما تناولتُ قضيّة عقوبة الإعدام، نظرتُ في سلسلة من القضايا. أرغب في أن أتشاركها معكم لأنّها تولّد السياق المطلوب.

أوّلاً: اعتَمَدَتِ الدول الأعضاء في العام 2015 خطّة العام 2030. وتشكّل أهدافُ التنمية المستدامة رؤيةً عالميّة للسلام وحقوق الإنسان والتنمية. وهي تنبع بجوهرها من حقوق الإنسان – أيّ من الحقوق في التعليم والصحّة والسكن الملائم وغيرها من الحقوق. وقد وضع الأمين العام أهداف التنمية المستدامة على رأس قائمة الأولويّات والأمم المتّحدة تعمل مع الدول الأعضاء من أجل إعادة إصلاح منظومة الأمم المتّحدة الإنمائيّة تحقيقًا لهذه الغاية.

ثانيًا: يتخطّى عددٌ من العناصر الأساسيّة الضروريّة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التنميةَ بحدّ ذاتها. فمِن أجل إشراك الجميع من دون أيّ استثناء، على العمل الإنمائيّ أن يرتكز على حكم القانون. وعلى الدول الأعضاء، بما في ذلك السلطات الوطنيّة البلديّة، أن تعتمد على جسم قانونيّ وقضائيّ ملائم من أجل تطبيق معايير حقوق الإنسان التي تشكّل أساس أهداف التنمية المستدامة. فالقوانين توجّه القرارات المتعلقة بالسياسات والميزانيّات التي من شأنها أن تنفّذ أهداف التنمية المستدامة. وتؤمّن الأنظمة القضائيّة المساءلة المطلوبة لضمان تطبيق القانون تطبيقًا سليمًا، وسبل الانتصاف عند خرقه. وبهدف الاستفادة من أهداف التنمية المستدامة والابتعاد عن الفقر، على الجميع، لا سيما الأكثر فقرًا أن يتمكّنوا من الاعتماد على حكم القانون.

ثالثًا: عندما نتكلّم عن "حكم القانون" نقصد حقوق الإنسان. عندما كنت استعدّ لاستلام مهامي كمفوّض ساميّ، أعَدْت قراءة إعلان فيينا بشأن حقوق الإنسان الذي اعتُمِد في العام 1993 وأدّى إلى إنشاء هذه المفوضيّة. وأكّد الإعلان بكلّ وضوح على أنّ عمل الأمم المتّحدة حول حكم القانون قائم على حقوق الإنسان. ودعا مفوضيّة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان إلى إعداد "برنامج شامل" لحكم القانون.

رابعًا: ما من مثال عن فشل حكم القانون يفطر القلوب أكثر منه عندما يؤدّي الفقر إلى تفاقم عدم إنصاف الأنظمة القضائيّة فتُعرِّض الناس إلى درجات قصوى من الظلم تتمثّل في عقوبة الإعدام. يدعو القانون الدوليّ لحقوق الإنسان إلى إلغاء عقوبة الإعدام لأنّه يعتبر الإعدام بحدّ ذاته انتهاكًا للحقوق. ومن جهة أخرى، يعترض القانون الدوليّ لحقوق الإنسان على عدم الإنصاف المتجلّي في تطبيق عقوبة الإعدام. وممّا لا شكّ فيه أبدًا، أنّ الأخطاء والإساءة في التطبيق ستظّل قائمة طالما أنّ عقوبة الإعدام مستمرّة.

وفي الختام، يتناول الموضوع الذي نجتمع حوله اليوم، في أكثر جوانبه تحديدًا، أفرادًا من العالم أجمع، جعلهم فقرهم أكثر عرضة للظلم الناتج عن فشل الأنظمة القضائيّة وحكم القانون.

أمّا على النطاق الأوسع، تقتصر القضيّة على تحقيق تنمية عالميّة بأرفع مستوى جودة ممكن، وَعَدَتْ بتحقيقها أهداف التنمية المستدامة، وعلى ترسيخ حكم القانون في حقوق الإنسان، واحترامنا الإنسانيّة وأنفسنا.

إن كنّا عاجزين عن ضمان تحقيق العدالة للفقراء، حتّى عندما تهدّد عقوبة الإعدام حياتهم، كيف يمكننا أن نأمل في توفير أسس حكم القانون الضروريّة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

مع افتتاح حلقة النقاش هذه، ندعو الدول الأعضاء إلى:

  • مساعدتنا على ضمان بناء خطّة العام 2030 ومنظومة الأمم المتّحدة الإنمائيّة على أساس حكم القانون.
  • مساعدتنا على ضمان أنّ العمل المتعدّد الأطراف بشأن حكم القانون قائم على حقوق الإنسان، وفق ما صوّرتموه في فيينا منذ ربع قرن.
  • مساعدتنا على التقدّم نحو وقف العمل بعقوبة الإعدام وإلغائها في نهاية المطاف، مع اعتماد أنظمة قضائيّة أقوى تحمي جميع حقوق الإنسان.

ندعو كافة الدول إلى تأكيد التزامها بإلغاء عقوبة الإعدام على المستوى العالميّ. فمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان تعترض على استخدام عقوبة الإعدام مهما كانت الظروف.

نحيّي مرّة جديدة الدول الأعضاء التي تدير هذه القضيّة، ونشكر المشاركين المتميّزين في الحلقة النقاشيّة الذين سيتشاركوننا خبرتهم اليوم.

الصفحة متوفرة باللغة: