Skip to main content

البيانات الإجراءات الخاصة

المقرر الخاص حول العنف ضد المرأة تنهي بعثتها القطرية الى السودان وتنادي بمزيد من الانفتاح والحوار البناء حول العنف ضد المرأة، اسبابه وآثاره

المقرر الخاص حول العنف ضد المرأة تنهي بعثتها القطرية الى السودان وتنادي بمزيد من الانفتاح

26 أيّار/مايو 2015

الخرطوم ( 24 آيار/مايو 2015) - في نهاية بعثة لمدة اثنا عشر يوما الى جمهورية السودان، زارت فيها كل من الخرطوم وولايات شمال وغرب دارفور وشمال كردفان، أدلت السيدة رشيدة مانجو المقرر الخاص للأمم المتحدة حول العنف ضد المرأة أسبابه وآثاره بالبيان التالي:
" لقد كلفت من قبل مجلس حقوق الانسان ان أسعى وان أتلقى معلومات حول العنف ضد المرأة اسبابه وآثاره وان أوصي بتدابير للقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة. فعلى المستوى العالمي يظل العنف ضد المرأة والفتاة انتهاكا واسع النطاق لحقوق الانسان لا يوجد بلد بمنأى عنه. بمظاهره ومعدلات انتشاره واستجابة الدول قد تختلف ولكن التزام الدولة بالعمل على أسس العناية الواجبة يتطلب الوقاية وتدابير الاستجابة التى تعالج الأسباب والآثار المؤسسية والهيكلية بما في ذلك العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتنموية.

أود الاعراب عن تقديري لحكومة السودان على دعوتي للقيام بهذه الزيارة القطرية الرسمية. ان استجابة الحكومة وتعاونها مع كل من النظم الدولية والإقليمية لحقوق الانسان، تنعكس في زيارة متزامنة الى السودان من قبل الخبير الاممي المستقل لحقوق الانسان المعني بالسودان والمفوضيةالأفريقي حول حقوق الانسان والشعوب وولايتي الشخصية، نقوم بزيارتنا للسودان في نفس الوقت تقريبا. تعتبر الحوارات البناءة والصريحة بين كافة الأطراف؛ والوصول الحر دون أية اعاقة ، وجود مناخ مات يؤدي الى الإفصاح الكامل والصراحة والحوارات دون الخوف من الانتقام أمرا ضروريا في سعينا المشترك للنهوض بحقوق الانسان للجميع وحمايتها. ولقد لحظت خلال زيارتي شواغل في هذا الصدد كما لحظت وجود فجوة ما بين النوايا المعلنة والممارسة الفعلية. وسوف أناقش هذه القضايا مع السلطات المعنية.

أعرب عن امتناني لكافة الشركاء الذين التقيت بهم بما في ذلك مسؤولي الدولة، وممثلي منظمات المجتمع المدني، ووكالات الامم المتحدة والافراد الذين نجوا من العنف. وأشكر بصفة خاصة مكتب المنسق المقيم ومنسق الشؤون الانسانية واليوناميد وبرنامج الغذاء العالمي لدعم وتيسير زياراتي للمواقع المختلفة. فكل من وكالات الامم المتحدة ويوناميد بالسودان تدعم الجهود من اجل السلام والأمن وتعزيز وحماية حقوق الانسان، وتوفر الحماية للسكان المدنيين وتسهل العمليات الانسانية. تواجه هيئات الامم المتحدة واليوناميد، بدرجات متفاوتة تحديات تتضمن شواغل أمنية، قيود على الوصول، واجراءات سياسية وإدارية تؤثر سلبا على شراكتهم وأنشطتهم . فالتوتر والافتقار الى الثقة وخلط الأمور فيما يخص المجتمع الدولي بشكل عام والامم المتحدة بشكل خاص ورد اثناء حواراتي مع بعض الأطراف . هذا الوضع غير الصحي لا يبشر خيرا للذين يعيشون في السودان ويعتمدون على الحكومة والمجتمع الدولي من اجل التعزيز والحماية الفعالة لحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية. اشجع حكومة السودان وكافة اصحاب المصلحة إيجاد الارضيّة المشتركة للمشاركة الفعالة من اجل معالجة التوترات القائمة وذلك لصالح الذين يعيشون في السودان.

مظاهر العنف ضد المرأة

بالرغم من وجود القوانين والسياسات والبرامج فقد لاحظت ان العنف ضد المرأة لا زال قضية مقلقة في السودان. فعدد كبير من النساء والفتيات يعشن في سياق عدم مساواة حاد، وتخلف وفقر ونزاع وويزيده حدة العنف في كل من المجالات العامة والخاصة، سواء على ايدى الدولة او على أيدي جهات اخرى غير تابعة للدولة. وللاسف يصعب التحقق من مدى انتشار هذه الضواهر سواء في المجال الخاص او العام وذلك للعوامل التالية: قلة البيانات المفصلة ، الوصم الاجتماعي والسكوت عن مظاهر عنف معينة. عدم التبليغ او التبليغ المنقوص للحالات في بيئة لا تستجيب بل تكون عدوانية احيانا عند اثارة قضايا العنف ضد المرأة، كالتذرع بالتقاليد والاعراف الثقافية والاجتماعية التي تحول دون البوح وطلب المساعدة خارج إطار الاسرة. والتركيز على المصالحة على حساب المساءلة فيما يتعلق بالجرائم المقترفة ضد المرأة والفتيات.

تعكس التقارير واللقاءات وجود العنف داخل الاسرة والمجتمع بما في ذلك العنف ضد المرأة والفتيات والأطفال سواء كان جسمانيا او نفسيا او جنسيا او اقتصاديا. الا انني لحظت خلال زيارتي ان أغلبية من التقيت بهم قد ركزوا على قضيتين ترتبطان بالطفلة، وهما ختان الإناث والزواج المبكر. ان السكوت والإنكار ان كان من قبل سلطات الدّولة ام العديد من أعضاء المجتمع المدني، فيما يتعلق بموضوع العنف الذي تواجهه المرأة هو مصدر قلق.

تشير المعلومات الخاصة الواردة في التقارير او في المقابلات، الى تعدد مظاهر العنف ضد المرأة سواء كان ذلك في مناطق النزاعات ام خارجها.

كما تلقيت تقارير حول ارتفاع نسب الاتجار في النساء والفتيات وبصفة خاصة طالبات اللجوء واللاجئات وما يتعرضن له من عنف ان كان في بلد المصدر ام مناطق العبور ام بلد الوصول. ويبقى العنف الجنسي والعنف القائم على النوع في سياق النزاع ، مصدرا للقلق مع استمرار الابلاغ عن جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي والإذلال.

ان الاستهداف العنصري والعرقي ضد طالبات دارفور ينطوي، بصفة خاصة، على ممارسات مذلة كحلق رؤوسهن بسبب هويتهم العرقية والتشكك بهويتهم العربية.

ان انعدام الأمن في أغلبية معسكرات النازحين يعرض النساء والفتيات للعنف أَمَا على أيدي عناصر اجرامية اومجموعات اجرامية او السلطات.

قام المقرر السابق في تقريره لعام 2005 وكَذَلِك المقرر المعني بالنازحين الداخليين في تقريره لعام 2012 بإلقاء الضوء على قضية انعدام الأمن وأشار الى المخاطر الأمنية التي تتعرض لها النازحات خارج المعسكرات عِنْد قيامهن بجلب الماء وجمع الخشب او أنشطة كسب الرزق.

كما اثير كمصدر للقلق التفسير والتطبيق التمييزي لاحكام بعض القوانين بما في ذلك القانون الجنائي وقانون النظام العام وقانون الأحوال الشخصية حيث اعتبرت مسببا ونتيجة للعنف ضد النساء والفتيات. فالمادة 152 من القانون الجنائي الخاصة "بالسلوك الفاحش" له اثر سلبي كبير على حياة النساء والفتيات. اما قانون النظام العام فيتضمن احكاما تفسر على انها تنظم حرية الملبس وحرية الارتباط وحرية العمل والتي في حالات كثيرة تستهدف وتجرم سلوك النساء. وعلى الرغم من المرسوم الرئاسي لسنة 2006 والذي ألغى العديد من فئات جرائم النظام العام الا ان شرطة النظام العام ما زالت تجوب الشوارع وتقوم بالمسوحات مستهدفة النساء بصفة خالصة لا سيما اللواتي يعملن في القطاع الاقتصادي غير الرسمي بما في ذلك بائعات الشاي والطعام وعاملات المنازل.

وخلال زيارتي لسجن في الخرطوم التقيت بالعديد من النساء السجينات بِسَبَب جرئم جرائم بسيطة منها عدم القدرة على سداد قروض التمويل الأصغر او لقيامها بأنشطة اقتصادية غير رسمية للوفاء باحتياجاتها المعيشية. تُسجن المرأة الحامل بشكل اعتيادي كما يعيش عدد كبير من الأطفال مع الأمهات في السجون بما في ذلك اللواتي أنهين فترة العقوبة ولكنهن غير قادرات على مغادرة السجن لعدم قدرتهن على دفع التعويض ( الدية ) أو ديونهن.

التطورات المؤسسية والسياساتية والقانونية

اتخذت حكومت السودان إجراءات قانونية محددة من اجل معالجة حقوق الانسان للمرأة فقد تضمن الدستور الانتقالي في 2005 احكاما أساسية تتعلق بحقوق الانسان للمرأة بما في ذلك المادة 31 و 32 لكي تكفل عدم التمييز والمعاملة المتساوية للمرأة في كافة مجالات الحياة: اعتماد سياسات التمييز الإيجابي لصالح المرأة وقام قانون الانتخابات 2014 برفع نسبة مشاركة المرأة من 25٪ الى 30٪ في كافة مناح الحياة العامة؛ سن قانون منع التجار بالبشر وقانون اللجوء في 2014؛ وتعديل المادة 149 للقانون الجنائي الذي وضح الفرق بين جريمة الإغتصاب والزنا؛ ادراج نص جديد حول التحرش الجنسي في القانون الجنائي بين جملة أمور اخرى. السودان طرف في المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى (ICGLR) والبروتوكول الخاص بالقضاء على العنف الجنسي ضد المرأة والطفل.

كما أعلمت ايضا بالمراجعة المستمرة التي بدأت في 2006 لكافة القوانين التي تميز ضد المرأة. وبموجب معلومات حصلت عليها تم التعرف على اكثر من 26 قانونا متضمنا احكاما تميزية ضد المرأة بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية. وقدمت لجنة المراجعة تقريرها الى البرلمان من خلال مجموعة المرأة في البرلمان. وتضمن التغيرات المقترحة على المستوى الفيدرالي تعديلا جديدا يحدد السن الأدنى للزواج؛ موائمة القوانين المضامينية والإجرائية على المستوى المحلي لكي تتوافق ومعايير حقوق الانسان الدولية ؛ النظر في المصادقة على كل من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( السيدو) والبروتوكول الخاص بالميثاق الأفريقي حول حقوق الانسان والشعوب وحقوق المرأة في افريقيا ( بروتوكول مابوتو).

كما حصلت على معلومات بشأن العديد من السياسات والاستراتيجيات حول العنف ضد المرأة بما في ذلك الخطة الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة ( 2011 -2016) ، والتي تلحقها (2015-2031) والتي وصلت الى المراحل النهائية. ولدى السودان استراتيجية وطنية لمحاربة الممارسات التقليدية الضارة بما في ذلك ختان الفتيات. وبالرغم من التأكيدات بشأن الشفافية وشمولية المشاورات ومشاركة المجتمع المدني والافراد والمنظمات في تطوير القوانين والسياسات الا ان هناك شواغل لا زالت قائمة بشأن الاقصاء الانتقائي لبعض المنظمات غير الحكومية من مثل هذه الجهود.

على المستوى المؤسسي فان وحدة مكافحة العنف ضد المرأة هي الهيئة الحكومية الرئيسية التي تلعب دورا مؤثرا في تنسيق الجهود الرامية الى إنهاء العنف ضد المرأة وتقدم الريادة في هذا المجال في كافة أنحاء البلاد.

وقد انشات الوحدة فروع في تسع ولايات كما توجد في ولايات اخرى لجان انتقالية ومستشارين للوالي حول قضايا النوع. وقد ساعدت الوحدة في إقامة لجان حول العنف الجنساني ولجان خاصة بقرار مجلس الأمن 1325 في العديد من الولايات. ، وانشات وزارة الداخلية على نحو تدريجي منذ 2007 وحدات لمائة الطفل والاسرة كجزء من الخدمات الشرطية وعلمت ان هناك حاليا 20 وحدة عاملة في السودان. كما انشىء ايضا مكتب للنوع داخل الخدمة الشرطية ومديريات نسائية في 17 ولاية، وتوجد نقاط اتصال للنوع داخل كل وزارة ولجنة قومية لتقدم المرأة. يشكل هذا كله جزء من الاليات التي تعمل من اجل تعزيز وحماية حقوق الانسان للمرأة. اما على المستوى توجد التين هامتين وهما المفوضية الوطنية المستقلة لحقوق الانسان التي أنشئت بموجب الدستور والمجلس الاستشاري لحقوق الانسان على المستوى التنفيذي والذي يترأسه وزير العدل.

الثغرات والتحديات

وكنقطة انطلاق فان الصمت وانكار وجود عنف ضد المرأة في السودان ما عدا الحد الأدني بنطاقات معينة، يعتبر تحديا يتطلب المعالجة كأولوية . ولذلك أحث حكومة السودان انشاء لجنة تحقيق تتألف من أشخاص وطنيين ودوليين للنظر في بلاغات الادعاءات المتصلة باغتصاب جنسي جماعي في مناطق مختلفة بما في ذلك الادعاءات الاخيرة التي تتعلق قرية ثابت. فبالرغم من التحقيقات العديدة ولكن المحدودة وبالرغم من زيارتي هذه فانه من المستحيل رصد او توثيق او التحقق او الابلاغ بدقة حول الادعاءات التي ظهرت حول الاغتصابات الجماعية في مواقع مختلفة. وينجم هذا عن الوضع الأمني في بعض الحالات وبسبب غياب بينة مستجيبة لإجراء تحقيقات محايدة وموضوعية دون خوف او محاباة او انتقام.

ان الوصول الى العدالة وتحقيق العدالة فيما يتصل بالجرائم المقترفة ضد النساء والفتيات امر يتطلب الاهتمام وبصفة خاصة من خلال معالجة القصور في المساءلة والتذي يعتبر القاعدة في السودان فيما يخص جرائم النوع. وعلاوة على ذلك فان الاليات المختلفة المؤسسية المتراكبة والمتشابكة ذات الوظائف التكميلية وأحيانا المزدوجة ينبغي مراجعتها للتأكد من الوضوح والأدوار والوظائف والقدرات. اشارت التقارير التي تلقيتها الى تضييق الخناق على المنظمات غير الحكومية بصفة عامة وبالتحديد على منظمات حقوق المرأة من خلال إلغاء تسجيل هذه المنظمات وطعن السلطات المعنية في طلبات التسجيل وإقامة عوائق في وجه تسجيل المنظمات. هذا الصراع الذي طال أمده لا سيما في دارفور قد اسهم وما زال يسهم الى حد كبير في عدم الاستقرار وعدم الأمان والعنف والنزوح الداخلي والتحديات لسيادة القانون والفقر والتخلف. ان مشكلة تعدد مظاهر العنف ضد المرأة في حالات النزاع امر يتطلب مزيدا من الاهتمام ولا سيما في سياق استمرار النزاع والأعمال العدوانية. يعتبر العنف الذي تتعرض له المرأة في حالات النزاع يعكس العنف التي يشكل واقعها اليومي والذي يتفاقم في أوقات النزاع وعدم الأمان .

وقد اشارت حكومة السودان الى الاثر السلبي للعقوبات على المرأة وأتطلع للحصول على مزيد من المعلومات في هذا الصدد.

الاستنتاجات

وبالرغم من حالة انعدام الأمن في بعض أنحاء السودان فانه من الواضح ان هناك تطورات تشريعية وموسسية قد اتخذت لمعالجة وضع حقوق الانسان للمرأة بصف عامة والعنف ضد المرأة بصفة خاصة. وعلى مستوى الولايات هناك بعض التطورات التشريعية والسياساتية كما استجدت ممارسات إيجابية. ان مراجعة للممارسات المستجدة والفضلى في الولايات المختلفة ستعود بالفائدة على كافة المقيمين بالسودان وعل الحكومة والمجتمع الدولي الملتزم بمساعدة البلاد. تعتبر الدولة المسؤول الاول والخير المعني بتنفيذ الواجب وحمل مسؤولية العمل من اجل القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة والفتيات. وتتضمن هذه المسؤولية، الحماية والوقاية والتحقيق والمعاقبة وتوفير أوجه الجبر الفعّال بما في ذلك تدابير التعويض. وعلاوة على ذلك فيقع على عاتق الدولة مسؤولية مساءلة لا مرتكبي العنف فحسب ولكن سلطات الدولة التي تفشل في حماية ومنع انتهاكات حقوق الانسان للمرأة والفتيات بسبب عدم الاستجابة او الاستجابة بشكل غير فعال. ان مساءلة سلطات الدولة التي ترتكب العنف يعتبر أمرا حتميا في السياق الراهن.

وستتم مناقشة النتائج التي توصلت اليها عند مناقشة التقرير الشامل الذي سيرفع الى مجلس حقوق الانسان في يونيو 2016.

المقرر الخاص السيدة رشيدة مانجو. تم تعيين السيدة رشيدة مانجو كخبيرة مستقلة للأمم المتحدة للتعامل مع العنف ضد النساء وأسبابه وتأثيراته من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في يونيو 2009. وتعمل السيدة مانجو أيضاً كأستاذة في قسم القانون العام بجامعة كيب تاون.

للمزيد من المعلومات: http://www.ohchr.org/AR/Issues/Women/SRWomen/Pages/SRWomenIndex.aspx

الصفحة متوفرة باللغة: