Skip to main content

البيانات والخطابات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يختتم زيارته الرسمية إلى بنغلاديش

30 تشرين الأول/أكتوبر 2024

© المفوضية السامية لحقوق الإنسان/ أنطوني هيدلي
© المفوضية السامية لحقوق الإنسان/ أنطوني هيدلي

أدلى/ت به

مفوض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك

في

دكا

مساء الخير وشكرًا لحضوركم معنا الليلة.

لقد كانت زيارتي هذه قصيرة لكنّ انخراط مفوضيّتنا المتعمق، وارتباطي الشخصي الوثيق، لا بل أتجرأ أن أقول محبّتي لهذا البلد النابض بالحياة ولشعبه الصامد، يعودان إلى زمن بعيد.

فهذه اللحظة الفريدة وغير المسبوقة في تاريخ بنغلاديش هي ثمرة خروج الشباب والشابات إلى الشوارع، مع ما تكبّدوه من مخاطر جمّة هدّدت أمنهم وسلامتهم، للتعبير عن أنهم ضاقوا ذرعًا من التجاهل والتهميش.

كفى إسكاتًا لأصوات المعارضة.

كفى عدم مساواة وتمييز وفساد وإساءة استخدام السلطة المستشرية في البلاد.

لقد رسّخوا حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في صميم مطالبهم.

وعلى الرغم من الإحساس السائد بالحزن والخسارة، إلا أنني لمستُ، خلال مناقشاتي مع المجتمع المدني والطلاب والمسؤولين وغيرهم من أصحاب المصلحة الآخرين على مدار اليومين الماضيين، شعورًا بالأمل في أن الأوضاع ستكون مختلفة هذه المرة خلال المرحلة الانتقالية.

فهذه المرّة يجب تحقيق العدالة. وهذه المرّة يجب أن تأتي الإصلاحات مستدامة ودائمة، كي لا تتكرر الممارسات التعسفية التي شهدتها العقود الماضية.

الفرص حقيقية والانتظارات كبيرة بالتأكيد لإحداث تغيير جذري نحو الأفضل، واعتماد نهج جديد للحوكمة والتنمية والسياسات الاقتصادية متأصّل في حقوق الإنسان، ونابع من إنجازات الحركة الأخيرة ومترسّخ في أسس متينة تمكّن من التغلب على الانقسام والتمييز والإفلات من العقاب.

يجب أن تمسي عدم المساواة ودوامات الانتقام والثأر والتهميش والفساد والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من الماضي. ومفوضيتنا، مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، موجودة هنا لبذل كل ما في وسعها من أجل أن تتكلّل جهود بنغلاديش في هذا الصدد بالنجاح.

أخبرني الطلاب أنه لم يكن أمامهم خيار آخر سوى الخروج إلى الشوارع، فهم لم يجدوا في آليات الدولة أي منفذ وآذان تصغي إلى شواغلهم. وبغية استعادة التماسك الاجتماعي والثقة في مؤسسات الدولة، من الضروري إعادة بناء الحيز المدني الذي تم خنقه تدريجيًا في السنوات الأخيرة.

ويتطلب ذلك إصلاح القوانين القمعية، ومؤسسات الدولة التي اعتادت إسكات المعارضة. فالعادات القديمة لا تموت بسهولة، ووحده التغيير المنهجي كفيل بضمان احترام حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي والحق في المشاركة السياسية. وأرحّب بالخطوات المتخذة الرامية إلى إلغاء قانون الأمن السيبراني، وسحب القضايا القديمة المتعلقة بجرائم التعبير عن الرأي بموجب هذا القانون وقانون الأمن الرقمي.

أمّا اعتماد نهج شامل يسمح بالإصغاء إلى كل صوت وتقديره بغض النظر عن الطبقة أو الجنس أو العرق أو الأيديولوجية السياسية أو الهوية أو الدين، فأساسي ويعكس تطلعات وتنوع الحركة التي أشعلت شرارة هذا التحول.

إنّ النساء هنّ في قلب حركات العدالة الاجتماعية، بما في ذلك الاحتجاجات التي انطلقت في تموز/ يوليو. وأشيد بهن وأحيي جهودهن. ويجب أن يبقين في الطليعة خلال هذه المرحلة الانتقالية وما بعدها. ويجب أن تكون المرأة مرئية، لا سيما في المناصب القيادية ومناصب صنع القرار.

ومشاركة الأقليات العرقية والدينية في هياكل الإصلاح، تمامًا كما الشعوب الأصلية، أمر بالغ الأهمية.

أرحب بتصريحات كبير المستشارين الدكتور محمد يونس، التي تعزز التزام بنغلاديش بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساءلة، وتقرّ بضرورة إجراء إصلاحات شاملة في مختلف المؤسسات، بما في ذلك أجهزة إنفاذ القانون، وكذلك بضرورة معالجة أوجه عدم المساواة الاقتصادية.

إن إنشاء اللجان المعنية بتقديم التوصيات على وجه السرعة، بشأن إصلاح القضاء ونظام الانتخابات والإدارة والشرطة والدستور ولجنة مكافحة الفساد، جدير بالثناء، كما أنّ تشكيل لجان أخرى معنية بالصحة والإعلام وحقوق العمال وشؤون المرأة يجري على قدم وساق. وفي اجتماعاتي اليوم مع العديد من المفوضين، ناقشنا أهمية بناء الثقة والشمولية والدروس التي يمكن لبنغلاديش أن تستخلصها من تجارب البلدان الأخرى التي عانت من قضايا مماثلة.

قد تشكّل كل هذه الإصلاحات خطوة حازمة نحو تخفيف عقود من الانقسام السياسي الحاد في البلاد والحد من سياسات المحسوبية التي أضعفت أسس الديمقراطية.

ومن الأولويات القصوى أيضًا السعي إلى تحقيق العدالة في ما يتعلق بالعنف الوحشي المُمارَس ضد المتظاهرين وغيرهم من الأشخاص، بما في ذلك الأطفال، الذين قُتلوا أو أصيبوا بجروح خطيرة في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس.

لقد زرتُ اليوم مستشفى نيتول حيث لا يزال بعض الطلاب الذين أصيبوا بالرصاص أثناء مشاركتهم في الاحتجاجات في تموز/ يوليو يخضعون للعلاج، وهم غالبًا ما يحتاجون إلى عمليات جراحية متعددة. 

فبعد أي فترة من القمع والاضطرابات والعنف، يجب إطلاق عملية وطنية تُعنى بالكشف عن الحقيقة وتساهم في التئام الجراح بغية المضي قدمًا. ومع بروز العديد من الحالات التي يجب معالجتها من الماضي القريب وحده، لا يمكن للعدالة الجنائية أن توفر سوى جزء من الإجابة. فألم الضحايا وأحبائهم والمجتمع ككل وغضبهم المشروعان يتطلبان مقاربة شاملة تنطوي على محاكمات جنائية عادلة، وعمليات لتقصّي الحقائق، وتعويضات للضحايا، ومبادرات لتخليد الذكرى والحفاظ على التاريخ.

وتشكّل الرسوم الجدارية المحيطة بالاحتجاجات وزيارة الدكتور يونس لمرفق الاعتقال السري الشهير آيناغور، الذي سيتحول بعد اليوم إلى متحف، مساهمات بارزة في عملية تخليد الذكرى.

بالإضافة إلى ذلك، يجب اعتماد ضمانات بعدم التكرار، أي تدابير تكفل عدم تكرار ما حدث من جديد. وأشجع أيضًا على إطلاق حوار وطني لتصميم مثل هذه العملية، ويمكنها أن تستلهم بعض المبادرات التي سبق واتّخذها الطلاب لضمان عدم التكرار.

وأرحب بتصديق بنغلاديش على الاتفاقية بشأن حالات الاختفاء القسري وتعيين لجنة تحقيق في هذا الصدد. لقد التقيت باللجنة التي تحتاج إلى دعم كامل، سواء على المستوى الوطني أم على المستوى الدولي، وإلى وقت كافٍ لتوضيح مصير الضحايا ودعم الناجين.

وممّا لا شكّ فيه أنّ العدالة الجنائية أساسية، لكن من الضروري ضمان عدم التسرع في توجيه الاتهامات، وضمان احترام الإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة في جميع الأوقات، بما في ذلك في محكمة الجرائم الدولية. وقد وجدتُ أن الحكومة المؤقتة على علم بالمشاكل التي واجَهَت الإجراءات في محكمة الجرائم الدولية في الماضي. وقد قدَّمَت مفوضيتنا تعليقات على تعديل قانون محكمة الجرائم الدولية بغية مواءمته مع المعايير الدولية وضمان الحق في المحاكمة العادلة، وتحقيق العدالة من دون المساس بالإجراءات القانونية الواجبة. وسننظر في سبل أخرى يمكننا من خلالها مرافقة هذه العملية ودعمها. آمل أيضًا أن يتمّ عقد مناقشة عامة حول استخدام عقوبة الإعدام في المستقبل. ووجهة نظري أنا شخصيًا، المستنيرة بالقانون والأدلة، واضحة، ألا هي أن تصبح عقوبة الإعدام من الماضي.

ومن المهم ألا تُرفع دعاوى جنائية ضد الأفراد على أساس انتمائهم السياسي السابق حصرًا، بما في ذلك أعضاء رابطة عوامي وأنصارها.

وتبرز بعض المخاوف من أن عددًا من التهم لا يستند إلى تحقيق سليم، بما في ذلك مجموعة كبيرة من التهم بالقتل الموجهة ضد الصحفيين. من الضروري للغاية عدم تكرار أنماط الماضي. وأرحب بإنشاء الحكومة المؤقتة لجنة معنية بالنظر في هذه المسألة كأداة لمعالجة احتمال انتشار القضايا الكاذبة. ومن الضروري أيضًا منح الأولوية إلى الإجراءات القانونية الواجبة.

فالمراحل الانتقالية دائمًا ما تكون محفوفة بالمخاطر، لا سيّما بالنسبة إلى الفئات الضعيفة. وأثني على الجهود التي يبذلها الطلاب وغيرهم من الأطراف الأخرى لحماية الأقليات. وتقوم بعثتنا لتقصي الحقائق بالتحقيق في مزاعم الاعتداء على الأقليات في الفترة الممتدّة بين 5 و15 آب/ أغسطس. ومن الضروري للغاية أن تستجيب السلطات بسرعة لأي حوادث يتم الإبلاغ عنها، وذلك عبر إجراء تحقيقات شاملة ومحاسبة الجناة. ويساهم ذلك في بناء الثقة مع مجتمعات الأقليات، لا سيما في ضوء حملات التضليل الإعلامي وتفشّي المعلومات الكاذبة وحملات الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما أعربت في مناقشاتي مع السلطات المؤقتة عن دعمي وتضامني مع بنغلاديش في استضافة اللاجئين من الروهينغيا. إن الوضع في ولاية راخين، وأنا متأكد من أنكم جميعًا تتابعونه، يزداد سوءًا، وقد تمّ إبلاغي بأنّ وافدين جددًا دخلوا إلى بنغلاديش. ومن المهم اتباع نهج مرن وإنساني، وضمان عدم الإعادة القسرية وحماية الوافدين الجدد. ومن الضروري للغاية أيضًا ضمان الأمن في المخيمات، فضلاً عن توفير سبل العيش والتعليم. ومن جهتي، أبذل كل ما في وسعي لحث المجتمع الدولي على التركيز على هذه القضية ودعم بنغلاديش وتكثيف البحث عن حلول.

لقد ورثَت الحكومة المؤقتة تحديات هائلة على جميع الجبهات، بما في ذلك التحديات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والسياسية وسيادة القانون. ودائمًا ما تكون المراحل الانتقالية معقدة. والانتظارات كبيرة. والوقت جوهري، لكن حلّ المشاكل التي طال أمدها يستغرق وقتًا طويلًا.

لن تكون الأشهر المقبلة بسهلة، لكن يجب الحفاظ على روح الاحتجاجات الطلابية والزخم من أجل إحداث تغيير دائم. ويتطلّب تحقيق الوعد بحقوق الإنسان شجاعة وقوة، لكنّه يبني الثقة ويساعد على رأب الانقسامات القديمة.

ومن الضروري للغاية أن يتم تسخير رياح التغيير القوية وتوجيهها مع اتخاذ حقوق الإنسان كبوصلة لها.

لقد شجّعني العديد من المناقشات التي عقدتها ودعت إلى تعزيز دعم مفوضيتنا، بما في ذلك من خلال تعزيز وجودنا. ونتطلع إلى اختتام المناقشات بشأن طرائق تعزيز وجودنا في بنغلاديش مع الحكومة المؤقتة.

ومن المبادرات البارزة في هذا الصدد الدعوة التي وجّهتها السلطات المؤقتة إلى مفوضيّتنا بإيفاد بعثة لتقصي الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في سياق احتجاجات تموز/ يوليو وآب/ أغسطس من هذا العام. فتعزيز وجودنا في بنغلاديش يمكّن مفوضيتنا من مرافقة ودعم العملية الانتقالية في هذا المجال وفي مجالات متعدّدة أخرى، بما في ذلك تقديم المشورة بشأن الإصلاحات القانونية والمؤسسية والاقتصادية والاجتماعية والعدالة الانتقالية والمصالحة والتعافي.

ومن أولويات مفوضيتنا دعم هذا البلد الديناميكي والمتنوع وشعبه خلال هذه الفترة الانتقالية، وبذل كلّ جهد ممكن من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان للجميع في بنغلاديش.

وشكرًا.

كلمة المفوّض السامي في جامعة دكا: المفوض السامي: الطلاب البنغلاديشيون قاموا ودافعوا عن حقوق الإنسان والمساواة والعدالة

للحصول على المزيد من المعلومات وطلبات وسائل الإعلام، الرجاء الاتّصال

تُرافق المفوّض السامي في الزيارة:
رافينا شامداساني
+ 41 22 917 9169 / ravina.shamdasani@un.org

في دكا:
نديم فرحاد
+ 880 1716454233 / nadim.farhad@un.org

في جنيف:
ليز ثروسل
+ 41 22 917 9296 / elizabeth.throssell@un.org
ثمين الخيطان
+ 41 22 917 4232 / thameen.alkheetan@un.org

تابعونا وشاركوا أخبارنا على

منصة X @UNHumanRights
فيسبوك unitednationshumanrights
انستغرام @unitednationshumanrights

الصفحة متوفرة باللغة: