Skip to main content

الخطابات آليات متعدٓدة

آخر المستجدّات العالمية: باشيليت تحثّ على شمل الجميع من دون أيّ استثناء لمكافحة "البؤس المتصاعد والخوف المتفشّي"

البند 2: التقرير السنوي وإحاطة شفهية بآخر المستجدّات للمفوضة السامية لحقوق الإنسان عن أنشطة مفوضيتها والتطورات الأخيرة في مجال حقوق الإنسان

07 آذار/مارس 2022

باشيليت تُطلِع مجلس حقوق الإنسان على آخر مستجدّات قضايا حقوق الإنسان في أكثر من 25 بلدًا © المفوضية السامية لحقوق الإنسان

أدلى/ت به

ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

في

الدورة الـ49 لمجلس حقوق الإنسان

سيّدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

تُدافع الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان هذا، عن حقوق الإنسان لشعوب العالم أجمع، وعن حقهم في المشاركة في القرارات والتعبير عن آرائهم والعيش بكرامة، متحررين من الخوف والعوز.

وندافع عن السلام والحق في التنمية، وفي تنمية مستدامة وقائمة على المشاركة وشاملة، تهدف إلى النهوض بالصالح العام.

أمّا شنّ الحروب التي تستهدف المدنيين، والإطاحة بالحكومات بطريقة عنيفة أو غير دستورية، والحكم الاستبدادي والحوكمة والشرطة التي تقمع حقوق الناس فتتعارض جهارًا مع هذه الرؤية.

لا يزال الوقت سانحًا أمامنا كي نتراجع عن البؤس المتصاعد بشكل حاد والخوف الذي نراه من حولنا، وكي نتعاون على توليد دوّمة إيجابية من التضامن والعدالة المتزايدين.

لقد صاغت الدول التزامات قانونية ووافقت عليها بهدف دعم سيادة القانون وسلامة مؤسساتها ومؤسسات الدول الأعضاء الأخرى، وبهدف التأكد من أن الحوكمة وعمليات الانتقال شاملة، ومن احترام حقوق الإنسان في السياقات كافة، بما في ذلك في سياق مكافحة الإرهاب، وبهدف منع خطاب الكراهية وتعزيز أوسع حيّز مدني ممكن، ودعم الحق في حرية الإعلام والتعبير والتجمع السلمي، بما في ذلك الآراء التي قد تنتقد السلطات.

تتضمن الإحاطة الشفهية هذه بآخر المستجدّات في مجال حقوق الإنسان التي أقدّمها إلى مجلس حقوق الإنسان هذا الصباح، عددًا من المواقف الحرجة التي تتطلب اتخاذ تدابير عاجلة. وكقاعدة عامة، لن أتناول بمزيد من التفاصيل في الإحاطة هذه الأوضاع في البلدان التي تشكّل موضوع مناقشات منفصلة خلال هذه الدورة، وهي أفغانستان وبيلاروس وجمهورية أفريقيا الوسطى وكولومبيا وقبرص وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وجمهورية الكونغو وإثيوبيا وإريتريا وغواتيمالا وهندوراس وميانمار ونيكاراغوا والأراضي الفلسطينية المحتلة وجنوب السودان وسريلانكا والسودان وأوكرانيا وفنزويلا.

أودّ أن أطلع المجلس أوّلاً على آخر المستجدّات في أوكرانيا. فمنذ المناقشة العاجلة التي عقدها، استمر عدد الضحايا المدنيين في الارتفاع. وأشعر بقلق بالغ حيال المدنيين المحاصرين في الأعمال العدائية النشطة في العديد من المناطق، وأحث جميع الأطراف على اتخاذ إجراءات فعالة لتمكين جميع المدنيين، بمن فيهم من هو في حالات ضعف، من مغادرة المناطق المتضررة من النزاع بكلّ أمان. وقد تلقّت المفوضية تقارير عن اعتقالات تعسفية لناشطين موالين لأوكرانيا في المناطق التي أصبحت مؤخرًا تحت سيطرة الجماعات المسلحة في شرق البلاد. كما تلقينا تقارير عن تعرض أشخاص يُعتبرون من الموالين لروسيا، للضرب في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. أكرر دعوتي إلى إنهاء الأعمال العدائية فورًا وسلميًا.

في الاتحاد الروسي، يتم تقييد الحيّز المخصّص لمناقشة السياسات العامة وانتقادها، بما في ذلك العمل العسكري ضد أوكرانيا، بشكل متزايد وجذري. فقد تم اعتقال حوالى 12,700 شخص بشكل تعسفي لمشاركتهم في احتجاجات سلمية مناهضة للحرب، كما أنّ وسائل الإعلام ملزَمَة باستخدام المعلومات والمصطلحات الرسمية حصرًا. وما زلت قلقة حيال استخدام التشريعات القمعية التي تعرقل ممارسة الحقوق المدنية والسياسية، وتجرّم السلوك غير العنيف. فقد أدت التعريفات الغامضة والفضفاضة للغاية، لمصطلحات مثل التطرف والتحريض على الكراهية، إلى تفسيرات قانونية لا تتماشى مع التزامات روسيا في مجال حقوق الإنسان. ويستمر التشريع الإضافي الذي يجرّم ظروف "تشويه سمعة" القوات المسلحة في اتّباع هذا المسار نفسه المثير للقلق. ويستمر تقويض الحريات الأساسية وعمل المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال الاستخدام الواسع النطاق لما يسمى بقانون "الوكيل الأجنبي" لعام 2012، كما يتضح من الإغلاق القضائي لمنظمتين أنشأتهما مجموعة المجتمع المدني المرموقة ميموريال.

في البوسنة والهرسك، تغذي الأزمات السياسية المتفاقمة خطاب الانقسام الذي يطلقه بعض القادة السياسيين. فقد أثارت الحوادث التي وقعت بسبب خطاب الكراهية والتحريض على العنف في جمهورية صربسكا في وقت سابق من هذا العام خوف العديد من الناس، ما يؤكد ضرورة أن يدين القادة هذه التصريحات، ويمتنعوا عن إطلاقها. ومن شأن المبادرات التشريعية الأخيرة في جمهورية صربسكا الخاصة بالانسحاب من مؤسسات الدولة، إذا ما تم اعتمادها، أن تخلّ بسيادة القانون وتقوّض أكثر بعد استقلال القضاء، مع احتمال أن تحمل آثارًا بعيد المدى. ومن الضروري أن تدعم المفاوضات الحالية بشأن الإصلاح الانتخابي المساواة بين جميع مواطني البوسنة والهرسك، بما يتماشى مع قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ويستدعي هذا الوضع اتخاذ إجراءات وقائية. أدعو جميع القادة السياسيين إلى الانخراط في حوار بناء، بما في ذلك مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، بهدف حماية حقوق جميع الناس في البوسنة والهرسك.

في كازاخستان، تمّ استخدام القوة المفرطة للرد على الاحتجاجات السلمية واندلاع العنف، ما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة أكثر من 5000 شخص. وقد تم اعتقال ما لا يقل عن 9,900 شخص. وأستنكر استخدام ممارسات أخرى تنتهك التزامات كازاخستان الدولية في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة. وأشير إلى الخطوات الأولى التي تم اتخاذها لإطلاق تحقيق في هذه الأحداث، وأحث على إجرائه بشكل شامل ومستقل بغية مساءلة الجناة. كما أشجع بشدة على اتخاذ المزيد من الخطوات نحو المعالجة الشاملة للمظالم التي أدت إلى هذه المظاهرات، بما في ذلك مزاعم الفساد وأوجه عدم المساواة الأساسية المترسّخة.

في طاجيكستان، تتواصل حملات القمع ضد المعارضة السياسية. فعدد متزايد من أعضاء الجماعات المعارضة تلقوا أحكامًا بالسجن لمدة طويلة عقب محاكمات لم تمتثل لمعايير الإجراءات القانونية الواجبة. كما أدى العنف بين قوات الأمن والمتظاهرين في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 في إقليم غورنو-باداخشان المتمتع بالحكم الذاتي، إلى تقويض حالة حقوق الإنسان في المنطقة بشكل كبير، ما ولّد بيئة من الخوف والقمع. أَستَنكر استمرار حجب الإنترنت في المنطقة، ومن الواضح أن عمليات الحجب هذه تنتهك حقوق الإنسان.

ألمس بوادر مشجّعة من الترحيب الذي قدّمه العديد من الحكومات والمجتمعات المحلية للأشخاص الهاربين من أوكرانيا، بما في ذلك القرار الذي اتّخذته الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالإجماع لتفعيل الحماية المؤقتة والسماح لهم بالبقاء في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. وفي مواجهة مئات الآلاف من اللاجئين، يشكّل رد الفعل السريع هذا نورًا ساطعًا ينير هذا الوضع الحزين المروّع.

ولكنّه يتناقض بشكل صارخ مع معاملة المهاجرين من البلدان الأخرى على الحدود الأوروبية، وفي أماكن أخرى من العالم. ولا ينبغي أبدًا أن يكون النهج الإنساني والقائم على المبادئ هو الاستثناء، بل يجب أن يشكّل القاعدة. ومن الضروري أن تفي جميع الدول بالتزاماتها تجاه جميع المهاجرين، بغض النظر عن لون بشرتهم أو جنسيتهم أو دينهم، وأن تنسق هذا الإجراء من خلال تنفيذ الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.

تؤدّي حاليًا عمليات صدّ المهاجرين، ووصولهم المحدود إلى اللجوء وغيره من أشكال حماية حقوق الإنسان، وتجريم المهاجرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وظروف الاستقبال غير الملائمة والافتقار إلى آليات الرصد المستقلة، إلى تفاقم ضعف المهاجرين وانتهاك حقوقهم.

ومن أحد الأمثلة الصارخة على أثر مثل هذه السياسات المميت، الحادث الذي توفي أو فُقد خلاله أكثر من 2,000 مهاجر في البحر الأبيض المتوسط العام الماضي، فتخطّى العدد الإجمالي للمتوفين والمفقودين منذ العام 2017 10,000 شخصًا. ليست هذه الخسارة المأساوية بحتمية. ويمكن معالجتها من خلال العمل المنسق للبحث عن المهاجرين وإنقاذهم في البحر، وضمان إنزالهم في أماكن آمنة، وتوسيع مسارات الهجرة الآمنة والنظامية حتى لا يضطر المهاجرون على القيام برحلات محفوفة بالمخاطر. كما أدعو جميع الدول إلى وقف الأعمال التي تجرّم أو تعرقل عمل المنظمات الإنسانية التي تقدم المساعدة للمهاجرين.

أصحاب السعادة،

أشعر بأسف عميق لسلسلة التغييرات غير الدستورية الأخيرة التي أجراها العديد من البلدان في القارة الأفريقية، وحملت آثارًا خطير على استقرار المؤسسات والمجتمعات، وتخطّت الحدود الوطنية وطالت المنطقة الأوسع نطاقًا. فالحكومة الديمقراطية والخاضعة للمساءلة تُعتَبَر محركًا قويًا للتنمية المستدامة والحقوق، حيث يُنظر إلى المؤسسات على نطاق واسع على أنها تعمل بصورة شرعية لحل المظالم والحد من الفساد ومنع التوترات الاجتماعية والصراعات.

إنّ امتثال قوات الأمن للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني أمر بالغ الأهمية لبناء ثقة الرأي العام. وهذا مهم بشكل خاص في المناطق التي تنشط فيها الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. والحيز المدني الآمن الذي يمكّن جميع عناصر المجتمع، بما فيها الأحزاب السياسية والمدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والصحفيون، كي تعبّر عن رأيها بحرية وتساهم في تحديد التحديات والحلول، أساسي أيضًا لبناء مجتمعات قادرة على المواجهة والصمود ومستقرة. وأحث الحكومات على تعزيز مصداقية المؤسسات الديمقراطية، ومساءلة المؤسسات الأساسية مثل القضاء والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان واستقلاليتها.

في مالي، من الضروري ضمان الانتقال السريع إلى الديمقراطية والعودة الكاملة للنظام الدستوري. وعلى الرغم من تسجيل الحوادث الأمنية انخفاضًا طفيفًا في عددها في الربع الأخير من العام 2021 مقارنة مع الربع السابق، إلا أن البيئة الأمنية في البلاد لا تزال غير مستقرة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على حقوق الإنسان والوضع الإنساني. وأشعر بقلق بالغ حيال تقلّص الحيّز المدني والنقاش الديمقراطي في البلاد، فضلاً عن استمرار الاعتداءات على المدنيين من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة والجماعات المسلحة والميليشيات المجتمعية. فقد تضاعف عدد حالات الاختفاء القسري والاختطاف التي وثقتها الأمم المتحدة في العام 2021 ليبلغ 775 حالة. ويساورني القلق أيضًا حيال التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ترتكبها قوات الدفاع والأمن، ولا سيما تلك المشاركة في "عملية كيليتيغي". وتحقق مفوضيتنا في عدد من الادعاءات في ديابالي وفي مناطق أخرى أخرى من البلاد. كما يعاني المواطنون الماليون العاديون من أثر العقوبات، ويؤسفني استمرار التوتر بين السلطات والعديد من الجهات الإقليمية والدولية. أدعو السلطات الانتقالية إلى العمل بشكل بناء مع شركائها الإقليميين والدوليين للنهوض بالحقوق الكاملة لشعب مالي.

بعد توقيع اتفاق البلد المضيف مع حكومة بوركينا فاسو في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2021، افتتحنا مكتبًا لنا في البلاد، وقد أصبح لدينا اليوم وجود في جميع دول المجموعة الخماسية لبلدان منطقة الساحل. وخلال الزيارات التي قمت بها إلى بوركينا فاسو والنيجر في كانون الأوّل/ ديسمبر، لحظت الجهود العديدة التي يبذلها كلا البلدين لمنع النزاع وإحلال سلام أمتن في منطقة الساحل. وأشعر بقلق بالغ حيال الانقلاب الأخير الذي شهدته بوركينا فاسو، ويشكّل انتكاسة قد تعرّض التقدم في مجال حقوق الإنسان الذي لمسْتُهُ إلى مخاطر جسيمة. وأحث على العودة بسرعة إلى سيادة القانون والديمقراطية الدستورية، مع الاحترام الكامل للحقوق والحريات لجميع مواطني بوركينا فاسو. وعلى السلطات الانتقالية التقيد بالتزامات الدولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. إن الحالة الأمنية، ولا سيما في المناطق الحدودية الثلاث، التي تفصل بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مقلقة. ونواصل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي قوات الأمن، والانتهاكات والاعتداءات التي ترتكبها الجماعات المسلحة، في سياق نزاع أدى إلى نزوح 2.5 مليون شخص على مدى السنوات العشر الماضية. ويتفاقم النزاع والنزوح بسبب ندرة الموارد، لا سيما ندرة المياه، التي غالبًا ما تؤدي إلى تفاقم التوترات، بما في ذلك بين المزارعين والرعاة، وتستغلها الجماعات المتطرفة العنيفة. وأشجع بأقوى العبارات على بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين وزيادة العمل لتلبية الاحتياجات الإنسانية والتنمية المستدامة والخضراء والمساواة بين الجنسين وحماية المهاجرين.

في تشاد، تواصل المفوضية المساهمة في تنفيذ خارطة الطريق للتحول الديمقراطي التي حددتها الحكومة الانتقالية بعد تولّيها السلطة عقب وفاة الرئيس إدريس ديبي في نيسان/ أبريل 2021. ومن المتوقع إطلاق حوار وطني في أيار/ مايو من هذا العام، بعد أن تمّ تأجيله عدة مرات. يجب أن تبقى خارطة الطريق الانتقالية متجذرة في حقوق الإنسان، بهدف تجنب التمييز ومعالجة عدم المساواة وضمان الإدماج، لا سيما إدماج الأقليات العرقية والدينية، والنساء والشباب والنقابات العمالية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، في كل من المناطق الحضرية والريفية، وتمكين الحوار الحقيقي.

يُظهر إطار الامتثال لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التابع للقوة المشتركة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، الذي تساهم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في تفعيله، أنّه يمكن ترسيخ حقوق الإنسان وحماية المدنيين في صميم العمليات العسكرية. إلاّ أنّ ذلك يتطلب التفاني الكامل والثابت من جانب جميع السلطات المعنية. ومنذ زياراتي المنطقة، تطور السياق السياسي في المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل بشكل ملحوظ، مع ما قد يترتب على ذلك من آثار على مستقبل الأمانة التنفيذية والقوة المشتركة. وفيما نرصد هذه التطورات، نبقى ملتزمين بمواصلة العمل مع هذه المؤسسات ومع النظراء الوطنيين لضمان أن يظل الامتثال لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في صميم العمليات الإقليمية والوطنية لمكافحة الإرهاب. ومن خلال تواجدنا الميداني في كل من دول المجموعة الخماسية لبلدان منطقة الساحل، تبقى مفوضيّتنا على أهب استعداد للعمل أيضًا بشكل مباشر مع قوات الأمن الوطنية من أجل زيادة الامتثال لحقوق الإنسان.

في الكاميرون، ما زلتُ أشعر بالقلق حيال التأثير الخطير على حقوق الإنسان الناجم عن ثلاث أزمات متمايزة ومتزامنة. فالهجمات التي تشنها الجماعات الانفصالية المسلحة بشكل متزايد في المناطق الشمالية الغربية والجنوبية الغربية، والاشتباكات العرقية والاعتداءات التي تشنّها ميليشيا بوكو حرام في أقصى الشمال، والآثار غير المباشرة للأزمة في جمهورية أفريقيا الوسطى في المنطقة الشرقية، تنطوي جميعها على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكات ضد المدنيين، وتؤدّي إلى تفاقم الفقر وإلى مواضع الضعف الأخرى، وتتسبب في نزوح واسع النطاق. وفي المناطق الشمالية الغربية والجنوبية الغربية، يعيش مئات الآلاف من الأشخاص في خوف دائم من الاعتداءات أو عمليات مكافحة التمرد، فضلاً عن الأعمال الانتقامية التي يوجّهها إليهم جميع الأطراف لدعمهم الخصوم على حدّ تصوّرهم. وقد أدى الاستخدام المتزايد للأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع من قبل الجماعات الانفصالية المسلحة إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين، لا سيما الأطفال. واستمرار الاعتداءات التي تشنها الجماعات المسلحة على العاملين في المجال الإنساني وموظفي الأمم المتحدة يعيق إيصال المساعدات. وفي حين أرحّب ببعض الخطوات التي اتخذتها الحكومة حتى اليوم لمعالجة هذه القضايا وغيرها، أحثّها على بذل المزيد من الجهود لتنفيذ التوصيات التي نشرتها مفوضيّتنا في تشرين الثاني/ نوفمبر تنفيذًا كاملاً، بما في ذلك من خلال النهوض بحيّز مدني واسع النطاق وحرّ. كما يجب التحقيق في التقارير التي تفيد بارتكاب قوات الأمن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وأن يؤدي ذلك إلى مساءلة الجناة.

أصحاب السعادة،

في سوريا، أشعر بقلق بالغ حيال الوضع المتقلب بشكل متزايد في المناطق الشمالية الشرقية الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد. فقد سلّط الهجوم الذي شنه تنظيم داعش على سجن في مدينة الحسكة في كانون الثاني/ يناير الضوء على استمرار الحرمان التعسفي وغير المقبول من الحرية للعديد من الأشخاص المحتجزين. أحث مرة جديدة البلدان الأصلية على إعادة مواطنيها، لا سيما النساء والأطفال، وفقًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي. وألحظ في هذا الصدد الموقف الحازم الذي اتخذته لجنة حقوق الطفل الأسبوع الماضي، في اجتهادها القانوني المتعلق بالشكاوى، الذي ينص على التزامات قانونية واضحة على الدول بالتصرف في حدود قدراتها لمساعدة مواطنيها في هذه الحالات الشديدة الخطورة. ومن الضرورة أيضًا معالجة قضية عشرات الآلاف من السوريين الذين لا يزالون في عداد المفقودين أو المخطوفين أو المحتجزين مع منع الاتّصال. ويجب أن تعرف أسرهم الحقيقة بشأن مكان وجودهم ومصيرهم. وتشكّل إدانة محكمة ألمانية في يناير/ كانون الثاني مسؤول مخابرات سوري رفيع المستوى، خطوة بارزة نحو المساءلة والعدالة والتعويض على الضحايا. كما أرحب بالإجراء الذي اتخذته الجمعية العامة لدراسة الخيارات المتاحة من أجل توضيح مصير وأماكن وجود الأشخاص المفقودين في الجمهورية العربية السورية، والتعرف على الرفات البشرية وتقديم الدعم للأسر. ومفوضيّتنا منخرطة فعلاً في هذه العملية.

في اليمن، لا تزال الأعمال العدائية تتكثّف. ففي كانون الثانيّ/ يناير 2022، تم تسجيل 1,623 غارة جوية نفّذها التحالف بقيادة السعودية و40 اعتداءً عبر الحدود نفّذها أنصار الله. ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 275 في المائة في غارات التحالف الجوية عن المعدل الشهري للعام الماضي. وقد ارتفعت هذه الأعداد بشكل حاد في أعقاب عدم تجديد ولاية فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين في تشرين الأول/ أكتوبر، ما يؤكد أهمية الدور الأساسي الذي يؤدّيه هذا الفريق في رصد الأوضاع. وتواصل جميع الأطراف في النزاع انخراطها في انتهاكات وتجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان. فقد تسببت الاعتداءات العشوائية أو المتعمدة التي استهدفت المناطق المدنية والبنية التحتية المدنية وترقى إلى مستوى جرائم الحرب، في ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في الأشهر الأربعة الماضية، مع وصول الأرقام الأولية لشهر كانون الثانيّ/ يناير إلى نصف مجموع الضحايا الذين سقطوا في العام 2021 بأكمله. ويشكّل حصار ميناء الحديدة الذي طال أمده عقابًا جماعيًا بحق اليمنيين العاديين. كما أُجبرت العمليات الإنسانية، بما في ذلك برامج الصحة والتغذية وسبل العيش المخصّصة لملايين اليمنيين والمهاجرين، على توقيف أعمالها أو تقليصها بشكل حاد بسبب النقص في التمويل. ويضاعف هذا الواقع اليأس لدى الناس بعد سبع سنوات من الحرب وعدم وجود بصيص أمل وانعدام سلام. وأكرر دعوتي إلى أنصار الله بالإفراج عن موظفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان واليونسكو الذين يحتجزونهم بشكل غير لائق وغير سليم.

في تونس، يساورني قلق بالغ حيال استمرار تعليق عمل البرلمان والتآكل السريع للمؤسسات الأساسية. وعلى وجه التحديد، يقوّض القرار الذي صدر الشهر الماضي بحل مجلس القضاء الأعلى، بشكل خطير سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء. وأشير إلى الإعلان في كانون الأوّل/ ديسمبر عن خارطة طريق للعام 2022 التي تنطوي على مشاورات وطنية تضمّ جميع التونسيين، يليها استفتاء في تموز/ يوليو وانتخابات برلمانية في كانون الأوّل/ ديسمبر من هذا العام. وأشعر بقلق بالغ حيال الإعلان مؤخرًا عن خطط لمنع جماعات المجتمع المدني من تلقي أي تمويل من الخارج، وهو حكم يهدد بإلحاق ضرر بالغ بالحيّز المدني والديمقراطي الأساسي. وسنتابع عن كثب هذه التطوّرات. وتَعتبر المفوضيّة حقيقةً أن التقدم الكبير الذي أحرزته تونس في العقد الماضي نحو تعزيز حقوق الإنسان وإعمالها يمكن الحفاظ عليه لا بل ينبغي صونه. وسندعم جهود الإصلاح التي تتماشى مع التزامات تونس بموجب القانون الدولي.

أشعر بقلق بالغ حيال تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك الارتفاع الهائل في عدد الفلسطينيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية، وبلغ 320 شخصًا في العام 2021، مقارنة مع 32 في العام 2020. ويتزايد عنف المستوطنين، لا على مستوى عدد الحوادث فحسب بل أيضًا على مستوى حدّتها. فقد تضاعفت اعتقالات الفلسطينيين تقريبًا في العام 2021، مع ارتفاع نسبة الاعتقالات الإدارية بدون تهمة أو محاكمة، بمعدّل 30 في المائة. كما أشعر بقلق بالغ حيال الإجراءات القمعية التي اتخذتها إسرائيل ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بناءً على مزاعم غامضة ولا أساس لها من الصحة، ومن المحتمل أن تحمل عواقب بعيدة المدى على نشاطهم. وأشير في تقريري أيضًا إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية وقيّدت الحيز المدني.

في ليبيا، يقلقني تأجيل الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 كانون الأوّل/ ديسمبر، وسط تصاعد التوترات السياسية والاعتداءات على الأشخاص بناءً على الآراء المتصورة أو الانتماء السياسي، فضلاً عن الاعتداءات على الجسم القضائي. يجب أن تجري انتخابات تموز/ يونيو على أساس الاحترام الكامل للحقوق السياسية لجميع المرشحين والناخبين، بما في ذلك الحق في رفع الصوت بدون خوف. ولا تزال الجماعات المسلحة والميليشيات المرتبطة بالحكومة ووحدات الجيش الوطني الليبي ترتكب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ولا يزال كلٌّ من التعذيب والقتل غير المشروع والاختفاء القسري والعنف الجنسي والاعتقال والاحتجاز التعسفيين، متفشيًا على نطاق واسع، مع إفلات شبه كامل من العقاب. ولا يزال المهاجرون في ليبيا يعانون أشكالًا مروعة من الانتهاكات.

في العراق، نرحب باهتمام السلطات العراقية الذي أعربت عنه بتعميق شراكة بناءة ومستدامة مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بما في ذلك من خلال المزيد من التبادل بين بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق والهيئات الحكومية المعنية. فاستمرار الإفلات من العقاب على أعمال القتل والاختفاء التي يتعرض لها الناشطون المدنيون، فضلاً عن الاعتقالات والتهديدات والاعتداءات عبر الإنترنت ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، لا تزال تؤثر بشكل خطير على حقوق الإنسان. وأشجع الحكومة المشكّلة حديثًا على تكثيف جهودها لضمان المساءلة عن هذه الانتهاكات، وأحث السلطات في كل من العراق الاتّحادي وإقليم كردستان على اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الحيّز المدني والديمقراطي بشكل كاف. وعلى وجه التحديد، يجب حماية الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، بما في ذلك في المجال الرقمي. ونواصل العمل مع لجنة تقصي الحقائق الوطنية المكلفة بالتحقيق في الانتهاكات المرتَكَبة في سياق المظاهرات، ونحث السلطات على توفير الموارد والدعم لتمكين اللجنة من القيام بعملها.

في إيران، فيما ألحظ الجهود المتزايدة التي تبذلها السلطات بهدف الانخراط مع مفوضيّتنا وآليات حقوق الإنسان بشأن مجموعة من قضايا حقوق الإنسان، أشعر بالقلق من استمرار الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان في تقويض حقوق الإنسان. وكما حدث في خوزستان في تموز/ يوليو الماضي، فقد تم استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين في أصفهان في كانون الأول/ ديسمبر، ولكن لا يبدو أن أيًّا من الحادثين أدى إلى أي شكل من أشكال المساءلة عن الوفيات والإصابات التي وقعت. ويستمر فرض عقوبة الإعدام، حتّى لمعاقبة الجرائم التي لا ترقى بموجب القانون الدولي إلى مستوى الجرائم الأكثر خطورة. ففي الشهرين الأولين من هذا العام، تم إعدام ما لا يقل عن 55 شخصًا، بما في ذلك بتهم تتعلق بالمخدرات. ولا يزال ما لا يقل عن 85 من المجرمين الأحداث ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقّهم، وقد تم إعدام ثلاثة آخرين على الأقل في العام 2021. وأحث السلطات الإيرانية على أن تجعل سياساتها وممارساتها في هذا المجال متماشية فورًا مع المعايير الدولية.

في الجزائر، يساورني القلق من تزايد القيود المفروضة على الحريات الأساسية، بما في ذلك زيادة عمليات توقيف واحتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء المجتمع المدني والمعارضين السياسيين. وأدعو الحكومة إلى تغيير مسارها واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان حق شعبها في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.

أصحاب السعادة،

إنّ ممارسة العمل الصحفي بحرية ضرورية لكل ديمقراطية سليمة. لكن في العديد من البلدان، يواجه العاملون في مجال الإعلام مستويات مقلقة من العنف، بما في ذلك القتل، وغالبًا في سياق إفلات كامل من العقاب.

في المكسيك، وثقنا مقتل أربعة صحفيين وعامل في مجال الإعلام في أول شهرين فقط من هذا العام، ولا تزال حالتان إضافيتان قيد التحقق. في العام 2021، قُتل ثمانية صحفيين وحارسَين يعملون في إحدى وسائل الإعلام، واختفى صحفيان آخران. ويواجه الصحفيون الذين يغطّون قضايا السياسة المحلية والفساد والجريمة مخاطر أكبر في التعرض للاعتداءات. وللأسف، ساهم المسؤولون في بعض الأحيان في بثّ الخوف عبر تشويه سمعة الصحفيين وأهمية عملهم الاستقصائي.

في السلفادور، شعرتُ بقلق بالغ حيال الاستخدام المكثف لبرامج التجسس على الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني الضارة، التي استمرّت حتى أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 على الأقل. وقد ظهرت هذه التقارير بعد أشهر من التحذيرات، بما فيها تلك التي أطلقناها نحن، بشأن المخاطر الجسيمة لبرامج التجسس الخبيثة مثل Pegasus، ودعواتنا لوقف بيع هذه التقنيات واستخدامها.

وأدعو جميع الحكومات إلى تعزيز حماية الصحفيين والمساءلة عن الجرائم التي تستهدفهم. فالصحفيّون يستحقّون أن يتمّ تعزيز العمل المشروع الذي ينجزونه، وحمايته ومتابعته، وليس فرض الرقابة عليه ووصمه.

أشعر بقلق بالغ حيال أزمة الحماية المتصاعدة في هايتي، مع تزايد انعدام الأمن، وتراجع الوصول إلى الخدمات الأساسية والافتقار العام للمساءلة. فقد شهدَتْ بورت أو برنس تفشيًا غير مسبوق لعنف العصابات في العام 2021، حيث قُتل أو جُرح أو اختطف ما لا يقل عن 2,344 شخصًا، وسط انتشار متزايد للأسلحة. وأشارت التقديرات إلى تدهور وضع الحماية لعدد من الأشخاص يتراوح بين مليون و3.5 مليون شخص. وتستخدم العصابات العنف الجنسي كسلاح لترويع السكان وتعزيز السيطرة عليهم. كما أثّر عنف العصابات بشدة على الوصول إلى الخدمات الأساسية، وانعكس بشدّة على الأشخاص الذين هم في أوضاع هشة. وفي سياق طويل الأمد من الفساد والإفلات من العقاب، قوّضت الأزمة المؤسسات الهشة، بما في ذلك القضاء والشرطة والبرلمان. ويجب أن تتجاوز تدابير إعادة إرساء الأمن مجرد تعزيز قدرات قوات الأمن الوطنية وأن تركّز على المساءلة والوقاية والحماية. وعلى خلفية التقييم المستمر لولاية مكتب الأمم المتحدة المتكامل في هايتي، من الضروري للغاية ضمان الحفاظ على وجود للأمم المتحدة في البلاد في المستقبل، بتفويض وتركيز قويين في مجال حقوق الإنسان، ومدّه بالموارد والقدرات الكافية بهدف دعم المؤسسات الوطنية.

لا تزال وفيات الأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي على أيدي أجهزة إنفاذ القانون تقع بمستويات عالية بشكل غير متناسب في العديد من البلدان. ففي الولايات المتحدة، أشارت مجموعات المجتمع المدني إلى سقوط 266 قتيلًا من المنحدرين من أصل أفريقي على يد الشرطة في العام 2021، ما يشير إلى أن المنحدرين من أصل أفريقي "أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بثلاث مرات تقريبًا مقارنة مع البيض"، فيما تشير أبحاث أخرى إلى أنّ الأرقام قد تكون أعلى من ذلك. وفي البرازيل، 79 في المائة من الأشخاص الذين قتلوا في سياق تدخلات الشرطة في العام 2020 هم من أصل أفريقي، بحسب ما أشارت إليه إحدى المنظمة غير الحكومية.وتبرز إحصاءات مقلقة في هذا السياق في عدد من البلدان الأخرى. أحث السلطات الوطنية، في جميع مناطق العالم، على ضمان المساءلة السريعة والفعالة عن الوفيات التي تتسبّب بها أجهزة إنفاذ القانون، ويسعدني أن أشير إلى أن الآلية الدولية للخبراء المستقلين المعنية بالنهوض بالعدالة والمساواة العرقيتين في سياق إنفاذ القانون عقدت جلستها الأولى في جنيف الأسبوع الماضي. وأدعو جميع الدول إلى تيسير الزيارات القطرية التي يقوم بها الخبراء وتبادل جميع المعلومات ذات الصلة معهم.


نرحّب بإعلان الولايات المتّحدة الأخير الذي دعمت فيه الاتّفاق العالمي بشأن الهجرة. فبهدف تنفيذ رؤية الميثاق والمبادئ التوجيهية بما يتماشى مع الالتزامات بموجب القانون الدولي، ندعو إلى وضع حد لاستخدام صلاحيات الباب 42 التي سهلت حتى اليوم طرد أكثر من 1.3 مليون مهاجر، بدون فحص فردي وبدون الوصول الكافي إلى الحماية على أساس الصحة العامة. هناك تدابير صحية أخرى، مثل اللقاحات والاختبارات، متاحة بسهولة ويمكن اعتمادها من دون دون المساس بحقوق المهاجرين في الحماية.

أصحاب السعادة،

في الصين، ما زلت أشعر بالقلق حيال معاملة الأفراد الذين يتحدثون عن قضايا حقوق الإنسان التي تعتبر منتقدة لسياسات السلطات على المستوى المحلي أو الوطني، وقد واجه بعضهم قيودًا على حريتهم في التنقل، بما في ذلك الإقامة الجبرية، أو في بعض الحالات حُكم عليهم بالسجن بناءً على تهم جنائية ناشئة عن أنشطتهم. وقد أثارت مفوضيتنا عددًا من هذه الحالات مع الحكومة وشجعت السلطات على اتخاذ خطوات تضمن احترام حرية التعبير والرأي وحمايتها بشكل كامل. يسعدني أن أعلن أننا توصلنا مؤخرًا إلى اتفاق مع حكومة الصين بشأن زيارتي البلاد. وبالتالي، شرعت مفوضيتنا وحكومة الصين في الاستعدادات العملية للزيارة التي من المتوقّع إجراؤها في أيار/ مايو من هذا العام. ويجب أن تأخذ الاستعدادات في الاعتبار الأنظمة الخاصة بكوفيد-19. كما قبلت الحكومة زيارة فريق متقدم من المفوضية السامية لحقوق الإنسان تحضيرًا لزيارتي المقرّرة إلى الصين، بما في ذلك الزيارات الميدانية إلى شينغيانغ وأماكن أخرى. ويقصد هذا الفريق الصين الشهر المقبل.

في كمبوديا، أشعر بقلق حيال استخدام السلطات القيود التي يفرضها كوفيد-19 لتآكل الحيّز الديمقراطي والمدني أكثر بعد، بما في ذلك كذريعة لكسر إضراب قانوني ينفّذه موظّفو الكازينو. وقد شهدت مفوضيّتنا أعمال العنف الأخيرة التي مارستها السلطات، وأجبرت النساء المضربات على ركوب الحافلات والابتعاد عن موقع الإضراب. وعلى عكس التدابير المطبقة على عامة الناس، تم احتجاز المضربين بشكل تعسفي وإجبارهم على إجراء اختبار الكشف عن كوفيد-19 عدة مرات. أدعو السلطات إلى احترام الحق في التجمع السلمي والدخول في حوار لتلبية مطالب المضربين المشروعة. وستكون حماية الحريات الأساسية مهمة مع اقتراب البلاد من الانتخابات المحلية، التي يُمنع فيها أكبر حزب معارض في البلاد من الترشح، ويتم نفي العديد من قادته وأنصاره واحتجازهم، حتى أنّهم يواجهون المحاكمة بتهمة تطال سلوكًا يعتبره القانون الدولي مشروعًا.

في الهند، يساورني القلق حيال التصريحات والإجراءات الأخيرة التي تعبّر عن كراهية وعنف ضد الأقليات الدينية. وأذكر بشكل خاص حدثين وقعا في كانون الأوّل/ ديسمبر، دعا خلالهما زعماء الهندوتفا إلى قتل المسلمين، في سياق السعي إلى تحويل الهند أمة هندوسية. أشجع ممارسة المساءلة الكاملة والشفافة والفورية. كما أنّ تصاعد العنف ضد المجتمع المسيحي أمر مقلق للغاية. فقد سجلت المنظمات الدينية أكثر من 305 حالة اعتداء على مسيحيين في الفترة الممتدّة بين كانون الثانيّ/ يناير وتشرين الثاني/ نوفمبر 2021، انخرط فيها العديد من الجماعات الهندوسية المتعصبة. وخلال العام الماضي، تمّ سنّ أو اقتراح قوانين مثيرة للجدل والمشاكل وتحظّر اعتناق ديانة أخرى في عدة دول. وقد تعزز هذه القوانين الكراهية أو العنف حتّى. أحث قادة الهند على التنديد العلني بأي شكل من أشكال خطاب الكراهية والتحريض على الكراهية الدينية، بغض النظر عن الأصل الديني أو العرقي.

في تايلاند، أشعر بقلق بالغ حيال تقلص الحيّز المدني بشكل كبير والاستخدام المستمر للتهم الجنائية الخطيرة ضد الأفراد، بمن فيهم الأطفال، لممارستهم حقهم في التعبير والتجمع السلمي، على الإنترنت وفي الحياة الواقعية. وقد يحمل عدد من مشاريع القوانين قيد الاستعراض آثارًا بعيدة المدى على حقوق الإنسان، ويزيد من تقويض الحيز المدني. وتجدر الإشارة إلى التشريع المقترح بشأن الجمعيات غير الربحية الذي يتيح سلطات تقديرية واسعة للغاية لرفض التسجيل وتقليص الأنشطة وفرض اتهامات جنائية ضد منظمات المجتمع المدني والأفراد. أدعو الحكومة إلى جعل مشاريع القوانين هذه متوافقة تمامًا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإلى الوفاء بالتزاماتها بحماية الحريات الأساسية، بما في ذلك عبر الإنترنت. ويجب تمكين الناس من طرح آرائهم والدفاع عنها بأمان فيما يتعلّق بجميع القضايا التي تهمّ الرأي العام وبدون خوف من الانتقام.

في فيتنام ، ما زلت أشعر بالقلق حيال الحكم الأخير على عدد من الأفراد بتهم تتعلق بعملهم في مجال حقوق الإنسان. وبالإشارة إلى تقرير الأمين العام الأخير بشأن الأعمال الانتقامية، سأستمر في حث الحكومة على ضمان احترام حق الناس في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات في بيئة خالية من المضايقات والترهيب والانتقام.

أصحاب السعادة،

يبذل هذا المجلس كلّ جهد ممكن من أجل منع انتهاكات حقوق الإنسان التي تولّد نزاعات ومعاناة لا يمكن تحمّلها، ومن أجل الدفاع عن المبادئ التي ستبني مستقبلًا صحيًا وسلميًا ومستدامًا لأطفالنا وأطفالهم وللأجيال المقبلة. ويبدأ الطريق نحو السلام والأمن والتنمية السليمة والمستدامة بإشراك جميع أفراد المجتمع بشكل هادف في عملية صنع القرار، على أن تكون قائمة على التمثيل المنصف وخاضعة للمساءلة، من أجل ضمان قدر أكبر من العدالة والوفاء بحقوق الإنسان للجميع. ويهدف عملنا هذا إلى النهوض بجميع البلدان ودفعها كي تسلك هذا الطريق بالذات.

شكرًا سيدي الرئيس.

الصفحة متوفرة باللغة: