Skip to main content

بيانات صحفية مجلس حقوق الإنسان

ليبيا: انتهاكات حقوق الإنسان تعيق الانتقال إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون

28 آذار/مارس 2022

جنيف (28 مارس/آذار 2022) – تمرّ ليبيا في مرحلة حرجة تشهد انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان، وانتشار ثقافة الإفلات من العقاب في مختلف أنحاء البلاد، مما يعيق قدرة الشعب الليبي على الانتقال إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون، حسب ما جاء في الاستنتاجات الأخيرة لمجموعة من خبراء حقوق الإنسان.

ونشرتْ البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا* اليوم تقريرها الثاني، وأشارت فيه إلى الانتهاكات التي تؤثر على الانتقال الديمقراطي، ونزاهة العملية الانتخابية، وتخويف الناشطين ومضايقتهم، والاعتداءات على السلطة القضائية باعتبارها الجهة الضامنة لحقوق الإنسان، فضلًا عن الانتهاكات الجماعية ضدّ الفئات المستضعفة، مثل المهاجرين، والنساء، والناشطين السلميين، والمحتجزين.

وتوصلت البعثة إلى أسباب معقولة للاعتقاد بانتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في عدة مرافق احتجاز سرية في ليبيا.

وتحقق البعثة في تقارير تفيد بانتهاك حقوق الإنسان في عدد من السجون التي أُعلن عن إغلاقها، لكن يُزعم أنها لا تزال تعمل سرًا، إضافة إلى الانتهاكات في شبكات سجون سرية يُزعم أنها خاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة مختلفة. ووجدت البعثة أيضًا أنّ السلطات لم تنفّذ الأوامر القاضية بإطلاق سراح المحتجزين في حالات عدّة.

وخلُصت البعثة في تقريرها الصادر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى أن أعمال القتل، والتعذيب، والسجن، والاغتصاب، والاختفاء القسري التي ارتكبت في سجون ليبيا قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية.

وصرّح محمد أوجار، رئيس بعثة تقصي الحقائق: "لقد كشفنا أدلة إضافية تشير إلى أنّ انتهاكات حقوق الإنسان ضدّ المحتجزين في ليبيا تُرتكب على نحو منهجيّ و/أو واسع النطاق".

وتتزامن تحقيقات بعثة تقصي الحقائق الأخيرة مع تزايد الاضطرابات السياسية في ليبيا، ولا سيما في المرحلة الأخيرة قبل تأجيل انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2021، والفترة اللاحقة. ويوضح الخبراء في التقرير أن هذا الوضع أوعز البعثة بتقصي الحقائق إزاء الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي يمكن أن تعرقل على نحو خاصّ الانتقال إلى سيادة القانون والانتخابات الديمقراطية.

ويشير الخبراء إلى أنّ عدّة أحداث مقلقة حصلت في الفترة التي سبقت ديسمبر/كانون الأول 2021، وأدتْ إلى التشكيك في قدرة الحكومة وسلطات الأمر الواقع على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بضمان حريتيْ التعبير والتجمع للشعب الليبي. وتتضمن هذه الأحداث ما ورد من أنباء عن اعتقال الجماعات المسلحة لأفراد من سرت واحتجازهم، بسبب إبداء آرائهم حول الانتخابات أو دعمهم لمرشحينمحددين.

وتصف بعثة تقصي الحقائق أيضًا الإفلات المستمر من العقاب على الهجمات ضد النساء المنخرطات في السياسة ممّا يقوّض المشاركة السياسية الهادفة للمرأة، وتشير إلى محاولة مسلحين منع محكمة استئناف سبها من النظر في أهلية مرشحين للانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وتعتبر البعثة أنّ السلطة القضائية تشكل ركيزة أساسية لدعم سيادة القانون، والانتقال الديمقراطي، وحماية حقوق جميع المتواجدين في ليبيا.

وتشدّد البعثة التي تضمّ ثلاثة خبراء على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات المرتكبة بحقّ المهاجرين، واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا. ووجدت البعثة في تقريرها السابق أن انتهاكات عدّة ضد هذه الفئات المستضعفة قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية. ومنذ ذلك الحين، استمرت البعثة في توثيق أنماط متّسقة من القتل والتعذيب والأفعال غير الإنسانية، والاغتصاب والاضطهاد والاسترقاق.

وتشمل الأحداث الموثَّقة في التقرير الذي صدر اليوم مداهمة منطقة قرقارش في طرابلس في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2021، التي استهدفت الأجانب والمهاجرين، وما نتج عنها من استخدام مفرط للقوة في مراكز الاحتجاز الخاضعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية. وحققت البعثة أيضًا في الانتهاكات المستمرة على أيدي المُتْجرين بالبشر. وفي إحدى الحالات، أفاد عامل في صيانة القوارب عن اختطافه وتعذيبه على يد جماعة مسلحة ضالعة في الإتجار بالبشر. وقال لبعثة تقصي الحقائق: "أحرقوني بالسجائر. وسكبوا عليّ الوقود وحاولوا إحراقي. […] وأولجوا في جسمي بسكين]،[ وبمضرب بيسبول، ]وكذلك[ بعصا مكنسة. وقام الخاطفون بتصويري وهددوني بنشر الفيديو ".

ويذكر التقرير الذي يصدر اليوم أيضًا إفادات مقلقة عن شنّ هجمات على منظمات المجتمع المدني والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في ليبيا. ويشير الخبراء إلى عدد من القوانين والأنظمة التقييدية، بما في ذلك قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية الذي تمت المصادقة عليه في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021. ويُذكر أنّ هذه القوانين تسهم في إسكات المجتمع المدني والصحفيين. ويقول الخبراء إنّ تهديد الناشطين على الإنترنت يتكرر بشكل روتينيّ. وساهمت حملةٌ مناهضةٌ للمساواة بين الجنسين إلى إطلاق خطابٍ للتحريض على الكراهية والعنف ضد النساء الناشطات، حسب ما ورد في التقرير.  

ويقرّ التقرير بحسن تعاون السلطات الليبية مع البعثة، بما في ذلك تعاونها لتسهيل إجراء البعثة زيارة أوليةمثمرة إلى بنغازي في مارس/آذار 2022، حيث تشارك المدّعون العامون بمعلومات عن تحقيقاتهم حيال بعض الأحداث. ولكنّ التقرير يحذّر أيضًا من التحديات العميقة والقائمة التي تحول دون ضمان المساءلة.
ويختتم التقرير بتوصيات لإنهاء الانتهاكات، والسعي إلى المساءلة، وتعزيز المؤسسات الليبية المعنية بسيادة القانون من خلال توفير الدعم التقني لتحقيق الديمقراطية وسيادة القانون. وتوصي بعثة تقصي الحقائق بتمديد عملها إلى ما بعد تاريخ انتهاء ولايتها الحالية في 30 يونيو/حزيران. وتسعى البعثة بصفة خاصة إلى دعم الليبيين في تطلعاتهم نحو الانتقال إلى السلام والمصالحة والمساءلة.

النهاية

تضمّ بعثة تقصي الحقائق: السيد محمد أوجار (رئيس البعثة)، والسيدة تريسي روبنسون والسيد تشالوكا بياني. يمكن الاطلاع على سيرتهم الذاتية على هذا الرابط.

سيُرفع التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال حوارٍ تفاعليّ سيجري يوم الأربعاء في 30 مارس/آذار. أنشأ مجلس حقوق الإنسان بعثة تقصي الحقائق في يونيو/حزيران 2020، بموجب القرار 43/39 الذي كلّف البعثة بالتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في ليبيا منذ بداية العام 2016. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، مدّد المجلس، بموجب القرار 48/25، هذه الولاية حتى 30 يونيو/حزيران 2022 وطلب من البعثة تقديم التقرير الذي تصدره اليوم. ومن المقرر أن تقدم البعثة تقريرًا شاملًا في الدورة المقبلة للمجلس في شهر يونيو/حزيران.

طلبات وسائل الإعلام: رولاندو غوميز rolando.gomez@un.org، ومات براون matthew.brown@un.orgأو باسكال سيم simp@un.org

الصفحة متوفرة باللغة: