البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان
الدورة الـ45 لمجلس حقوق الإنسانالبند 2: آخر المستجدّات العالمية بشأن حقوق الإنسان
21 حزيران/يونيو 2021
بيان مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت
21 حزيران/ يونيو 2021
سيّدتي رئيسة المجلس،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،
يشرّفني أن أتوجّه إلى هذا المجلس بمناسبة الذكرى الـ15 لتأسيسه، ولكن للأسف، في أوقات تشهد انتكاسات خطيرة في مجال حقوق الإنسان.
فالفقر المدقع، وعدم المساواة والظلم في تزايد مستمرّ. كما أنّ الحيّز المدني والديمقراطي في تآكل مستمرّ. ويشكّل البحثُ عن سبيل واضح المعالم للخروج من أزمة كوفيد-19 المعقدة، والتوجّه نحو مستقبل شامل وأخضر ومستدام وقادر على المواجهة والصمود، محورَ عملِ هذا الجيل من قادة العالم وإلا سيتسبب في سقوطهم.
فنداء الأمين العام للعمل من أجل حقوق الإنسان هو مخطط يربط ركائز الأمم المتحدة للتنمية والسلم والأمن بحقوق الإنسان، بشكل أوثق اليوم من أي وقت مضى.
ويضع دعم مجموعة حقوق الإنسان الكاملة في صميم قدرة كل مجتمع على التعافي من حالة الطوارئ الوبائية، وفي صميم عمل جميع هيئات الأمم المتّحدة وفرقها.
وقد أوضح الأمين العام ضرورة اعتماد عقد اجتماعي جديد، يدعمه اتّفاق عالمي جديد للتضامن، يسمح بتقاسم السلطة والموارد والفرص بشكل أكثر إنصافًا. وفي أيلول/ سبتمبر، يقدم الأمين العام إلى الجمعية العامة خطة لجدول أعمال مشترك على مستوى الأمم المتحدة.
هذه الخطوات جريئة وتركز بشكل غير مسبوق على قدرة حقوق الإنسان على ضمان التنمية السليمة والشاملة والسلام المستدام والمجتمعات المترسّخة في الثقة.
أغتنم هذه الفرصة لأُطلِع المجلس على تحليل وعمل مفوضيتنا بهدف تفعيل هذه المبادرات، وضمان أنها تتآزر لإحداث أثر قوي على الناس في جميع أنحاء العالم.
وخلال قيامي بذلك، أود التأكيد على موضوعين، هما:
أوّلاً، يولّد النداء للعمل نفوذًا غير مسبوق لنشر قوة الشراكات عبر منظومة الأمم المتحدة الكاملة. فأنا ملتزمة بضمان أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحليل قطري أوسع نطاقًا وأكثر تكاملاً وقائمًا على الأدلة، وإلى دعوة موحدة، وبرامج ميدانية أكثر استهدافًا وفاعلية بفضل أسسها القوية المترسّخة في حقوق الإنسان.
ثانيًا، يؤكد النداء للعمل على ضرورة التعامل مع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنها
تآزر قاهر يعزّز بعضه بعضًا.
فالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والحق في التنمية، هي حقوق عالمية. هي ليست خدمات عادية بأسعار يحددها السوق، ولكنها تشكّل عوامل أساسية في بناء مجتمعات أكثر سلامًا ومساواة. وتتمتّع الحقوق المدنية والسياسية بالأهمية نفسها في بناء مجتمعات تشاركية شاملة. وتولّد الخطواتُ المطلوبة لدعم هذه الحقوق، بغضّ النظر عن ثروة البلد أو مراحله من التنمية، حركةً قوية من الثقة العامة.
وكما أشرْتُ أمام هذا المجلس
في وقت سابق من ولايتي، فإن السياسات التي تبني العدالة الاجتماعية تساهم أيضًا في بناء اقتصادات أقوى. وتولّد أنظمة سياسية أكثر شمولية. وترسّخ الثقة. وتبني الأمل. فالسياسات التي تدعم حقوق كل فرد في اتخاذ خياراته تعزز خطة العام 2030، وهي ملائمة للمجتمعات والأمم. كما يعزّز والحيّز المتوفّر للمجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة للنقد والنقاش، الشفافية والابتكار. أمّا الأنظمة التي تحقق العدالة للضحايا فتعني الاعتراف بالمظالم، وتيسّر بناء الأمن والسلام أو إعادة بنائهما.
يطلب منا النداء للعمل تعزيز تلك الرؤية لعمل الأمم المتحدة بأكملها بهدف دعم جميع حقوق الإنسان.
هي خطوة حيوية لكنّها تنطوي على الكثير من التحديات.
سيّدتي الرئيسة،
أنا مقتنعة بأن النداء للعمل يشكّل أداة جبّارة بشكل غير مسبوق لتعميم حقوق الإنسان، ما يولّد زخمًا ونفوذًا لإدماج حقوق الإنسان بشكل أوثق في عمل الأمم المتحدة بأكملها، لا سيما على المستوى القطري.
وفي الواقع، نشهد في عدد من البلدان تحليلًا أفضل لآثار القوانين والسياسات الوطنية على الأشخاص الذين يواجهون أشكالًا متعددة ومتقاطعة من التمييز، بما في ذلك النساء والفتيات. كما نشهد برامجًا للأمم المتّحدة أكثر تحديدًا للهدف، ومناصرة أقوى وأكثر توحيدًا، بقيادة تتمتّع بالتمكين الكامل للتحدث علنًا عن الحقوق.
ففي كمبوديا مثلاً، تضاعف الفقر في ظلّ تفشي الجائحة، وأمسى يؤثّر اليوم على نحو 17.6 في المائة من السكان. في حين بلغ 10 في المائة قبل عامَيْن. ودعا موظفونا المعنيون بحقوق الإنسان، بالشراكة مع منظومة الأمم المتحدة بأكملها في كمبوديا، إلى وضع نظام حماية اجتماعية جيد التصميم وقائم على حقوق الإنسان، وإلى تحديد أولويات الميزانية المخصّصة للرعاية الصحية، وتحقيق حيّز مدني أوسع نطاقًا. وتضمن استراتيجية الفريق القطري الجديدة في مجال حقوق الإنسان دعم التنمية القائمة على الحقوق والتعافي من الأوبئة.
في صربيا، ومع تسارع وتيرة الجائحة، سعى مستشارنا لحقوق الإنسان بالشراكة مع زملائه في الأمم المتحدة والوكالات الحكومية والمجتمع المدني، إلى التواصل بصورة عاجلة مع مجتمع الروما الذي يسكن بشكل أساسي في مستوطنات غير رسمية دون المستوى المطلوب، تنتشر في جميع أنحاء البلاد. ونجحت هذه الجهود غير المسبوقة التي رمت إلى تحديد الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في نهاية المطاف، في شمل أكثر من 700 مستوطنة. كما حدّدت المناطق الأساسية التي يكشف افتقارُها إلى المياه الآمنة والكهرباء والصرف الصحي والدخل الأساسي، إهمالًا طويل الأمد وخطرًا وشيكًا على الصحة العامة. وأدّت هذه العملية، التي لم يكن من الممكن تحقيقها إلا بفضل جهود الفريق القطري بأكمله، إلى استجابات فورية محدّدة الهدف اعتمدتها السلطات، مع التخطيط والمتابعة للتغلب على الإهمال المنهجي والاستبعاد الاجتماعي.
في الأرجنتين، تم حشد فريق الأمم المتحدة القطري بسرعة من أجل الاستجابة للمخاوف في مجال حقوق الإنسان الخطرة، في شمال شرق مقاطعة فورموزا في ظلّ تفشّي الجائحة. وقاد المنسق المقيم للأمم المتحدة بعثة تقييم افتراضية بمشاركة اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الصحة العالمية/ منظمة الصحة للبلدان الأميركية، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. ثم أطلق مشاورات مع السلطات حول برنامج استراتيجي مشترك محتمل للأمم المتحدة يهدف إلى الاستجابة لحالة الطوارئ الصحية في المقاطعة بما يتماشى والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك معالجة عدد من المشاكل الهيكلية، مع التركيز بشكل خاص على الشعوب الأصلية والسكان المعرّضين للخطر.
وقد أدّى النداء للعمل دورًا فعالًا على مستوى إطلاق تحوّلات مهمة. وسيوفّر مساعدة بالغة الأهمية في عملنا على تلبية طموح الجيل الجديد من التحاليل القطرية المشتركة وأطر التعاون من أجل التنمية المستدامة. نحن بحاجة إلى التأكد من أن جميع الجهات الفاعلة في الأمم المتحدة تدرك من هم الأكثر تهميشًا ولماذا هم في هذه الأوضاع، وأن نحدّد الانتكاسات في مجال حقوق الإنسان بشكل مشترك، وأن نتعاون حيثما يمكن دعمُ الأمم المتحدة المشترك أن يساعد الدولَ على مواجهة التحديات الأساسية لحقوق الإنسان، بما في ذلك عدم المساواة الهيكلية.
أصحاب السعادة،
أدّت مبادرة التدخل السريع، التي أُطلِقَت في أيلول/ سبتمبر 2019، دورًا أساسيًا في رفع مستوى الخبرة الاقتصادية لفرقنا الميدانية في لحظة حاسمة. فمع تفشّي الجائحة على نطاق أوسع، تمكنّا من الاعتماد على فريق من رجال الاقتصاد الميدانيين للتعاون مع موظفي الأمم المتحدة المعنيين بالاقتصاد والتنمية لتقديم المشورة بشأن استراتيجيات التعافي في البلاد واستخدام السياسات المالية المناسبة بهدف الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الموارد المتاحة للدول.
يعتمد هذا العمل إلى حد كبير على توصيات الخبراء المحدّدة الهدف الصادرة عن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهيئات المعاهدات الأخرى، والعديد من المكلفين بولايات ضمن إطار الإجراءات الخاصة.
في غينيا مثلاً، سمح هذا الدعم التقني والمالي لوجودنا الميداني بتقييم أثر قطاع التعدين على حقوق الإنسان، ولا سيما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ويُعَدّ التعدين من بين مصادر الدخل الأساسية في غينيا، ويشكّل بالتالي عاملًا أساسيًا محتملًا لتحفيز التنمية المستدامة وإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكل أفضل. لكن التعدين العشوائي أو الحرفي على وجه التحديد يرتبط بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك النزوح القسري والتدهور البيئي.
قوبل التقييم الذي أجريناه، بتعاون وثيق مع فريق الأمم المتحدة القطري في غينيا وبعمل إيجابي للغاية أنجزه كبار المسؤولين الحكوميين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وشركات التعدين نفسها، وكذلك المجتمعات المتضررة ومجموعات المجتمع المدني. وقد أدى ذلك إلى إصلاحات سياسية جارية، بما في ذلك تغييرات تشريعية وإصلاحات في مجال حوكمة قطاع التعدين وإدارة الموارد الطبيعية. ومن المقرر بناء القدرات والعمل على تعزيز الأطر القانونية، كما يجري تنفيذ مشروع تجريبي مشترك بشأن الحق في التنمية بين المفوضية السامية لحقوق الإنسان والحكومة.
لا يمكن لأي برنامج تعافي في أي بلد أن يكون فعالاً بشكل كامل إذا استمر التمييز في كبح نصف السكان. وفي عشرة بلدان في غرب ووسط أفريقيا، هي بنين وجمهورية إفريقيا الوسطى وكوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا ومالي والنيجر والسنغال وسيراليون وتوغو عقدنا شراكة مع اليونيسف وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بهدف إعداد دراسات استقصائية حول الآثار المحددة للجائحة على النساء والفتيات. ويسترشد هذا العمل، الذي يستمر حتى نهاية تموز/ يوليو، بتوصيات اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بشأن جمع بيانات دقيقة مصنفة بحسب العمر والنوع الاجتماعي. ومن خلال معالجة النقص الواسع النطاق في البيانات الأولية حول النوع الاجتماعي، من المرجح أن يقدم معلومات معمّقة جديدة حول الأشكال المتداخلة للتمييز الذي تواجهه المرأة، وقد تقترح أيضًا طرقًا جديدة لحلها. كما أنها تتماشى مع الحاجة التي أعرب عنها عدد من الحكومات لدعم استجابات للحائجة قائمة على الأدلة. وتمدّ برامج واستجابات الأمم المتّحدة لكوفيد-19 بمعلومات أساسية.
يوفر النداء للعمل إطار عمل أساسي أقوى لمعالجة الآثار المتشابكة لتغير المناخ والتلوث وفقدان الطبيعة، على الحقوق. وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة البيئي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نقود الجهود المشتركة بين الوكالات للنهوض بحق الإنسان في بيئة صحية، من خلال إعداد مبادئ توجيهية على مستوى الأمم المتحدة ككلّ بشأن حماية المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية، ومن خلال التأكيد على مشاركة الأطفال والشباب في صنع القرار البيئي، ودعم عمل الفرق القطرية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في هذه المجالات.
في منطقة المحيط الهادئ، قدم مكتبنا الإقليمي وبرنامج الأمم المتحدة البيئي التدريب لبناء قدرات المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية. كما أنهما يدافعان بشكل مشترك عن البيئات التمكينية الأوسع نطاقًا التي تمكّن شبكات حقوق الإنسان وغيرها من عوامل التغيير الإيجابي الأخرى.
أصحاب السعادة،
ينطوي العقد الاجتماعي الجديد على إعادة بناء ثقة الجمهور من خلال دعم أقوى للحقوق الأساسية. وهو حيوي لبناء مجتمعات يمنح فيها صانعو السياسات الأولوية لمكافحة عدم المساواة وتعزيز الحقوق في الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم وغيرها من الحقوق الأخرى. ويمكن دعم تلك الاستثمارات العامة في الالتزامات القانونية التي تتعهد بها كل دولة من خلال سياسات الاقتصاد الكلي التي تسعى إلى الإستفادة بأكبر قدر ممكن من الموارد المتاحة، بما في ذلك من خلال الضرائب التصاعدية والحد من التدفقات المالية غير المشروعة. يتطلب الاقتصاد القائم على حقوق الإنسان الشفافية والمساءلة ومساحة واسعة للحوار الاجتماعي والتدقيق والمشاركة.
وفقًا للبنك الدولي، اتّخذت أكثر من 200 دولة بين كانون الثانيّ/ يناير وأيلول/ سبتمبر 2020، أكثر من 1,000 إجراء للحماية الاجتماعية، انطوت على متوسط إنفاق قدره 243 دولارًا للفرد. ووصلت برامج التحويلات النقدية وحدها إلى 1.3 مليار شخص، أي ما يعادل 17 في المائة من سكان العالم. وفي حين أنه قد لا يكون من الممكن أو المرغوب فيه دومًا الحفاظ على نفس البرامج على المدى الطويل، فإن هذا الاعتراف غير المسبوق بالدور الذي تؤدّيه الحماية الاجتماعية في دعم الاقتصاد الفعال واستدامة المجتمع، يفتح المجال لإعمال الحق العالمي في الحماية الاجتماعية، للحد من الاستبعاد، ومنع الضعف، وتعزيز القدرة على التكيّف والصمود. الأدلة قاطعة، فالبلدان التي استثمرت في الحماية الاجتماعية كانت أكثر قدرة على تجاوز الأزمة.
في أوكرانيا، وضعت بعثة الأمم المتحدة لرصد حقوق الإنسان توصيات مفصلة للحكومة من أجل معالجة النقص في الوصول إلى الحماية الاجتماعية، لا سيما بالنسبة إلى الفئات الأشد فقرًا والمستبعدين اجتماعيًا، كما تواصلت مع فريق الأمم المتحدة القطري من أجل دمج الحماية الاجتماعية بشكل أفضل في الاستجابة لكوفيد-19 والتعافي منه. تهدف ورقة السياسة العامة للفريق القطري، التي تم إطلاقها في حدث رفيع المستوى في نيسان/ أبريل، إلى المساهمة في الإصلاحات الحكومية الجارية لنظام معاشات التقاعد من خلال ضمان نهج قائم على حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي. ويقوم موظفونا حاليًا بتنفيذ مشروع موازنة قائم على حقوق الإنسان، يركز بشكل خاص على الحماية الاجتماعية على المستوى المحلي في عشر مناطق محلية. كما ساهموا في مؤازرة الفريق القطري مع كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بشأن التدابير التي يمكن أن تضع عبئًا غير متناسب على الأشخاص الضعفاء.
في مدغشقر، وفي موازاة قانون التعدين الوطني وعمليات ضرائب التعدين ذات الصلة التي تخضع حاليًا للتنقيح في البرلمان، أصدر مستشارنا لحقوق الإنسان توصيات سياسياتية لزيادة الإيرادات الإضافية من شركات التعدين بهدف مكافحة الفقر المدقع والمساهمة في التنمية المستدامة، بما في ذلك في المجتمعات المحلية. يهدف عدد من التدابير المقترحة الأخرى إلى تعزيز حقوق المجتمعات المتضررة، بما في ذلك عمليات التقييم الإلزامية للأثر على الحقوق الإنسان عند تقديم طلب للحصول على تراخيص تعدين أو تجديدها. وقد ساهمت نتائج المشروع في إطار التعاون من أجل التنمية المستدامة، الذي دمج ركيزة مخصصة لإدارة البيئة إدارة مستدامة وشاملة وقادرة على المواجهة والصمود.
نَظَرَتْ ورشة عمل نظمناها الشهر الماضي بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومكتب الأمم المتّحدة لتنسيق التنمية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في كيفية تعاوننا لمساعدة البلدان على توسيع حيزها المالي من أجل زيادة الإنفاق الاجتماعي. وبصفتي مسؤولة حكومية سابقة، أدرك تمامًا أن العديد من البلدان يواجه الآثار المتزامنة لانهيار التجارة العالمية، وانخفاض التحويلات المالية، واضطراب أسعار السلع الأساسية وأعباء الديون. ما يقوض القدرة على الوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. يمكن أن تساهم إعادة تخصيص الإنفاق العام، عبر استخدام تقنيات أثبتَت جدواها لمكافحة الفساد والتدفقات المالية غير المشروعة، ونشر سياسات ضريبية تصاعدية وزيادة شفافية الموازنة، والمشاركة والمساءلة في توفير مساحة مالية أوسع. مرة جديدة، ركزت مناقشاتنا الداخلية على العمل الفعلي في البلدان، وعلى الشراكات عبر جميع كيانات الأمم المتحدة، بهدف إدراج عمليات تقييم حقوق الإنسان والنهج القائمة على حقوق الإنسان في العمل الإنمائي.
من الضروري أن يتعاون فريق الأمم المتحدة القطري بأكمله مع المؤسسات المالية الدولية لضمان دعمها الكامل لحقوق الإنسان عند تقديمها التمويل وفرض شروطها. نحن بحاجة إلى دعم الشراكات العالمية القوية ومؤازرتها، بالروح الحقيقية لهدف التنمية المستدامة رقم 17. نحن بحاجة إلى التأكد من أن تمويل التنمية يتماشى مع المعايير الدولية، ويعالج التمييز والأسباب الجذرية الأخرى لعدم المساواة، ويدمج كلاً من المشاركة والمساءلة. أوعرب عن خالص تقديري لتبادل آرائي مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، وأتطلع إلى رؤية قناعاتهما بحقوق الإنسان تنعكس في جميع عمليات منظمتيهما.
في لبنان، تعاون مكتبنا بشكل وثيق مع الفريق القطري والشركاء الوطنيين لتعبير عن بعض المخاوف بشأن أثر الأزمة الاقتصادية والجائحة وانفجار مرفأ بيروت على قدرة الناس على تلبية احتياجاتهم الأساسية. فقد وصلت الأسعار المرتفعة بشدة، بما في ذلك أسعار المواد الغذائية، إلى مستويات خطيرة تهدّد الأرواح والاستقرار الاجتماعي الهش أصلاً. وبالتعاون مع الشركاء، أعد فريقنا الميداني ورقة موقف فريق الأمم المتحدة القطري الموجّهة إلى صندوق النقد الدولي وقدّم فيها اقتراحات للإصلاح من منظور حقوق الإنسان، مع التركيز على حقوق الأشخاص المعرّضين للخطر واحتياجاتهم.
سيّدتي الرئيسة،
من أجل التعافي من أكبر سلسلة من الانتكاسات المتتالية في مجال حقوق الإنسان وأوسعها نطاقًا وأكثرها حدّة في حياتنا، نحتاج إلى رؤية تغير الحياة وإجراءات متابعة متضافرة. نحن بحاجة إلى اقتصاد قائم على حقوق الإنسان، وتنمية قائمة على حقوق الإنسان، ومجتمعات تتشارك مهما تنوّعت، التزامات أساسية تهدف إلى الحد من عدم المساواة وتعزيز جميع حقوق الإنسان. نحن بحاجة إلى ترسيخ دولنا في أسس العدالة السليمة، مدركين أن هذا الجهد سيبني القدرة على التكيّف والصمود والثقة العامة العميقة التي تسعى جميع الحكومات إلى تحقيقها.
يشكّل النداء للعمل مسعًى جماعيًا وموضوعيًا، ويبقى الدعم الذي تقدّمه جميع الدول، والمجتمع المدني وأصحاب المصلحة الآخرين، أمرًا بالغ الأهمية. وتشكّل أصواتكم ودعمكم لحقوق الإنسان، على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، مفتاحًا لنجاح هذه الجهود.
في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وعلى مستوى العديد من شركائنا في أسرة الأمم المتحدة، نبادر إلى العمل، بتمويل أفضل ودعم أكبر من الدول الأعضاء، ونطمح إلى المضي قدمًا في جهودنا هذه. كلّي ثقة من أن هذا المجلس سيتابع أيضًا الجهود التي يمكن أن تبثّ الحياة في رؤية النداء للعمل من أجل حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
سيّدتي الرئيسة،
في الإحاطة لآخر المستجدّات العالمية التي قدمتها إلى المجلس في شباط/ فبراير من هذا العام، عرضْتُ جوانب من حالة حقوق الإنسان في الجزائر، والبرازيل ودول أخرى في منطقتَي الأمازون وبانتانال، وكمبوديا، وشيلي، والصين، وجزر القمر، وإكوادور، ومصر، وإثيوبيا، وغينيا، وهايتي، والهند، وإندونيسيا، وإيران، والعراق، والأردن، وكشمير على جانبي خط المراقبة، وكازاخستان، وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، وليبيا، وملاوي، ومالي، منطقة النزاع في ناغورنو كاراباخ، وباكستان، وبيرو، والفلبين، والاتحاد الروسي، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، وسوريا، وتنزانيا، وتايلند، وتركيا، وأوغندا، والولايات المتحدة الأميركية، وفيتنام، واليمن، بالإضافة إلى مخاوفي بشأن الإجراءات المتخذة ضد المنظمات التي تحمي حقوق المهاجرين في العديد من البلدان الأوروبية، ولا سيما في هنغاريا وكرواتيا.
يسرّني أن أرد خلال الحوار التفاعلي، على أي أسئلة أو تفسيرات لمتابعة البيان الذي قدّمته في شباط/ فبراير. بالإضافة إلى ذلك، أود أن أُطلِع المجلس على آخر المستجدات بشأن بعض القضايا الأخيرة البالغة الأهمية، وأشير أيضًا إلى أنني سأتناول حالة حقوق الإنسان في جورجيا، وإيران، وميانمار، ونيكاراغوا، وأوكرانيا، وفنزويلا بشكل أوسع خلال هذه الدورة، وأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلّة نوقِشت في جلسة خاصة.
في ما يتعلّق بأفغانستان، أشعر بقلق بالغ حيال التفاقم الحاد في العنف وحيال إلحاق الأذى بالمدنيين. كان الهجوم الأخير على مدرسة في منطقة هزارة في كابول، الذي أسفر عن مقتل 85 طفلاً، معظمهم من الفتيات، مروّعًا للغاية، حتى بعد عقود عديدة من الاعتداءات والأهوال ضد العائلات الأفغانية. وفي الأشهر الستة التي انقضت منذ بدء المحادثات بين الحكومة والطالبان، ارتفع معدل الخسائر في صفوف المدنيين بنسبة 41 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. كما يولّد انسحاب القوات الدولية، الذي من المتوقع أن يكتمل مع حلول شهر أيلول/ سبتمبر، الخوف من المستقبل، لا سيما بين النساء والأقليات والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، مع الشعور بقلق بالغ حيال خطر خسارة المكاسب التي تحققت بشق الأنفس خلال العشرين عامًا الماضية. أحث جميع الأطراف على استئناف محادثات السلام المتوقفة والتنفيذ العاجل لوقف إطلاق النار بهدف حماية المدنيين. كما يجب حماية الدور المستقل للجنة الأفغانية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان الباسلة. ونظرًا إلى التدهور السريع لهذه الأوضاع، أشجع المجلس على زيادة عمليات الرصد، والنظر في إمكانية اعتماد آليات للاستجابة الوقائية الفعالة.
الوضع في بيلاروسيا في تدهور مستمرّ، مع فرض قيود صارمة على الحيّز المدني، بما في ذلك على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، في موازاة تنفذ مداهمات ضد المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة، والملاحقات القضائية لناشطين في مجال حقوق الإنسان وصحفيين. وما زلنا نتلقى تقارير عديدة تزعم وقوع اعتقالات تعسفية واحتجاز تعسّفي وتعذيب وسوء معاملة. نستعرض حاليًا الوضع في بيلاروسيا، عملاً بالقرار 46/20. ويؤسفني أن الحكومة اختارت التوقف عن استقبال كبير مستشاري حقوق الإنسان في مينسك، وهو منصب وفّر نقطة دخول مهمّة للانخراط ومجالاً للتعاون.
في كلًّ من تشاد ومالي، شعرت بقلق بالغ حيال التغييرات غير الديمقراطية وغير الدستورية الأخيرة في الحكومة، التي تشكّلل حتمًا تحديًا كبيرًا لحقوق الإنسان وتُضعِف الحماية المؤسسية للحريات الديمقراطية. على الرغم من ذلك، ألحظ أن الحكومة الانتقالية في كلا البلدين قد أكدت وفاءها المستمر بالالتزامات القانونية الدولية، بما في ذلك ما يتعلق بحقوق الإنسان. أنضم إلى الجهات الفاعلة الدولية الأخرى في الدعوة إلى تعزيز العمل لمكافحة الإفلات من العقاب، وعمليات الانتقال الديمقراطي التشاركية والشاملة، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة، والعودة السريعة والكاملة للنظام الدستوري في كل من تشاد ومالي.
في ما يتعلق بالصين، لقد مر عام على اعتماد قانون الأمن القومي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وقد أعربَتْ مفوضيّتنا عن مخاوف جدية بهذا الشأن. قمنا برصد تطبيق القانون عن كثب والأثر المخيف الذي أحدثه على الحيّز المدني والديمقراطي، وعلى وسائل الإعلام المستقلة. فمنذ 1 تمّوز/ يوليو2020، تم القبض على 107 أشخاص بموجب قانون الأمن القومي ووُجِّهَت التهم رسميًا إلى 57 شخصًا، مع إحالة القضية الأولى إلى المحكمة في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وتشكّل هذه الخطوة اختبارًا بالغ الأهمية لاستقلال القضاء في هونغ كونغ واستعداده لدعم التزامات البلاد بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفقًا للقانون الأساسي. وفي مقابل ذلك، ما زلت أناقش مع الصين سبل قيام مفوضيتنا بزيارة إلى البلاد، بما في ذلك الوصول المجدي إلى منطقة شينجيانغ أويغور المتمتعة بالحكم الذاتي، وآمل أن يتحقق ذلك هذا العام، لا سيما مع استمرار ورود تقارير عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
في كولومبيا، الاحتجاجات مستمرّة على مستوى البلاد منذ 28 نيسان/ أبريل، على خلفية أزمة اقتصادية سابقة وتفاوتات اجتماعية عميقة تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19. وقد أعربت مفوضيّتنا عن قلقها البالغ حيال مزاعم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على يد قوات أمن الدولة. وفي حين أن معظم المظاهرات كانت سلمية، فقد تم تسجيل العديد من حالات العنف. تدين مفوضيتنا جميع أشكال العنف، وتدعو إلى الاحترام الكامل للحق في التجمع السلمي، كما تشجع الحوار لحل الأزمة. بين 28 نيسان/ أبريل و16 حزيران/ يونيو سجّلنا مزاعم عن سقوط 56 قتيلاً، من بينها 54 مدنيًا واثنان من ضباط الشرطة، في سياق الاحتجاجات، وقد تمّ تسجيل معظم حالات الوفاة في مدينة كالي. كما أفادت التقارير بوقوع 49 ضحية مزعومة للعنف الجنسي. وتقوم مفوضيتنا بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها جهات فاعلة من غير الدول، وتأثير الحواجز المستمرة التي تعيق إعمال حقوق الإنسان. أرحب بإعلان الرئيس عن سياسة عدم التسامح إطلاقًا مع الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن، وأحث السلطات على ضمان إجراء تحقيقات فورية وفعالة ومستقلة في جميع مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات التي ارتكبت منذ 28 نيسان/ أبريل، ومحاسبة المسؤولين عنها. ويبقى التنفيذ الكامل لاتفاق السلام، بما في ذلك دعم عملية العدالة الانتقالية التاريخية، أساسيًا من أجل الاستجابة للاضطرابات الحالية. إن الوفاء بهذه الوعود الحيوية لشعب كولومبيا سيساهم في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة وزيادة ثقة الجمهور في السلطات.
في ما يتعلّق بمنطقة تيغراي في إثيوبيا، أشعر بقلق بالغ حيال التقارير المستمرة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والانتهاكات والتجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد المدنيين التي يرتكبها جميع الأطراف في النزاع، بما في ذلك عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، والاعتقالات التعسفية والاحتجاز التعسفي، والعنف الجنسي ضد الأطفال والبالغين على حدّ سواء، والتشريد القسري. تشير تقارير موثوقة إلى أن الجنود الإريتريين ما زالوا يعملون في تيغراي ويواصلون ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني. إن الوضع الإنساني مروّع، في ظلّ ورود تقارير عن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق، ونهب الجنود إمدادات الإغاثة. إنّ حوالى 350,000 شخص مهددون بالمجاعة. والتحقيق الذي نجريه في تيغراي بالتعاون مع لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية جار، مع نشر فرق ميدانية منذ 16 أيّار/ مايو. نتوقع أن ينتهي هذا العمل في آب/ أغسطس، وسيتم الإعلان عن النتائج ورفع توصيات. في مناطق أخرى كثيرة من إثيوبيا، ترتبط حوادث مقلقة من العنف العرقي والطائفي المميت والتشرّد، بزيادة الاستقطاب حول المظالم القائمة منذ فترة طويلة. لا يشكّل نشر القوات العسكرية المستمر حلاً دائمًا، وأشجع الحوار الشامل والمتعدد الأبعاد في جميع أنحاء البلاد لمعالجة المظالم الحقيقية القائمة.
في هايتي، تستمر الاضطرابات السياسية، المرتبطة جزئيًا بالخلاف حول تنظيم استفتاء على دستور جديد، وتنظيم انتخابات في أيلول/ سبتمبر. على السلطات أن تضمن حق التصويت في ظروف آمنة. وفي هذا السياق، أشعر بقلق بالغ حيال المستويات المرتفعة لانعدام الأمن والصعوبات الواضحة التي تواجهها الحكومة في معالجة هذه الاتجاهات. وبحسب ما ورد، لم تتدخل الشرطة خلال عدد من الاشتباكات الأخيرة التي وقعت بين الجماعات الإجرامية في بورت أو برنس. وقد أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا، وتشريد أكثر من 13,000* شخص، وإلى تفاقم محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية. أدين بأشد لهجة الاعتداءات العنيفة على الشرطة الوطنية الهايتية، التي أسفرت عن مقتل 26* عنصرًا من الشرطة منذ كانون الثاني/ يناير.* وأحث السلطات على بذل كل جهد ممكن لضمان حماية جميع الهايتيين ومعالجة الأسباب الجذرية للعنف.
أجرت المكسيك أكبر انتخابات لها على الإطلاق في وقت سابق من هذا الشهر في ظلّ تحديات عديدة. أبدي قلقي حيال ارتفاع مستوى العنف السياسي في سياق الانتخابات. فقد قُتل ما لا يقل عن 91 سياسيًا وعضوًا في الأحزاب السياسية، من بينهم 36 مرشحًا انتخابيًا، خلال الفترة الانتخابية التي بدأت في أيلول/ سبتمبر 2020. كما برز عدد من الاعتداءات والمخاطر الأخرى التي تهدد حياة السياسيين وأنصارهم وموظفي الخدمة المدنية المنخرطين في العمل الانتخابي. وقد تأثرت الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها، وتعرضت النساء للعنف الجنساني، بما في ذلك العنف الجنسي وحملات التشهير. من الضروري ضمان المساءلة عن هذه الأفعال وضمان عدم تكرارها. وأشجع السلطات أيضًا على الامتناع في المستقبل عن استخدام اللغة التي تقوض من يعبر عن آراء معارضة أو يشكك بأي شكل من الأشكال في استقلالية الهيئات المستقلة، بما في ذلك المؤسسات الانتخابية. أرحب بالحكم الأخير الصادر عن المحكمة العليا في المكسيك بقبول توصيات الإجراءات العاجلة التي رفعتها اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري، باعتبارها ملزمة قانونًا للسلطات.
في ما يتعلّق بموزامبيق، أبدي قلقي البالغ حيال النزاع المتصاعد في الشمال، في سياق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الجماعات المسلحة، بما في ذلك قتل المدنيين بطريقة وحشية، والعنف الجنسي والجنساني، والاتجار، واختطاف الأطفال واستغلالهم. وبحسب ما ورد، يتم استهداف النساء والفتيات بشكل خاص. كما ألحظ التقارير التي تفيد بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترتكبها قوات أمن الدولة، بدعم من شركات الأمن الخاصة. فقد اضطر حوالى 800,000 شخص، من بينهم 364,000 طفل، إلى الفرار من منازلهم بسبب العنف، وهو يواجهون حاليًا انعدام الأمن الغذائي بشكل متزايد. أشعر بقلق حيال عدم اعتماد آليات فعالة للرقابة والمساءلة. من الضروري للغاية التحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة، سواء ارتكبتها جهات خاصة أو عامة، ومقاضاة الجناة، واتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لها. تُعتبر القيود المفروضة على الحق في حرية الإعلام والتعبير والصحافة قضية خطيرة، إلى جانب عمليات القتل والمضايقة التي يتعرّض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، والتمييز ضد النساء والفتيات. يشجعني أن رئيس موزامبيق رحب مؤخرًا بفرصة تعزيز تعاوننا وانخراطنا وتعهد بمعالجة حالة حقوق الإنسان.
في الاتحاد الروسي، تؤسفني الإجراءات الأخيرة التي تقوض حق الناس في التعبير عن آرائهم المنتقدة، وقدرتهم على المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أيلول/ سبتمبر. في وقت سابق من هذا الشهر، قضت محكمة في موسكو، عقب جلسات استماع مغلقة، بأن مؤسسة مكافحة الفساد التي يقودها المعارض المسجون ألكسي نافالني "منظمة متطرفة". كما قضت بأن مؤسسة حماية حقوق المواطنين المرتبطة بها، وشبكة المكاتب السياسية التابعة لنافالني "متطرفتان" أيضًا، بناءً على مزاعم غامضة بمحاولة تغيير أسس النظام الدستوري. في وقت سابق، صدر قانون يمنع الأشخاص المتورطون في أنشطة "المنظمات المتطرفة" المحظورة من الترشح لأي انتخابات.
أدعو روسيا إلى دعم الحقوق المدنية والسياسية. ويجب أيضًا مواءمة التشريعات التي تقيد حريات التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما أحثّ السلطات على إنهاء الممارسة التعسفية المتمثلة في تصنيف الأفراد العاديين والصحفيين والمنظمات غير الحكومية بأنهم "متطرفون" أو "عملاء أجانب" أو "منظمات غير مرغوب فيها".
في ما يتعلّق بسري لانكا، يساورني القلق حيال الإجراءات الحكومية الإضافية التي يُعتَبَر أنّها تستهدف المسلمين، وحيال مضايقة التاميل، بما في ذلك في سياق مناسبات إحياء ذكرى من سقط في نهاية الحرب. ويساورني القلق من أن التعيينات الأخيرة في مكتب الأشخاص المفقودين ومكتب التعويضات، وخطوات تثبيط التحقيقات في الجرائم الماضية، تزيد من تقويض ثقة الضحايا. كما أن لوائح مكافحة الإرهاب الأخيرة، التي تشمل إدراج و/ أو حظر أكثر من 300 مجموعة وأفراد من التاميل والمسلمين على اللائحة السوداء بسبب دعمهم المزعوم للإرهاب، لن تؤدي أبدًا إلى تحقيق المصالحة. كما تسمح اللوائح حاليًا بالاحتجاز الإداري التعسفي لمدة تصل إلى عامين، بدون محاكمة لأغراض نزع التطرف. وأشير إلى استمرار سلسلة الوفيات في سياق الاحتجاز لدى الشرطة ومواجهات الشرطة مع عصابات إجرامية مزعومة. يجب إجراء تحقيق شامل وسريع ومستقل في هذه الحالات. وسنواصل الانخراط مع الحكومة، وسأطلع المجلس على آخر المستجدّات في هذا الصدد، بطريقة موسّعة أكثر خلال جلسة أيلول/ سبتمبر، بما في ذلك التقدم المحرز في تنفيذ ولاية المساءلة الجديدة.
يسرّني أن أبلّغكم أننا على وشك الانتهاء من إعداد برنامج الأمم المتحدة المشترك بشأن حقوق الإنسان مع حكومة الفلبين. ألحظ الخطوات التي اتّخذَتْها الحكومة في استعراضها الداخلي لعمليات القتل المزعومة على يد الشرطة. ومن الضروري للغاية أن تؤدي إعادة التحقيق في القضايا المطروحة إلى نتائج مجدية، بما أنّ المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان لا تزال تشكّل مصدر قلق طال أمده في الفلبين. وأؤكد من جديد على أهمية حماية وضمان المشاركة الكاملة للمجتمع المدني والمؤسسة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان. وسوف أطلع المجلس على آخر المستجدات في هذا الصدد في أيلول/ سبتمبر.
شكرًا سيّدتي الرئيسة.
* تمّ تصحيح هذه الأعداد عن النسخة الشفهية لأنّها لم تكن دقيقة لأسباب تقنية.