Skip to main content

البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

باشيليت تُطلِع مجلس حقوق الإنسان على آخر مستجدّات قضايا حقوق الإنسان في أكثر من 50 بلدًا

26 شباط/فبراير 2021

English

بحسب الكلمة التي تمّ ألقاؤها

الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان
البند 2 - إحاطة المفوّضة السامية الشفهية بآخر المستجدّات
بيان مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت

في 26 شباط/ فبراير 2021

سيّدتي رئيسة المجلس، أرحّب بكم كممثلة فخورة لمنطقة المحيط الهادئ، وأحيي مساهمات منطقة المحيط الهادئ والدول الجزرية الصغيرة الفريدة من نوعها في هذا المجلس.
أصحاب السعادة، أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

إنّ زعماء الدول مدعوون لاتخاذ العديد من القرارات الصعبة في ظل الاضطرابات التي تهزّ عالمنا اليوم. فمواجهة التحديات المتعددة التي يسبّبها كوفيد-19 على مستوى السياسات الصحية، والأزمات الاقتصادية المفاجئة والعجز المالي، وقلق الناس المتزايد من كل مناحي الحياة، من المهام الهائلة والصعبة. ومن خلال تجربتي الشخصية والعِبَر التي استخلصناها من التاريخ، كوّنْتُ قناعة راسخة بأنّ أفضل طريقة للتعامل مع مثل هذه المعضلات هي عبر إشراك الرأي العام. فكلّ شعب بتنوع وجهات نظره وخبراته واحتياجاته، يشكلّ أفضل القادة وأكثر الموارد أهمية.

المشاركة حقّ، والسبل إلى اعتماد أفضل السياسات وأكثرها فعاليّة. وعلى كلّ مجتمع وكل زعيم أن يشركا الرأي العام بشكل كامل وهادف من أجل المساهمة في جبر الأضرار، وردم الفجوات والانقسامات، وقيادة التغيير الذي يلبي كافة التوقعات. إنّ الشعوب في كافة أنحاء العالم، يعبّرون جليًا عن مطالبهم المشروعة بأن يشاركوا في صنع السياسات. وتلبية هذه المطالب هو السبيل الوحيد لبناء ثقة الرأي العام، وأفضل طريقة لدفع السياسات التي تستند إلى الحقائق والواقع، على أن يتم صقلها وتحسينها من خلال التعليق عليها وتقييمها بصورة مستمرّة وبكلّ صراحة.

ألفت انتباهكم إلى مذكرة الأمم المتحدة التوجيهية بشأن حماية الحيّز المدني وتعزيزه، التي تبيّن جليًا لماذا من المهمّ للغاية أن نحافظ على الحريات المدنية ونوسّعها ونبقيها في صميم جهود الأمم المتحدة عبر جميع الركائز، بما في ذلك التنمية والسلام. لقد أظهر كوفيد-19 من جديد، أهمية هذا العمل وضرورته بالنسبة إلى الدول والمؤسسات المتعددة الأطراف.

ففي سياق هذه الأزمة بالتحديد، تبقى المشاركة الشعبية الحثيثة والمساءلة الرسمية عبر مؤسسات الرقابة والصحافة الحرة أكثر إلحاحًا من أجل اعتماد سياسات يمكنها تجاوز الصدمات بشكل أكثر فعالية. نحتاج في هذه الأوقات بالذات إلى تعزيز الشفافية لا إلى تقويضها، وإلى نشر المزيد من المعلومات، وعقد النقاشات العامة، ضمن إطار حيّز مدني أكثر انفتاحًا وشمولية، كما نحتاج إلى حوكمة أكثر استجابة، تعزّز حقوق الإنسان بطريقة أفضل.

سيّدتي الرئيسة، إن الوضع في أفغانستان، وبيلاروس، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وكولومبيا، وقبرص، وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإريتريا، وغواتيمالا، وهندوراس، ونيكاراغوا، والأراضي الفلسطينية المحتلّة، وسري لانكا، وأوكرانيا وفنزويلا، سيُناقش في اجتماعات أخرى من هذه الدورة.

أصحاب السعادة،

في الاتحاد الروسي، يؤسفني دخول أحكام قانونية جديدة حيز التنفيذ في أواخر العام الماضي، تحد من الحريات الأساسية، بما في ذلك الحقوق المضمونة دستوريًا في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. فقد استمر تطبيق القوانين التقييدية السارية بصرامة، بما في ذلك خلال المظاهرات الأخيرة التي انطلقت في جميع أنحاء البلاد. وفي عدة مناسبات، تم تصوير الشرطة وهي تستخدم القوة غير الضرورية وغير المتناسبة ضد المتظاهرين السلميين إلى حد كبير، كما أنّها اعتقلت الآلاف منهم. وألحظ أيضًا بقلق شديد التوسع المتزايد في تعريف "الوكيل الأجنبي".

في تركيا، أدخل القانون رقم 7262 الذي تم إقراره مؤخّرًا، بهدف معلن وهو منع تمويل أسلحة الدمار الشامل، المزيد من القيود والرقابة على منظمات المجتمع المدني. إن تطبيقه، في موازاة مشروع قانون وسائل التواصل الاجتماعي الذي تم اعتماده في تموز/ يوليو الماضي، وتشريعات تقييدية أخرى، قد يؤدّي إلى تصاعد استخدام تهم الإرهاب المعرفة بشكل فضفاض من أجل استهداف الأصوات المنتقدة وإسكاتها. وتؤدي الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص الذين يسعون إلى تحقيق العدالة والمساءلة، بما في ذلك لضحايا الاختفاء القسري، إلى تآكل استقلال القضاء وسيادة القانون، كما تساهم في توليد بيئة مدنية غير آمنة أبدًا. وتؤكد حملات قمع المظاهرات التي يقودها الطلاب ضرورة عقد المزيد من الحوارات مع العديد من الفئات المستهدفة. ويساورني القلق أيضًا حيال المداهمات والاعتقالات الجماعية التي وقعت الأسبوع الماضي، واستهدفت أعضاء المعارضة من بين غيرهم من الأشخاص، على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب. يجب أن تمتثل أي عملية تقع ضمن إطار مكافحة الإرهاب للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويجب ألا تُستخدَم لاستهداف المعارضة.

في كازاخستان، أشعر بالقلق حيال الملاحقات الإدارية الأخيرة للمنظمات غير الحكومية. وفي حين أُلغِيَت حالات التعليق عن العمل، يبدو أن العقوبات على الأخطاء المزعومة في تقديم السجلات الإدارية الخاصة بالتمويل الأجنبي غير متناسبة وتهدف إلى عرقلة العمل. أدعو السلطات إلى تعديل التشريعات الوطنية وإلغاء متطلبات الإبلاغ المبالَغ فيها هذه، التي تؤثر على الحق في حرية تكوين الجمعيات.

أرحب بوقف الأعمال القتالية في منطقة الصراع في ناغورنو كاراباخ، الذي أعلنه قادة أذربيجان وأرمينيا والاتحاد الروسي في بيانهم الثلاثي المشترك في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر. وأدعو إلى إجراء تحقيقات في جميع الانتهاكات الجسيمة المزعومة للقانون الدولي التي وقعت في ناغورنو كاراباخ وفي المناطق المجاورة. ومن الضروري أن نضمن مساءلة المسؤولين والتعويض على الضحايا. أرحب بالإجراءات الجنائية التي اتخذتها أذربيجان بشأن أنشطة أربعة من أفراد القوات المسلحة الأذربيجانية. وأذكّر جميع الدول بأنه ينبغي معاملة جميع الأشخاص الذين يتم أسرهم أو احتجازهم معاملة إنسانية، على أن يستفيدوا من حماية القانون الدولي. وأذكّر بأنّني ما زلتُ أسعى لضمان وصول مفوضيّتنا إلى البلاد.

أشعر بالقلق من أن الإجراءات التي اتخذَتْها عدة دول أوروبية تقيّد عمل المنظمات التي تحمي حقوق المهاجرين وتقدم لهم المساعدة المنقذة للحياة. فقد أشار تقرير بشأن آخر المستجدّات أجرته وكالة الحقوق الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي، إلى أنّ ألمانيا واليونان وإيطاليا ومالطا وهولندا وإسبانيا أطلقت حوالى 50 إجراء جنائيًا أو إداريًا منذ العام 2016، ضد جهات إنسانية معنيّة بمهام البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط. وقد جرى معظمها في إيطاليا لا سيّما منذ العام 2019. ووردتنا معلومات تشير إلى أن أربع سفن إنسانية فقط تعمل حاليًا في وسط البحر الأبيض المتوسط، بينما تم حجز العديد من السفن الأخرى أو منعها من العمل، ما يثير مخاوف جسيمة بشأن سلامة الأشخاص على طول إحدى أخطر طرق للهجرة في العالم. وقد أعربَتْ مفوضيتنا مرارًا وتكرارًا عن مخاوفنا بشأن مثل هذه الإجراءات، فضلاً عن أعمال التخويف والمضايقة والعرقلة والحرمان من الوصول المرافقة لها.

في هنغاريا، جرّمت الحكومة تقديم المساعدة إلى المهاجرين، فضلاً عن تنظيم مراقبة الحدود، وبالتالي حرمت المجتمع المدني من إمكانية الوصول بهدف رصد عمليات الصدّ العنيفة وغيرها من الانتهاكات الجسيمة الأخرى لحقوق الإنسان على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية. وأشعر بقلق بالغ حيال تنفيذ الشرطة الهنغارية حوالى 5,000 عملية صدّ إلى صربيا في الشهرين الماضيين فقط، في انتهاك لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وبما يتماشى وقانون الاتحاد الأوروبي.

في كرواتيا، سعت السلطات إلى إعاقة التدقيق العام في ممارسات الهجرة من خلال منع وصول أمين المظالم ومنظمات حقوق الإنسان، والتشكيك في مصداقيّة تقاريرهما. ومنعت السلطات الكرواتية أعضاء البرلمان الأوروبي من زيارة المناطق الحدودية مع البوسنة والهرسك الشهر الماضي، وسط مزاعم موثوقة بوقوع انتهاكات لحقوق الإنسان.

إنّ عمليات الرصد التي يقوم بها المجتمع المدني والجهات المستقلة، أساسية لبناء مجتمعات صحيّة. وأشجع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على ضمان عكس هذا الاتجاه المتمثّل في تقليص الحيّز المدني، وتوفير الحماية الكافية، بما في ذلك عبر ميثاق الاتحاد الأوروبي بشأن اللجوء والهجرة.

سيّدتي الرئيسة،

لقد غيّر الوباء نظرتنا إلى ما هو قيّم في اقتصاد أي بلد، حيث أصبحت اليوم الرعاية الصحية ورعاية الأطفال والحماية الاجتماعية من الأدوات الأساسية والفعالة التي تحقق مكاسب كبيرة على مستوى الوقاية من الآلام الاقتصادية المدمرة. وعلى الرغم من ذلك، فإن العديد من البلدان في آسيا والمحيط الهادئ تخصّص أقل من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للحماية الاجتماعية، مقارنة مع المتوسط ​العالمي الذي يبلغ 11 في المائة، كما لا تزال مجالات كبرى من الاقتصاد غير رسمية. أشجع العمل في جميع أنحاء المنطقة على بناء أنظمة حماية اجتماعية أكثر شمولاً، للمهاجرين حتّى، على أن تشكّل عنصرًا أساسيًا من خطط التعافي المبني على أساس صحي ومستدام.

تقلّص الحيّز المدني عبر جنوب شرق آسيا بشكل خطير. وقد ناقش هذا المجلس الوضع المقلق للغاية في ميانمار في مطلع هذا الشهر. ففي كمبوديا وإندونيسيا، بما في ذلك في منطقة بابوا، وتايلند وفيتنام، تجمّع الناس بشكل سلمي لمطالبة الحكومات بدعم الحقوق وتنفيذ المبادئ الديمقراطية للمساءلة والشفافية والمشاركة وسيادة القانون. وردًا على هذه التحرّكات، تعرض العديد من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في مجال البيئة والصحفيين للاحتجاز التعسفي والاعتقال والمضايقة والعنف، وواجهوا تهمًا جنائية وعقوبات قاسية. في جميع هذه البلدان، بالإضافة إلى جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية والفلبين، قمنا بتوثيق عمليات اعتقال واحتجاز للأفراد على خلفيّة ممارستهم حقّهم في حرية التعبير، بما في ذلك عبر الإنترنت. وقد تم فرض تشريعات تقييديّة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحظر ما يُعرَف بـ"الأخبار الكاذبة" عبر استخدام عبارات فضفاضة بهدف إسكات الناس، بمن فيهم العاملون في مجال الصحة وغيرهم ممن يرفع التقارير بشأن كوفيد في المستشفيات والأحياء.

يساورني القلق بشكل خاص بشأن الانكماش الشديد الذي يشهده الحيّز المدني في كمبوديا، حيث تحد الإجراءات التشريعية والإدارية المتزايدة وغير المتناسبة من الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات وفي الحصول على معلومات، وغيرها من الحقوق الأخرى.

في الفلبين، نعمل مع مجموعة من الشركاء لتنفيذ القرار الأخير الصادر عن هذا المجلس. ويجري وضع اللمسات الأخيرة على برنامج مشترك للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان، وسأواصل سعيي لإشراك جميع الفئات المستهدفة مشاركةً حقيقية وهادفة، حتى ينجح البرنامج في تحقيق نتائج فعالة.ولا يزال عدد عمليات القتل على يد الشرطة المتزايد باستمرار يشكّل مصدر قلق بالغ لنا.

ففي الهند، تسلط المظاهرات المستمرة التي يشارك فيها مئات الآلاف من المزارعين الضوء على أهمية ترسيخ القوانين والسياسات في مشاورات هادفة تجمع كافة الأطراف المعنية. وكلّي ثقة بأن الجهود المبذولة من كلا الطرفَيْن ضمن إطار الحوار المستمر، ستؤدي إلى حل عادل لهذه الأزمة بما يحترم حقوق الجميع. إن اتهام الصحفيين والناشطين بالتحريض على الفتنة بسبب تغطيتهم المظاهرات أو التعليق عليها، ومحاولات الحد من حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي، تشكّل ابتعادًا مقلقًا عن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. وفيما يتعلق بالإدماج والمشاركة، تشجّعني التجربة الأخيرة لمفوضيّتنا في برنامج تجريبي في ولاية كيرالا، حيث استخدم المسؤولون ومنظمات المجتمع المدني وقادة المجتمع التكنولوجيا المبتكرة لضمان الإصغاء إلى أصوات المهمشين والفقراء وتلبية احتياجاتهم ضمن إطار الاستجابة للجائحة.

نواصل رصد الوضع في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، حيث لا تزال تشكّل القيود المفروضة على الاتصالات وقمع الناشطين من المجتمع المدني مصدر قلق بالغ. وعلى الرغم من استعادة إمكانية الوصول إلى خدمة 4G عبر الهواتف المحمولة مؤخرًا، فقد أعاق حظر الاتصالات المشارَكة المدنية بشكل خطير، والأعمال التجارية وسبل العيش والتعليم والوصول إلى الرعاية الصحية والمعلومات الطبية. وتمثل المداهمات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في تشرين الأوّل/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر، مثالاً على القيود المستمرة على المجتمع المدني، وما ينتج عنها من أثر على حقوق شعب كشمير في نقل المعلومات وتلقيها، والمشاركة في نقاش حر ومفتوح بشأن السياسات الحكومية التي تؤثر عليه. ولا يزال الوصول إلى الإنترنت في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية يطرح الكثير من المشاكل الخطيرة، وقد حمل الطلاّب إلى تنظيم المظاهرات خلال العام الماضي.

في باكستان، لا يزال الوضع غير المتكافئ للمرأة يؤدي إلى حرمانها من حقوقها على نطاق واسع، انطلاقًا من الحقّ في التعليم وصولاً إلى الحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتها، مرورًا بوفيات الأمهات بمعدّلات مفرطة، وتفشّي الفقر، وارتفاع مستويات العنف والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات. في العام الماضي، وجدت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة "قوالب نمطية تمييزية مستمرة" وأعربت عن قلقها حيال تفشّي زواج الأطفال والزواج القسري، فضلاً عمّا يسمى بجرائم "الشرف". والنساء من مجتمعات الأقليات الدينية معرضات أكثر من غيرهنّ إلى خطر الزواج القسري المصحوب بتغيير الدين بالإكراه. أحثّ باكستان على دعم وحماية المدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيات اللواتي هنّ في طليعة الجهود المبذولة لتعزيز التغيير القانوني والمجتمعي.

في الصين، تم إحراز تقدم ملحوظ خلال العام الماضي على مستوى الحدّ من تفشّي كوفيد-19 والتخفيف من آثاره الخطيرة على التمتع بمجموعة واسعة من حقوق الإنسان. وفي موازاة ذلك، يستمر تقييد الحقوق الأساسية والحريات المدنية باسم الأمن القومي والاستجابة لكوفيد-19. ويواجه الناشطون والمحامون والمدافعون عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى بعض المقيمين الأجانب، تهمًا جنائية تعسفية أو الاحتجاز أو محاكمات جائرة. وفي منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، يتم التحقيق مع أكثر من 600 شخص لمشاركتهم في أشكال مختلفة من الاحتجاجات، بعضها بموجب قانون الأمن الوطني الجديد. وفي منطقة شينجيانغ أويغور المتمتعة بالحكم الذاتي، تشير المعلومات المتوفّرة للرأي العام إلى ضرورة إجراء تقييم مستقل وشامل لحالة حقوق الإنسان. كما تواصل مفوضيّتنا تقييم الأنماط المزعومة لانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التقارير بشأن الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة والعنف الجنسي ضمن المؤسسات، وممارسات العمل القسري، وتآكل الحقوق الاجتماعية والثقافية. كلّي ثقة بأننا سنتوصّل من خلال حوارنا المستمر إلى معايير مقبولة لزيارتي إلى الصين.

سيّدتي الرئيسة،

في جميع أنحاء القارة الأميركية، تفاقمت آثار كوفيد-19 بسبب أنظمة الضمان الاجتماعي المتردّية، وعدم المساواة والتمييز الهيكلي الطويل الأمد، لا سيما ما يعانيه المنحدرون من أصل أفريقي والشعوب الأصلية، والاقتصادات القليلة التنوع، وأعداد كبيرة من العمال في الاقتصاد غير الرسمي. وتشير بيانات حديثة إلى أن أزمة اجتماعية واقتصادية وإنسانية خطيرة تلوح في الأفق، بعد أن تخطّت معدلات الفقر هذا العام عتبة 37 في المائة في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وبشكل عام، تقدر اللجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي أن المنطقة تواجه "عَقْدًا ضائعًا"، في أعقاب أسوأ انكماش للناتج المحلي الإجمالي شهدته المنطقة يومًا.

في السنوات الأخيرة، شهدت عدّة بلدان في القارة الأميركية، بما في ذلك بوليفيا، وشيلي، وكولومبيا، والإكوادور، وغواتيمالا، وهايتي، وهندوراس، والمكسيك وبيرو حركات احتجاجية اجتماعية متزايدة. وفي حين يختلف كل وضع عن الآخر، فإن المطالب تركز جميعها بشكل عام على الوصول غير الملائم إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وعلى التمييز والإفلات من العقاب وعلى الفساد المزعوم. وفي العديد من البلدان، قوبلت المظاهرات بالاستخدام المفرط للقوة. وتهدّد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية التي يولّدها الوباء بتعميق الاستياء والامتعاض، وقد تؤدي إلى موجة جديدة من الاضطرابات الاجتماعية. أشجع جميع الدول على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الأوضاع من التدهور أكثر بعد، بما في ذلك من خلال ضمان المشاركة المجدية والفعالة في الاستجابة الاجتماعية الاقتصادية للوباء. كما أدعو جميع الدول إلى حماية الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وضمان إدارة المظاهرات بما يتماشى والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

في البرازيل وبلدان أخرى في منطقتَي الأمازون وبانتانال، أدى الحد من إنفاذ القوانين البيئية في ظلّ تفشّي الوباء، إلى زيادة التعدين غير القانوني وقطع الأشجار غير القانوني، ما انعكس سلبًا على كثيرين لا سيّما على الشعوب الأصلية. ويجب بذل كلّ هد ممكن لضمان حماية هذه الأراضي بشكل أفضل من الصناعات الاستخراجية والزراعة الأحادية، بما في بعد التعافي من الجائحة. وفي جميع أنحاء المنطقة، أشعر بالقلق حيال استمرار الهجمات على الناشطين البيئيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، بما في ذلك تعرّضهم للقتل، فضلًا عن إساءة استخدام القوانين الجنائية لإسكات الأصوات المنتقدة.

في العديد من الدول، تتشدّد الرقابة على الحدود ويتكثّف استخدام قوات الأمن لوقف حركة المهاجرين، ما يؤدّي إلى تفاقم المخاطر التي يتعرض لها الأشخاص المتنقلون. فاكتشاف جثث متفحمة لـ19 شخصًا الشهر الماضي، 14 منهم على الأقل من المهاجرين الغواتيماليين، جنبًا إلى جنب مع مهربيه المزعومين، بالقرب من الحدود بين المكسيك مع الولايات المتحدة من الأمثلة الصارخة على ذلك. كما أن عسكرة إدارة الحدود التي اعتمدها كلّ من الإكوادور وبيرو وشيلي تثير القلق، لا سيّما في سياق حركة الفنزويليين المستمرة غير المسبوقة، حيث يقدر أن 5.28 مليون شخص غادروا البلاد أو ظلوا خارجها هذا العام. وتتضمن هذه القضايا تقارير مقلقة تفيد بأن الناس يتعرضون للطرد بدون التقييم الواجب لمدى ضعفهم أو احتياجاتهم في مجال الحماية.

نرحّب باعتماد الولايات المتحدة الأميركية تدابير جديدة واسعة النطاق لمعالجة التفاوت الهيكلي والعنصرية المُمَنْهَجَة. ومنها، إجراءات تنفيذية لتصحيح سياسات الإسكان الفيدرالية التي تنطوي على تمييز عنصري، ومكافحة كره الأجانب، وإعادة التأكيد على الالتزامات بالسيادة القبلية والتشاور الكامل مع الشعوب الأصلية. ومن أجل التصدي بشكل مناسب لأوجه عدم المساواة المنتظمة والظلم النظامي، يجب وضع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في صميم الاستجابة. ونرحب أيضًا بالخطوات الجديدة لإنهاء العديد من سياسات الهجرة التي انتهكت حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين، بما في ذلك الأوامر التنفيذية لإنهاء سياسة الفصل بين أفراد الأسرة الواحدة. وأشجع على اتخاذ المزيد من التدابير لمعالجة القضايا المتبقية، على غرار الاحتجاز الجماعي للمهاجرين، من خلال تطبيق بدائل للاحتجاز.

في هايتي، تساهم المستويات المرتفعة من انعدام الأمن والفقر، فضلاً عن الجدل القائم بشأن تاريخ انتهاء ولاية الرئيس، في تفاقم مثير للقلق للتوترات الاجتماعية. فقد تم الإبلاغ عن اعتقالات تعسفية، وعن استخدام مفرط للقوة لتفريق المتظاهرين، فضلاً عن الاعتداء على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، وعن انتهاكات لحقوق السكان المحليين ارتكبتها العصابات. كما يهدّد الجمود السائد حاليًا سيادة القانون والحيّز المدني، وقد يزعزع أيضًا استقرار البلاد أكثر بعد. أحث السلطات على ضمان الفصل بين السلطات، وأدعو جميع الأطراف إلى معالجة خلافاتهم بالوسائل السلمية، لمنع تكرار الاحتجاجات المدنية المطولة وتفاقم العنف.

سيّدتي الرئيسة،

مر عقد من الزمن على الانتفاضات العربية المعروفة بـ"الربيع العربي"، التي اجتاحت بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وألهمت الكثيرين بعفويتها وتنوعها ودعواتها لتحقيق العدالة الاجتماعية. إنّ أصداء مطالبة مئات الآلاف من الأشخاص حكوماتهم بالدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتقاسم منافع التنمية تقاسمًا أكثر إنصافًا، ووضع حد للسياسات القمعية والفساد، وفتح المساحات الديمقراطية، تتردّد في شوارع مختلف البلدان في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الكثير من دول المنطقة يعاني عدم مساواة خطيرة. فقد تفشّت السياسات القمعية في معظم الحالات، في ظل تقويض بعض المكاسب المهمة التي حققتها الحركات المدنية. لكنّني لا أزال متفائلة، على الرغم من هذه الانتكاسات، بإمكانية تحقيق العدالة وإعمال حقوق الإنسان في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فالتقدم في هذا الاتجاه سيضمن تقدمًا مستدامًا على صعيدي التنمية والسلام.

إنّ معاناة شعب سوريا رهيبة وتصادف ذكرى أليمة، حيث يصادف الشهر المقبل الذكرى العاشرة لانطلاق المظاهرات في بعض مناطق سوريا. وقد تصاعد قمع هذه الحركات الاحتجاجية من قبل القوات الحكومية بطريقة عنيفة ليتحول إلى صراع عسكري دامٍ، عواقبه إقليمية ودولية. وتستمر أعمال العنف المتفرقة، بما في ذلك القتل المُستهدف، واستخدام الأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع والقصف. ويتواصل التدهور الاقتصادي، الذي تزيد جائحة كوفيد-19 من تفاقمه، ما يؤدّي إلى تعقيد الأزمة الإنسانية أكثر بعد. آمل بشدة في تحقيق اللجنة الدستورية تقدمًا ملموسًا، وأن تكون أصوات السوريين وحقوقهم، بمن فيهم الشباب والمجتمع المدني، في صميم المناقشات. من الضروري للغاية أن تسعى الأطراف الدولية إلى سد فجوة الانقسامات ومنح الأولوية لاحتياجات الشعب السوري وحقوقه.

ما زالت قلقة حيال استمرار فرض القيود على حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي في مصر، بما في ذلك الأعمال الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين. في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، تم إلقاء القبض على ثلاثة من المدافعين عن حقوق الإنسان العاملين مع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية واحتجازهم رهن التحقيق بسبب اتهامات متعلقة بالإرهاب ونشر أخبار زائفة واستخدام حساب على الإنترنت لنشر معلومات مغلوطة تهدّد السلم الأهلي. وفيما تم الإفراج عنهم بعد شهر، لا يزال عدد كبير جدًا من المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان والصحفيين والناشطين محتجزين، أو تعرضوا لتجميد أرصدتهم وفرض حظر على سفرهم بناءً على اتهامات لا أساس لها وقوانين الأمن القومي الغامضة.

أشعر بالقلق حيال القيود المتزايدة المفروضة على حرية التعبير في الأردن، بما في ذلك على الصحفيين الذين يغطّون استجابة السلطات لجائحة كوفيد-19 وأثرها على الفئات الضعيفة. وأشعر بالاستياء أيضًا حيال قضية نقابة المعلمين الأردنية وفرض أوامر بحظر نشر جميع الأخبار والتعليقات. أشجّع الحكومة على الانخراط في حوار مع الأصوات المستقلة واعتبار حرياتِ الإعلام وتعزيزٍ جميع الحريات المدنية، أساسًا حيويًا للسياسات العامة السليمة.

في المملكة العربية السعودية، أرحّب بإطلاق سراح المدافعة عن حقوق المرأة لُجين الهذلول، ولكنّ أعبّر عن أسفي لاستمرار اعتقال آخرين بدون مبرر عادل. كما أرحّب بإعلان خطط إصدار تشريع جديد يهدف إلى تعزيز ضمانات حقوق الإنسان، بما في ذلك ما يتعلق بقانون الأسرة والأحوال الشخصية. وأحثّ السلطات على وضع إطار عمل تشريعي لتعزيز حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات للجميع في أنحاء المملكة.

في العراق، تستمر أعمال القتل المستهدف والتخويف والتهديد ضد ناشطين من المجتمع المدني ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين.ويُعدّ الغياب شبه الكامل للمساءلة عن الانتهاكات المرتكبة ضد المتظاهرين، حاجزًا كبيرًا يعيق بناء ثقة الشعب في مؤسسات البلاد ومستقبلها. وأشير إلى أن رئيس الوزراء أمـَر في تشرين الأول/ أكتوبر بإنشاء هيئة لتقصي الحقائق، ولكنّه لم يتضح بعد ما إذا انطلقت أعمال هذه الهيئة أم لا. وفي إقليم كردستان، يتعرَّض الناشطون والمتظاهرون للاعتقالات والاحتجازات التعسفية، كما يُحرَم الكثير من المحتجزين من الحقّ في تطبيق الإجراءات الواجبة بما في ذلك الوصول إلى المحامين.

تشهد إيران ما يبدو أنّه حملة منسقة تستهدف الأقليات منذ كانون الأول/ ديسمبر، بما في ذلك في سيستان وبلوشستان وخوزستان وفي الأقاليم الكردية. فقد تمّ الإبلاغ عن وقوع اعتقالات جماعية وأعمال اختفاء قسري، بالإضافة إلى زيادة أعداد عمليّات الإعدام بعد إجراءات تشوبها العيوب. وفي كافة أنحاء البلاد، يتمّ استهداف الحريات المدنية والتعبير عن الآراء السياسية والأصوات المنتقدة، بشكل مستمر عبر قوانين الأمن الوطني والمقاضاة الجنائية والتخويف. وأعرب عن قلقي بشأن الاستمرار في الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات المرتكبة في سياق المظاهرات بين العامين 2018 و2019.

أرحّب بتشكيل حكومة ائتلافية جديدة في اليمن، ولكنّي أعرب عن أسفي لعدم تمثيل المرأة التي تشكل نصف المجتمع. إن الهجوم على مطار عدن في 30 كانون الأول/ ديسمبر مثير للصدمة. وأرحّب بآخر تدابير اتّخِذَت لبعث الأمل في التوصل إلى تسوية تفاوضية. ولكنّ هذه التحركات الدبلوماسية لن تخفف على الفور معاناة اليمنيين الناجمة عن سوء التغذية المتفشي والنزوح القسري والهجمات على المنشآت التعليمية والصحية بالإضافة إلى عدد هائل من انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية. وأشجّع كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على إعلان التزامات صارمة في مؤتمر إعلان التبرّعات لدعم الاستجابة الإنسانية في اليمن والمقرر عقده في 1 من آذار/ مارس. وأعرب عن الأمل في أن تصدر السلطات الفعلية في صنعاء بشكل عاجل تأشيرة دخول لممثلي.

في الجزائر، لا تزال المظاهرات تُنَظَم في عدة مناطق إحياءً لذكرى الحراك من أجل الديمقراطية. وأرحّب بقرار إجراء الانتخابات البرلمانية في أوائل العام الحالي، وإطلاق سراح أكثر من 35 ناشطًا في الحراك. أحثّ الحكومة على مواصلة التقدّم والحوار، وعلى الإفراج فورًا عن جميع من اعتُقل لمشاركته السلمية في المظاهرات. ولا شكّ في أن الانتخابات الديمقراطية الحقيقية والنزيهة التي تعبر عن إرادة الشعب، أساسية في ضمان السلطة الشرعية للحكومات وثقة الشعب.

أرحب بالتطورات السياسية الأخيرة في ليبيا وبالعمل الذي أجريناه بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لضمان أن تكون حقوق الإنسان جزءًا لا يتجزأ من الأجندة السياسية وخارطة الطريق نحو السلام. أشجّع إنشاء محاكم متخصصة معنية بالعنف ضد النساء والأطفال في طرابلس وبنغازي، وحقيقة أن خمسًا من القضاة الستة، من النساء. وأثني على الجهود المبذولة من أجل تعديل القانون الليبي لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، فهذه الخطوة غاية في الأهميّة نظرًا إلى ارتفاع معدلات العنف الجنساني.

سيّدتي الرئيسة،

من الضروري للغاية أن يتمكّن كل العاملين في المجال الإنساني وحقوق الإنسان في إثيوبيا من الوصول الكامل والفوري وبدون عوائق إلى منطقة تيغراي بأكملها. ومن المزاعم المقلقة بشأن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها جميع الأطراف خلال أكثر من ثلاثة أشهر من النزاع، عمليات القتل الجماعي والإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من الهجمات على المدنيين، بما في ذلك العنف الجنسي. ومن الضروري للغاية إجراء تحقيق موثوق في جميع هذه الادعاءات، ومساءلة الجناة، ومفوضيّتنا على أهبّ استعداد لتقديم كلّ دعم ممكن. وأشعر بالقلق أيضًا من عمليات الاختطاف والإعادة القسرية للاجئين الإريتريين الذين يعيشون في تيغراي، وبعضها جرى على يد القوات الإريترية حسبما ورد. فما لا يقل عن 15,000 إريتري لاجئ أمسَوا في عداد المفقودين بعد تدمير المآوي التي استقبلتهم. وإلى جانب تفشّي انعدام الأمن في مناطق أخرى من إثيوبيا، يمكن أن يكون للصراع في تيغراي أثر خطير على الاستقرار الإقليمي وحقوق الإنسان. أحث على حلّ هذا الصراع سلميًا، وأدعو أيضًا إلى بذل المزيد من الجهود لحل العنف الطائفي المتصاعد بشدّة في مناطق أخرى من إثيوبيا، مثل بني شنقول-جوموز وأوروميا.

في أوغندا، أشعر بالقلق حيال استخدام التوجيهات الرئاسية وعددًا من الأنظمة الأخرى التي تهدف إلى مكافحة كوفيد-19، بهدف اعتقال واحتجاز المعارضين السياسيين والصحفيين والمنتقدين المفترضين للحكومة. فخلال العملية الانتخابية الأخيرة، قُتل العديد من أنصار المعارضة وأصيب آخرون بجروح خطيرة، بينما تعرّض مرشحو المعارضة والمدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون للاعتقال والاحتجاز التعسفيَّيْن وسوء المعاملة، وللاختفاء حتّى في بعض الحالات. وأدى وصم مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهويّة الجنسانية وحاملي صفات الجنسَيْن، بتحميل أفراده زورًا مسؤوليّة تفشّي كوفيد-19، إلى اعتقال واحتجاز تعسفيَّيْن، ومداهمة مآويهم وإغلاقها. وأدعو السلطات إلى مراعاة معايير حقوق الإنسان في جميع العمليات الأمنية والتحقيق الفوري والشامل في جميع التقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.

في تنزانيا، تضمنت الجهود المبذولة لإحباط حملة المعارضَة الانتخابية في فترة ما قبل الانتخابات، أعمال ترهيب وعنف، واعتقال أعضاء المعارضة، وفرض قيود على وسائل الإعلام، بما في ذلك تقييد الوصول إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. كما وردت أنباء تزعم وقوع عمليّات قتل غير مشروع، واعتقالات تعسفية واحتجاز غير قانوني وتعذيب أثناء الانتخابات وبعدها، لا سيما في زنجبار. من الضروري إجراء تحقيق شفاف في جميع هذه الادعاءات. وأشعر بالقلق أيضًا حيال المحاولات الرسمية الواضحة لإنكار حقيقة كوفيد-19 في البلاد، بما في ذلك التدابير المعتَمَدة لتجريم الاعتراف بالوباء والمعلومات الصحيحة بشأنه. وقد ينعكس ذلك انعكاسًا خطيرًا على حق التنزانيين في الصحة. وألحظ التقارير الواردة عن عمليات صد لمئات من طالبي اللجوء من موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية، فضلاً عن التقارير المستمرة بشأن التعذيب والاختفاء القسري والإعادة القسرية للاجئين بورونديين.

أشجع السلطات الانتقالية في مالي على اتخاذ إجراءات سريعة لضمان محاكمة الجناة المشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك من قوات الأمن. لقد أصدرت لجنة التحقيق الدولية المعنية بمالي توصيات مهمة، وأتطلع إلى تنفيذها من قبل الدول المعنية والجهات الفاعلة الأساسية، من أجل النهوض بقضية المساءلة ومكافحة الإفلات من العقاب. كما أشجع على اتخاذ خطوات فورية لتعزيز المشاركة المدنية والقيادة في المجال السياسي، مع التركيز بشكل خاص على المساواة بين الرجل والمرأة ومشاركة المرأة في الهيئات الإدارية والتشريعية. ويساورني قلق بالغ حيال ارتفاع وتيرة عمليات القتل والانتهاكات والتجاوزات الخطيرة الأخرى المرتكبة العام الماضي، فضلاً عن التقلص الحاد في الحيّز الديمقراطي.

في ملاوي، تضاعفت هجمات العدالة الغوغائية أكثر من ثلاثة مرّات خلال العام الماضي، وفقًا لإحصاءات الشرطة الرسمية. ويبدو أنها تشمل عددًا متزايدًا من الاعتداءات على المسنات المتهمات بممارسة السحر، وكذلك على الأشخاص المصابين بالمهق. كما تم الإبلاغ عن محاولات اختطاف لأطفال مصابين بالمهق، ويفترض أنها مرتبطة بسوق أعضاء الجسم، لاستخدامها في الطقوس. وأشعر بقلق بالغ حيال تفاقم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات المسجل في ملاوي بعد إغلاق المدارس مؤقتًا العام الماضي، فضلاً عن زيادة زواج الأطفال وحمل المراهقات بنسبة 400 في المائة في بعض المناطق. وقد يكون الخوف من الوباء وتزايد الفقر من العوامل التي تسبّب هذا العنف المتفاقم، ما يتطلب من الشرطة أن تكون أقوى وأكثر خضوعًا للمساءلة، بالإضافة إلى تدابير حماية أكثر صرامة.

يساورني قلق متزايد بسب المحاولات المتكررة لتفكيك الحماية القانونية الضعيفة أصلاً في الصومال الممنوحة للأطفال والنساء، بما في ذلك ما يتعلق بالعنف الجنسي وزواج الأطفال. أشدّد من جديد على ضرورة اعتماد مشروع قانون الجرائم الجنسية للعام 2018 فورًا ومن دون أيّ تأخير بالشكل الذي وافق عليه مجلس الوزراء.

أرحب بموافقة المجلس المشترك في السودان على التصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وقد استمرت حوادث العنف القبلي في منطقة دارفور، كما لا يزال غيرها من الشواغل الأساسيّة الأخرى المتعلقة بالحماية قائمًا. وأحيي الإجراءات المهمة التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا لاحتواء العنف، لكنني أحثّ أيضًا على اتخاذ تدابير فورية لضمان المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتَكَبَة في الماضي، بما في ذلك التعويض على الضحايا. فهذه الجهود مهمّة للغاية نظرًا إلى أثرها الرادع. كما يشير استمرار دوّامات العنف في دارفور إلى مظالم أساسية، ما يجعل التطبيق الكامل لجدول أعمال الحكومة الإصلاحي قضيّة ملّحة. وتقدّم مفوضيّتنا المساعدة التقنية للعديد من الجهود المبذولة لتنفيذ إصلاحات مؤسسية أساسيّة، وسأستمر في تشجيع شركائنا الدوليين في التنمية على منح الأولوية لدعم الإصلاحات.

في حين أرحّب بتعاون السلطات في غينيا مع مكتب مفوضيتنا في البلاد، أشير إلى أنّ اعتقال واحتجاز عددًا من أعضاء المعارضة وناشطين في المجتمع المدني بتهم ملفقة تتعلق بتهديد الأمن القومي، في سياق الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي، يقوض بشدة أسس الحكم الديمقراطي. وأدعو الحكومة إلى الإفراج فورًا عن جميع المحتجزين لممارستهم حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي والمشاركة، وضمان محاكمة عادلة للمتهمين بجرائم جنائية. كما أدعو السلطات إلى الإسراع في محاكمة المعتقلين بموجب القانون العام وتحسين ظروفهم الغذائية والصحية. وفي ظلّ تفشي كوفيد-19، أكرر دعوتي للإفراج عن الضعفاء بشكل خاص، بمن في ذلك المحتجزون الأكبر سنًا والمرضى، والمجرمون الذين يشكّلون خطرًا ضئيلاً.

ما زلت قلقة حيال الوضع في جزر القمر، بما في ذلك قمع الحيّز الديمقراطي، مع استمرار القيود على حرية التعبير والصحافة، واستمرار احتجاز ناشطين من المجتمع المدني وأعضاء المعارضة السياسية لفترات طويلة في الكثير من الأحيان، والملاحقة القضائية غير المبررة للصحفيين. أدعو الحكومة إلى الحفاظ على الحيّز المدني ودعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

سيّدتي الرئيسة،

إنّ حماية الحيّز المدني وحق جميع الناس في المشاركة هي الحدّ الأدنى للحقوق: فأثرها يسمح ببناء القدرة على التكيف والصمود والازدهار والسلام.

لا يتمّ شمل الجميع لا بل يتمّ استبعدهم أكثر من قبل حتّى، وذلك في كافة أنحاء العالم، في ظلّ تفاقم جائحة فيروس كورونا المستجدّ. ويتمّ استبعادهم، لا عن التنمية والفرص فحسب، بل عن المشاركة في القرارات التي تصقل حياتهم ومستقبلهم بكلّ ما للكلمة من معنى.

هذا الواقع يضعنا جميعنا في دائرة الخطر. ويزيد من المظالم التي تزعزع الاستقرار. ويؤدّي إلى التغاضي عن وجهات النظر المختلفة والخبرات المتنوّعة التي يمكن أن تغني مبادراتنا وأن تعززها. ويحمي الفساد والانتهاكات، من خلال إسكات الأصوات المعلّقة والمنتقدة. لهذا السبب على مفوضيّتنا وهذا المجلس وجميع أصحاب المصلحة الآخرين، في أسرة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية وحول العالم، إعلاء الصوت والتصدّي للإجراءات التي تُسكِت المجتمع المدني. لأن للدفاع عن حقوقنا، ودعم المدافعين عن حقوق الإنسان أساسيان لمستقبل البشرية.

شكرًا سيّدتي الرئيسة وأصحاب السعادة.

الصفحة متوفرة باللغة: