البيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان
تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين والحماية الاجتماعيّة: ماذا بعد؟
16 أيلول/سبتمبر 2019
بيان مصوّر لمفوّضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت
في 16 أيلول/ سبتمبر 2019
يؤسفني كثيرًا ألاّ أتمكّن من مشاركتكم اجتماعكم اليوم، والاستفادة من خبرتكم في مجال الروابط المتعدّدة بين الحماية الاجتماعيّة الأفضل والتمكين الفعّال للمرأة والفتاة.
هاتان المسألتان جوهريّتان بالنسبة إلى حقوق الإنسان، وأساسيّتان لولايتنا وقريبة من قلبنا.
وتدابير الحماية الاجتماعيّة الشاملة من الأدوات الفعّالة لاستئصال الفقر، وتعزيز الاندماج وتوفير حياة كريمة في مجتمعات أكثر مساواة. هي عنصر أساسيّ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ومساهماتها واضحة جليًّا في تعزيز المساواة بالنسبة إلى المرأة والفتاة. ونرغب في أن نشدّد على النقطة التاليّة: يساهم العمل الذي تقومون به، بصفتكم خبراء في سياسات الحماية الاجتماعيّة، مساهمة عملاقة في النهوض بحقوق الإنسان للمرأة عبر تخفيف الأعباء والعقبات التي تثقل كاهلها في جميع أنحاء العالم.
وتتحمل المرأة عبءًا غير متناسب من أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر. وهي أكثر عرضة من الرجال للعمل في القطاع غير الرسميّ، وفي وظائف متدنّية الأجر وغير مستقرّة. ما يعيق وصولها إلى مزايا الضمان الاجتماعيّ، على غرار التأمين ضدّ البطالة أو معاشات التقاعد.
تعمل حاليًّا حوالى 740 مليون امرأة في الاقتصاد غير الرسميّ. أمّا في البلدان المنخفضة الدخل، فتعمل 92 في المائة من النساء بشكل غير رسميّ، مقارنة مع 87.5 في المائة من الرجال. وحتى عندما تتمتّع المرأة بتغطية ملائمة نسبيًّا، يبقى معاش المرأة التقاعدي أدنى قيمة من معاش الرجل. ففي الاتّحاد الأوروبيّ مثلاً، لا يزال متوسّط معاش المرأة التقاعديّ أدنى مستوى من متوسّط معاش الرجل التقاعديّ بنسبة 40 في المئة.
يجب أن تأخذ معاشات التقاعد بعين الاعتبار العبء غير المتكافئ لأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر الذي تتحمّله المرأة، بما في ذلك السنوات التي تكرّسها لتربية أطفالها التي ربما تمنعها من تقديم مساهمات متساوية.
للتدابير الرامية إلى النهوض بالرعاية الصحيّة الشاملة فوائد عظيمة بالنسبة إلى المرأة، لأنّها تخفّف من كلفة العمل الذي تؤديه في رعاية الآخرين، ولربما من عبئه.
ولا تُقدّر الخطوات المماثلة بثمن. ولكن، بهدف تحقيق أقصى قدر ممكن من التأثير ووضع حدّ لممارسات ضارة وتمييزيّة دامت أجيالًا طولة، يجب أن نجمعها ضمن مناهج شاملة تعمل عبر نطاق العمل الحكوميّ بكامله في تآزر كامل.
ويجب أن تتضمّن برامج التأمين الصحيّ الوصول إلى خدمات الصحّة الجنسيّة والإنجابيّة وإلى المعلومات الخاصة بها، حتى تتمكن النساء والفتيات وأعضاء مجتمع المثليّات والمثليّين ومزدوجي الميل الجنسيّ ومغايري الهويّة الجنسانيّة وحاملي صفات الجنسَيْن من اتّخاذ قراراتهم بشأن أجسادهم وحياتهم الجنسيّة وحياتهم بصورة مستقّلة.
نحتاج إلى خدمات لرعاية الأطفال يمكن الجميع تحمّل كلفتها، وإلى إجازة والديّة مدفوعة الأجر، فندعم المساواة في الوصول إلى العمل.
نحتاج إلى أنظمة تعليميّة تتصدّى للقوالب النمطيّة الجنسانيّة الضارة وتقضي عليها.
نحتاج إلى أنظمة ضمان اجتماعيّ تنطوي على خطط غير اكتتابيّة تدعم الشباب في بحثهم عن عمل لائق وتساعدهم على إطلاق العنان لكامل إمكاناتهم.
ونحتاج إلى أن نعتمد جميع هذه التدابير، وغيرها من التدابير الأخرى الكثيرة، وأن ننفّذها ونقيّمها بمشاركة فعّالة من النساء والفتيات وأعضاء مجتمع المثليّات والمثليّين ومزدوجي الميل الجنسيّ ومغايري الهويّة الجنسانيّة وحاملي صفات الجنسَيْن من جميع الخلفيّات.
هذا هو المعنى الحقيقيّ للتمكين: الإدماج الحقيقيّ والمشاركة الكاملة في تصميم مجتمعات متساوية ومستدامة.
كلّ هذا ممكن.
وتقدّر منظّمة العمل الدوليّة أنّ الأنظمة التي تقدّم مزايا الأمومة لجميع الأمّهات الجديدات، والبدلات لجميع الأطفال، والمزايا لجميع الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة، ومعاشات تقاعد شاملة، لا تكلف سوى ما معدل 1.6 في المئة من الناتج المحليّ الإجماليّ.
حتى أفقر البلدان يمكنها أن تتحمّل أنظمة الحماية الاجتماعيّة الشاملة. لكنّ الأمر يتطلب إرادة سياسيّة.
تواجه اليوم حركة حقوق المرأة مراحل من تاريخها محفوفة بالتحدّيات. فبعد عقود من التقدم، يتمّ تأجيج عواصف هوجاء تسعى إلى صدّ المرأة وإخضاعها من جديد.
منذ خمس وعشرين سنة، حدّد إعلان ومنهاج عمل بيجين إجراءات عمليّة تضمن تمتّع المرأة بقدر أكبر من المساواة في الوصول إلى الضمان الاجتماعيّ.
علينا أن نفي بهذه الالتزامات، وأن نستمرّ في المضيّ قدمًا من أجل النهوض برفاهية المرأة، وكرامتها استقلالها وحقوقها.
نشكركم على العمل الذي تقومون به من أجل تعزيز هذه الأهداف.