Skip to main content

البيانات والخطابات المفوضية السامية لحقوق الإنسان

التقرير بشأن تعزيز المصالحة والمساءلة وحقوق الإنسان في سريلانكا تعرضه المفوّضة السامية (البند رقم 2)

20 آذار/مارس 2019

في 20 آذار/ مارس 2019

سيّدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
أيّها الزملاء والأصدقاء الأعزّاء،

نرحّب بهذه الفرصة المتاحة أمامنا اليوم كي نناقش حالة حقوق الإنسان في سريلانكا، ونعرض تقريرنا عملاً بقرارَي مجلس حقوق الإنسان رقم 30/1 و34/1. وقد أرسلت مفوضيّتنا في وقت سابق نسخة عن التقرير إلى حكومة سريلانكا وأولت التعليقات الواردة منها كلّ اعتبار واجب، بالإضافة إلى اتّباعها الإجراءات الروتينيّة.

يحيّي تقريرنا حوار الحكومة المفتوح مع مفوضيّتنا وتعاونها المستمر معها. ولا نزال نقدّم كلّ الدعم التقنيّ إلى سريلانكا تنفيذًا لقرارَي هذا المجلس رقم 30/1 و 34/1، وذلك بالعمل الوثيق مع منسّقة الأمم المتّحدة المقيمة وكبير مستشاريها لحقوق الإنسان، وبما في ذلك عبر صندوق الأمم المتّحدة لبناء السلام.

نرحّب بتفعيل مكتب المفقودين بعد التأخير الأوليّ. ويخطّط هذا المكتب للاضطلاع بمهمّة معقدة وتتبّع أماكن الضحايا بطريقة دقيقة وشاملة وموضوعيّة، ومعالجة حالة أُسر الضحايا الصعبة. ونثني على إنشاء مكتب جبر الضرر، ونتطلّع إلى التعيين السريع للمفوّضين التابعين له. كما تشجّع مفوضيّتنا الحكومة على تمكين هاتين المؤسّستين من العمل بفعاليّة وبشكل مستقل، وربطهما بنهج أوسع نطاقًا يهدف إلى تحقيق العدالة والمساءلة الحقيقيّة والبحث عن الحقيقة.

في ما يتعلق بالأرض التي يحتلها الجيش في المقاطعات الشماليّة والشرقيّة، تمّ تسجيل بعض التقدم، ويجدر اتّخاذ المزيد من الخطوات لاستكمال هذه العمليّة الحاسمة.

تُبرز الخطوات التي أشرنا إليها التزام سريلانكا منذ أربع سنوات اتّخاذ تدابير مؤسسيّة وإصلاحيّة واسعة النطاق، في سياق تنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 30/1.

إلاّ أنه يجدر بتنفيذ القرار رقم 30/1 أن يتمتّع بقدر أكبر من الاتّساق والشموليّة والسرعة. ويبدو أنّ أحد العوامل التي تساهم في التأخير هو عدم اعتماد أعلى القيادات في البلاد رؤية مشتركة. ويسبّب الجمود التام الذي تشهده هذه القضايا مشكلة إضافيّة - يمكن تجنبها – تؤثّر حاليًا على الضحايا من جميع الجماعات العرقيّة والدينيّة وعلى المجتمع ككلّ.

ندرك تعقيدات العمليّات الانتقاليّة كلّ الإدراك. فالأحداث التي أدّت إلى إعلان حالة الطوارئ في آذار/ مارس من العام الماضي، والأزمة الدستوريّة في تشرين الأوّل/ أكتوبر، قد ولّدت بيئةً سياسيّة غير مؤاتية لتنفيذ التدابير الإصلاحيّة.

يشجّع مكتبنا الحكومة اليوم على تنفيذ استراتيجيّة مفصّلة وشاملة للعمليّة الانتقاليّة مع جدول زمنيّ محدّد. ويمكن أن يشكّل اعتماد تشريع خاص بإنشاء لجنة مستقلّة لتقصّي الحقائق والمصالحة، الخطوة التالية التي لا بدّ منها.

وبصفتنا وزير دفاع سابق عمل في سياق مرحلة انتقاليّة، يمكننا أن نسلط الضوء على أهميّة إصلاح قطاع الأمن كجزء من عمليّة العدالة الانتقاليّة. وعلى هذه الإصلاحات أن تنطوي على عمليّة تحرٍّ وتدقيق لعزل ضبّاط سجلاّتهم في مجال حقوق الإنسان مشكوك في أمرها. فتعيين اللواء شافيندرا سيلفا، المتورّط في انتهاكات خطيرة مزعومة للقانون الإنسانيّ الدوليّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسانّ، في منصب رفيع في الجيش السريلانكي، من التطوّرات المثيرة للقلق.

لقد سُجِّل تقدّم لا يُذكَر في مجال المساءلة. ويعرض تقريرنا بالتفصيل الخطوات التي اتُّخِذَت على مدى فترة طويلة من الزمن من أجل معالجة العديد من القضايا الرمزيّة، من دون إحراز أيّ تقدم في إنشاء آليّة قضائيّة خاصة تتناول أسوأ الجرائم التي ارتُكبت خلال نزاع العام 2009. ومن شأن الاستمرار في الإفلات من العقاب أن يؤجّج العنف الطائفيّ أو العرقيّ ويزعزع الاستقرار. فكلّ من معالجة هذه القضايا ومحاكمة مرتكبي جرائم الماضي أمام القضاء ضروريّ لاستعادة ثقة الضحايا من أيّ مجتمع أتوا.

ظلّ استبدال قانون منع الإرهاب مدرجًا على جدول أعمال الحكومة مدّة أربع سنوات. نشجّع على تنفيذ هذا البند واتّخاذ تدابير تعزّز ضمانات مشروع القانون وعناصره الرقابيّة، وعلى تحديد تعريف الأعمال الإرهابيّة، الواسع النطاق للغاية حاليًّا. ونلحظ بكثير من القلق أنّ الثير من الأفراد لا يزالون محتجزين بموجب قانون منع الإرهاب.

كما نشعر بقلق شديد حيال استمرار مزاعم التعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها يد قوّات الأمن، بما في ذلك العنف الجنسيّ. ومن الإيجابيّ أن تُجري الحكومة تحقيقات فعّالة وشفّافة ومستقلّة، وأن تتّخذ تدابير تمنع هذه الممارسات وتضع حدًا لها، بما في ذلك من خلال تنفيذ توصيات لجنة مناهضة التعذيب للعام 2016 بالكامل.

ومن بين الخطوات الأخرى في الاتّجاه الصحيح، وضع حد لمراقبة المدافعين عن حقوق الإنسان والانتقام منهم، شأنهم شأن الضحايا.

ويساورنا قلق بالغ حيال الدعوات لإعادة تطبيق عقوبة الإعدام بعد مرور أكثر من أربعين عامًا على وقف استخدامها.

وتشير مفوضيّتنا إلى الدور الحاسم الذي تؤدّيه اللجان المستقلّة في سريلانكا، لا سيما اللجنة الوطنيّة لحقوق الإنسان. ولا بدّ من احترام استقلالها وتنفيذ توصيات اللجان من أجل ترسيخ سيادة القانون في سريلانكا. كما أنّ التعاون مع لجنة حقوق الإنسان بطريقة ملائمة ضروريّ لمشاركة الأعضاء السريلانكيّين في عمليّات الأمم المتّحدة لحفظ السلام.

ولا يزال لهذا المجلس دور أساسيّ يؤدّيه في مرافقة حكومة سريلانكا وشعبها في رحلتهما نحو صون كرامة جميع أفراد المجتمع وتحصيل حقوقهم، بصرف النظر عن جنسهم أو أصلهم العرقيّ أو معتقدهم.

وفي الختام، نشدّد على أنّ الحكومة قد اعترفت، من خلال مشاركتها في القرارين رقم 30/1 و34/1، بضرورة أن تعالج قضايا الماضي كي تبني مستقبلًا مترسّخًا في المساءلة واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. وهذه الضرورة لا تزال قائمة حتّى اليوم تحقيقًا لمصلحة الضحايا والمجتمع. الفرصة سانحة أمامنا اليوم كي نتخلّى عن ماضٍ لطّخه العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، من خلال تصميمنا الجريء وروح القيادة على جميع مستويات الحكومة.

شكرًا سيّدي الرئيس.

الصفحة متوفرة باللغة: